مع زيادة انتشار الأمراض ارجع الكثير من الخبراء في مجال الصحة السبب الى التلوث المتزايد في الهواء الذي نتنفسه بحيث يتحول في صدورنا الى سم قاتل يصيبنا بالامراض. وفي هذا الصدد اصدرت منظمة الصحة العالمية دراسة حول نسب التلوث في العالم والآثار الصحية المترتبة عليها. وتؤكد الخرائط التفاعلية الجديدة التي اصدرتها المنظمة أن 92% من السكان في العالم يعيشون في أماكن تتجاوز فيها مستويات تلوث الهواء الحدود القصوى التي حددتها منظمة الصحة العالمية. وأكد النموذج الذي استحدثته منظمة الصحة العالمية بشأن نوعية الهواء أن 92% من سكان العالم يعيشون في أماكن تتجاوز فيها مستويات تلوث الهواء الحدود القصوى التي حددتها المنظمة. ويزداد الوضع سوءاً في إقليم شرق المتوسط، إذ ترتفع النسبة عن98%. وتعرض المعلومات المتولدة عن النموذج عن طريق خرائط تفاعلية تسلط الضوء على المناطق داخل البلدان التي تتجاوز النسبة فيها الحدود القصوى التي حددتها منظمة الصحة العالمية. وتقول الدكتورة فلافيا باستريو، مساعدة المديرة العامة بمنظمة الصحة العالمية: "يبرز النموذج الذي استحدثته المنظمة البلدانَ حيث تتواجد بؤر الخطر المترتبة على تلوث الهواء، كما يوفر النموذج خط أساس لرصد التقدم المحرز في مكافحة تلوث الهواء" . كما يعرض النموذج البيانات المرتبطة بالصحة الخاصة بتلوث الهواء الخارجي (الهواء المحيط) لكل بلد على حدة، وهي الأكثر تفصيلا من كل البيانات التي أبلغت بها منظمة الصحة العالمية من قبل. ويستند النموذج إلى البيانات المستقاة من قياسات الأقمار الاصطناعية، والنماذج الخاصة بالنقل الجوي، ومراصد المحطات الأرضية لأكثر من 3000 موقع، بما فيها 82 موقعاً داخل إقليم شرق المتوسط، في كل من المناطق الريفية والمناطق الحضرية. وقد أعدت منظمة الصحة العالمية هذا النموذج بالتعاون مع جامعة باث، بالمملكة المتحدة. التلوث يؤثر على الصحة من بين 3 ملايين وفاة تقع سنوياً في العالم مرتبطة بالتعرض لتلوث الهواء المحيط، هناك 210 ألف وفاة في إقليم شرق المتوسط وحده. ويمكن أن يكون تلوث الهواء في المنازل مميتاً سواءً بسواء، إذ إنه يتسبب في وفاة 200 الف شخص سنوياً في الإقليم. وصرح الدكتور علاء الدين العلوان، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، إن "تلوث الهواء يبعث على القلق الكبير في مُدُنِنا، إذ يترتب عليه آثار صحية ذات طبيعة خاصة بالنسبة للأطفال والنساء الحوامل، وبالنسبة لارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض غير السارية أيضا". وفي الإقليم، تعزى 94% من الوفيات المرتبطة بالتعرض لملوثات الهواء إلى الإصابة بأمراض غير سارية – التي يأتي على رأسها أمراض القلب والأوعية الدموية والسكتات ومرض الانسداد الرئوي المزمن وسرطان الرئة. كما يزيد تلوث الهواء من خطر الإصابة بالأمراض التنفسية الحادة. وتشتمل المصادر الرئيسية لتلوث الهواء على وسائل النقل التي تفتقر إلى الكفاءة، والوقود المستخدم في المنازل، وحرق النفايات، والمنشآت التي تعمل بالفحم، والأنشطة الصناعية. بيد أن مصادر تلوث الهواء لا تقتصر على النشاط البشري وحسب؛ فعلى سبيل المثال، يمكن أن تتأثر نوعية الهواء بالعواصف الترابية، لاسيّما في الأقاليم القريبة من مناطق صحراوية. وحيث أن الإقليم يتأثر كثيراً بفعل جسيمات الغبار القادمة من الصحراء الطبيعية ينتج عن ذلك ارتفاع التقديرات حول العبء الصحي استناداً إلى وسائل التقدير التقليدية، إلا أن الحاجة قائمة لتحقيق تقييم أفضل للآثار الصحية المترتبة على الغبار الطبيعي. دقة البيانات توخى النموذج الدقة في قياس البيانات الواردة من الأقمار الاصطناعية والمحطات الأرضية وذلك لزيادة مصداقيتها إلى أبعد مدى. وهذا النموذج الجديد يعد خطوة نحو إعداد تقديرات أكثر دقة للعبء الإقليمي الذي ينجم عن التعرض لتلوث الهواء في المنازل وفي الهواء المحيط. ويقوم عدد متزايد من المدن في الوقت الحالي برصد تلوث الهواء، وباتت البيانات المأخوذة من الأقمار الاصطناعية أكثر شمولاً من ذي قبل، إلا أن هناك حاجة ماسة للتوسع في جمع البيانات وتحسين أنشطة الرصد.