من خلال اهتمام جامعة الدول العربية بقضايا الأسرة العربية يأتى انعقاد المؤتمرالاستثنائى لوزراء التعليم العرب بالعاصمة التونسية يومى الجمعة والسبت 13 – 14 يوليه، لإقرار وثيقة خاصة بتطوير التعليم فى العالم العربى وذلك تنفيذا لقرارات قمة الرياض بشأن تطوير التعليم، فاهتمامات الجامعة العربية لم يقتصر فقط على القضايا السياسية ولكن هناك قضايا مُلحة مفروضة على الساحة العربية .. ألا وهى قضية التعليم والبحث العلمى، والعمل على تطويره من خلال منظومة جديد لمواكبة التحديات التى تواجه الأمة العربية بأسرها .. ويناقش مجلس وزراء التعليم العرب الصيغة النهائية لخطة التربية والتعليم العالى والبحث العلمى فى الوطن العربى لإقرارها بعد إدخال التعديلات والمقترحات المُقدمة من الدول العربية فى ضوء تقرير الأمين العام حول التعليم تنفيذاً لقرار قمة الرياض بشأن تطوير التعليم، ودراسة مدى التزام المؤسسات التعليمية فى البلدان العربية بالمعايير الأساسية للجودة وتقييم هذا الالتزام وإصدار شهادات الاعتماد التربوى لمؤسسات التعليم العربية، وإقامة علاقة شراكة مؤسسية فى هذا الشأن مع بعض المؤسسات الدولية ذات الخبرة فى هذا المجال، وإنشاء آلية عربية لتمويل عمليات متابعة مشروع تطويرالمنظومة العربية للتعليم من الحكومات والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدنى وتأسيس جامعة عربية للتعليم عن بعد تشارك فيها الجامعات العربية وتكون تحت إشراف جامعة الدول العربية، ويحدد مشروع إصلاح التعليم العربى ثلاث مراحل لتنفيذه تبدأ الأولى عام 2008 وتنتهى عام 2013 ويجرى خلالها إنشاء تلك الهيئات والآليات المذكورة فيما تمتد الثانية من عام 2013 وحتى عام 2018 ويجرى خلالها متابعة وتقيم وتعديل أنشطة وإنجازات المرحلة الأولى لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية فى التعليم وتطوير البنية التعليمية للمدارس وتحسين نوعية التعليم وتحقيق التعليم المستمر وتكامل التعليم النظامى وغير النظامى وتعزيز التعاون العربى فى مجال التعليم والبحث العلمى .. وفى كلمته فى افتتاح المؤتمر، طالب السيد عمروموسى الأمين العام للجامعة العربية بإطلاق العقد العربى للتعليم من عام 2008 إلى عام 2018، وطالب بإعطاء أدوار رئيسية لمؤسسات المجتمع المدنى المتخصصة والصناديق التمويلية والقطاع الخاص وجميع وسائل الإعلام لتوطين العلوم واستخدام اللغة العربية مع إجادة اللغات الأجنبية وتنشيط الترجمة من وإلى العربية، وأكد موسى أن الاجتماع الحالى والمناقشات التى تدور فيه هو بالضبط ما ينتظره المواطنون العرب لصلته الوطيدة بحاضرهم ومستقبل أبنائهم . وكان موسى قد أعلن فى مؤتمر صحفى عُقد فى مطار قرطاجبتونس أمس قادماً من لندن أن عقد هذا المؤتمر هو أمر فى غاية الأهمية لأنه يتعلق بعملية تطور المجتمع والتنمية فى الدول العربية، وإدخال عُنصر الجودة والتنمية بالمنطقة، وقال إن أهمية المؤتمر لا تقل عن جميع القضايا السياسية القائمة، وما يحدث فيها من تقدم وتراجع، ورداً على سؤال .. عما إذا كانت عملية التعليم بالمنطقة تتعلق الآن بالضغوط الخارجية أو الغربية التى تُمارس على العرب، قال موسى إننا يجب ألا نشغل أنفسنا بهذه الأمور التى تعرقل اهتمامنا حول مسألة التطوير لأن التطوير لا علاقة له بهذه الضغوط . وأضاف إننا سوف نركز على جودة التعليم فى المؤتمر لأن العملية التعليمية فى العالم العربى لم تعد تصلح