نقلا عن : الاهرام10/9/07 تسعي تركيا جاهدة إلي أن تكون مركزا إقليميا دوليا لتجارة وتوزيع الغاز الطبيعي من بحر قزوين رغم أنها ليست دولة مشاطئة له. ورغم أن إنتاجها منه لايكفي استهلاكها. وجهدها في هذا السبيل يتنافي مع جهود روسيا لنقل الغاز إلي أوروبا وهو ما يسمي بالطريق الجنوبي. فتركيا تدعم فكرة نقل الغاز التركماني والإيراني إلي أوروبا عن طريق مشروع للأنابيب نابوكو والذي يدعمه الاتحاد الأوروبي بهدف تنويع مصادر الغاز بعيدا عن الإمدادات الروسية ويقول الخبراء إن استهلاك أوروبا من الغاز سوف يصل الي700 مليار متر مكعب في عام2015. ويأتي في هذا السياق اتفاق التفاهم الذي تم بين كل من تركيا وايران, ويتضمن مشاركة تركيا في استغلال أحد الحقول المهمة الايرانية من الغاز, ثم تصديره من ايران وتركمانستان. بالنظر أيضا الي احتواء تركمانستان علي احتياطيات هائلة من الغاز الطبيعي, وقد جري توقيع هذا الاتفاق في أوائل يوليو من هذا العام, وإذا كان كل من الاتحاد الأوروبي وروسيا ينظران إلي تركيا علي أنها بمثابة دولة عبور للغاز ليس إلا فإن الطموحات تركيا تتجاوز ذلك باتفاق التفاهم الذي أشرنا إليه لتأسيس شركتها لاستغلال أحد الحقول المهمة في ايران ثم إعادة تصديره من إيران وتركمانستان بمعرفتها. وحتي يتضح مدي التنافس, فإن هناك خطا للأنابيب لنقل النفط الموجود احتياطياته بكثرة في كازاخستان وتسعي كل من واشنطن وموسكو كل من ناحيتها للسيطرة علي الطريق الذي يمر من خلاله نفط كازاخستان إلي ميناء نوفورونسيسك علي البحر الأسود( الطريق الشمالي). وفي جهد يبذله الأمريكيون لتفادي مرور النفط عبر روسيا, فقد عمدوا إلي تشجيع بناء خط أنابيب للنفط يمر من تحت بحر قزوين الي نقطة بدء خط باكو جيهان وهو الخط الذي يحبذونه. وحيث إن الموضوع الآن يتعلق بالغاز, فإن تركيا تدعم وبشدة نقل الغاز التركماني والايراني عبر إيران بديلا عن الطريق الشمالي بالنسبة للغاز علي أن الأمر يقتضي لضمان المشاركة ألا تكون تركيا دولة عبور فقط, بل الحصول علي بعض عقود التوريد, وقد حصلت مبدئيا علي بعض هذه العقود. وباعتبار أن ايران دولة مشاطئة لبحر قزوين, فإنها تشارك مشاركة فعالة في تقرير الوضع القانوني لاقتسام ثرواته, وظلت إيران حامية لمبدأ الكوندومنيوم الذي يقضي بالقسمة المشتركة المتساوية في بحر قزوين بين الدول المشاطئة, وإذا قدر بناء خط الأنابيب تحت البحر والمسمي بالتيار الأزرقBlueStream لنقل الغاز عبر البحر الأسود في تركيا الي ميناء جيهان التركي علي البحر المتوسط, فسوف يجعل ذلك تركيا شريكا أساسيا في مشروعين لنقل الغاز. كذلك فإن الخطط الرامية الي مد خط أنابيب باكو( أذربيجان) إلي ميناء جيهان يوفر لتركيا دورا مركزيا مهما فيما يتعلق بنفط وغاز قزوين كليهما وباعتبار أن تركيا عضو في حلف الناتو فسوف يسهل ذلك من تعاونها العسكري والأمني مع دول المنطقة, لكن نفوذ تركيا المستقل بمفردها في المنطقة يبقي محدودا ويبقي تابعا لدور الولاياتالمتحدة رغم طموحات الساسة الأتراك. وإذا أخذنا مأخذ الجد ما صرح به الرئيس الايراني نجاد بأن التعاون التركي الايراني يتسع يوما بعد يوم, وأن القوي الخارجية لن تنجح في إضعاف العلاقات بين البلدين فإن علاقات أنقرة الخارجية تنتظرها طموحات وآمال كبيرة خلال المرحلة المقبلة.