وقعت سوريا مذكرة تفاهم مع روسيا, سيتم بمقتضاها السماح للأسطول الروسي بالرسو في ميناء طرطوس في قاعدة بحرية قديمة بعد طول غياب للقطع الحربية الروسية عن مياه البحر المتوسط, الذي كان الأسطول السادس الأمريكي يمخر عبابه ويسيطر عليه وحده. ويمنح الاتفاق الأسطول الروسي حق الوجود في ميناء طرطوس معيدا استخدام قاعدته القديمة وستقوم سوريا بتقديم الخدمات الأرضية خصما من ديونها لروسيا, وليس صعبا فهم الدوافع السورية لهذا القرار الذي جاء ليحقق رغبة ومصالح كلا البلدين. والعلاقات السورية الروسية من العلاقات المتميزة سياسيا وعسكريا, فروسيا تدعم كثيرا من المواقف السياسية السورية, وكان موقفها من قرار إنشاء المحكمة الدولية واضحا وحرصت علي إجراء أكثر من تعديل علي مشروع القرار الذي كان يذهب الي تحقيق أغراض سياسية ولا يسعي لكشف حقيقة أو اقرار عدل, وروسيا ترفض الضغط علي سوريا وتعتبر استمرار الضغوط واستخدام ورقتي العراق ولبنان بمثابة ابتزاز أمريكي, والإدارة السورية في ظل تعرضها لكل هذه الضغوط والتربص الأمريكي بها واتساع دائرة الضغوط لتشمل إيران, التي تعتبرها سوريا دعما لها. والتهديد باستخدام القوة ضد طهران وانكفاء الدول العربية المسماه بالمعتدلة علي نفسها وعدم دعمها لسوريا, فإن الادارة السورية لم تجد بديلا عن هذه الخطوة كتحالف واضح يجعل كل من يفكر في الاعتداء علي سوريا يعيدالتفكير أكثر من مرة وحساب خريطة التوازنات الاستراتيجية التي أسهمت هذه الخطوة في تغييرها. دوافع روسيا: لم تخف روسيا أبدا رغبتها في العودة لمياه المتوسط قلب الدنيا وبؤرة التاريخ والصراع وقائد الأسطول الروسي الأدميرال فلاديمير ماسورين يقول في تصريحات رسمية له أذاعتها وكالة ريانوفوستي منتصف الشهر الماضي إن البحر المتوسط مسرح مهم لعمليات أسطول البحر الأسود ومنطقة سيطرة الأسطول الروسي تمتد من البحر الأسود الي البحر المتوسط وحتي التقائه بالمحيط الأطلسي, ويتعين علينا استعادة الوجود الدائم لنا هناك. وبعد توقيع مذكرة التفاهم مع سوريا, أكد أن الأسطول الروسي لن يتخلي عن قاعدته في أوكرانيا في ميناء سفاستوبول في شبه جزيرة القرم والتي استأجرها بعقد مدته20 عاما ويتم خصم ايجارها البالغ100 مليون دولار من المستحقات المالية المرتبة علي أوكرانيا مقابل امدادها بالطاقة, هذا التحرك الروسي يأتي في إطار رفضها السياسات الأمريكية التي كما عبر عنها الرئيس الروسي بوتين فإنها تحدث خللا في التوازن الاستراتيجي في العالم, وان التصرفات الأمريكية أحادية وتهدف الي التفرد والهيمنة, وأعلن بعدها بوتين انسحاب روسيا من معاهدات خفض تسلح لم تحترمها الولاياتالمتحدة, وأعطي بوتين الإشارة للبدء في تطوير نظام صاروخي لمواجهة نشر أمريكا شبكة صواريخ في بولندا والتشيك, وهو الأمر الذي أدي الي رفع موازنة الدفاع الروسي من8,1 مليار عام2001 الي31 مليارا العام الحالي. قواعد اللعبة تتغير: منذ الإعلان عن الاتفاق السوري الروسي, لم تخف إسرائيل قلقها وانزعاجها الشديد وتباري خبراؤها الاستراتيجيون والعسكريون في التعبير عن قلقهم من رون بن يشاي محلل الشئون الأمنية في يديعوت أحرونوت, الي وزير الشئون الاستراتيجية افيجدور ليبرمان وشلومو غازيت مدير الاستخبارات العسكرية( أمان) السابق, وأجمعوا علي أن قواعد اللعبة تتغير, فإن رفع علم روسيا علي أرض سورية له أهمية استراتيجية ومجرد الوجود الروسي هو إعلان عن مشاركتها بشكل نشط في كل مسيرة ونزاع في الشرق الأوسط, وأن روسيا لها موقف خاص ينبغي مراعاته. ووجود الأسطول الروسي سوف يحد من العمليات الإسرائيلية البحرية مقابل الشواطئ السورية واللبنانية, وأعربوا جميعهم عن مخاوفهم من أن الأسطول الروسي يضم سفينة استطلاع وتنصت فائقة القدرة والتطور مما سيجعل كل الاتصالات والتحركات الإسرائيلية مكشوفة, وبالتالي فإن أي عملية عسكرية محتملة لإسرائيل ضد سوريا مستقبلا سيتعين عليها أن تأخذ في الحسبان الوجود الروسي الذي بالضرورة لن يكون حياديا, فضلا عن ان روسيا ستتخذ موقفا سياسيا ضد إسرائيل, ويزيد المخاوف الإسرائيلية أن صفقات الأسلحة الروسية الي سوريا أخيرا تتضمن منظومات دفاع عن الشواطئ والموانئ وصواريخ شاطئ بحر من أكثر الأنواع تطورا وطائرات متطورة من الميج29 ولم تنته المفاوضات بعد لحصول سوريا علي الميج من طراز(31 أي).