بشكلها الحالى فى عصر العولمة والتنافس والتقدم الكبير الذى حققته بعض الدول، وكان المؤتمر قد استعرض أمس جهود منظمة الإليكسو فى مجال حوار الحضارات والذى يستعرضها مدير عام المنظمة الدكتور المنظمة الدكتور المنجى بوسنينه فى جلسة عمل صباح اليوم السبت 14/7 وأيضاً جهود المنظمة فى مجال مواجهة التهديدات التى يواجهها القدس الشريف . وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أن عزة الأمة وهيبتها كانت مقرونة على الدوام بما كانت تملكه فى ماضيها العريق من تقدم علمى، ولم يكن البحث العلمى آنذاك ترفاً بل واجباً مستحقاً ورسالة ومنفعة ومن ثم كان الدور والإسهام الذى تشهد المخطوطات فى كبريات المتاحف عليه، وأن غياب البحث العلمى عن حياتنا واهتماماتنا أدى إلى خلل حضارى وفراغ معرفى وتراجع فى الثقافة والفكر والقيم، فأبعدنا عن دورنا كطرف مُنتج للمعرفة فى الحضارة المعاصرة . وأعرب موسى عن سعادته لانعقاد الدورة الاستثنائية لوزراء التربية والتعليم العرب، والتى وصفها بالمهمة فى تونس، وهى تحتفل بعيد العلم الذى يوليه الرئيس زين العابدين بن على رعايته .. مُشيراً إلى أنه احتفال يرمز إلى قيمة كبرى فى حياة الشعوب ويبعث برسالة قوية أنه بالتعلم فقط يكون للأمم مكان ومكانة، وعن ثقته فى كون جميع المواطنين العرب يتطلعون إلى اليوم الذى يكون العلم فيه أساساً من أسس حياتنا ومجالاً لتفوقنا وإنجازاتنا .. موضحاً أنه إذا كان العلم وتطبيقاته وبحوثه وتطويراته يُشكل هدف المجتمعات التى تبغى التقدم وتبدى التصميم على السير فى دورتة، فالتعليم وجودته هو المنطلق الحقيقى نحو التفوق العلمى . وأشار موسى على أن تطوير التعليم كان إحدى النقاط الأساسية التى نصت عليها وثيقة التطوير والتحديث فى العالم العربى والتى دشنتها قمة تونس التاريخية عام 2004 .. وقال: " إذا كان تطوير التعليم هو قرار قمة تونس فإن فى الوقت نفسه يمثل احتياج أمة " ، وأن من هذا المنطلق تقدمت إلى القمم التالية لقمة تونس من الجزائر إلى الخرطوم إلى الرياض بمقترحات متعلقة بالتعليم فى العالم العربى " .. موضحاً أنها " مقترحات تعتبر نتاجاً للروح الجديدة التى تعم الجامعة العربية وأجهزتها ومنظماتها .. روح التعاون والتكامل .. ووضع المصلحة العربية المشتركة فى أولوياتها الصحيحة التى تستحقها " . ويكتسب الاجتماع الاستثنائى لوزراء التعليم العرب أهمية خاصة لأنه سيضع الصيغة النهائية لوثيقة تطوير التربية والتعليم والبحث العلمى فى الوطن العربى مُقدمة من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم " الإليكسو" فى ضوء تقرير أمين عام الجامعة العربية الذى عرضه على القمة العربية بالرياض حول تطوير التعليم والبحث العلمى والذى دعا فيه إلى تعزيز حقوق المواطن العربى ودعم حصوله على التعليم والمعرفة وتوظيفها، ويأتى هذا الاجتماع انعكاساً لإدراك الدول العربية لأهمية مراجعة أوضاع التعليم فى العالم العربى وكيفية النهوض به وتطويره نوعاً وكماً انطلاقاً من أن التعليم يمثل حجر الأساس فى إعداد رأس المال البشرى وتكوينه وحشد قدراته تلبية للاحتياجات الوطنية والقومية، وهو ما حرصت القمم العربية الأربع الأخيرة على تأكيده، فقد قررت قمة تونس 2004 إطلاق مسيرة الإصلاح الشامل، فيما أكدت قمة الجزائر 2005 ضرورة توفير التعليم الجيد النوعية وإلزاميته، فى حين طالبت قمة الخرطوم 2006 بإحداث تحول جذرى ونوعى فى التعليم وسياساته وطالبت