تعد السينما فى "نيجيريا " و التى يطلق عليها اسم " نوليوود Nollywood"، الآن هى ثاني أكبر منتج للأفلام السينمائية في العالم ، حيث تنتج نحو 2000 أو أكثر من الأفلام سنويا ، لتنافس السينما الامريكية " هوليوود" و نظيرتها الهندية " بولى وود". ويقول الدكتور "اوليمى اوينيك Oluyemi Oyenike "، وهو محاضر كبير في جامعة "العهد" في نيجيريا " لقد ساهمت " نوليوود" فى جعل صناعة السينما حيوية في نيجيريا، و قد تطور انتاجها بحيث اصبح قادرا على استقطاب الفئات المجتمعية و الجماهير ذات التعليم العالي ، بل اصبحت الافلام تلعب بشكل فعال كأداة للتكامل في غرب أفريقيا وخارجها" . وقال د. عليمى ، امام أكثر من 500 مندوب في الجمعية العامة لمجلس تنمية بحوث العلوم الاجتماعية في أفريقيا – CODESRIA – ، والتى عقدت في داكار- السنغال- في الفترة من 8-12 يونيو" ان إنتاج نوليوود ليس مجرد وسيلة ترفيه للمقيمين في الأحياء الفقيرة في المدن الكبرى مثل ماكوكو في لاجوس أو كيبرا في نيروبي، ولكن توغلت ايضا فى مجتمعات مغلقة من الناس المتعلمين تعليما عاليا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى و بين المهاجرين الافارقة فى العالم ". ولقد عُقد منتدى مجلس تنمية بحوث العلوم الاجتماعية في أفريقيا – CODESRIA – تحت موضوع "خلق مستقبل أفريقيا في عصر التحولات العالمية: التحديات والآفاق " و ضمن ما تم مناقشته ، كيف يمكن أن تتحول صناعة السينما الوليدة في "نوليوود" لوسيلة للقيم الثقافية والهوية والاندماج والتماسك الاجتماعي عبر الحواجز التعليمية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية في أفريقيا.
قصة نجاح افريقية ان " نوليوود" قصة نجاح ، جعلت من الصعب تجنب الأفلام النيجيرية في أفريقيا، كما أنها اصبحت تعكس مفهوم السينما بالعالم المتقدم ، و اصبحت افلامها الروائية والوثائقية الراقية تعرض بدور العرض السينمائية فى مختلف الدول . وصناع السينما فى "نوليوود " يعتمدون بشكل كبير على منتج الفيديو الذى يتم عرضه في أطر غير رسمية – بعيدا عن دور العرض – مثل الحافلات وأكشاك الطعام والفنادق والمطاعم والشوارع والمسارح المنزلية. ووفقا لمنظمة اليونسكو، كان استخدام الفيديو بدلا من الفيلم السينمائى ، هو مفتاح النجاح المتفجر لانتاج "نوليوود" ، خاصة و ان نيجيريا لديها عدد قليل جدا من دور السينما ، لذا نحو 99 % من العروض تتم فى المنازل و اماكن التجمعات غير الرسمية . و يقول د. عليمى ، فى دراسته بعنوان " دور نولييود و تاثيرها كوسيلة ترفيهيه عابرة للاوطان و مدى مساهمتها فى التكامل الثقافى في غرب أفريقيا" ، و هى : دراسة حالة على جمهورية بنينوغانا .. و قد وجد " د. عليمى " ان 90.2 % من أفراد العينة فى غانا قالوا انهم يشاهدون بانتظام أفلام نوليوود، بينما بلغت النسبة 65.4 % بين أفراد العينة فى بنن. . وأظهرت الدراسة أن إنتاج نوليوود له قيمة هائلة للناس في غرب أفريقيا ، و يجدها الناس فى غاناوبنين ذات أهمية في مجالات الاقتصاد والتعليم والسياسة والدين والهوية الثقافية الأفريقية وفي مجال الملابس والفنون . وتنتج "نوليوود" فى المتوسط نحو 50 فيلما متكاملا اسبوعيا ، و هو مايجعلها واحدة من أغزر صناع السينما والفيديو في