الفريق أول محمد زكى: قادرون على مجابهة أى تحديات تفرض علينا    بعد تثبيت الفائدة.. أول تعليق من البنك المركزي عن الأسعار في مصر    مدبولى: توجيهات رئاسية بسرعة الانتهاء من الأعمال لافتتاح المشروع قريباً    البورصات الأوروبية تغلق على ارتفاع.. وأسهم التكنولوجيا تصعد 1%    توقع عقد تشغيل مصنع تدوير ومعالجة المخلفات بالمحلة    "مانشيت" فى جولة بالقطار الكهربائى وأتوبيس وتاكسى العاصمة الإدارية    بعد قرار كولومبيا.. مرصد الأزهر يدعو دول العالم الحر للاستماع إلى صوت العقل    واشنطن تدعو الصين «بقوّة» إلى ضبط النفس في ظل المناورات حول تايوان    مسلسل إسرائيلي يثير الجدل والتساؤلات حول مقتل الرئيس الإيراني    روسيا تقر مرسوما يتيح مصادرة الأصول الأميركية    تعادل إيجابي بين الزمالك ومودرن فيوتشر في الشوط الأول    روديجر: نريد إنهاء الموسم على القمة.. وركلة السيتي اللحظة الأفضل لي    ضربة أمنية لمافيا الكيف| ضبط نصف طن كوكايين داخل حاوية بميناء بورسعيد    حماية «الخيالة» من تعاطى المخدرات    السيسى ومجلس أمناء مكتبة الإسكندرية    انفجار مسيرتين مفخختين قرب كريات شمونة فى الجليل الأعلى شمال إسرائيل    «الصحة»: استراتيجية للصحة النفسية للأطفال والمراهقين وتطبيقها في مصر    رئيس الوزراء يناقش سبل دعم وتطوير خدمات الصحفيين    الكشف رسميًا عن كيا EV3 رباعية الدفع الكهربائية الجديدة.. صور    ضبط المتهمين في واقعة ال«تعذيب لكلب» في منطقة عابدين    ما هو منتج كرة القدم الصحفى؟!    تحذير للأهلي .. ما هو الوقت المفضل للاعبي الترجي بتسجيل الأهداف؟    تقارير: محرز يرفض الانضمام لمنتخب الجزائر.. واتجاه لاستبعاده نهائيا    الكرملين: الأسلحة الغربية لن تغير مجرى العملية العسكرية الخاصة ولن تحول دون تحقيق أهدافها    الحوثيون: استهدفنا 119 سفينة إسرائيلية وأمريكية وبريطانية منذ نوفمبر    متى وكم؟ فضول المصريين يتصاعد لمعرفة موعد إجازة عيد الأضحى 2024 وعدد الأيام    شباب المصريين بالخارج: قضية الهجرة غير الشرعية حظيت باهتمام غير مسبوق من السيسي    خاص.. الأهلي يدعو أسرة علي معلول لحضور نهائي دوري أبطال إفريقيا    في ذكرى رحيله...ومضات في حياة إبسن أبو المسرح الحديث    هكذا علق مصطفى خاطر بعد عرض الحلقة الأخيرة من مسلسل "البيت بيتي 2"    بالفيديو.. خالد الجندي: عقد مؤتمر عن السنة يُفوت الفرصة على المزايدين    المنشاوي يستعرض تقريراً حول إنجازات جامعة أسيوط البحثية ونشاطها الدولي    بعد تصدرها التريند.. كل ما تريد معرفته عن فيلم "روكي الغلابة"    أجمل عبارات تهنئة عيد الأضحى 2024 قصيرة وأروع الرسائل للاصدقاء    أحمد الفيشاوي في مرمى الانتقادات من جديد.. ماذا فعل في عرض «بنقدر ظروفك»؟    بمناسبة أعياد ميلاد مواليد برج الجوزاء.. 6 أفكار لهداياهم المفضلة (تعرف عليها)    وزير الري: نبذل جهودا كبيرة لخدمة ودعم الدول الإفريقية    من الجمعة للثلاثاء | برنامج جديد للإعلامي إبراهيم فايق    وزارة الصحة تؤكد: المرأة الحامل أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرى    محافظ كفر الشيخ يتفقد السوق الدائم بغرب العاصمة    ما حكم سقوط الشعر خلال تمشيطه أثناء الحج؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    هل هي مراوغة جديدة؟!    