الأمين العام للجامعة العربية بتقديم تقرير شامل حول الموضوع إلى قمة الرياض 2007 التى أحالت التقرير إلى الحكومات العربية لدراسته وإرسال ملاحظاتها إلى الأمانة العامة للجامعة و " الإليكسو" من أجل إعداد تقرير شامل يعرض على دورة استثنائية للمؤتمر العام لمنظمة " الأليكسو" ومن ثم على الدورة القادمة للمجلس الاقتصادى والاجتماعى فى سبتمبر 2007 تمهيداً لعرضه على القمة القادمة . ومن جانبه أشار الدكتور خالد طوقان وزير التعليم العالى والبحث العلمى الأردنى إلى اللجنة الوزارية التى تم تشكيلها بناء على قرار المؤتمر العام فى دورته الثامنة عشرة، والتى اجتمعت فى 23 أبريل الماضى فى عمان لتدارس قرارى قمة الخرطوم، حيث قامت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية والدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية بوضع وثائق الاجتماعات فى صياغتها النهائية، وذلك حتى نتمكن من إقرارها ورفعها إلى مؤتمر القمة العربية القادم على أمل أن تحظى بترحيب القادة العرب وكل أبناء الأمة العربية، وفى نهاية كلمته .. أكد طوقان أن مواجهة الوطن العربى للتحديات الخارجية مرهون بقدرته على التعاون والتضامن والتكافل بهدف إرساء نظام إقليمى عربى مؤمن بقدراته وطاقاته الخلاقة مبنياً على امتلاء ناصية المعرفة والخطط الرشيدة مستثمراً لفرص التطور واللحاق بالركب العالمى السريع فى نموه وتطويره . من ناحيته قال الدكتور الصادق القربى وزير التربية والتعليم التونسى " إن مشروع تطوير التربية والتعليم العالى والبحث العلمى فى الوطن العربى يأتى استجابة لما يطرح علينا اليوم من تحديات ولن يتأتى كسب رهانتها بدون التربية الجيدة للجميع والتعليم العالمى رفيع المستوى والبحث العلمى الطلائعى، الذى يجعلنا طرفاً فى انتاج المعرفة والتكنولوجيا "، وأنه ليس لنا من سبيل سوى استنهاض همم الشعوب واستحفاز الخطى لتدارك السباق العالمى والتحولات، ودفع التعاون بيننا حتى نستعيد مكانتنا بين الأمم، مُستغلين فى ذلك مآسى أسلافنا وقيم العلم والعمل والاجتهاد والتسامح التى يحس عليها ديننا الإسلامى الحنيف " . وأوضح وزير التربية والتعليم التونسى " إننا نوافق السيد عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية حين يقول إن التحديات التى تواجه التعليم العربى ليس من المستحيل مواجهتها، وإن التعليم المتطور هو القاطرة التى يمكنها أن تصل بالأمة إلى فجر جديد " .. مُشيراً إلى أن مزايا خطة المواجهة كثيرة فهى تستند إلى وعى حافل بالتحديات وتنطلق من تقييم موضوعى فى واقع التعليم فى بلادنا وتقترح الحلول العملية والاستراتيجية الواضحة، ووجه القربى الشكر للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم قائلاً " إننا نشكر المنظمة على هذا المجهود المحمود، ولابد لنا من التفكير فى إطار هذه الخطة لوضع بعض المشاريع المشتركة، كما لابد أن نوليها أهمية خاصة لتكون فى صدارة الاهتمام والأولوية .. لافتاً إلى ضرورة التفكير فى إنشاء مركز عربى للتكنولوجيا يكون حديثاً أو فى إنشاء معهد عربى للرياضيات على غرار ما هو موجود فى الدول المتقدمة ". ومن جانبها أكدت السفيرة نانسى بكير – أمين عام الجامعة العربية المساعد للشئون الاجتماعية – وجود إجماع من جميع الأقطار العربية ضرورة تطوير التعليم والبحث العلمى، وتأييد الجهود التى تقوم بها الأمانة العامة للجامعة ومنظمة الأليكسو فى هذا المجال. 2007/7/14