بدأت فرنسا فى تعزيز قواتها فى جمهورية إفريقيا الوسطى قبيل إصدار مجلس الأمن الدولى لقرار مرتقب حيث وصل بالفعل ما يزيد على 200 جندي فرنسي إلى بانجى الليلة الماضية ليصل إجمالى العسكريين الفرنسيين إلى أكثر من 600. وأعلنت وزارة الدفاع الفرنسية أن ما يزيد على 200 عسكري فرنسي وصلوا خلال اليومين الماضيين كتعزيزات عسكرية إلى بانجي قبل الإطلاق المرتقب لعملية عسكرية ترمي إلى استعادة الأمن إلى إفريقيا الوسطى التى تشهد حالة من الفوضى. وتتألف الكتيبة الفرنسية التي يتم نشرها في مطار بانجى بشكل خاص من اختصاصيين في عمليات لوجيستية لاسيما الإرسال وخدمات التزويد بالوقود, وذلك فى إطار الإعداد لتعزيز محتمل للعديد من العسكريين في بانجي, بحسب ما أوضحت رئاسة أركان الجيوش الفرنسية على موقع وزارة الدفاع اليوم الاثنين. ويأتى التحرك بعدما أعلنت باريس على لسان وزير الدفاع جون إيف لودريان الاسبوع الماضي عن نشر حوالى ألف جندي فرنسي مهمتهم مؤازرة القوات الافريقية والدولية الموجودة في البلاد. كما تعتزم فرنسا إرسال طائرات كبيرة من طراز انتونوف 124 خلال الأيام المقبلة لنقل العتاد اللازم لانتشار الكتيبة الفرنسية, التى ستعمل أيضا ? بحسب المسئولين الفرنسيين - إذا استدعى الوضع على تأمين حماية كل الرعايا الفرنسيين فى إفريقيا الوسطى. ووفقا لرئاسة الأركان الفرنسية..غادر حوالى 350 عسكريا خلال الأيام الماضية من مقر تابع للبحرية الوطنية في دوالا في الكاميرون لتبقى فى تلك بالقرب من الحدود مع جمهورية افريقيا الوسطى...كما غادر أمس الأحد حوالى 500 عسكري من الكونغو برزافيل لتعزيز القوة الافريقية في افريقيا الوسطى. وبعد حوالى عام من التدخل العسكرى فى مالى فى شهر يناير2013..تحشد باريس جهودها دبلوماسيا سواء فى الأممالمتحدة أو على المستوى الثنائى من أجل إصدار قرار من الأممالمتحدة يسمح بإرسال قوات دولية إلى إفريقيا الوسطى التى تشهد حالة من الفوضى. ويحذر الجانب الفرنسى من أن جمهورية إفريقيا الوسطى "على حافة إبادة" ومن تدهور الوضع الإنسانى, حيث أكد وزير الخارجية لوران فابيوس قبل نحو عشرة أيام أن إفريقيا الوسطى "على حافة إبادة... إنها الفوضى المطلقة وهناك سبعة جراحين لخمسة ملايين نسمة..ومعدل عال لوفيات الأطفال تبلغ في بعض المناطق 25 % و5ر1 مليون شخص لا يملكون شيئا, حتى إنهم لا يجدون شيئا..هناك عصابات مسلحة ولصوص". وقال فابيوس حينها إنه لابد من التحرك "بسرعة", مرددا بذلك ما قاله الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند الذي دان الممارسات في عدد من مناطق البلاد. واعتبر رئيس الدبلوماسية الفرنسية أن افريقيا الوسطى يمكن أن تتحول "لسوء الحظ" إلى معقل للإرهاب . ويحرص الجانب الفرنسى على التأكيد على أن التدخل فى إفريقيا يختلف بشكل كامل عنه فى مالى, حيث أشار وزير الدفاع الفرنسى جون إيف لودريان الأسبوع الماضى إلى أن العملية العسكرية التى ستشارك بها فرنسا سوف تستمر لفترة وجيزة تقارب الستة أشهر لإرساء الأمن دعما للقوة الأفريقية التى ستتشكل من عناصرعسكرية من البلدان