على مدى أجيال قادمة سيتعين على العراقيين معايشة آثار الجروح البدنية والمعنوية لعشرات الآلاف الذين أصيبوا إصابات حادة في أعمال العنف الذي يعصف ببلادهم منذ أربع سنوات. ومن بينهم آلاف بترت أعضاؤهم والعديد منهم من الأطفال. فالتاريخ والوقت والمكان الذي تغيرت فيه حياة علي عبدالله محفور في ذاكرته. كان يوم 24 من نوفمبر عام 2005 صباح يوم خميس وهو في الثالثة عشرة من عمره. يدير والد علي ساحة انتظار للسيارات في جنوب بغداد وفي ذلك اليوم وافق على أن يترك ابنه الوحيد يبدأ العمل وحده لأول مرة كان فخوراً به. ذهب علي إلى العمل وفي الضحى خرج لتناول الإفطار وصادفت لحظة خروجه انفجار سيارة ملغومة.. ودمرت الشظايا إحدى ساقيه واحدى عينيه وأمطرت صدره بالجروح. يحكي قصته وهو ينتظر ساقا صناعية جديدة في مركز بغداد للاطراف الصناعية إحد عياديتين للأطراف الصناعية في العاصمة العراقية. يقول: (جئت لأستبدل القديمة لأنها صغرت وأصبحت أعرج وأنا أسير).وصل علي إلى المركز مع أحد جيرانه وهو شرطي عمره 23 عاماً يأمل في الحصول على قدم صناعية بعد أن فقد قدمه في انفجار عند حاجز تفتيش كان موجودا به. وسجل مركز بغداد وحده 2700 حالة تركيب أطراف صناعية منذ عام 2003م. وتكلفة العناية بها كبيرة خاصة في حالات الأطفال الذين يحتاجون لاستبدال الأطراف الصناعية باستمرار مع نموهم. يقول قاسم محمد نائب مدير المركز نحن نعنى في الأغلب بالأطفال نحاول أن نوفر لهم الأطراف الصناعية بأسرع وقت ممكن ونتطلع لمساعدتهم على العودة للمدارس ولحياتهم الطبيعية. وإلى جانب التكلفة الفعلية يكون هناك أثر نفسي كبير.يقول حسين مجيد واحد من نحو 20 إخصائي أطراف صناعية في ورشة المركز حيث تصنع الأطراف باستخدام آلات قديمة وقوالب الجص واللدائن والصمغ بعضهم يأتي إلى هنا يائسا لكننا نحاول زرع الأمل في قلوبهم. ويقول سعد الشبوت (65 عاما) أنه يشعر الآن بالقدرة على التكيف بعد عامين من فقد ساقه في انفجار قنبلة في سوق الشورجة في بغداد. ويضيف في غرفة الانتظار بالمركز وصلت في لحظة إلى الرغبة في الانتحار لكني أفضل الآن.