يتوجه الناخبون فى كازاخستان اليوم 18/8 للإدلاء بأصواتهم فى انتخابات تشريعية تشكل اختباراً للديمقراطية فى هذه الجمهورية السوفيتية السابقة التى لم تشهد أى انتخابات حرة ونزيهة من قبل حسب تصريحات المراقبين الذين أشرفوا على الانتخابات السابقة ، وتأمل المعارضة من خلال هذه الانتخابات أن تخرق ما يشبه احتكار السلطة التى يمارسها الرئيس " نور سلطان نزار باييف" الذى يحكم البلاد منذ عام 1989 قبل إنهيار الاتحاد السوفيتى السابق، ويفترض أن ينتخب 8.8 ملايين ناخب بين سبعة أحزاب سياسية والأوفر حظاً فى هذه الانتخابات هو الحزب الحاكم الذى يرأسه الرئيس نور سلطان ، حيث يتوقع فوزه بغالبية المقاعد ال 98 فى مجلس النواب . وقد دعا الرئيس سلطان إلى هذه الانتخابات قبل عامين من موعدها المقرر بعد إصلاح دستورى يفترض أن يعزز فرص المعارضة، وقد رفع عدد النواب من 75 إلى 107 بينهم 98 سيتم انتخابهم اليوم وفق النظام النسبى وليس حسب نظام الأغلبية كما كان مُطبقاً ويفترض أن يحصل أى حزب على 7% من أصوات الناخبين على الأقل ليمثل فى البرلمان ويتوقع أن ينال حزبان من المعارضة " الحزب الاشتراكى الديمقراطى المستقل " و " أك جول " على النسبة اللازمة لدخول مجلس النواب . والأحزاب المشاركة فى هذه الانتخابات هى (الحزب الديمقراطى الشعبى) " نور أوطان " برئاسة الرئيس نور سلطان و(الحزب القومى العام الاشتراكى الديمقراطى) و(حزب المواطنة) فى كازاخستان و(حزب روحانيات) و(الحزب الاشتراكى الديمقراطى الكازاخى) و(الحزب الشيوعى الوطنى لكازاخستان) و(حزب كازاخستان الديمقراطى) " أك جول " ، وستتنافس هذه الأحزاب على 98 مقعداً فى البرلمان " المجلس" الذى يبلغ عدد مقاعده 107 مقعداً حيث يتم انتخاب المرشحين التسعة الباقين من (مجلس شعوب كازاخستان) الذى يضم أكثر من مائة قومية تشكل الشعب الكازاخستانى كله. ويشكل هذا الاقتراع اختباراً لكازاخستان التى تأمل فى تولى رئاسة (منظمة الأمن والتعاون) فى أوروبا عام 2009، وقد أرسلت هذه المنظمة 400 مراقب إلى هذه الانتخابات وأشار كلاس برجمان المتحدث باسم المنظمة أن هذه الانتخابات ستثبت مدى الإلتزام بالديمقراطية فى كازاخستان . إن فوز الحزب الحاكم " نور أوطان" بقيادة الرئيس نور سلطان لم يعد موضع شك، حيث أنه أعلن شخصياً تأكده من النجاح فى مواجهة ستة أحزاب أخرى بينها اربعة أحزاب تدعم النظام والعنصر الوحيد غير المعروف فى هذه الانتخابات هو النسبة التى ستحصل عليها المعارضة التى يمثلها من جهة الحزب الاشتراكى الديمقراطى المعارض للسلطة، ومن جهة أخرى حزب " أك جول " الأكثر اعتدالاً، واعتبر المراقبون أن هناك بعض الأسباب التى تبعث على الأمل بأن تكون هذه الانتخابات أفضل من الانتخابات السابقة فى عام 2004، حيث لم تتمكن المعارضة من الفوز سوى بمقعد واحد فى المجلس النيابى واعتبرت منظمة الأمن والتعاون فى أوروبا آنذاك أن التصويت لم يكن حراً ولا شفافاً على غرار كل عمليات الاقتراع التى جرت فى كازاخستان منذ استقلالها عام 1991، إلا أن البعض يرى أن الأمل بإحراز تقدم ديمقراطى لا يزال قائماً بعدما دعا نور سلطان إلى هذه الانتخابات التشريعية قبل أكثر من سنتين على موعدها إثر إصلاح دستورى هدفه زيادة فرض المعارضة فى الفوز . وكانت المعارضة الكازاخستانية قد نددت بهذا الإصلاح الدستورى والتى سمته " بالتجميلى" وهددت بمقاطعة مجلس النواب إذا ثبت حصول عمليات تزوير كثيفة، وندد الحزب