مصادر ل«أهل مصر»: دمج وزارة الكهرباء والبترول في تشكيل الحكومة الجديدة    «لأعضاء هيئة التدريس».. فتح باب التقدم لجوائز جامعة القاهرة لعام 2024    لتنفيذ التوصيات.. رئيس «الشيوخ» يحيل 14 تقريرا إلى الحكومة    مَن صنع بُعبع الثانوية العامة ؟!    محافظ القليوبية يعتمد المخطط التفصيلي لمدينة الخانكة    «حماية المنافسة»: خلق بيئة داعمة وجاذبة للاستثمارات    درجات الحرارة وصلت 50.. بيان عاجل من النائبة بشأن ارتفاع درجات الحرارة في أسوان    محافظ كفرالشيخ يعلن فتح المجازر لاستقبال الأضاحى وذبحها «بالمجان»    هذه أماكن صرف مرتبات العاملين بالدولة لشهر يونيو 2024    إعلام عبري: إطلاق 40 صاروخًا من جنوب لبنان نحو الجولان المحتل    إعلام إسرائيلي: سقوط عدد من الصواريخ في مناطق مفتوحة قرب مستوطنات شمال الجولان    ارتفاع حصيلة شهداء مجزرة مخيم النصيرات إلى 300 شهيد    "النواب العراقي" يدين القصف الإسرائيلي على مخيم النصيرات بغزة    تخطى صلاح ومصطفى.. تريزيجيه هداف تصفيات كأس العالم برقم مميز في منتخب مصر (فيديو)    ميدو: الزمالك اتظلم في ملف نادي القرن    موراتا يواصل مطاردة توريس وراؤول    أوبلاك.. صمام أمان سلوفينيا في الظهور الأوروبي الثاني    أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية بالإسكندرية.. بالأسماء    ضبط 5 أطنان أسمدة و2000 لتر حمض السلفوتيك مجهولة المصدر بالشرقية    بعد تخطيها 48 درجة.. كيف تعاملت الأقصر مع ارتفاع قيم الحرارة؟    ضبط المتهم ببيع أجهزة «الريسيفر» المعدة لفك شفرات القنوات الفضائية بالقليوبية    تفاصيل محضر عمرو دياب ضد المعجب: «مكنش معزوم لحفل الزفاف لا من أهل العريس أو العروسة»    المتحف الروماني بالإسكندرية يحتفل باليوم العالمى للأرشيف    فورير    بسمة داود تنشر صور كواليس مسلسل «الوصفة السحرية»    أفضل الأدعية والأعمال في يوم التروية    الصحة تعلن الانتهاء من قوائم الانتظار لعمليات قسطرة القلب    إخماد حريق داخل معرض ملابس فى الموسكى دون إصابات.. صور    تضمنت قائمة بأدلة الثبوت.. إرسال قضية سفاح التجمع إلى النائب العام    إدريس : أتوقع أن نحقق من 7 إلى 11 ميدالية في أولمبياد باريس    عاجل.. إعلامي شهير يعلن أولى صفقات الأهلي الصيفية    محافظ كفر الشيخ يتابع جهود حملات إزالة الإشغالات بدسوق    «التضامن الاجتماعي» توافق على قيد ونقل تبعية 3 جمعيات بالقاهرة والغربية    أجندة قصور الثقافة.. عروض لفرق الأقاليم المسرحية واحتفالات بيوم البيئة العالمي    عمرو محمود يس وياسمين عبدالعزيز في رمضان 2025 من جديد.. ماذا قدما سويا؟    العمل: زيارات ميدانية لتفقد مواقع الإنتاج بأسيوط    فكري صالح: مصطفى شوبير حارس متميز وشخصيته في الملعب أقوى من والده    وزارة الصحة: نستهدف رفع الوعي بالكشف المبكر عن الأورام السرطانية    محافظ الشرقية يُفاجئ المنشآت الصحية والخدمية بمركزي أبو حماد والزقازيق (تفاصيل)    «معلومات الوزراء» يلقي الضوء على ماهية علم الجينوم وقيمته في المجالات البشرية المختلفة    أستاذ صحة عامة يوجه نصائح مهمة للحماية من التعرض لضربات الشمس    وزيرة البيئة: إطلاق مركز التميز الأفريقي للمرونة والتكيف بالقاهرة خلال 2024    عرض حلول تحديد الهوية بمؤتمر الأمن السيبراني .. تفاصيل    مجلس التعاون الخليجي: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء استهدفت الأبرياء العزل في غزة    «مع بدء طرح أفلام العيد».. 