رئيس الوزراء يتابع موقف تنفيذ المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل    آخر موعد لتلقي طلبات وظائف الكهرباء 2024    الأزهر للفتوى يوضح فضل حج بيت الله الحرام    ننشر حيثيات تغريم شيرين عبد الوهاب 5 آلاف جنيه بتهمة سب المنتج محمد الشاعر    رئيس وزراء أيرلندا: أوروبا تقف على الجانب الخطأ لاخفاقها فى وقف إراقة الدماء بغزة    تعاون بين الجايكا اليابانية وجهاز تنمية المشروعات لتطوير المشروعات الصناعية فى مصر    الكشف على 1021 حالة مجانًا في قافلة طبية بنجع حمادي    أخبار مصر.. التعليم نافية تسريب امتحان دراسات إعدادية الجيزة: جروبات الغش تبتز الطلاب    تاج الدين: مصر لديها مراكز لتجميع البلازما بمواصفات عالمية    المراكز التكنولوجية بالشرقية تستقبل 9215 طلب تصالح على مخالفات البناء    أمين الفتوى يوضح ما يجب فعله يوم عيد الأضحى    «مش عيب والله يا كابتن».. شوبير يوجه رسالة لحسام حسن بشأن محمد صلاح    تعليم القاهرة تعلن تفاصيل التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الأبتدائي للعام الدراسي المقبل    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين يجنوب سيناء طبقا للمعايير القومية المعترف بها دوليا    الداخلية تضبط 484 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1356 رخصة خلال 24 ساعة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الارتداد عن الدين وراءه البحث عن المصالح الدنيوية!
نشر في أخبار مصر يوم 08 - 05 - 2007


نقلا عن : مجلة اكتوبر07/05/07
الحكم الأخير الذى أصدره مجلس الدولة برفض تعديل ديانة 45 شخصًا فى بطاقة الرقم القومى تركوا المسيحية إلى الإسلام ثم رجعوا إلى المسيحية مرة أخرى أثار جدلاً واسعًا فى الأوساط الدينية والقانونية.. وبعيدًا عن الحكم القضائى لأنه لا يجوز التعليق عليه.. فإننا طرحنا قضية (تبديل الديانة والتلاعب بالأديان) على علماء الإسلام وخبراء القانون.. لمعرفة الأسس والقواعد التى تحكم عملية اعتناق الإنسان للإسلام وهل يجوز له شرعًا أن يترك الإسلام ويعتنق دينًا آخر؟ وما موقف الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الأساسى للتشريع فى الدستور من هذه القضية؟ وما رأى خبراء القانون الدستورى فى ذلك؟!
نبدأ برأى علماء الدين حيث أكدوا أن أى مسلم يخرج عن دينه صراحة أو ضمنًا أو أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة فإنه يعد فى نظر الشريعة الإسلامية قد خرج عن الإسلام ويوصف بأنه مرتد سواء انتسب إلى دين آخر أو أصبح بلا دين.
وأضاف بأن المسلم الذى قال أشهد أن لا إله إلا الله وخرج عن هذا الاعتقاد هو غير مسلم ويوصف فى الشريعة الإسلامية بأنه مرتد وأشار إلى أن مجلس الدولة طبق القاعدة العامة طبقًا للشريعة الإسلامية.
وأوضح أن الشريعة الإسلامية لا تعترف بالردة عن الإسلام وتطالب المرتد بالتوبة وأن يستتاب ليعود إلى الدين ويمهل لمدة ثلاثة أيام فإن عاد فلا عقاب عليه وإن لم يعد للإسلام فإن آراء العلماء قد اختلفت عن ذلك حيث يرى بعضهم أن المرتد يقتل ويرى البعض الآخر وهو رأى ضعيف أن يوقع به الحاكم عقوبة تتناسب مع فعله لا تصل إلى حد القتل.