الاشتراكى الديمقراطى أيضاً بالتغطية الإعلامية للحملة الانتخابية التى تشجع على حد رأيه حزب نور سلطان، وأشار محللون أن حدوث تزوير فى الانتخابات يمكن أن يكلف كازاخستان غالياً على الساحة الدولية لاسيما وأنها تأمل فى تولى رئاسة منظمة الأمن والتعاون فى أوروبا لعام 2009 وهى المنظمة المكلفة بالمراقبة على احترام المعايير الديمقراطية من قبل الدول الأعضاء فيها .. وقد قدمت الدول الغربية باستثناء الولاياتالمتحدة وبريطانيا دعمها لكازاخستان وطالب السفير الفرنسى فى كازاخستان " الآن كوانو" بأن تكون هذه الانتخابات نموذجاً للديمقراطية وأن تكون الدولة التى تتولى رئاسة منظمة الأمن والتعاون فى أوروبا قدوة حسب قوله . ويتوقع المراقبون فوز " حزب أوطان " بقيادة الرئيس الحالى نور سلطان بأكثر من 80% فى هذه الانتخابات البرلمانية والأولى التى تجرى بقوائم حزبية، وأشار نائب رئيس الحزب " باخيت جان زهو ماجولوف " أن الحزب سيعمل على تكوين جبهة حزبية قوية فى البرلمان بعد الانتخابات من أجل تعديل وتحديث القوانين وإجراء الإصلاحات الدستورية اللازمة، مُشيراً أن الحزب سيسعى لملئ كل مؤسسات السلطة من المديريات ورئاسة الأقاليم إلى المناصب الوزارية بهدف خدمة الشعب ومصالحه . وفى إشارة على ثقة الحزب والرئاسة بالفوز تتزامن الانتخابات مع وصول الرئيس الصينى " هوجين تاو" إلى " استانا " فى زيارة رسمية تستمر يومين لعقد قمة صينية كازاخستانية فى إطار جولة شملت روسيا وقيرغيزيا التى استضافت قمة منظمة شنغهاى الأسبوع الماضى . كما يرى المراقبون أن الحزب الديمقراطى الشعبى الحاكم " نور أوطان" والذى يتمتع بفرص أكبر من الأحزاب الأخرى للفوز بأكبر عدد المقاعد يتمتع بقاعدة عريضة وكبيرة وبتمويل قوى ونجح فى تحقيق طفرة اقتصادية فى البلاد إلى جانب استقرار كازاخستان التى تعد أكثر الدول استقراراً فى آسيا الوسطى . وتعد كازاخستان ثانى أكبر جمهوريات الاتحاد السوفيتى السابق وتقع فى آسيا الوسطى وعاصمتها الجديدة (مدينة استانا) ، ودخل الاسلام كازاخستان فى الفترة بين القرنين الثامن والتاسع ، وفى عام 1992 انضمت كازاخستان عضوا فى الاممالمتحدة وفى منظمة الأمن والتعاون الأوروبى وانتخب نزار باييف رئيسا للبلاد من غير منازع فى الانتخابات التشريعية التى جرت فى 1994 وحقق حزبه نصرا كاسحا فى استفتاء 1995 ،وتمت الموافقة على مد فترة رئاسة باييف الى عام 2000 ثم أعيد انتخابه رئيسا للبلاد لمدة 7 سنوات أخرى وفى العام الجارى أقر الشعب دستورا جديدا يأخذ بنظام التعددية الحزبية. وتولى كازاخستان أهمية كبيرة لمجلس شعوب كازاخستان الذى يهدف إلى دعم التوافق بين القوميات المختلفة بها حيث يبلغ عدد الكازاخ 40% من عدد السكان الذى يبلغ حوالى 16 مليون نسمة، وتفوقهم نسبة الروس والألمان كما توجد عرقيات أخرى مثل الكوريين والسلوفاك والشيشان والأنجوش والأذربيجانيين والأوكران واليهود والبولنديين والأوزبك والتركمان والطاجيك والأكراد وغيرهم، وكازاخستان التى تملك أعلى احتياطى نفطى فى منطقة بحر قزوين كانت موضع اهتمام منذ فترة طويلة من قبل أوروبا والولاياتالمتحدة اللتين تعتبرها نقطة استراتيجية للتصدى للنفوذ الروسى وبديلاً عن مصادر الطاقة فى الشرق الأوسط، لكن المحللين يقولون إن القيادة الكازاخستانية مقربة إلى حد كبير من الدول المجاورة لها روسيا والصين والتى يقوم رئيسها " هوجنتاو " اليوم بزيارة كازاخستان . 18/8/2007