4 أفلام مهددة بالسحب من السينمات    حزب الله يستهدف موقع الرمثا الإسرائيلي في تلال كفر شوبا اللبنانية المحتلة    عالم أزهري يوضح فضل الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة وكيفية اغتنامها    3 طرق صحيحة لأداء مناسك الحج.. اعرف الفرق بين الإفراد والقِران والتمتع    «الإفتاء» توضح أعمال يوم النحر للحاج وغير الحاج.. «حتى تكتمل الشعائر»    برقم الجلوس.. الموقع الرسمي لنتيجة الصف الثالث الإعدادى 2024 الترم الثاني للمحافظات (رابط مباشر)    «الداخلية»: ضبط 552 مخالفة عدم ارتداء الخوذة وسحب 1334 رخصة خلال 24 ساعة    «البحرية البريطانية» تعلن وقوع حادث على بعد 70 ميلا جنوب غربي عدن اليمنية    الملامح النهائية للتشكيل الحكومي الجديد 2024    إلغاء الأدبي والعلمي.. تفاصيل نظام الثانوية الجديد وموعد تطبيقه    هذه الأبراج يُوصف رجالها بأنهم الأكثر نكدية: ابتعدي عنهم قدر الإمكان    من تعليق المعاهدات إلى حرب «البالونات» الأزمة الكورية تتخذ منعطفًا خطيرًا    أمير هشام: كولر يعطل صفقة يوسف أيمن رغم اتفاقه مع الأهلي ويتمسك بضم العسقلاني    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. السيد ولد أباه: مثلث الخطر الاستراتيجي القادم
نشر في أخبار مصر يوم 19 - 09 - 2011

حذر رؤساء بلدان الساحل الأفريقي من التأثيرات السلبية المحتملة للحرب الدائرة في ليبيا على أوضاع منطقتهم، التي عانت خلال السنوات الأخيرة من موجة عاتية من عمليات الإرهاب حولتها إلى إحدى بؤر العنف الرئيسة في العالم. وقد تواترت الأخبار أن الكثير من الأسلحة المتطورة من بينها صواريخ مضادة للطائرات قد نفذت إلى المنطقة، إما عمداً عن طريق فلول كتائب القذافي ومرتزقته من الطوارق والأفارقة السود، أو عن طريق مسالك التهريب النشطة التي ازدادت حيويتها في الآونة الأخيرة.
والمعروف أن القذافي حرص منذ وصوله للسلطة عام 1969 على الاهتمام بالمجال الساحلي - الصحراوي، وطرح عدداً من المبادرات السياسية لتوحيده تحت زعامته، آخرها كان إنشاء منظمة إقليمية أطلق عليها "تجمع سين صاد" يشرف عليها شخصياً ويدفع كامل تمويلها. وما نعني بمنطقة الساحل هو هذا الفضاء الواسع الممتد من جنوب الجزائر (بامتداداته في جنوب المغرب) إلى السودان، ويضم بلدانا أربعة مركزية هي: موريتانيا ومالي والنيجر وتشاد.
وقد شكل هذا المجال المتصل وحدة تاريخية وأنثربولوجية، على الرغم من تعدد مكوناته العرقية والثقافية وتنوع تركيبته الجغرافية والايكولوجية. تتمحور المنطقة التي تمتد على مساحة ثمانية مليون كيلو مترمربع حول مكون نهري خصب (أنهار السنغال والنيجر وتشاد ) يتوسط مساحات صحراوية شاسعة تقترن بمسالك حيوية لم تتغير في العمق منذ العصور الوسطى. شكلت هذه المسالك مساراً لتجارة القوافل الرابطة بين السودان الغربي وحواضر شمال أفريقيا، وطريقاً لركب الحجيج المتجه شرقاً، وقنطرة للتواصل الثقافي والحضاري بين الغرب الإسلامي والشرق العربي.نشأت في المنطقة إمبراطوريات إسلامية مزدهرة امتد نفوذها شمالاً وجنوباً: كدولة مالي وإمبراطورية غانا ودولة السونغاي ودولة المرابطين...كما تأسست فيها مدن عريقة حافظت لقرون على تألقها العلمي والديني كتوات وشنقيط وولاته وتمبكتو.
وينتمي إقليم فزان في جنوب ليبيا إلى الفضاء الساحلي الذي يشمل كامل "بلاد الطوارق" والقبائل العربية المجاورة لها في دول الساحل غرب الأفريقية (مالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو).كما ينتمي للمجال ذاته إقليم دارفور السوداني وثيق الاتصال بوسط تشاد.ولم تكن بلدان المنطقة التي نظر إليها دوماً بأنها من أفقر دول العالم لتثير اهتمام العالم قبل بروز ظواهر ثلاثة متزامنة في السنوات الخمس الأخيرة هي: اكتشاف ثروات معدنية ونفطية هائلة من شأنها فتح آفاق اقتصادية جديدة لهذه البلدان، وتحول المنطقة إلى مسرح رئيسي لشبكات التهريب والمخدرات وانتقال العمالة غير الشرعية لأوروبا، وتسارع عمليات الإرهاب التي استهدفت على الخصوص السواح والمقيمين الغربيين في المنطقة بعد أن انتقل مركز السلفية المقاتلة من الجزائر إلى الصحراء الساحلية بعد إعلانها الانضمام إلى تنظيم "القاعدة".