خطر الردة
ويقول د. عبد المعطى بيومى عضو مجمع البحوث الإسلامية تجب معرفة خطر هذه الردة وتأثيرها على الأمن القومى والنظام العام وهل سيثير المرتد فتنة أم لا وبقدر الخطورة على هذه القاعدة يتوقف الحكم الشرعى لأن الحكم على المرتد فرع من السياسة الشرعية خاصة إذا كانوا جماعة لا يستطيع الحكم فيها إلا بعد إجراء التحقيق معهم وأضاف بأنه يرى أنه إذا ارتد فرد من الأفراد بينه وبين نفسه فلا عقوبة عليه لأن ذلك بينه وبين الله.
والإسلام ليس بحاجة إلى مثل هذا المرتد كما أنه لا يثير هجومًا على الإسلام وحساب هذا المرتد عند الله لأننا لسنا مكلفين بالشق عن القلوب أما إذا أعلن ردته على الملأ فإن أمره متروك لولى الأمر وهو القضاء فإذا كانت ردته لا تمثل خطورة على النظام العام فلم يفارق الجماعة ولم يهدد نظامها فلابد من إجراء حوار معه لنرى ما فى عقله من شبهات فيما تسمى بالاستتابة ويمكن أن تمتد الاستتابة إذا لم تكن هناك خطورة على عامة الناس.
أما إذا كانت ردة جماعية لمجموعة كانت مسلمة ثم أعلنت ردتها جماعيًا أيضًا وهى تمثل خطرًا وتثير فتنًا أو تتحالف مع تنظيم داخل البلاد أو خارجه ويعمل على إثارة الفتنة فلابد من عرضه على القضاء ليطبق فيه الحكم الشرعى حسب الخطورة.
فتنة طائفية
ويقول الشيخ منصور الرفاعى وكيل وزارة الأوقاف الأسبق: هذه الردة تلاعب بالأديان وهؤلاء الذين قاموا بها لا ضمير عندهم ولا يوجد لديهم ثقافة ولا وعى ولا إدراك ومثل هؤلاء الأشخاص إذا تلاعبوا بالدين وسكتت الديانات الإسلامية والمسيحية عنهم. فمعنى ذلك أن هذه الجهة راضية بما يفعله هؤلاء وهذا للأسف يثير فتنة طائفية فى المجتمع ويشعل نار العداوة فى القلوب ويدفع بفريق من أتباع الدين الذى سيتركه ليذهبوا إلى الدين الثانى ويعلنوا انتماءهم إليه وبعد أيام يعلنون العودة بحجة أن هذا الدين فيه اضطراب أو خلخلة وهكذا يكون التلاعب بالدين وهذا يضر بأمن المجتمع.
وأضاف الشيخ منصور الرفاعى أنه يوجد فى القرآن آية تدل على ذلك عندما ظهر فريق فى المجتمع وكانوا يؤمنون فى أول النهار ويكفرون فى آخره وكان غرضهم من ذلك أن يلبسوا الحق بالباطل ليضلوا الناس ويشككوا فى العقائد وقد أنزل الله فى القرآن آية رقم 72 من سورة آل عمران، قال تعالى: (وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذى أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون) ومثل هؤلاء يجب الضرب على أيديهم بشدة ليرتدعوا وينزجر غيرهم لأن أى دين ليس فوضى بل لابد من وضع القواعد الاجتماعية وفى نفس الوقت إنزال العقوبة الزاجرة لمن يتلاعب بالدين.
