أكد المستشار عادل عبد الحميد وزير العدل أن ثورة ال30 من يونيو كرست لدولة سيادة القانون وأسست لدولة عصرية ديمقراطية مما استلزم أن يكون لها عقدها الاجتماعي اللائق بها, متمثلا في دستور يعبر عن الهوية المصرية ويوضح توجهها الاقتصادي والاجتماعي ويبرز انحياز الدولة المصرية الجديد لحقوق المواطنين والمواطنة محددا أهدافها وغاية مؤسساتها الدستورية, ومؤسسا لتحصين تلك المؤسسات بدعائم الاستقلال اللازم لتمكينها من أداء أعمالها برقابة شعبية ودون تسلط أو تبعية لأية جهة سوى الشعب مصدر كل السلطات. جاء ذلك في كلمة لوزير العدل خلال افتتاحه لأعمال مؤتمر الحوار المجتمعي الخاص بإيجاد ظهير دستوري لمفوضية مكافحة الفساد, الذي تنظمه وزارة العدل بالاشتراك مع بعثة الاتحاد الأوروبي لدى مصر وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي بالقاهرة, ومكتب الأممالمتحدة المعني بالجريمة والمخدرات. وقال وزير العدل إن الدولة القانونية التي تهدف إلى إعلاء مبدأ سيادة القانون هي تلك الدولة التي يسمو فيها القانون على مؤسسات الدولة ذاتها بحيث تلتزم بضمان حقوق وحريات الأفراد في مواجهة سلطاتها دون أن يقتصر دور القانون فيها على تنظيم تلك السلطات أو تحديد إطار عملها. وأشار إلى أن مصر تؤسس لعهدها الجديد من خلال ثوابت ديمقراطية وبنية دستورية وأنه كان من المهم أن تولي ظاهرة الفساد وسبل مكافحتها عناية بالغة وأن يكون دعم الشفافية والنزاهة أولوية شاخصة في كل عمل إجرائي أو نص قانوني أو نظم دستوري. وأوضح أن ثورة 25 يناير جاءت كثورة على الفساد والمحسوبية, مما أدى إلى ظهور فكرة التأسيس لمفوضية تعمل على تنسيق الجهود الخاصة لمكافحة الفساد ورسم الاستراتيجيات والرؤى الوطنية لوسائل منعه. وأضاف وزير العدل أنه مع ثورة 30 يونيو كلف الإعلان الدستوري المؤقت لجنة من الخبراء مشكلة من 10 من كبار رجال القانون, والتي ارتأت الإشارة إلى إنشاء تلك المفوضية وهو ما ثار بشأنه جدل حول أهمية وجود ظهير دستوري يؤسس لإنشاء مفوضية لمكافحة الفساد على نحو أدى إلى اختلاف الرؤى بين مؤيد يرى في إنشائها إعلانا وإعلاء لجهود مكافحة الفساد, وبين من يرى أن في وجودها ما يضع القيود على عمل الأجهزة الرقابية التي ترى الانطلاق في مكافحة الفساد دون تبعية تكبل جهودها. وأكد أن الاختلاف في الرأي بهذا الشأن مرده الصالح العام, ويعكس اختلافا بين الأنظمة القانونية المقارنة التي تناولت فكرة إنشاء مفوضيات لمكافحة الفساد والنص على ذلك في الدستور. وأشار إلى أن الهدف الأساسي من انعقاد هذا المؤتمر, هو الإطلاع على التجارب الدستورية الدولية المقارنة في شأن إنشاء المفوضيات المعنية بمكافحة الفساد فضلا عن التعرف على آراء كافة أطياف المجتمع المدني المعني بسبل تلك المكافحة وأخصهم المنظمات غير الحكومية ذات الصلة بمحاربة الفساد, والصحفيين والإعلاميين ورجال الأعمال. ومن جانبه أكد نائب سفير الاتحاد الأوروبي رينلود برنار لدى مصر ثقته في قدرة مصر على وضع أفضل السبل للتعامل مع مكافحة الفساد, معربا عن تقديره لحرص مصر على تضمين مكافحة الفساد لنص دستوري يتضمن إنشاء مفوضية لمكافحة الفساد, استجابة لمطالب الثورة المصرية بهذا الشأن. وأوضح أن إنشاء تلك المفوضية سوف يسهم في وضع معايير للنزاهة والشفافية وتطوير كافة الجهزة المعنية ذات الصلة والتنسيق فيما بينها, إلى جانب دور تلك المفوضية في التنسيق بين عمل الرقابة الإدارية والكسب غير المشروع ووحدة مكافحة غسل الأموال والجهاز المركزي للمحاسبات, في إطار استراتيجية كبرى لمكافحة الفساد, علاوة على الرقابة على الأموال العامة. وأضاف أن الاتحاد الأوروبي حريص على مواصلة التعاون الكامل مع مصر في مجال مكافحة الفساد, وإعادة الأموال المنهوبة في الخارج وتبادل المعلومات في هذا المجال. ويناقش المؤتمر الذي يعقد على مدى يومين ويشارك في أعماله عدد كبير من رجال القضاء وأساتذة القانون وخبراء مكافحة الفساد, عددا من الأبحاث المتعلقة بالتجارب الإقليمية في شأن إنشاء مفوضيات لمكافحة الفساد في الدساتير المقارنة, وكذلك استعراض نصوص اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد والخاصة بإنشاء هيئات خاصة لتلك المكافحة وأفضل آليات التطبيق لها.