وكم ذا بمصر من المضحكات/كما قال فيها أبو الطيبِ/تضيعُ الحقيقةُ ما بيننا / ويَصلى البريءُ مع المذنب/ويُهضَمُ فينا الإمام الحكيمُ /ويُكْرَم فينا الجهولُ الغَبِي// وهل قرأ شاعرنا حافظ إبراهيم عن وثائق ويكليكس فقال تلك الأبيات.ويا سادة يا كرام صلوا على خير الأنام و شاركوني همومي دقيقتين. في عام ألفين و واحد. كان هناك شاعر محدود الموهبة من أصاحب الحداثة بالزنجبيل, وكان يرأس تحرير مجلة أسبوعية صادرة عن مؤسسة الأهرام, ويكتب بمجلته صحفيون ومثقفون يمدحون من يطعمهم ويكسيهم ويسقيهم ويعطيهم,حتى فوجئت يوما بمن يخبرني أن ناقدا يسمى ( الخراط) قال عن ذلك الشاعر: إنه لو يفهم المصريون لشيدوا له تمثالا في أكبر الميادين, فهو أشعر من المتنبي. وما إن سمعت ذلك حتى تحسست قلبي واستعذت بربي من شر الغضب. وعرضت ذلك على الشاعر المرحوم عفيفي مطر، فأجابني بأن هؤلاء يرفعون بعضهم البعض ولا يستحون, وضرب لي مثالا آخر بمجمع اللغة العربية واختياراته لبعض أعضائه الجدد. وتذكرت فورا كيف أن رجلا بحجم الدكتور عبد الصبور شاهين إمام العربية في زمانه ليس عضوا في ذلك المجمع, بل كيف أن محمد عفيفي مطر نفسه ليس منتسبا لمجمع الخالدين, و لما سأل أحدهم الدكتور عبد الصبور شاهين: يا مولانا لماذا لست عضوا بالمجمع؟ أجاب :"يا بني إنهم يرونني لم أبلغ الحُلُم بعد". هكذا سارت الأمور بمصر,وهكذا ما زالت تسير؟ وفي رواية (الظاهر) لباولو كويلهو يحكي عن مصطلح أسماه "بنك المصالح" و يقول:" حدثني كاتب أمريكي عن بنك المصالح, وقال :في يوما ما ستكون صاحب تاثير, أعرف ذلك لأني كنت مثلك طموحا ...و أنا سأبدأ بوضع وديعة في حسابك ,ليست وديعة مادية بل فقط مجموعة من العلاقات.. سأكتب عنك وسأجعل آخرين شركاء لنا في البنك يكتبون عنك ويمدحونك , وبهذا ستصبح منتشرا ومؤثرا ولامعا,وأيضا مدينا للبنك,وفي وقت ما حينما تصبح ذا تأثير فاعل سأطلب منك أن ترد الدين بأن تكتب عن فلان أو فلان .إنها مجرد استثمار لشبكة علاقات لأشخاص سوف يواصلون النمو والتأثير والشهرة". صدقوني هذه مصر وحال الشهرة والإعلام والثقافة في مصر بالتمام والكمال. و لو وصلك كلامي كما قصدته فلن تستغرب إذن مما نشرته (المصريون) عن وثائق وكيليكس المسربة التي وردت بها أسماء لامعة ثبت بيعها ما قد يمس الأمن القومي مقابل حفنة دولارات, ومقابل عضويتهم ببنك المصالح فيما بينهم.إنهم يستكتبون بعضهم البعض في صحفهم القومية والمستقلة، ثم هم يستضيفون بعضهم البعض في برامجهم التلفزيونية,ثم يحاولون السيطرة على كل الصحف والبرامج.وبعدها يحاولون إحكام القبضة الحديدية على من يخالفهم..... فليسقط بنك المصالح. نقلا عن "المصريون"