لا إكراه فى الإسلام
ويقول الدكتور عبد المهدى عبد القادر – أستاذ الحديث – بجامعة الأزهر: إن الإسلام لا يكره أحدًا على الدخول فيه، ولا يعمل على ذلك، وكل ما يريده أن تتوافر الحرية الدينية للناس حتى يعرفوا الإسلام على حقيقته، ولم تسجل السيرة ولا التاريخ أن المسلمين أكرهوا أحدا على الإسلام، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكره أحدًا على الإسلام، وإنما كما قال الله: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون).
وأوضح أن الرسول صلى الله عليه وسلم عامل اليهود فى المدينة معاملة فى قمة السمو، وما حاربهم إلا حينما أعلنوا الحرب عليه، وكذلك لم يكره أحدًا من المنافقين على الإسلام، وكانوا فى مدينته، وكان يعلم حالهم، فإنه لا إكراه لأحد على الإسلام، ونصوص الإسلام تفيد ذلك، والتاريخ على طوله، يشهد بذلك، وذلك الحديث الذى تدندن به حفنة من المثقفين وهو حديث (من بدل دينه فاقتلوه) هذا فيما من هو مسلم إذا ارتد أى ترك دين الإسلام، وهذا له حالان: الأول، من ترك الإسلام فى قلبه ولم يصدق ذلك السلوك والعمل، فمثل هذا لا عقوبة له فى الإسلام.
وأكد أن الحال الثانى للردة يتحقق إذا أعلن مسلم كفره، فهذا خروج عن الجماعة، ويكون ذلك بأن يصرح بكفره فقط كأن ينكر معلومًا من الدين بالضرورة، ومثل هذا يستتاب بمعنى أن الإمام يطلب منه أن يتوب، ويعرض عليه حقائق الإسلام بكل وضوح فإن تاب قبلت توبته ولا شىء عليه، وإذا لم يتب فإنه تكرر استتابته، ومدة الاستتابة حددها بعض الأئمة وأطلقها آخرون.
وأضاف: أما إذا ارتد المسلم وأصبح عدوًا للإسلام، ويحارب المسلمين أو يؤذيهم أو يسب الإسلام أو ينتقصه، أو يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومجمله أن يصبح خارجًا عن الأمة خطرًا عليه، ومثل هذا يقتل، ويدل على ذلك حديث رسول صلى الله عليه وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه).
تلاعب بالأديان!
وعن رأى خبراء القانون فى رفض تبديل ديانة مواطن اعتنق الإسلام وترك المسيحية ثم أراد أن يعود إلى المسيحية مرة أخرى، فيقول د. محمد الميرغنى أستاذ القانون الدستورى بجامعة عين شمس: لا يجوز التعليق على الأحكام القضائية ما دامت هناك مراحل قانونية أخرى لمناقشة آثارها، فهذا الحكم يمكن مناقشته فى ساحة المحكمة الإدارية العليا فقط، وذلك بالتقدم بالطعن عليه، وعلى هيئة المحكمة الموقرة أن تنظر هذا الطعن إذا توافرت فيه الشروط الشكلية والموضوعية، فيكون النقاش قانونيا موضوعيا، وبعد ذلك يكون الحكم النهائى غير قابل للطعن بعد ذلك، وبالفعل هذا ما حدث بإزاء الحكم الذى صدر عن محكمة القضاء الإدارى مؤخرًا الذى يقضى بعدم أحقية من أسلموا من المسيحيين بتغيير البيانات الخاصة بالديانة فى الأوراق الرسمية فى حال عودتهم إلى المسيحية مرة أخرى، ذلك الحكم الذى تم الطعن فيه أمام الإدارية العليا.
وأضاف أنه بعيدًا عن الحكم ينبغى التعامل مع هذه المسألة من منطلق أن حرية العبادة أمر كفله الدستور والقانون، ولكن فى الوقت نفسه الحريات دائمًا يكون عليها قيود لابد أن تكون المحاكمة فى حال ممارسة هذه الحريات لتحقيق غاياتها، التى أعطيت من أجلها، فكل إنسان حر فى الاعتقاد والإيمان، ولكن لا يعنى ذلك أن يترك بلا قيود يتلاعب بالأديان.
