نفت تركيا التقارير التى أشارت إلى أن قواتها قامت بتوغل كبير أمس فى شمال العراق لسحق متمردين أكراد .. إلا أن مصدراً عسكرياً أكد أن القوات التركية نفذت عملية محدودة عبر الحدود الجبلية، وقد جاءت هذه التقارير وسط غضب تركى متزايد بسبب نشاط المتمردين الأكراد فى تركيا الذين يلوذون بالمناطق الجبلية فى شمال العراق، وحثت واشنطن تركيا على التزام الحذر خوفاً من اندلاع حرب فى منطقة تُعد من أكثر المناطق استقراراً فى العراق . وأشار مسئول عسكرى تركى أنه لا يوجد أى شئ غير عادى فى مطاردة القوات التركية للمتمردين الأكراد عبر الحدود مع العراق، حيث يعتقد أن ما يقدر بنحو 4000 من متمردى حزب العمال الكردستانى المحظور مختبئون فى هذه المناطق. جاء ذلك فى الوقت الذى صرح فيه مسئولان أمنيان تركيان بأن عدة آلاف من الجنود الأتراك عبروا الحدود الشمالية للعراق أمس لمطاردة المتمردين الأكراد الذين ينشطون إنطلاقاً من قواعد هناك ونفت الحكومتان التركية والعراقية والبيت الأبيض وقوع مثل هذه العملية، وأشار المسئولان أن العملية العسكرية التركية كانت محدودة النطاق وأنها لا تعتبر هجوماً كبيراً عبر الحدود العراقية مثل الذى كان يناقشه القادة الأتراك خلال الأسابيع القليلة الماضية . وفى هذه السياق نفى عبد الله جول وزير الخارجية التركى دخول قوات بلاده شمال العراق فى عملية عبر الحدود لملاحقة المتمردين الأكراد، مُشيراً إلى أنه ليس هناك أى توغل فى دولة أخرى فى الوقت الراهن .. إلا أنه أكد على حق بلاده فى التحرك ضد الميليشيات الكردية فى شمال العراق. ومن جانبه ذكر جوردون جوندروى المتحدث باسم البيت الأبيض أن المسئولين الأمريكيين أكدوا عدم وجود أى أنشطة عسكرية جديدة فى شمال العراق، وفى الوقت نفسه أكد " هوشيار زيبارى " وزير الخارجية العراقى أنه لا توجد أدلة على دخول القوات التركية فى شمال العراق لشن عملية عسكرية ضد المتمردين الأكراد الذى يختبئون فى المرتفعات، مُضيفاً أنه تم التحقق من الأوضاع على طول الحدود ولم يتم اكتشاف أى اختراق للحدود أو عملية عسكرية . وقد رأت بعض الدوائر فى حزب العمال الكردستانى أنه جرى زرع هذه التقارير لاختبار رد فعل الرأى العام على أى تحرك مماثل، كما أنها بالون اختبار من الجيش التركى لتهدئة الرأى العام التركى الذى يتوقع تحركاً ضد حزب العمال الكردستانى، ولاختبار رد فعل الولاياتالمتحدة والعراق والأحزاب الكردية وحزب العمال الكردستانى، ويتعين دعوة البرلمان التركى الذى بدأ عطلة قبل الانتخابات العامة فى يوليو القادم للانعقاد للموافقة على أى عملية كبرى موسعة فى العراق . وقد أثارت هذه التقارير مخاوف لدى المستثمرين الأجانب الذين يخشون أن يضر أى تحرك عسكرى تركى باقتصاد البلاد المزدهر، وعلاقة تركيا عضو حلف شمال الأطلسى بحليفتها واشنطن، وقد تراجعت الليرة التركية أمام الدولار بعد إذاعة هذه التقارير الخاصة بالتوغل التركى شمال العراق.
ورغم الجدل حول دخول القوات التركية شمال العراق وقيامها بعمليات عسكرية محدودة ضد المتمردين الأكراد .. إلا أن المؤكد أن القيادة العسكرية التركية قد اتخذت بالفعل قرار غزو شمال العراق، وتنتظر قراراً سياسياً يعكس رغبة أنقرة فى تحجيم القيادة الكردية فى شمال العراق، وهو ما عكسته التصريحات النارية السابقة لرئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان الذى اتهم مسعود برزانى رئيس الإدارة الكردية فى شمال العراق بتخطى الحدود، ونصح أكراد العراق بألا يتفوهوا بكلام لا يستطيعون تحمل عواقبه وأن يدركوا حجمهم لأنه قد يسحقون جراء هذا الكلام . تركيا من جانبها لا تعتبر تدخلها فى شمال العراق تدخلاً فى الشئون الداخلية لدولة مجاورة، لأن أنقرة ترفض مجرد مناقشة فكرة تقسيم العراق ،وإقامة كيان كردى مستقل فى شماله لأن ذلك يعنى إيقاظ حلم الدولة لدى أكراد جنوب شرق تركيا مما سيثير طموحات بقية أكراد المنطقة لإقامة دولة كردستان المترامية التى تضم مناطق شاسعة فى العراق وإيران وتركيا وسوريا . ويرى المراقبون أن المنطقة الحدودية بين شمال العراق وجنوب تركيا مرشحة للمزيد من التصعيد والسخونة على نار التهديدات المتبادلة بين أنقرة والإدارة الكردية فيما يُعرف بكردستان العراق، كما أنها معرضة لنزاع إقليمى مسلح هذا الصيف، فالتراشق بين مسعود برزانى وأنقرة أظهر ما تخفيه الصدور وباتت المواجهة مباشرة وصريحة بعد أن اصطدمت أحلام الاستقلال الكردية بمخاوف الأمن القومى لدى تركيا . 7/6/07