العالم ، ولا يمكن مقارنة الثقافة السينمائية النيجيرية بنظيرتها فى هوليوود الامريكية – الموطن العالمي لانتاج اجود الافلام – كما لا يمكن مقارنتها بالانتاج الغزير لصناعة السينما في بوليوود الهندية. وكسمة نجد ان الفيلم فى "نوليوود" تبلغ كلفته في المتوسط 15.000 دولار أمريكي ، ويستغرق انتاجه أقل من 10 أيام . ومع ذلك، نجد انه في العقدين الماضيين قد نما الاستثمار فى إنتاج الأفلام النيجيرية من لا شيء تقريبا ليصل الى نحو 250 مليون دولار أمريكي فى السنة ، و يحولها لصناعة يعمل بها كثير من الناس . صعود اهمية السينما النجيرية فى افريقيا تقول " اليزابيث جيوا Elizabeth Giwa " وهى باحثة فى مجال صناعة السينما النيجيرية "أنه في حين هناك انتقادات لإنتاج نوليوود لكونها غير واقعية، و تفتقر للموضعات الملحة مع تكرار افكارها خاصة حول السحر والشعوذة ، الا ان هذا لم يمنع أفلامها من ان تحظى بشعبية كبيرة في أوساط الأفارقة و يعزا نجاحها إلى معايشة أفلامها واقع حياة مواطني القارة السمراء ". وفي دراسة للماجستير قدمتها" جيوا" العام الماضي إلى جامعة جنوب إلينوي كاربونديل بالولايات المتحدة، وقد أجريت الدراسة على عينة من الافارقة المهاجرين بمنطقة لوس انجليس ،كان نحو 95 %من أفراد العينة متعلمين تعليما عاليا و5 % حاصلون على شهادة الثانوية العامة. وقد وجدت نتائج الدراسة ان "الخلفية التعليمية لم تكن ذات اهمية فى دوافع الناس بل الترفيه كان الاساس بالنسبة للناس الذين يتمتعون بالأفلام النيجيرية ".. و تقول "جيوا" التى تعمل الان منتجة مع فوكس نيوز الامريكية : من الناحية المثالية، يمكن أن يعزى ارتفاع شعبية إنتاج " نوليوود" لمستوى صناع السينما الذين حصلوا على منح دراسية و الذين اصبحوا يديرون هذه الصناعة .. و قد وجدت ان نحو 98 % من المشاركين في الدراسة أكدوا أنهم كانوا على دراية بأفلام نوليوود و 80 % قالوا انهم يحبون هذه الافلام.
نوليوود و تقاطع الثقافات ان الانطباع الناشئ من نتائج الدراستين هو أن "نوليوود " اصبح لديها صوت مميز قادر على خفض التفاوت بين الطبقات الاجتماعية والاقتصادية في مختلف المجتمعات الأفريقية ، حيث يرتكز انتاجها فى العموم على تناول و اظهار الممارسات الثقافية التي تأثرت بالطقوس، الدين، الملابس، واللغة، والأخلاق، والمهرجانات الاحتفالية الافريقية، وقصص التراث الشعبي و غبرها من المجالات الأخرى. . الا ان منتدى CODESRIA الافريقى ، وجد انه يجب ان يكون " لنوليوود" تاثير و بصمة فى تحقيق تقدم في القضايا التى تتعلق بالتكامل الأفريقي والتماسك الاجتماعي، و اقترح المنتدى أن صناع السينما في نيجيريا وأماكن أخرى في أفريقيا بحاجة إلى توسيع أراضيتهم لتغطية قضايا مثل الفساد والتطرف الديني والإرهاب، والتلوث البيئي. كما ينبغي تناول موضوعات تتعلق بقضايا مثل الهجرة الداخلية والخارجية التى تهم الشبان الأفارقة، ومشاكل اللاجئين والنازحين داخليا، الإثنية السلبية ، و غيرها من القضايا الملحة … اذا لم يتم الاهتمام بمثل هذه الموضوعات و القضايا ذات الصلة ، فان نوليوود و غيرها من مراكز انتاج و تسويق الترفيه الأخرى في أفريقيا قد تفقد أهميتها في المستقبل، وسيكون ذلك سيئا جدا بالنسبة للقارة الافريقية .