ويقول د. الميرغنى: من وجهة نظرى أن الحاصل الآن أن هناك بعض الأشخاص يتلاعبون بالأديان رغبة فى حصد المكاسب الدنيوية، كأن يكون الشخص يعانى من مشاكل اجتماعية فيغير ديانته إلى الدين الذى يخدمه، وبعد مرور الوقت يجد نفسه منبوذًا من أهله وذويه فيسارع إلى العودة مرة أخرى إلى الديانة التى كان عليها مرة أخرى، وترك الأمر بلا قيود فيه مخاطرة كثيرة، خاصة أنه لكل دين سماوى قواعد تحدد السلوكيات الداخلية فيه العلاقة بالأديان الأخرى، فالإسلام لا يُكره أحدا على الدخول فيه، لكنه يمنعه من العودة مرة أخرى.
وأشار إلى أنه من الضرورى أن يفهم الجميع أصول وثوابت الديانات التى يعتنقونها حتى لا يجدون أنفسهم بعد ذلك كمن دخل محبسا ولا يعرف كيفية الخلاص منه لجهل منه أو استهتار، فالعيب هنا ليس فى الإسلام أو المسيحية بل العيب فى هؤلاء المستهترين الذين جعلوا أديان الله تعالى وسيلة للتربح الدنيوى، وهذا أمر لا تقره الشرائع السماوية، وبالتالى الوقوف فى وجه هذا التلاعب ضرورة لابد منها.
ويقول المستشار حسن منصور – نائب رئيس محكمة النقض -: ولكل دين من الأديان السماوية أحكام خاصة به والدين الإسلامى قائم فى أساسه على حرية الاعتقاد والدخول فيه دون إكراه مع احترامه الكامل لكل الأديان السماوية الأخرى إلا أن أصول أحكامه التى ارتضاها كل من دخل فيه تقضى بضرورة عدم الخروج منه مرة أخرى ومن ثم إذا كانت حرية الدخول فى الدين الإسلامى مكفولة فإن حرية الخروج منه ليست مكفولة وتمثل تلاعبًا سواء كان بالدين الإسلامى أو المسيحى وبالتالى فالأمر واضح ولا يحتاج إلى تفسير فالمسيحى الذى اعتنق الإسلام عن قناعة وبعد تفكير عميق وطويل وعقب إجراءات قام بتنفيذها كالذهاب إلى مشيخة الأزهر مثلاً وجلوسه مع أحد كبار العلماء الذى حدثه بدوره عن الإسلام وسلوكه وقواعده وثوابته وبلا شك تم إخباره بأن عودته إلى المسيحية بعد الإسلام أمر محال لأنه يخالف الشريعة الإسلامية ثم سؤاله عن قناعته بعد ذلك كله، فإن كانت قناعته صامدة قوية يتم المضى فى إجراءات إشهار الإسلام.
وأشار إلى أن دخول المسيحى أو غيره إلى الإسلام بلا إكراه يعد عقدًا بين هذا الشخص والمسئول الذى أشهر له إسلامه ومخالفة أى الطرفين لشروط التعاقد مخالفة كبيرة تستوجب العقاب وبالتالى عندما اعتنق المسيحى الإسلام ارتضى بكل القواعد والأسس التى وضعتها الشريعة الإسلامية ومن هذه الأسس عدم السماح بالعودة مرة أخرى للديانة التى كان عليها قبل الإسلام وبالتالى فحكم المحكمة سليم فى كل ما جاء به وقوى فيما استند عليه من أسانيد وبذلك لا يحق للمسيحى الذى اعتنق الإسلام ومارس حياته كمسلم أن يعود إلى المسيحية ويلزم وزارة الداخلية بتغيير بيانات بطاقته الخاصة بالدين لما فى ذلك من مخالفة شرعية ومن ثم قانونية.
