نجحت الدبلوماسية المصرية خلال السنوات الثلاث الماضية التى اعقبت ثورة 30 يونيو فى اعادة ثقل مصر فى محيطها الإقليمى وإحياء الدور المصرى حيال القضايا الإقليمية ذات الأولوية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى الأزمات في كل من سوريا وليبيا واليمن. وأشارت وزارة الخارجية -في إطار حملتها الإعلامية التي أطلقت اليوم الخميس، بمناسبة مرور ثلاث سنوات على ثورة الثلاثين من يونيو تحت عنوان "الدبلوماسية المصرية في ثلاث سنوات"- إلى أن ثورة الثلاثين من يونيو اكدت على ثوابت السياسة الخارجية المصرية والتى تعد القضية الفلسطينية أحد أهم أولوياتها، وذلك للإيمان المصري الراسخ بحق الشعب الفلسطيني في الحصول على حقوقه المشروعة المسلوبة وإقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدسالشرقية. واضافت انه على الصعيد السياسى أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسى دعوته لحل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً مؤكدا ضرورة اتخاذ كافة التدابير من قبل المجتمع الدولى لإنهاء هذا الصراع وتمكين الفلسطينيين من العيش بحرية وكرامة، ومؤكدا كذلك استعداد مصر لبذل كافة الجهود فى هذا الإطار. أما على الصعيد الإنساني، فعقب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في صيف 2014، نظمت مصر -بالتعاون مع الحكومة النرويجية- "مؤتمر القاهرة حول فلسطين: إعادة إعمار غزة" يوم 12 أكتوبر 2014 لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني وإزالة آثار العدوان، حيث تمكَّن المؤتمر من حصد حوالي 5.4 مليار دولار كمساعدات دولية لفلسطين. واوضحت الخارجية ان مصر تبذل جهوداً كبيرة لفك الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة والسماح بدخول كافة المواد الأساسية إلى القطاع، فضلا عن ضمان توفير الخدمات الأساسية التي يحتاجها سكانه من أجل تحسين أوضاعهم المعيشية والحد من تداعيات الأزمات الإنسانية التي يتعرضون لها. ..كما شاركت مصر في اجتماع باريس الوزاري الخاص بدعم عملية السلام في 3 يونيو 2016، كما توجه وزير الخارجية سامح شكري إلى رام الله صباح الأربعاء 29 يونيو 2016، حاملاً رسالة شفهية من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى شقيقه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وذلك في إطار متابعة الدور المصري في دعم القضية الفلسطينية، والمساعدة على التوصل إلى حل شامل وعادل يحقق حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية. ولم تغب القضية السورية عن اولويات السياسة الخارجية المصرية بعد الثلاثين من يونيو حيث تعمل مصر جاهدةً على دعم كافة السُبل في اتجاه تجاوز محنة الصراع الجاري التي يعيشها الأشقاء في سوريا، حيث تتطلع مصر إلى أن تنعم سوريا بالأمن والاستقرار على أراضيها وبين كافة أطياف شعبها. وفي هذا الإطار، تم تقديم منصة وطنية للمعارضة السورية – يقودها السوريون أنفسهم – من خلال رعاية مصر لمجموعة تستقطب معارضة وطنية معتدلة تسعى للتوصل لحلٍ سياسي يؤسس لدولة مدنية سورية تحافظ على وحدة أراضيها وترابُط أطيافها المجتمعية والدينية، مع الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية. . وعُقد "مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية" في يناير 