وكما يبين الباحث الجزائري "علي بنسعد" سلكت شبكات الجريمة المنظمة والإرهاب نفس المسالك الصحراوية الوسيطة، واعتمدت على نفس القنوات القبلية التقليدية، في الوقت الذي تقف دول المنطقة الضعيفة عاجزة عن التحكم في مسارب عصية لا تعترف بالحدود الرسمية تستأثر بمفاتيحها المجموعات القبلية التي تتوارث ضبطها والهيمنة عليها. ولا يعني الأمر أن المجموعات الإرهابية وعصابات الإجرام والتهريب سيطرت عملياً على المنطقة، وإنما استفادت من الأزمات الاقتصادية الاجتماعية الخانقة التي تعيش فيها تلك الهوامش المقصية من مسارات التنمية والتحديث وتأقلمت مع منطق ومسالك التبادل القائمة منذ عصور سحيقة.
فما تشهده حالياً هو انهيار الدول الوطنية الهشة في المجال الساحلي تحت وطأة الفتنة الداخلية التي تتمحور في البؤر الصحراوية البدوية (إزواد المالي وأغاديز في نيجيريا ودارفور في السودان)، في الوقت الذي تتركز الثروات الطبيعية في هذه المناطق التي تستقطب التنافس الاستراتيجي بين القوى الدولية الكبرى، مما يضاعف الإشكاليات والتحديات الأمنية والجيوسياسية المطروحة على هذه البلدان.
ولا شك أن الأحداث الليبية الأخيرة قد أضافت تحديات جديدة على هذه الخارطة المتفجرة أصلًا. وغني عن البيان أن المجال الساحلي يرتبط وثيق الارتباط ببؤر التوتر في القرن الأفريقي عبر الفضاء الصومالي المفكك الذي تحول في الأعوام الأخيرة إلى مركز رئيسي لعمليات القرصنة والإرهاب. وقد قامت في الصومال الدولة "الطالبانية الثانية"، التي قد تتكرر في عدة مناح أخرى من المجال الساحلي- الصحراوي بمفهومه الأوسع.
كما يرتبط خط التأزم الساحلي ببؤرة التوتر اليمنية عبر قنطرة القرن الأفريقي، مما يفضي إلى تشكل مثلث خطر بأضلاعه المتصلة في غرب أفريقيا وفي شرقها وفي غرب جنوب شبه الجزيرة العربية. ولا شك أن السيناريو الأسوأ في المنطقة هو تفكك الوحدة اليمنية التي تتعرض في أيامنا لتهديدات فعلية إثر تعثر ديناميكية الثورة السلمية وبروز مؤشرات متزايدة على عسكرة الانتفاضة الشعبية وعلى انبثاق مطالب انفصالية قوية في الجنوب، في الوقت الذي يخشى من قيام دولة طالبية ثالثة في "أبين"(على الشريط الساحلي لبحر العرب)، التي تعد من مراكز تنظيم "القاعدة" النشطة.
ومع أن مشهد التفكك الليبي ليس مشهداً حتمياً، إلا أن دواعي الحذر قائمة من دعوة بعض التنظيمات السلفية المتشددة لقيام "إمارات إسلامية" بديلة في شرق ليبيا في حال استفحال الخلاف السياسي المحتدم بين الثوار حول هوية الدولة ومرجعيتها العقدية والدينية.
ولا تزال تداعيات انفصال جنوب السودان تترى مخلفة مخاوف عميقة حول مستقبل هذا الكيان الواسع الذي يطرح تفككه تحديات عصية على نموذج الدولة الأفريقية المتعددة المكونات العرقية والدينية. ولقد صدق الرئيس التشادي " إدريس دبي" في قوله إن قاعدة احترام الحدود السياسية الموروثة عن الاستعمار شكلت في السابق الضمانة الوحيدة لاستمرار الكيانات الأفريقية المصطنعة في غالبها. وبما أن هذه القاعدة انتهكت في السودان، فلا شيء يمنع منذ الآن انهيار الكيانات الأفريقية وفي مقدمتها بلدان الساحل. وحاصل الأمر أن مثلث الخطر الاستراتيجي القادم سيتمحور حول المجال الساحلي الصحراوي الممتد من الأطلسي إلى البحر الأحمر.
نقلا عن صحيفة الاتحاد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.