واتفق المستشار حسن منصور مع حكم مجلس الدولة فى تعامله مع هذه الحالات باعتبارها تلاعبا بالدين لا يجوز بأى حال من الأحوال وذلك من شأنه إثارة البلبلة والمشكلات والفتنة فى المجتمع، خاصة وأن عقل المسلم لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يعترف بأحقية تغيير الديانة لما فى ذلك من مخالفة شرعية جسيمة متفق عليها بين جمهور فقهاء الإسلام إلا أنه يتوقع أن يطعن على هذا الحكم فى المحكمة الإدارية العليا، تلك المحكمة المنوط الطعن أمامها فى نقض مثل هذه الأحكام وهذا حق قانونى تكفله القوانين والدساتير.
ويرى المستشار ياشر المتناوى – رئيس محكمة – أن القضاء الإدارى بإصدار هذا الحكم أغلق الباب نهائيًا أمام المتلاعبين بالدين الإسلامى حيث أكدت المحكمة فى حكمها أن المسيحى الذى يدخل الإسلام طواعية وبإرادة حرة ثم يعود إلى المسيحية يكون مرتدا وفقًا لأصول أحكام الشريعة الإسلامية وذكرت المحكمة فى نص الحكم أنه ما دام المسلمون لم يكرهوا أحدًا على الدخول فى الإسلام فإن الخروج من الدين الإسلامى والردة إلى الدين السابق يمثل تلاعبًا بالدين وهذا الأمر صدر بالمحكمة إلى رفض الدعوى المقدمة من 45 مسيحيا أسلموا بكامل إرادتهم وعادوا مرة أخرى إلى المسيحية يطالبون فيها بإلزام وزارة الداخلية بتغيير خانة الديانة فى البطاقة الشخصية وشهادة الميلاد ولم تلزم وزارة الداخلية بمنح المسيحى الذى اعتنق الإسلام بإرادة كاملة ما يفيد تغيير ديانتين فى حالة عودته للمسيحية ووصفت هذا الإجراء بأنه يمثل خروجًا على الدستور والنظام العام.
وأوضح المتناوى أن الدستور المصرى عندما كفل حرية الاعتقاد لم يقصد أبدًأ أن يجعل أمر التلاعب بالأديان ورقة بين الناس يلعبون بها لتحقيق المصالح الدنيوية بل كفل الدستور والقانون حرية الاعتقاد بما لا يتعارض والأسس المتعارف عليها فى كل الأديان الوضعية الثلاثة التى يعترف بها المشرع المصرى ولذلك عندما يشعر المسيحى بأنه يميل إلى الإسلام لا يعتنق هذا الدين إلا بعد إجراءات مطولة بعدها لا بد له أن يلتزم بقواعد هذا الدين وأسسه والتى على رأسها عدم الردة إلى أية ديانة أخرى.
وأضاف قائلاً: وبعيدًا عن الحكم القضائى الذى يعبر عن نزاهة القضاء المصرى لا بد أن يكون هناك حوار بين أصحاب مختلف الديانات لكى يكون هناك قدر من الثقافة المشتركة وليعرف أهل المسيحية مثلاً أن الإسلام لا يقبل أبدًأ أن يغير المسلم ديانته لما فى ذلك من مخالفة شرعية كبيرة وإن كان الإسلام فى ذات الوقت يعترف بحرية العبادة ولا يكره أحد على اعتناقه مهما كانت الأحوال والظروف، ولكن فى الوقت ذاته هناك فرق كبير بين الحرية الخاصة بالاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية وبين التلاعب فى الاعتقاد بالتغيير من ديانة إلى أخرى ثم العودة إلى الدين السابق.
الطعن عن الحكم
ويقول المستشار مرسى الشيخ - نائب رئيس محكمة النقض سابقًا والمحامى- هذا الحكم سوف يترتب عليه نقاشات وحوارات عديدة نظرًا لأنه يتعارض فى وجهة نظر البعض والدستور الذى يكفل حرية العبادة والاعتقاد ولأن محكمة القضاء الإدارى تختص بالقرارات الإدارية السلبية والإيجابية فى هذه الأمور المتعلقة بالأحوال الشخصية وباعتبار أنه لم يصدر قرار من الجهة الإدارية المختصة بقيد من أسلم من المسيحيين وأراد العودة إلى المسيحية مرة أخرى فهناك قرار سلبى بالامتناع عن قيد هؤلاء ومن ثم فإن منع قيد هؤلاء يعد بمثابة قرار سلبى لابد وأن تنظر فيه المحكمة الإدارية وذلك عند الطلب.