2015، ثم عُقد مؤتمر ثان موسع بالقاهرة في يونيو 2015 صدر عنه وثيقتيّ: "خارطة الطريق" و"الميثاق الوطني السوري". واوضحت وزارة الخارجية ان الجهود المصرية تنطلق مع كلٍ من الأطراف الإقليمية والدولية والمعارضة الوطنية السورية، من الإيمان بضرورة تشجيع التفاعل الإيجابي مع العملية السياسية التي ترعاها الأممالمتحدة من خلال المحادثات الجارية في جنيف. وشاركت مصر بفعالية في مجموعة الدعم الدولية لسوريا، حيث عكست المشاركة المصرية في كل ما يتعلق بالأزمة السورية الموقف المصري تجاه الأزمة الذي يرتكز علي عدة مبادئ في مقدمتها رفض الحل العسكري، حماية مقومات الدولة السورية، مكافحة الإرهاب، والمساهمة في رفع المعاناة الإنسانية عن الشعب السوري الشقيق. وفى سياق اخر.. تأتي القضية الليبية في مقدمة أولويات السياسة الخارجية المصرية، نظرا لعمق العلاقات التاريخية والاستراتيجية التي تربط البلدين، وهو ما أكدته مصر من خلال مبادرتها التي سبق وأن أطلقتها وعبرت فيها عن موقفها الثابت والواضح من تطورات الأوضاع في ليبيا، والتي ارتكزت على ثلاثة مبادئ وهي: احترام وحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، عدم التدخل في الشئون الداخلية لليبيا، الحفاظ على استقلالها السياسي، علاوة على الالتزام بالحوار الشامل ونبذ العنف. تجسد التزام مصر بمبادرتها ورؤيتها من خلال دعمها لدور المؤسسات الشرعية للدولة وعلى رأسها مجلس النواب، وتأكيدها على ضرورة إعادة بناء مؤسسات الدولة بما فيها الجيش والشرطة، فضلا عن استعدادها لتقديم المساعدة للحكومة الليبية في جهودها لتأمين وضبط الحدود مع دول الجوار وفق برنامج متكامل، مشددة على أهمية الدعم الدولي فيما يتعلق بالمساعدة في محاربة الإرهاب وتأهيل مؤسسات الدولة بالتعاون مع دول الجوار. و أكدت وزارة الخارجية المصرية في أكثر من مناسبة أن مصر تبذل قصارى جهدها للحفاظ على وحدة واستقرار ليبيا، خاصة في ظل التطورات على أرض الواقع والتي تتطلب وضع خطة عمل تتضمن اتخاذ خطوات داخل ليبيا، وخطوات أخرى بينها وبين دول الجوار، وكذلك المجتمع الدولي للحفاظ على وحدة الأراضي الليبية وصون مقدراتها، وهو الأمر الذي تمثل فيما يلي: 1. المشاركة في كافة مراحل المفاوضات التي أدت إلي التوصل للاتفاق السياسي الليبي – الليبي، الذي رعته الأممالمتحدة، وكذلك في مراسم التوقيع علي الاتفاق المشار إليه في مدينة الصخيرات المغربية في ديسمبر 2015، والذي يهدف لتحقيق مصلحة الشعب الليبي، والمساهمة في استقرار ليبيا والمنطقة، فضلا عن تعزيز إمكانية مكافحة الإرهاب علي الأراضي الليبية من خلال التنسيق مع الحكومة والجيش الليبيين، لتقديم كافة أنواع الدعم لهما في مواجهة التهديدات والمخاطر التي تعاني منها ليبيا نتيجة انتشار التنظيمات الإرهابية علي أراضيها. 2. عقد عدة لقاءات في القاهرة مع شخصيات قيادية ليبية أبرزها لقاء الرئيس السيسي مع فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي الليبي في مايو 2016، كذلك استقبال وفود برلمانية، بالإضافة إلى تنظيم مؤتمر لزعماء القبائل الليبية بهدف التوصل إلى حل سلمي يدعم الاستقرار ويسهم في دفع جهود التنمية والتعاون في شتى المجالات، فضلا عن محاربة الإرهاب. 