تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول في برنامج إعداد معلمي الطفولة المبكرة جامعة الإسكندرية    عيار 21 بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الذهب الرسمية في مصر اليوم الثلاثاء 18-6-2024    محافظ المنيا: المجازر تواصل استقبال الأضاحى في ثالث أيام العيد    «أورمان البحيرة»: ذبح 280 أضحية خلال عيد الأضحى وتوزيعها على الأسر الأولى بالرعاية    «الوزراء»: تسجيل 6 آلاف منشأة جديدة بهيئة التنمية الصناعية خلال 2023    وزير الصناعة: الصادرات السلعية تحقق أعلى معدل لها وتسجل 16 مليار و551 مليون دولار    حزب الله اللبناني:استهداف دبابة ميركافا إسرائيلية وإصابتها إصابة مباشرة    مصدر عسكرى روسى: 4 مسيرات شاركت فى الهجوم على خزان النفط بروستوف    «الصحة الفلسطينية»: 25 شهيدا و80 مصابا ضحايا مجازر إسرائيل في غزة خلال 24 ساعة    يورو 2024 - مدافع النمسا يعتذر ل مبابي    ضمن مبادرة «العيد أحلى».. «مراكز شباب المنيا» تفتح أبوابها للجمهور في ثالث أيام عيد الأضحى    «لا يصلح ويجيب ضغط وسكر».. ميدو يفتح النار على محمد عواد ويطالب برحيله    رئيس بعثة الحج الرسمية : بدء تفويج حجاج القرعة المتعجلين من مشعر منى    طقس غد.. جو شديد الحرارة نهارا والعظمى بالقاهرة 37 درجة    مصرع شخص وإصابة آخرين إثر انقلاب تروسيكل في المنيا    «الداخلية»: ضبط 8 أطنان دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    بعد صفعه معجبًا.. عمرو دياب يوجه رسالة لجمهوره.. ماذا قال؟    حزب الله: استهدفنا دبابة إسرائيلية من نوع ميركافا وحققنا إصابة مباشرة    إقبال السائحين على زيارة متحف شرم الشيخ خلال إجازة العيد    دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى.. «اللهم إياك أرجو ولك أدعو»    الصحة: فحص 13 مليوناً و627 ألف مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    أطعمة فعالة لطرد السموم من الجسم بعد لحمة العيد    الجزار: 23 مشروعًا لمياه الشرب وصرف صحى الحضر والمناطق الريفية بالوادى الجديد    ضبط عنصرين بالإسكندرية بحوزتهما كمية من المخدرات تقدر ب 1.5 مليون جنيه تقريباً    البابا تواضروس يتلقى تقريرا عن الخدمة في إيبارشية ديرمواس    وفاة 9 أشخاص جراء الانهيارات الأرضية والفيضانات في جنوب الصين    الصحة: فرق الحوكمة تنفذ 454 زيارة مفاجئة للمستشفيات ب 23 محافظة    مصرع شاب في حريق 4 منازل بقنا    رد فعل مفاجئ من زوجة زيزو ضد حكم مباراة الزمالك والمصري    احذر الحبس 10 سنوات.. عقوبة تزوير المستندات للحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة لذوي الإعاقة    فوز كلية حاسبات القاهرة بالمركز الأول فى المسابقة التكنولوجية بالصين    نهى وسالي ولمياء ونرمين وأسماء .. عيد الأضحى بيت وفتة و« آيس كريم »    المحمل والحج.. مراسلات بين مصر والمملكة العربية السعودية    مسؤولة فلسطينية: شوارع إسرائيل مغلقة بسبب التظاهرات ضد نتنياهو    أسوشيتد برس: قرار نتنياهو بحل حكومة الحرب خطوة لتعزيز نفوذه وإطالة الصراع    دار الإفتاء: ترك مخلفات الذبح في الشوارع حرام شرعًا    يورو 2024| التشكيل المُتوقع لجورجيا أمام تركيا في بطولة الأمم الأوروبية    سيتي يبدأ المشوار بمواجهة تشيلسي.. خريطة مباريات القمة في بريميرليج 2024-2025    اتفسح وأنت فى البيت.. الحديقة الدولية تستقبل زوارها للاحتفال بثالث أيام عيد الأضحى    طريقة تحضير كبسة اللحم بالأرز البسمتي    الدكتور مجدى يعقوب يشيد بمنظومة التأمين الصحى الشامل "ما نراه شئ مشرف"    «المهايأة».. كيف تتحول شقة الميراث إلى ملكية خاصة دون قسمة؟    "الشئون الدينية" ترفع جاهزيتها لاستقبال الحجاج المتعجلين لأداء طواف الوداع    شيخ الأزهر يهنئ خادم الحرمين وولي العهد السعودي بنجاح موسم الحج    في ذكرى رحيله ال18| الأب "متى المسكين" رمز الكنيسة القبطية.. عاش حياة الرهبنة كما يجب أن تكون    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 18-6-2024    دعاء الأرق وعدم النوم.. لا إله إلّا الله الحليم الكريم    "سويلم" يوجه باتخاذ الإجراءات اللازمة للاطمئنان على حالة الري خلال عيد الأضحى    سعر كيلو اللحمة في منافذ التموين اليوم الثلاثاء 18-6-2024    بوتين: أمريكا تريد فرض نظام دكتاتوري استعماري جديد على العالم    أخبار الأهلي : الزمالك يتلقي صدمة جديدة بعد التهديد بعدم مواجهة الأهلي    أخبار مصر: جريمة تهز العراق ضحاياها مصريون، آل الشيخ يحرج عمرو أديب بسب الأهلي، مفاجأة في وفاة طيار مصري وسقوط أسانسير بركابه بالجيزة    بينهم مصريون، مصرع 11 وفقدان أكثر من 60 في غرق قاربي مهاجرين قبالة سواحل إيطاليا    عبدالحليم قنديل: طرحت فكرة البرلمان البديل وكتبت بيان الدعوة ل25 يناير    إسعاد يونس: عادل إمام أسطورة خاطب المواطن الكادح.. وأفلامه مميزة    ملخص وأهداف جميع مباريات الاثنين في يورو 2024    «حضر اغتيال السادات».. إسماعيل فرغلي يكشف تفاصيل جديدة عن حياته الخاصة    البطريرك يزور كاتدرائية السيّدة العذراء في مدينة ستراسبورغ – فرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. السيد ولد أباه: فرسان الساحة العربية الجديدة
نشر في أخبار مصر يوم 22 - 08 - 2011

"الصحة شريبتك"، هو البرنامج الديني الرمضاني الذي يقدمه "الشيخ عبد الفتاح مورو" على شاشة قناة "هنبعل" الحرة يومياً. لقي البرنامج إقبالاً عارماً، أثار جدلاً واسعاً في الساحة السياسية التي تتأهب للانتخابات الديمقراطية التعددية الأولى في تاريخ البلاد، باعتبار أن "مورو"، هو أحد الزعيمين المؤسسين لحركة "النهضة" الإسلامية"، وهو اليوم في مقدمة المترشحين المتوقعين لرئاسة الجمهورية. وقد اعتبر خصوم "مورو" وغرماؤه أن برنامجه الديني هو نمط من الممارسة السياسية غير المشروعة من حيث هو استغلال منبر ديني لأغراض انتخابية.
"محمد سليم العوا"، هو الوجه المماثل لمورو في الساحة المصرية. عرفنا الرجل من قبل فقيهاً منشغلاً بتجديد العلوم الشرعية، معتزلًا للعمل السياسي المباشر على الرغم من قربه من تيار "الإخوان المسلمين". وللعوا دور معروف في إنشاء "الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين"، الذي تولى أمانته العامة، في حين يوجد على رأسه "يوسف القرضاوي"، الذي هو أحد الوجوه التاريخية لجماعة "الإخوان". دخل العوا الساحة السياسية بقوة بعد سقوط نظام مبارك، وأعلن ترشحه للرئاسة، مستخدماً رصيده العلمي والفقهي، وإن عزته التجربة السياسية الفعلية. "صادق الغرياني" فقيه ليبي بارز، عُرف بدراساته العلمية الرصينة في المذهب المالكي وبمكانته الاجتماعية المرموقة واعتزاله للعمل السياسي.
خرج الغرياني من عزلته وصمته بعد اندلاع الثورة على القذافي، فأفتى بوجوب الخروج على العقيد وحرمة أخذ المال من يده، وتحول إلى نصير أساسي للمجلس الانتقالي في بنغازي. في الحالات الثلاث، التي لها ما يوازيها في باقي الساحات العربية الثائرة، نحن أمام الظاهرة ذاتها: اقتحام رجل الدين المحترف الحلبة السياسية. صحيح أن العلماء والفقهاء أدوا في سابق العهود السياسية العربية أدواراً سياسية، خصوصاً في حقبة المقاومة ضد الاستعمار، ومن أشهر هؤلاء الإمام محمد عبده في مصر والشيخ الثعالبي في تونس والشيخان الابراهيمي وبن باديس في الجزائر وعلال الفاسي في المغرب...إلا أن هذه الأدوار تداخل فيها الديني العقدي والسياسي، وأخذت شكل زعامة أهلية إجماعية بدل العمل السياسي ذي الطابع الانحيازي (خرج أغلب الزعامات الدينية من الحقل السياسي بعد الاستقلال وانفرد علال الفاسي بالتحول إلى رئيس حزب سياسي تقليدي ذي ميول ليبرالية محافظة).