وأوضح أنه بالفعل عندما تقدم عدد من المسيحيين الذين أسلموا وعادوا إلى المسيحية إلى المحكمة لكى تلزم وزارة الداخلية بالاستجابة لطلبهم بتغيير الديانة فى البطاقة الشخصية وغير ذلك من الوثائق الرسمية قضت المحكمة برفض طلبهم وأقرت بعدم التزام وزارة الداخلية بتغيير بياناتهم ومن ثم جانب هذا الحكم الصواب لأن أمر إثبات البيانات فى الأوراق الرسمية حق مسلم به ولا خلاف عليه فالشخص الذى يذهب لاستخراج بطاقة رقم قوى يجب أن تسجل له البيانات التى تعبر عنه بدون شروط سواء كانت هذه البيانات متعلقة بالسن أو الوظيفة أو الديانة أو غير ذلك.
وشدد المستشار مرسى الشيخ على أنه لا شأن للمحاكم بالأديان والتلاعب بها فهل تعاقب المحاكم من يترك الصلاة مثلاً فالأمر يجب أن يترك كله لأنه حرية شخصية يجب ألا يتم التدخل فيها أو الرقابة عليها، فتغيير البيانات فى الأوراق الرسمية يجب ألا تتم بناء على أحكام قضائية فذهابى إلى السجل المدنى لتغيير وظيفتى من قاض إلى مستشار لا يختلف أبدًا عن ذهابى لتغيير الديانة من مسلم إلى مسيحى فالأمر بالنسبة للمحاكم سيان لأن القانون يجب أن يكون مجردا فى كل قواعده ولذلك فإن هذا الحكم سوف يتم الطعن عليه فى المحكمة الإدارية العليا وغالبًا سوف يلاقى هذا الطعن قبولاً لما ينطوى عليه هذا الحكم من غموض يحتاج إلى إعادة النظر فيه مرة أخرى.
ورفضت د. جورجيت قلينى – عضو اللجنة التشريعية بمجلس الشعب – بدورها التعليق على الحكم القضائى الصادر عن المحكمة الإدارية نظرًا لأنه حكم مطعون عليه بالبطلان وليس نهائيًا والتعليق عليه أمر ليس فى محله موضحة أن الدستور المصرى والقوانين الوضعية تكفل حرية العبادة والاعتقاد وهى ذلك لا تحده بحدود وبالتالى يجب أن يترك الأفراد أحرارًا فى اختيار دياناتهم بحسب ما يرونه مناسبًا لهم ويجب أن يسعى رجال الفكر من مختلف الطوائف لتأصيل هذه الحرية خاصة وأن أمر إكراه شخص بعينه على البقاء على ديانة هو لا يقتنع بها أمر غاية فى الخطورة لما يمكن أن يروج له هذا الشخص من أفكار تسىء فى الأساس إلى الدين الذى يعتنقه رغمًا عنه فيأتى فى كل تحركاته وسكناته رافضًا لهذا الدين ومرغمًا على البقاء فيه.
وأشارت د. جورجيت إلى أن حرية الاعتقاد تسمح للأشخاص بالانتقال من دين إلى آخر فلماذا تسمح القوانين والدساتير بانتقال المسيحى إلى الإسلام ولا تسمح بعودته إلى المسيحية من جديد؟ وبالتالى يبدو التمييز وعدم المساواة بدون تحديد الأديان التى تميز بل الجو العام يغلب عليه بعض المظاهر التى تدعو للحيرة فما هو متاح فى جانب تجده محظورا فى جانب آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.