3. لعبت مصر دورا هاما في إطار جهود دول الجوار لإيجاد حل للأزمة الليبية، سواء من خلال المشاركة في الحضور أو تنظيم الاجتماعات الإقليمية المتعلقة ببحث تطورات الأوضاع في ليبيا، خاصة الأمنية منها والتي اتخذت منعطفات خطيرة في ضوء تزايد الاشتباكات المسلحة وتمدد تنظيم داعش، وكان آخرها المشاركة في اجتماع دول الجوار الليبي في تونس في مارس 2016. 4. شاركت مصر في عدد من الاجتماعات الدولية التي هدفت إلى إيجاد حل للأزمة المتفاقمة في ليبيا مع تأخر تصديق مجلس النواب على الحكومة، وهو ما أدى إلى اتساع رقعة الإرهاب نظرا لعدم وجود مؤسسات قادرة على مواجهته وتجفيف منابع تمويله، وأبرزها الاجتماعات التي عٌقدت للدول المعنية بالشأن الليبي في جنيف وفيينا في عام 2016. 5. تسعى مصر حاليا للتوصل إلى توافق بين مختلف الأطراف الليبية من أجل الاعتراف بالحكومة من قبل مجلس النواب بما يكسبها الشرعية وفقا لاتفاق الصخيرات الذي عُقد في ديسمبر2015، وذلك حتى يتسنى لها ممارسة مهامها بصورة فعالة، وحتى يستكمل الجيش الوطني الليبي دوره في الحرب على الإرهاب. وفيما يخص الوضع فى اليمن.. اشارت الخارجية الى ان مصر تساند الشرعية اليمنية وتابعت تطورات القضية اليمنية منذ ثورة فبراير 2011 وما شهدته البلاد من عدم استقرار أمني وسياسي، باعتبارها من أولويات السياسة الخارجية المصرية في ضوء خصوصية العلاقات بين البلدين والتي يظل البعد الاستراتيجي والأمني عنصرا أساسيا في منظومتها. وارتكز الموقف المصري دائما على دعم وحدة الأراضي اليمنية والترحيب بكافة قرارات الأممالمتحدة ومجلس الأمن الصادرة بشأن اليمن، فضلا عن تأييد التسوية السلمية وإجراء حوار وطني من أجل التوصل لحل توافقي. وأكدت وزارة الخارجية المصرية في أكثر من بيان لها، دعم القاهرة لمؤسسات ورموز الدولة الشرعية، وأن مستقبل اليمن يتحدد بالتوافق بين الأطراف السياسية المختلفة، كما شددت على أهمية التزام جميع الأطراف السياسية اليمنية بمواصلة الحوار السياسي برعاية أممية على أساس المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة الوطنية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة باعتبارها السبيل الوحيد لحل أزمات البلاد الحالية، وهو ما تجسد في استقبال الرئيس السيسي لنائب رئيس الجمهورية اليمنية ورئيس مجلس الوزراء/ خالد بحاح في يوليو 2015، وكذلك لقاء رئيس الوزراء المصري مع بحاح خلال زيارة الأخير للقاهرة في يونيو 2015. ومع تفاقم الأوضاع هناك قامت مصر في أغسطس 2015 بإرسال مساعدات إنسانية لليمن الذي يعاني من تزايد حدة الاشتباكات المسلحة وما أسفرت عنه من تدمير للبنية التحتية وصعوبة الحصول على المواد الغذائية والمستلزمات الطبية، فضلا عن إيفاد عدد من الأطباء المصريين للمساهمة في تقديم الرعاية الصحية اللازمة لأبناء الشعب اليمني. وكانت مصر قد أعلنت دعمها السياسي والعسكري للخطوة التي اتخذتها دول الخليج – بناء على طلب الحكومة الشرعية – بتشكيل تحالف عربي بقيادة المملكة العربية السعودية تحت اسم "عاصفة الحزم" للتدخل عسكرياً في اليمن لاستهداف معاقل الحوثيين، وذلك انطلاقا من مسؤولياتها التاريخية تجاه الأمن القومي العربي وأمن منطقة الخليج العربي. وفي سياق متصل، أيدت مصر الجهود المبذولة من قبل الحكومة الكويتية باستضافتها لمفاوضات بين الأطراف اليمينة بهدف التوصل الى حل سلمي يضمن عودة الأمن والاستقرار في البلاد.