أما مؤسسو الحركات الإسلامية، فلم يكونوا في الغالب من علماء الدين المحترفين، كما هو شأن زعيم الجماعة الأم ( حركة الإخوان المسلمين المصرية) الذي كان معلماً على غرار منظرها الإيديولوجي "سيد قطب". اضطلع أستاذ الثانوية "راشد الغنوشي" بالمهمة نفسها في تونس وأدى مدرس التربية "عباسي مدني" نفس الدور في الجزائر.
فلم تستقطب الحركات الإسلامية المنظمة إلا القليل من كبار الفقهاء وعلماء الشرع الذين اعتمد أغلبهم التصور الإسلامي السُني الكلاسيكي في المسألة السياسية (طاعة ولي الأمر ولو كان متغلباً ما لم يظهر الكفر البواح خوفاً من الفتنة). لم يخرج زعماء الحركات الإسلامية عن خريطة الزعامة السياسية العربية التقليدية التي تمحورت حول وجوه ثلاثة هي: المحامي والمدرس والضابط. وما نشهده اليوم هو تغير عميق يطال هذه الخريطة بخروج الضابط اثر انهيار الأنظمة العسكرية، التي كانت تحكم بواجهات سياسية مدنية، ودخول وجوه ثلاثة جديدة هي الفقيه ورجل الأعمال والإعلامي.
الفقيه على غرار "مورو" و"العوا" ليس الداعية، بل هو نموذج جديد من الطبقة السياسية، لا يتردد أحياناً في تبني الخطاب الحداثي والتحمس للدولة المدنية غير الدينية (على غرار العوا). ولا يمانع في البروز بوجه انفتاحي مقبل على الحياة (على غرار مورو الذي غنى على شاشة التلفزيون إحدى سمفونيات بتهوفن المشهورة). هل سيتحول الفقيه السياسي إلى نموذج أساقفة أميركا اللاتينية الذين دخلوا الحلبة السياسية رافعين شعار "لاهوت التحرر"؟ رجل المال والأعمال هو الرديف والسند التقليدي للحاكم في الأنظمة التسلطية المنهارة، التي لا مكان فيها للشفافية ومساواة الفرص بين الفاعلين الاقتصاديين.
بعد نجاح الثورات، بدأ رجال الأعمال يستثمرون في العمل السياسي، إما تعويضاً للحماية السابقة، أو استفادة من حالة الفراغ القائمة.صحيح أن طموح رجال المال السياسي بدا منذ مطلع التسعينيات من الساحة اللبنانية مع "رفيق الحريري"، الذي افتك موقع الزعامة السُنية من الأسر البيروتية والطرابلسية العريقة، إلا أن وضع لبنان الداخلي وتداخلاته مع الأجندة الإقليمية، لم تكن لتسمح بتصدير الظاهرة عربياً.وما نلمس اليوم هو بروز مشاريع سياسية وحزبية مرتبطة بوضوح برجال أعمال في الديمقراطيات العربية الجديدة، (كالهادي الجيلاني في تونس ونجيب ساويرس في مصر وجمال المترب في اليمن، الذي انحاز إلى صف الثوار المطالبين بسقوط نظام علي عبدالله صالح).
والسؤال المطروح هنا هو ما هو الأثر الذي سينجم عن دخول رأس المال الحر للحقل السياسي العربي؟ هل سيسير في اتجاه تدعيم المكاسب الديمقراطية الوليدة (كما كان دور البورجوازية الأوروبية في العصور الحديثة)، أم في الاتجاه المعاكس بإفساد الحياة السياسية كما هو مُشاهد حالياً في العديد من دول أوروبا الشرقية وأميركا للاتينية، التي تتحكم فيها اللوبيات والمافيات المالية – السياسية؟
أما الإعلامي، فهو الوجه السياسي الجديد الذي أقحمته بقوة تقنيات الاتصال الراهنة في مشهد التغيير العربي الحالي. وإذا كان من الصحيح أن علاقة السياسة بالإعلام ليست بالجديدة، إلا أن الإعلام اكتفى في السابق بدور الجهاز التعبوي والدعائي، وفي أحسن الأحوال أدى الصحافي دور المستشار السياسي (على غرار هيكل في مصر الناصرية).
وما نلمسه راهناً هو اتجاهان متداخلان: تحول الإعلام إلى أداة محورية في رهانات السيادة والقوة والدبلوماسية، وتحول الإعلامي من دور مراقب الفعل السياسي إلى دور صانعه. لا نحتاج هنا للإشارة إلى دور بعض المؤسسات الإعلامية المتزايد في المشهد السياسي، وإلى بروز نموذج "الصحافي - الزعيم" بعد "الصحافي المرشد" و"الصحفي المحرض" و"الصحفي النجم". وما تشهده الساحات العربية الثائرة م توسع مذهل في الصحف والقنوات الفضائية هو أثر جلي لهذا المشهد.
نقلا عن صحيفة الاتحاد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.