فى أعقاب أزمة تصريحات رئيس إقليم كردستان العراقى " مسعود بارزانى " التى أطلقها ضد تركيا وهدد فيها بتحريك 30 مليون كردى لتقويض أمن تركيا إذا تدخلت فى قضية كركوك، إضافة إلى مقتل عشرة من قوات الأمن التركية خلال الأيام الماضية على أيدى الانفصاليين الأكراد ، استدعت تركيا أمس الثلاثاء السفير العراقى فى أنقرة صباح جميل عمران وسلمته مذكرة رسمية تطالب فيها العراق الالتزام بمسئولياته الدولية إزاء مكافحة الإرهاب وعدم المساس بأمن الدول الأخرى ، وأشار المتحدث باسم الخارجية التركية أن المذكرة طالبت العراق بوقف جميع أنشطة منظمة حزب العمال الكردستانى واتخاذ كل التدابير الأمنية بشكل عاجل . وقد حذر برزانى تركيا مجددا اليوم من التدخل فى شمال العراق مهدداً بأن الأكراد سيردون إذا حدث ذلك بالتدخل فى مدن تركيا يسكنها أغلبية كردية. وقد أجرى وزير الخارجية التركية عبد الله جول اتصالاً هاتفياً مع نظيرته الأمريكية كونداليزا رايس أمس وشرح لها خلاله موقف تركيا من تصريحات مسعود البرزانى الأخيرة ، وطالب تحذيره لوقف تهديداته التى ستكون على قائمة جدول أعمال اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومى التركى . ومن ناحيته اتصل الرئيس العراقى جلال طالبانى برئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان عقب تسلمه المذكرة ، وأعرب له عن بالغ أسفه عن تصريحات مسعود البرزانى ، مؤكداً أنه بدأ اتصالاته مع البرزانى فى هذا الشأن ، مُشيراً أن العراق يتمتع بعلاقات طيبة مع تركيا ، ومؤكداً استعداد العراق لمكافحة حزب العمال الكردستانى بخطة مشتركة بين البلدين . وكانت موجة الغضب قد تفجرت فى تركيا إثر تصريحات مسعود بارزانى مما أدى إلى قيام رئيس الوزراء أردوغان بتحذير رئيس إقليم كردستان من إثارة غضب تركيا عن طريق التهديدات ، مؤكداً أن ثمن ذلك سيدفعه الإقليم الكردى العراقى ومضيفاً أنه ما كان على بارزانى أن يتجاوز حدوده وقول مالا يقدر على فعله ومشيراً أن منطقة شمال العراق المجاورة ترتكب خطأ وسيكون الثمن غالياً جداً عليهم ، كما هدد وزير الخارجية عبد الله جول بأن الجميع سيرى الرد التركى على تصريحات بارزانى . وقد تصدرت ردود الأفعال على تصريحات بارزانى الصحف التركية ، حيث اعتبرت صحيفة " جمهوريت " إن بارزانى يشعل فتيل الديناميت الذى يجلس فوقه ، كما استنكر " نزهت فاندمير " رئيس حزب " الطريق القويم " تصريحات بارزانى بقوله" إن رئيس عشيرة فى شمال العراق يجرؤ الآن على تهديد تركيا. ومن ناحيته حذر مجلس الأمن القومى التركى " بارزانى " من أنه سيصنف ضمن قائمة أعداء تركيا إذا استمر فى إطلاق مثل هذه التصريحات ، وكانت قد جرت اشتباكات فى مناطق جنوب شرق تركيا وأسفرت عن مصرع عشرة جنود أتراك ، حيث شن آلاف من الجنود الأتراك المدعومين بطائرات هليكوبتر عمليات ضد متمردين أكراد فى تلك المنطقة فى مطلع الأسبوع الجارى . وفى نفس السياق أعلن رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى اليوم الأربعاء أن السياسة الخارجية للعراق تُرسم وتُنفذ من قبل الحكومة فى إشارة إلى التصريحات والتهديدات المتبادلة بين الزعيم الكردى مسعود بارزانى والسلطات التركية ، مشيراً فى بيان حكومى مقتضب أن السياسة الخارجية العراقية تحرص على إقامة أفضل العلاقات مع الجيران وعدم التدخل فى شئونهم الداخلية وعدم السماح لهذه الدول بالتدخل فى شئون العراق الداخلية . وكانت تركيا قد طالبت بتأجيل استفتاء حول وضع كركوك كان مقرراً بحلول أواخر السنة الحالية ، مؤكدة أن آلاف الأكراد انتقلوا للعيش فى المدينة بغية إحداث خلل فى توازنها الديموجرافى ، حيث تتخوف أنقرة من أن يؤدى إلحاق كركوك بالإقليم الكردى إلى منحه الموارد المالية الكافية لإعلان استقلاله الأمر الذى يشجع الحركة الانفصالية الكردية داخل تركيا .