تراجع الجنيه المصري أمام الدولار الثلاثاء الى ادنى مستوى منذ يناير/ كانون الثاني 2005، ويرى خبراء ان الاضطرابات في مصر قد تعجل بحدوث أزمة عملة. ويرى محللون ان العنف والاضطرابات تهدد بانزلاق البلاد الى تراجع حاد في قيمة الجنيه المصري في الاشهر القليلة المقبلة ويدفع البلاد الى فرض قيود على رؤوس الاموال. وحتى قبل الاشتباكات التي اندلعت هذا الشهر بين قوات الامن والمتظاهرين والتي سقط فيها 36 قتيلا على الاقل منذ السبت كانت مصر تتجه الى اضطرابات نقدية فالبنك المركزي يجاهد للحفاظ على استقرار الجنيه باستخدام احتياطياته من النقد الاجنبي التي تتراجع بحدة. ومن المرجح أن تزيد هذه الاضطرابات -التي تثير الشكوك بشأن قدرة مصر على ادارة الانتخابات البرلمانية المقررة الاسبوع المقبل بسلاسة- من الضغوط على الاحتياطيات وقد تقرب البلاد من أزمة شاملة في الاشهر القليلة المقبلة بدلا من أواخر عام 2012 وهو الموعد الذي تنبأ بعض المحللين من قبل بأن يشهد ذروة الازمة المتوقعة. وقال فاروق سوسة كبير الاقتصاديين المختصين بالشرق الاوسط في سيتي جروب "حتى قبل هذه الاحداث كنا قلقين للغاية بشأن ميزان المدفوعات وتبدد الاحتياطيات". وأضاف ان العنف والضجيج السياسي سيبدد أي ثقة متبقية في الاقتصاد المصري وقد يؤدي في ظل الاوضاع الراهنة لتسارع خروج رؤوس الاموال. وهبطت احتياطيات مصر الصافية بالعملة الاجنبية من نحو 36 مليار دولار في بداية 2011 الى 22.1 مليار في أكتوبر تشرين الاول اذ أثار العنف وعدم التيقن السياسي اللذين صاحبا الاطاحة بالرئيس حسني مبارك موجة خروج جماعي للمستثمرين الاجانب والسياح. وتراجعت الاحتياطيات 1.93 مليار دولار الشهر الماضي وهو أكبر تراجع منذ أبريل نيسان وفقا لبيانات البنك المركزي. وتمكن البنك المركزي حتى الان عن طريق امداد السوق بالعملة الاجنبية من الحفاظ على القوة الشرائية للجنيه والحد من الضغوط التضخمية في مواجهة فرار رؤوس الاموال. وأبقى البنك المركزي الجنيه مستقرا بشكل ملحوظ في نطاق بين 5.97 و5.99 جنيه للدولار منذ الاطاحة بمبارك لكن الضغوط على الجنيه تتزايد بوضوح وسط تكهنات في السوق بشأن متى ستنفد أموال البنك المركزي التي يستخدمها لمواصلة دفاعه. ويرى رضا أغا الاقتصادي المختص بالشرق الاوسط وشمال افريقيا في بنك ار.بي.اس أن الاحتياطيات كافية لتغطية الواردات المصرية لمدة أربعة أشهر ونصف الشهر لكن الاحتياطيات السائلة -وهي العملات والودائع والاوراق المالية التي يمكن تعبئتها بسرعة لحماية الجنيه- تبلغ نحو 16.1 مليار دولار أي ما يغطي الواردات لمدة 3.2 شهر وفقا لحساباته. وكتب أغا في تقرير الاسبوع الماضي يقول ان الاحتياطيات المصرية لم تصل بعد الى المستويات المفزعة لكنها معرضة بشدة لخطر خروج رؤوس الاموال. ويرى بعض المتعاملين أن السوق قد تشهد حالة فزع -اذ أن التوقعات بانخفاض قيمة العملة تدفع رؤوس الاموال للخروج بما يفوق تحمل البنك المركزي- اذا وصلت الاحتياطيات السائلة الى ما دون تغطية الواردات لمدة شهرين. واذا تسببت الاضطرابات في تسارع تراجع الاحتياطيات عن معدله في أكتوبر نظرا لان الاضطرابات تؤثر سلبا على ايرادات السياحة وتدفع المستثمرين الاجانب لبيع ما تبقى بحوزتهم من أذون الخزانة المصرية فمن المحتمل أن تحدث الازمة بعد ثلاثة اشهر أو نحو ذلك.