مع استمرار الإرتفاع المطرد للتضخم عقب تحرير سعر الصرف وبلوغه مستويات لم نراها منذ عقود.. تترقب الانظار قرار لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي في ظل ما يردده البعض باتجاه المركزي لرفع اسعار الفائدة بناء على توصيات صندوق النقد الدولي .. ولكن هل رفع الفائدة هو الحل الامثل في الوقت الحالي؟ ما الاثار التي ستترب عليه؟ وما هي البدائل المتاحة؟ ويعد رفع الفائدة أحد ادوات السيطرة على التضخم، حيث تجذب أسعار الفائدة المرتفعة المواطنين لايداع السيولة الفائضة في البنوك، مما يؤدي إلى سحب السيولة وبالتالي يقل الاستهلاك وتنخفض الاسعار، في المقابل يتاثر الاقتراض للافراد او الاستثماري سلبا لارتفاع تكلفتة الانتاج عقب التعويم. اداة استنفذت غرضها استبعد هاني توفيق الخبير الاقتصادي في تصريحات خاصة لموقع أخبار مصر اتجاه البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة، موضحا انه اذا كان التضخم ناشئ عن تشغيل جميع عناصر الإنتاج والاقتصاد في حالة انتعاش ينتج عنها زيادة في الطلب على السلع والخدمات فنلجأ الى التدخل برفع أسعار الفائدة لسحب السيولة. واستطرد توفيق قائلا" لكن في حالتنا التضخم ناشئ عن زيادة سعر الدولار وارتفاع اسعار السلع والخدمات وضعف القوة الشرائية مما ادى الى الركود وهو ما يعرف "بالركود التضخمي"، اذا فاي رفع للاسعار يؤثر بالسلب على الاستثمار وزيادة عبء الدين العام". من جانبه، اوضح الدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادي ان الحل النقدي للتضخم هو رفع الفائدة الا ان ذلك لا يصلح في ظل اتساع الفجوة بين سعر الفائدة والتضخم ، ففي هذه الحالة رفع سعر الفائدة درجة او درجتان لا يصلح الامور، وانما على العكس سيؤثر سلبا على جاذبية الاستثمار نظرا لارتفاع تكلفة الاقراض، بالاضافة الى ارتفاع الدين المحلي . رفع الفائدة يعني ارتفاع ما تسدده الحكومة من فوائد على الديون المحلية، مما يزيد عجز الموازنة العامة. كانت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي قررت في اخر اجتماع لها تثبيت سعري العائد على الإيداع والإقراض عند 14.75% و15.75% على التوالي.. واوضح هاني فرحات محلل الاقتصاد الكلي باحدى بنوك الاستثمار ان اي زيادة في اسعار الفائدة لن يكون لها اثر على كبح مستويات التضخم، واجمالي الطلب المحلي ضعيف بالفعل، مشيرا الى ان البنك المركزي لديه ادوات اخرى للتعامل مع التضخم. واستبعد احمد العطيفي اتجاه البنك المركزي الى رفع اسعار الفائدة مؤكدا ان السيولة ليست سببا في استمرار تصاعد التضخم، انما زيادة التكلفة بمعنى ارتفاع اسعار المواصلات والوقود والكهرباء. واقترح ان تصدر وزارة المالية شهادات بفائدة عالية تتراوح ما بين 20 % الى 22 % لامتصاص السيولة بدلا من رفع الفائدة. وواصل معدل التضخم السنوي في مدن مصر مساره الصعودي للشهر السادس على التوالي ليسجل 32.9 % في أبريل وتوقع عمرو الجارحي وزير المالية في شهر مارس الماضي أن تبدأ مستويات التضخم في التراجع مقارنة بالمعدلات الحالية في شهري نوفمبر وديسمبر بعد مرور دورة عام كامل على تحرير سعر الصرف رفع اضطراري وتوقع محمد الدشناوي خبير اسواق المال في تصريحات خاصة لموقع أخبار مصر ان يتجه البنك المركزي الى رفع أسعار الفائدة، واكد ان القرار تأخر كثيرا سواء كان طلب من صندوق النقد الدولي أو لا كان يجب ان يرفع البنك المركزي الفائدة على الايداع والاقراض لمواجهة الضغوط التضخمية المتزايدة. وتوقع الدشناوي ان يكون الرفع ما بين 100 الى 150 نقطة. ويرى الدشناوي انه لا بديل عن رفع أسعار الفائدة، خاصة في ظل توقعات بارتفاع قادم للتضخم مع تخفيض جديد للدعم على أسعار المحروقات والكهرباء في الموازنة العامة للعام المالي 2018/2017 ، والتي تبدأ في يوليو القادم. كان البنك المركزي قرر زيادة أسعار الفائدة 3% مع تحرير سعر الصرف في الثالث من نوفمبر الماضي لكبح الموجة التضخمية المتوقعة من التعويم،ولم يرفعها مرة اخرى في الاربع اجتماعات المتتالية رغم تصاعد مستويات التضخم إلى معدلات قياسية. من جانبه، قال الدكتور هشام ابراهيم استاذ التمويل بجامعة القاهرة ان البنك المركزي يتعرض لضغوط كبيرة لرفع أسعار الفائدة وسط توقعات برفعها نحو 1 %. ويرى ابراهيم ان مشكلة التضخم ليست في السيولة وانما في الاحتكار الذي لم تنجح الحكومة في علاجه حتى الان، ولذلك لم تستجب معدلات التضخم للرفع السابق للفائدة عقب قرار تعويم الجنيه. كان جهاد أزور مدير صندوق النقد الدولي للشرق الأوسط وآسيا الوسطى صرح في مؤتمر صحفي في أبريل الماضي بأن الصندوق سيناقش مع السلطات المصرية إمكانية الاعتماد على أسعار الفائدة لتهدئة وتيرة التضخم. وفي احدث تقرير لصندوق النقد الدولي عقب زيارة بعثة الصندوق للقاهرة خلال الاسبوع الماضي لإجراء المراجعة الأولى لاتفاق الإصلاح الاقتصادي عبر الصندوق عن ثقتها في أن البنك المركزي يمتلك الأدوات اللازمة لتخفيض معدل التضخم إلى أرقام أحادية، أقل من 10%، على المدى المتوسط، ودعمه لتحقيق هذا الهدف. أدوات بديلة للفائدة ويرى مدحت نافع الخبير الاقتصادي ان الحل الامثل ينبع من الاقتصاد العيني عن طريق زيادة الانتاج تخفيض الاعتماد على الواردات وتسهيل منح التراخيص للانشطة الصناعية خاصة الغذائية وتشجيع الصناعات المتوسطة والصغيرة، فضلا عن ضرورة انشاء بورصة سلعية، وتفعيل الدور الرقابة القانونية وليس التدخل في الاسعار عن طريق تفعيل دور حماية المستهلك وجهاز حماية المنافسة. من جهته، اوضح هاني توفيق الخبير الاقتصادي ان هناك ادوات اخرى يمكن استخدامها لتحجيم التضخم منها على سبيل المثال، يرفع البنك المركزي نسبة الاحتياطي الذي تودعه البنوك لدى البنك المركزي بما يؤدي إلى سحب السيولة المتاحة للبنوك للتمويل.. واضاف توفيق انه يمكن ايضا للحكومة – بعيدا عن السياسة النقدية- ان تعمل على ترشيد الاستيراد، وتحسين المناخ الاستثماري وزيادة كفاءة الاسواق عن طريق اتاحة المنافسة الحرة بما يسمح بتوازن الاسعار وانخفاضها.