هل تذكرون اتفاقية "سايكس بيكو" بين كل من فرنسا وبريطانيا وروسيا في السادس عشر من شهر أبريل عام 1916 لتقسيم البلاد العربية ميراث الدولة العثمانية عقب ضعفها وزوالها عقب الحرب العالمية الأولي وعزل السلطان عبدالحميد وأطلقوا علي الاتفاقية "تركة الرجل المريض" واستولت كل دولة علي بعض البلدان ونفذوا مخططهم بكل دقة وكل سهولة.. وهل تذكرون حديث كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية والرئيس الأمريكي جورج بوش الابن عن الشرق الأوسط الجديد.. والفوضي الخلاقة أي إحداث فوضي عارمة وانفلات في البلاد العربية قد تخلق أنظمة ديمقراطية علي طريقتهم سخر البعض من حديث الأمريكان عن الفوضي الخلاقة واستبعد كثيرون هذا السيناريو لكن حدث بدقة وربما بصورة أكثر سرعة مما تصوروا وخططوا وهذا لا يعني أن ما حدث في البلاد العربية ليس ثورات شعبية بل هي ثورات شعبية بكل ما تحمل الكلمة وضد أنظمة فاسدة كان لابد للشعوب أن تثور عليها.. ولكن كان الآخرون يدركون أن الفرق كبير بين ثورة شعب ضد احتلال.. وثورة شعب ضد حاكم فاسد له حاشية وله أجهزة تدين له بالحب والولاء.. الثورة الأولي ضد الاحتلال غالبا تنجح في طرد المحتل وتمضي الدولة للأفضل وتكون ثورة بقائد وبرنامج ويتحقق لها الاستقرار سريعا.. ولكن الثورة الثانية ثورة شعب ضد حاكم جائر وفاسد بلا فائد وبلا برنامج وأجهزة فاسدة تابعة للفاسد الأكبر دائما تؤدي إلي فوضي بفعل تدخل أطراف خارجية تمول بالملايين حركات تدمر وتخرب تحت غطاء الثورة وتحت شعارات ثورية وهمية تخدع البسطاء وتنفذ أجندة التخريب والعنف وسقوط الدولة وهو ما حدث في بلاد ثورات الربيع العربي التي لم تحقق أهدافها بفعل التدخل الخارجي عن طريق بعض أبناء الأوطان الذين تدربوا وقبضوا ثمن تخريب بلادهم باسم الثورة.. ولعل ظهور البعض في أحداث محمد محمود وماسبيرو والمجمع العلمي والاتحادية والكاتدرائية هم نفس الأشخاص.. يؤكد أن هناك أصابع خفية تسعي لعدم الاستقرار والعمل علي إسقاط الدولة والدخول في نفق الصدام بين الشعب والجيش والحروب الأهلية. أين العراق.. بلاد الرافدين.. بثرواتها وقوتها.. لقد انتهت وضاعت في غياهب الظلمات التي عادت بها مئات السنين إلي الخلف.. دولة حضارية تحولت إلي أطلال وبقايا وطن.. أطلال منازل بلا مياه ولا كهرباء ولا خدمات.. تدهور رهيب في المدارس والجامعات والمستشفيات والمنشآت منذ أن دخلها الغزو الأمريكي في أبريل 2003 نهب ثرواتها دمر بنيتها الأساسية بمزاعم واهية.. دمر الغزو الأمريكي العراق وإعدام صدام بأوهام العراق الجديد والعراق الديمقراطي.. ولكن كان الأمريكان يعرفون ما يريدون.. استولوا علي النفط والثروات وتخلصوا من قوة إقليمية تثير القلق لإسرائيل وللمصالح الأمريكية بالشرق الأوسط وتركوا البلاد خرابا ودمارا وشعبا ممزقا.. جرائم وعنف في كل مكان وخلايا إرهاب وبلطجة وانفجارات كل يوم علي مدار أكثر من 10 سنوات حتي بعد رحيل الأمريكان.. فقد تركوها خرابا وأطلالا.. وعلي نفس المنوال تسير ليبيا.. فبعد سقوط النظام.. وتمزيق القذافي وتدمير قوات الناتو.. للبنية الأساسية ومقتل الآلاف من المدنيين.. لم تعد هناك ليبيا النفطية الغنية التي كانت جاذبة للعمالة العربية والآسيوية وأرضا ثرية يقصدها العامل البسيط فيعود غانما رابحا.. لم تعد هناك ليبيا الخضراء.. وإنما الخراب والدمار في كل الشوارع والميادين والبلطجة في كل مكان.. والانفجارات لا تتوقف والخدمات تزداد سوءا.. والشعب من سييء إلي أسوأ.. واليمن الذي كان قديما يطلق عليه اليمن السعيد.. أصبح في قمة الشقاء.. حروب القبائل هي السائدة لا أمن ولا استقرار.. القتال في كل الأنحاء أما سوريا فقد دخلت النفق المظلم وطريق اللاعودة.. فقمة المأساة وأكبر هدف لأعداء أي وطن أن يحارب الجيش الشعب ويقع الجميع في الفخ بهذه السهولة.. وهذا الفخ يحاول أعداء مصر نصبه بكل دقة للجيش المصري وكان يفلت منه بحكمة وعقل الإنسان المصري الذي يدرك قيمة الوطن. نقلا عن صحيفة الجمهورية