هذا السؤال الاستنكاري طرح في تويتر منذ أيام ولا يزال، سؤال بريء في ظاهره لكنه يكشف حقائق عديدة عندما نبحث فيه وعمن وراءه... فمن وضعه يتساءل أين "عقلاء الإمارات" عن الواحد والستين مواطناً الذين تم إلقاء القبض عليهم ويتم التحقيق معهم في اتهامات أقل ما يقال عنها إنها "خطيرة".. ومن يسأل أين عقلاء الإمارات يقصد أين هم عن المطالبة بالإفراج عن أولئك الأشخاص ويتساءل لماذا يصمت المجتمع والناس ورجال البلد ورجالاته عن إلقاء القبض على أولئك، ويوحي من يطرح ذلك السؤال بأن العقلاء هم فقط أولئك الذين في السجن! التغريدات التالية نماذج لما يكتبه البعض ممن يبحث عمن يدافع عن تلك المجموعة: "لا تسمِ نفسك عاقلاً إن لم تقف مع الحق وآثرت السكوت!... ما زلت أبحث في وجوه الناس عن بعض الرجال، أين عقلاء الإمارات... فأين عقلاء الإمارات... أين عقلاء الإمارات فما عاد للإمارات منقذ بعد الله إلا تحرككم وخروجكم من توهمات الخوف... أين عقلاء الإمارات كنت أظن بهم الظن الحسن وإذا بهم يخذلون ويصمتون صمت أهل الكهف... فمتى يصحون ليعينوا المظلوم بإثبات حقه. يا ليت قومي يعلمون"... هذه نماذج مما يرددونه وهناك الكثير. عندما تكلم معهم العقلاء وعندما جلسوا معهم، رفضوا الكلام والغريب أنهم هاجموا عقلاء الإمارات واتهموهم بكل شيء، حتى بعض السابقين من أصدقائهم المقربين عندما استخدموا عقولهم وتكلموا معهم ناصحين انقلبوا عليهم وهاجموهم بطرق غريبة! كما نصحهم أهاليهم وأصدقاؤهم المقربون وغير أصدقائهم ومن يعرفهم ومن هم حولهم والقريبون منهم ممن زالت الغشاوة عن أعينهم فلم يزدهم ذلك إلا إصراراً على موقفهم! ينسى أولئك أو يتناسون كل من تكلم معهم وحاول أن يقدم لهم النصحية على طبق من ذهب في القضية التي تورطوا فيها، ويتجاهل هؤلاء أن من عقلاء الإمارات ورجال البلد المخلصين صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي تكلم أكثر من مرة -كلام الأب لأبنائه- ناصحاً وطالباً أن يجلسوا معه لحل مشكلتهم إلا أنهم أبوا واستكبروا... وصاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة جلس معهم وحاول مناصحتهم ودعوتهم للعودة إلى جادة الصواب فلم يزدهم ذلك إلا عناداً! والعديد من رجال البلد المخلصين حاولوا مناصحتهم فأبوا... لذا فإننا قبل أن نجيب على سؤال أين عقلاء الإمارات؟ نتساءل من هم "عقلاء الإمارات" من وجهة نظر تلك المجموعة؟ ما هي الشروط التي تنطبق على "العقلاء"؟ فمن الواضح أن العاقل من وجهة نظر تلك المجموعة ليس العاقل الذي يتفق عليه مجتمع الإمارات. البحث عن "عقلاء" يعني بالضرورة قبول كلامهم والأخذ برأيهم مهما كان وكيفما كان وإن كان يخالف أفكار تلك المجموعة، حتى وإن لم يكن ما سيقوله العقلاء على هواهم وعلى غير ما يشتهون... أما من يبحث عمن يؤيده في الرأي والموقف والتصرف ويعتبره من العقلاء فهذا أمر فيه كثير من الظلم للنفس! وأما الاستمرار في الإصرار على ذلك التساؤل بالبحث عن عقلاء والإيحاء بأنه ليس هناك عقلاء في المجتمع فهذه تعتبر "نقطة سوداء" جديدة في صفحة هذه المجموعة التي ما فتئت تشكك في كل مكونات المجتمع ابتداء بالقبائل والمواطنين وانتهاء بالكتاب والمثقفين والأكاديميين وأخيراً تحاول أن تروج بألا عقلاء في المجتمع أو أنهم صامتون!.. في حين أنهم تكلموا وتكلموا بما يمليه عليه ضميرهم، والنتيجة أن تلك الفئة رفضت أن تسمع لهم. منذ بداية مشكلة هذه المجموعة تساءلنا أين عقلاؤهم، أين الرجال الذين يستطيعون أن يتناقشوا ويحاوروا ويقبلوا الرأي الآخر إذا اكتشفوا أن رأيهم غير صحيح؟ فلم يخرج لنا إلا كل من يصب الزيت على النار ليزيد من انتشار المشكلة ويقوم بتضخيمها بدلاً من أن يعمل على حلها! وبما أن من بين المجموعة بعض الأكاديميين والمتعلمين فهذا أعطى "بصيص أمل" في أن يكون بينهم عقلاء يرون الأمور بمنظور آخر ويستطيعون أن يعدلوا مسارهم ويبتعدوا عن الهاوية. والسؤال الذي يطرح نفسه هل يعتقد هؤلاء أن من لا ينتمي إلى فكرهم وجماعتهم يعتبر من "العقلاء"؟.. هذه المجموعة يفترض أن تتدارك نفسها وتقوم بمراجعات حقيقية لوضعها ومواقفها وأدواتها وردود أفعالها وعلاقاتها الخارجية وخطابها الإعلامي، فهي تتخبط بشكل مذهل وتحرق أوراقها بشكل سريع وعليها أن تسمح لعقلائها أن يتكلموا، وتبدأ باتخاذ قراراتها من منطلق واقعها المحلي، دون أن تستسلم لتنفيذ أجندات تأتيها عبر الحدود. لم نسمع يوماً أن عاقلاً دافع عن مذنب ولن تجدوا هذه المجموعة في "عقلاء الإمارات"، لأن العاقل هو من يستخدم عقله لمصلحة الوطن واستقراره... ولو كان السؤال صادقاً وليس هدفه الاستمرار في نشر "الفتنة" في هذا المجتمع الآمن لكانوا اليوم في حال آخر ولما استمروا في البحث عن "العقلاء"... أما إذا كانوا يعتقدون أن العقلاء هم من يؤيدونهم فهم واهمون لأن كثيراً من عقلاء الإمارات ممن كانوا يثقون ويصدقون تلك المجموعة أصبحوا على النقيض بعد أن تفاجأوا بل وصدموا من موقف هذه المجموعة غير المتوافق مع القواعد الوطنية والمبادئ الأساسية لأي عمل يخدم الوطن والمواطنين، فلماذا لم تدرك تلك المجموعة بعد أن صمت عقلاء الإمارات تعبير عن رفضهم لما قامت وتقوم به تلك المجموعة من أفعال ضد الوطن وفتنة بين المواطنين؟! نقلا عن صحيفة الاتحاد