هل هو تأنيب الضمير.. أو رغبة يائسة من إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش في تحسين صورتها مع قرب رحيلها عن المشهد العالمي أم مجرد خطوة تكتيكية؟! لا أحد يعلم لكن المحادثات الجارية في جنيف بشأن التوصل إلي معاهدة حول القنابل العنقودية شهدت إنفراجة أخيرا بعد أن أعلنت الولاياتالمتحدة رغبتها في بدء التفاوض بشأن هذه المعاهدة متخلية عن موقفها المتصلب طوال السنين الماضية.. وإن كانت الولاياتالمتحدة قد استبقت المفاوضات وأعلنت أنها ترفض الحظر التام علي استخدام هذه القنابل لكنها اعترفت بالحاجة إلي معاهدة جديدة في هذا الشأن وهو الموقف الذي يثير الكثير من التساؤلات حول الهدف الحقيقي من الإعلان الأمريكي خاصة أن الولاياتالمتحدة هي أكبر منتج لهذه الأسلحة. وقال 'رونالد بيتاور' رئيس الوفد الأمريكي في مؤتمر الأممالمتحدة لنزع السلاح ان بلاده تؤيد إطلاق محادثات ومفاوضات بشأن استخدام القنابل العنقودية مشددا علي أن يكون ذلك في إطار معاهدة الأممالمتحدة للأسلحة التقليدية والتي صدقت عليها 100 دولة.. وأوضح 'بيتاور' سبب تغير موقف بلاده قائلا: نظرا لأهمية هذه القضية والمخاوف التي لدي بعض الدول إضافة إلي المخاوف الأمريكية من التعقيدات الإنسانية الناتجة عن استخدام هذه الأسلحة فإن الولاياتالمتحدة ترغب في إطلاق المفاوضات.. ويسعي المؤتمر المنعقد في جنيف إلي التوصل إلي قوانين تحمي المدنيين من الآثار الخطيرة لهذه الأسلحة. وكانت الولاياتالمتحدة قد رفضت في نوفمبر الماضي الحظر التام علي هذه القنابل عقب مؤتمر في النرويج دعا إلي ذلك وأيدته 46 دولة.. وتقدر منظمة المعوقين الدولية ان نحو 400 مليون شخص من 25 دولة مصابون بصورة مباشرة أو غير مباشرة بآثار ذخائر عنقودية غير متفجرة.. ولا يوجد حاليا أي حظر نوعي محدد لاستعمال الذخائر العنقودية علي الرغم من أن المباديء العامة للقانون الدولي تشترط وجوب التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية خلال الهجمات بل وتحظر استخدام الأسلحة التي تتسبب في إصابات مفرطة ومعاناة غير ضرورية. وترفض الولاياتالمتحدةالأمريكية أي دعوة دولية لفرض خظر علي استخدام القنابل العنقودية مؤكدة ضرورتها في الحرب طالما تم اتباع قواعد الاشتباك السليمة.. وتقول وزارة الخارجية الأمريكية أن الجيش الأمريكي قد أدخل بالفعل تعديلات فنية علي القنابل العنقودية التي يصنعها وأنه أجري أبحاثا دقيقة حول كيفية استخدامها. ووفقا لبرنامج الأممالمتحدة للتنمية تؤثر الذخائر العنقودية حاليا علي 27 دولة ومعروف ان هذا النوع من الذخائر يتسبب في مشاكل إنسانية وتنموية قاسية فضلا عن إصابة المدنيين بالعاهات بل وقتلهم وعدم إمكان فلاحة الأراضي الزراعية دون المخاطرة بالصحة والحياة نفسها وعجز اللاجئين عن العودة إلي ديارهم التي نزحوا منها. وتؤيد نحو 70 دولة فرض حظر دولي علي القنابل العنقودية ولكن أكبر منتجي القنابل في العالم وهم الولاياتالمتحدة وروسيا والصين لم يكونوا ضمن هذه الدول والقنابل العنقودية أسلحة مثيرة للجدول وتتكون من عبوة تنكسر لينطلق منها عدد كبير من القنابل الصغيرة في الهواء يتم توظيفها للهجوم علي أهداف مختلفة مثل العربات المدرعة أو الأشخاص أو لإضرام الحرائق.. وبإمكان القنابل الصغيرة تغطية منطقة كبيرة ولكنها تفتقر للتوجيه الدقيق.. ويتم قذفها من علي ارتفاعات متوسطة أو عالية بما يزيد من احتمالات الابتعاد عن الهدف.. أما معدل فشلها فيعتبر كبيرا حيث يبلغ حوالي 5 % بمعني أن كثيرا منها لا ينفجر ولكن يستقر في الأرض كألغام قد تنفجر ولو بعد سنوات.. ويعتمد حجم المنطقة التي تغطيها القنابل الصغيرة علي معدل دوران وارتفاع القنبلة عند انفجارها.. وتغطي عادة مساحة عرضها حوالي 200 متر وطولها 400 متر أي ما يعادل ثمانية ملاعب كرة قدم.. وتحدث القنابل الصغيرة عند انفجارها أضرارا وإصابات في مساحة واسعة.. وبإمكان شحنة المتفجرات اختراق مدرعة يبلغ سمكها حوالي 17 سنتيمترا.. ويصل طول نصف قطر المساحة التي يغطيها الانفجار إلي 76 مترا.. ويحتوي إحد أنواع القنابل العنقودية علي قنابل صغيرة تنجذب نحو الحرارة حيث تنطلق تلقائيا نحو العربات والمركبات العسكرية.. وتستخدم أنواع أخري من القنابل العنقودية لنشر الألغام الأرضية. وقد استخدمت إسرائيل القنابل العنقودية في حربها علي لبنان العام الماضي وأصدرت الأممالمتحدة تقريرا يتهم إسرائيل باستعمال القنابل العنقودية وإلقائها بطريقة عشوائية فوق المنازل والطرقات والحدائق في جنوب لبنان.. وقالت الأممالمتحدة حينها ان أكثر من مليون قنبلة عنقودية ألقتها إسرائيل علي جنوب لبنان أثناء حربها ضد حزب الله لم تنفجر حتي الآن ومازالت في انتظار الضحايا من المدنيين.