يثبت دخول شهر رمضان كغيره من الشهور العربية القمرية برؤية الهلال، ويُسْتَطْلَع بغروب شمس يوم التاسع والعشرين من شهر شعبان، فإذا تمت رؤية الهلال فقد بدأ شهر رمضان، وإذا لم تتم رؤيته فيجب إكمال شهر شعبان ثلاثين يومًا؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ»، وبهذه الطريقة أيضًا يثبت دخول شهر شوال. يَنْفي ولا يُثْبِت.. والاعتماد على الرؤية البصرية هو الأصل شرعا، مع الاستئناس بالحساب الفلكي؛ إذ المختار للفتوى أن الحساب الفلكي يَنْفي ولا يُثْبِت، فيؤخذ به في نفي إمكانية طلوع الهلال ولا عبرة بدعوى الرؤية على خلافه، ولا يعتمد عليه في الإثبات، حيث يؤخذ في إثبات طلوع الهلال بالرؤية البصرية عندما لا يمنعه الحساب الفلكي.،وإذا نفى الحساب إمكان الرؤية فإنه لا تُقْبَل شهادة الشهود على رؤيته بحال؛ لأن الواقع الذي أثبته العلم الفلكي القطعي يُكَذِّبهم.،وفي هذا جَمْعٌ بين الأخذ بالرؤية البصرية وبين الأخذ بالعلوم الصحيحة سواء التجريبية أو العقلية، وكلاهما أمرنا الشرع بالعمل به، وهو ما اتفقت عليه قرارات المجامع الفقهية الإسلامية. وتستطلع اللجان الشرعية والعلمية المنتشرة فى محافظات الجمهورية مساء غد (الجمعة) الموافق 29 شعبان الحالى (يوم الرؤية الشرعية) هلال شهر رمضان لعام 1438 هجرية ( 2017 ميلادية ) , حيث تعلن دار الافتاء المصرية غرة الشهر الكريم , وثبوت رؤية هلاله من عدمها . ومع الاستعداد لتحرى هلال شهر رمضان فى كل عام يتأرجح موعد ميلاده بين الحسابات الفلكية والرؤية البصرية , حيث عادة ما يختلف المسلمون فى تحديد بداية ونهاية شهرى رمضان وشوال , فيما يكون للمملكة العربية السعودية قول الفصل فى تحديد غرة شهر ذى الحجة نظرا لموعد الحج وحتمية إلتزام المسلمين كافة بموعد وقفة عرفات. واختلاف المسلمين فى تحديد غرة شهر رمضان وأول أيام عيد الفطر قد يصل فى بعض الاحيان إلى يومين , فتعلن بعض الدول عن بدايتهما بناء على الحسابات الفلكية , وتعلن دولا أخرى بداية الشهر فى يوم يليه أو يسبقه أو فى ذات اليوم بناء على رؤية الهلال من عدمه , والفصيل الثالث من الدول يعلن توافق الرؤية البصرية مع الحسابات الفلكية . اختلاف الدول الإسلامية .. ويرجع اختلاف الدول الإسلامية فى تحديد بدايات الأشهر الهجرية لاربعة أسباب , الأول منها أن بعضها يدعو المواطنين عشوائيا لتحرى الهلال وقبول شهادته برؤيته , والثانى أن هناك دولا إسلامية ترد شهادة الشاهد إذا أكدت الحسابات الفكية أن رؤية الهلال مستحيلة وتقبلها لو كانت غير ممكنة, ويرجع السبب الثالث فى عدم إعتماد دول إسلامية أصلا على رؤية الهلال واعتمادها شروطا فلكية معينة , ويتمثل السبب الرابع فى أخذ بعض الدول الإسلامية بمبدأ اتحاد "المطالع " بمعنى أنها تتبع أى دولة تتفق معها فى جزء من الليل عند ثبوت رؤية الهلال فيها حتى لو لم تتأكد من رؤيته فى سمائها . وقد رأى بعض الفقهاء جواز الاعتماد على الحسابات الفلكية, ولكن كان لكل فقيه تصور معين لهذا الجواز, الأمر الذى يجعل الإجابة على سؤال "هل نتبع الحسابات الفلكية أم رؤية الهلال" صعبا , وبالرغم من ذلك فإن التوفيق بين الرؤية والحسابات الفلكية أضحى ضرورة لا مفر منها . فالحساب الفلكى يخدم أحيانا الرؤية الشرعية, وفى أحيان أخرى لا يخدمها خاصة عند غروب الشمس لأن تحري الهلال يبدأ فور بداية اليوم الهجرى الجديد عند غروب الشمس. فالقمر يشرق ويغرب كالشمس تماما لكنه لا يشرق دائما ليلا ويغرب نهارا كما يعتقد الكثيرون , حيث يتغير موعد شروقه وغروبه بأطواره المختلفة التى تبدأ بالمحاق,ثم الهلال المتزايد, و التربيع الأول والأحدب المتزايد, ثم البدر والأحدب المتناقص, ثم التربيع الثانى, ثم الهلال المتناقص, وعودة مرة أخرى إلى المحاق. وشروق القمر كل يوم يعتمد على الطور الموجود فيه , فعندما يكون القمر محاقا فإنه يشرق مع الشمس ويغيب معها تقريبا, وعندما يكون تربيعا أولا ( تمام الاسبوع الأول من الشهر ) فإنه يشرق عند منتصف النهار ويغيب عند منتصف الليل تقريبا, فيما يشرق مع غروب الشمس عندما يكون بدرا(يوم 14 من الشهر الهجرى ) , ويغرب مع شروقها , وعندما يكون هلالا متزايدا , فإنه يشرق بعد شروق الشمس بقليل ويغرب بعد غروب الشمس بقليل. وتتأرجح رؤية الهلال بين الممكن والمستحيل , وتستحيل بوصول القمر مرحلة المحاق قبل غروب الشمس , وغروبه مع غروبها أو قبله , فإذا كان القمر سيغيب أصلا قبل غروب الشمس أو معها, فهذا يعني أنه لا يوجد هلال فى السماء يمكن رصده. وتصبح الرؤية ممكنة فى حالة واحدة , إذا حدث الاقتران "ميلاد الهلال " قبل غروب الشمس وغروبه بعد غروبها بوقت كاف يجعل رؤيته ممكنة . وهناك ثلاث حالات لا يمكن رؤية الهلال فيها رغم ولادته وهى : إذا غرب بعد دقائق معدودة من غروب الشمس لان ذلك يعنى أنه ما زال قريبا من قرص الشمس , ولم يبتعد ظاهريا فى السماء مسافة كافية عنها حتى تمكن حافته من عكس ضوئها فيرى القمر على شكل هلال . ثم عند النظر إلى جهة الغرب لحظة الغروب فإن الوهج الشديد للغسق قرب المنطقة التى غربت عندها الشمس (فإذا ما وقع القمر فيها ), فإن إضاءة الغسق الشديدة ستحجب إضاءة الهلال النحيل , واخيراإن وقع قرص القمر قرب قرص الشمس وقت الغروب فإن هذا يعنى أن القمر قريب جدا من الأفق وقت رصده, مما يؤدى إلى خفوت إضاءته بشكل كبير .تتعذر معها رؤيته .