لم تعد هموم الإنسان الخاصة هى السبب الوحيد في متاعبه اليومية إنها بالفعل تمثل أعباء نفسية ابتداء بالأسعار والمرور والمواصلات وانتهاء بمصاريف المدارس والجامعات والأدوية والأطباء..الهموم الخاصة زاد حجمها كثيرا مثل سعر الدولار ولكن الهم العام أصبح الآن يمثل أزمة حقيقية في حياة الإنسان ان هذا الهم الذى أصبح مشاعا بين الناس بسبب وسائل الاتصال الحديثة بحيث يراه الإنسان على شاشات التليفزيون والتليفون المحمول والإيباد لقد أصبح شبحا يطارد الجميع ولا يستطيع احد ان يهرب من قدره.. ان الهم العام أصبح الآن هما إنسانيا هناك هموم تخص أوطانها ولكن هناك أيضا هموم لا يستطيع الإنسان ان يهرب منها ان لون الدم الذى حاصر البشرية طوال السنوات الأخيرة أصبح مأساة إنسانية يعيشها الأطفال بلا ذنب أو جريمة ان صور القتل والدمار التى طاردت أجيال هذا العصر تحولت إلى مأسى إنسانية وتركت أجيالا مشوهة في الفكر والسلوك والمشاعر ماذا ننتظر من هذا الطفل الذى أنقذته معجزة سماوية وهو يصارع الأمواج ليجد والديه جثة هامدة على الشاطئ الغريب ماذا ننتظر من هذا الطفل بعد ان يكبر ويصير شابا يواجه الحياة.. بعد سنوات قليلة سوف نجد أجيالا جديدة نشأت في حقول الموت وساحات الدم ولا نعلم ماذا يفعل هؤلاء..بعد الحرب العالمية الثانية التى دمرت العالم ظهرت أجيال كارهة لكل شئ في الحياة..ان الخطر الحقيقى الذى صنعته أجهزة الاتصال الحديثة انها وحدت مشاعر الإنسانية أمام مآسٍ واحدة وهى الموت.. هذا الشبح الذى اجتاح العالم ولم يترك أرضا ولا وطنا لأن البشرية كلها شاركت في هذه الجريمة اما صمتا أو فعلا أو تواطئا..وسط بحار من الدم لا يستطيع الإنسان ان يغمض عينيه ببساطة وينام أو يسمع أغنية حب جميلة أو يشاهد فيلما من أفلام الزمن الجميل حين يطاردنا القبح في كل شئ يمكن ان نفقد القدرة على ان نرى الجمال وهذه هى مأساة هذا العصر ان الهموم العامة أصبحت جزءا من الهم الخاص وان لم تجده في الشارع أو العمل سوف يقتحم حياتك كل ليلة على الشاشات.