المجاورة "من أجل وقف المجزرة". وعرضت فرنسا عبر سفيرها فى الأممالمتحدة مؤخرا على شركائها في مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يهدف إلى تعزيز القوات الدولية لدعم أفريقيا الوسطى (ميسكا) المنتشرة بالفعل فى افريقا الوسطى بهدف تحويلها إلى قوة حفظ سلام للأمم المتحدة. وقال السفير الفرنسي في المنظمة الدولية جيرار آرو إن مشروع القرار الذي قد يتم إقراره هذا الأسبوع يطالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بأن يقدم إلى المجلس في غضون ثلاثة أشهر تقريرا جديدا بشأن إمكانية نشر قبعات زرق في جمهورية افريقيا الوسطى. وأضاف السفير الفرنسي أنه بانتظار أن تتمكن القوة الافريقية من بناء قدراتها فإن القوة الفرنسية المنتشرة في افريقيا الوسطى ستتولى مؤقتا مهام تتعلق بحماية المدنيين. ومشروع القرار الفرنسى المطروح على مجلس الأمن بشأن افريقيا الوسطى يندرج تحت الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة والذى يتيح استخدام القوة بحسب ما جاء على لسان المتحدث الرسمى باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال. وقال نادال إن المشاورات تتواصل بنيويورك حول مشروع القرار الذى من المتوقع أن يتم اعتماده قريبا, والذى يتضمن رسائل قوية إلى السلطات الانتقالية فى جمهورية أفريقيا الوسطى, لكى تبقى على التزاماتها المتعلقة بالتحول السياسى وحقوق الإنسان والمصالحة الوطنية, مشيرا إلى أن الانتخابات يجب أن تجرى فى موعد لا يتجاوز فبراير 2015. وأوضح الدبلوماسى الفرنسى أن مشروع القرار الأممى ينص على وضع استعادة الأمن فى البلاد كأولوية من خلال القوة الأفريقية التى يتم نشرها, ودعم فرنسا للبعثة الأمنية للقوة الأفريقية, مضيفا أن باريس ستقوم بشكل مؤقت بتعزيز قواتها فى أفريقيا الوسطى من أجل دعم القوة الأفريقية التى ستتحول فى وقت لاحق إلى قوات لحفظ السلام. وبخلاف العملية العسكرية المرتقبة..يفرض الوضع فى إفريقا الوسطى نفسه على طاولة قمة "الإليزيه" حول الأمن والسلام فى افريقيا والتى تعقد يومى الجمعة والسبت القادمين بدعوة من الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند الراغب في رؤية افريقيا تتحمل مسؤولية أمنها. وعلى الرغم من مرور أكثر من خمسين عاما على استقلال الدول الافريقية, لا تزال القوات الفرنسية تجد نفسها في الجبهات الأمامية حين تهدد أزمة إحدى المستعمرات الفرنسية السابقة.. فبعد العملية التى جرت في 2011 فى كوت ديفوار, تدخل الجيش الفرنسي في يناير من العام الحالي في مالي لمواجهة جماعات متطرفة مسلحة استولت على شمالى البلاد, وتستعد فرنسا لنشر ألف جندي لإرساء النظام في جمهورية افريقيا الوسطى الغارقة في الفوضى منذ الإطاحة في مارس بالنظام القائم. وأعلنت باريس عن عقد قمة مصغرة حول أولاند فى ختام لقاء الزعماء الأفارقة فى قمة الاليزيه, على أن يشارك بها (القمة المصغرة) قادة البلدان المجاورة لجمهورية افريقيا الوسطى إضافة إلى مسؤولي الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي لبحث الوضع في بانجى.