قالت منظمة الأممالمتحدة في بيان لها يوم 18 يوليو/ تموز 2011 إن نحو نصف مليون طفل في شرق إفريقيا مهددون بالموت جوعاً بسبب كارثة الجفاف في القرن الإفريقي، وإن إجمالي أعداد الأطفال الذين يحتاجون إلى مساعدات غذائية يصل إلى مليون طفل، وإن هذا الموقف سيزداد سوءاً مع بداية 2012 في حال لم يطرأ أي تحسن سريع على هذه المساعدات . وكان الاتحاد الإفريقي قد دعا في 14 يوليو 2011 المجتمع الدولي والدول الإفريقية خصوصاً إلى التضامن مع الصومال، حيث يحتاج شخص من كل ثلاثة إلى مساعدات إنسانية بسبب التأثير المزدوج للمعارك والجفاف، فيما وصف بأكبر كارثة إنسانية في العالم حالياً . وجاء في بيان للاتحاد الإفريقي أن حوالي ثلاثة ملايين شخص بحاجة لمساعدات إنسانية . وقد أدى هذا الأمر إلى عمليات نزوح مكثفة للسكان إلى المدن وخصوصاً إلى مقديشو وكذلك إلى الدول المجاورة . وأضاف البيان أن رئيس المفوضية الإفريقية (جان بينج) يحث الدول الاعضاء في الاتحاد الإفريقي للمساهمة في التخفيف من آلام الشعب الصومالي . وكان تقرير صادر عن الأممالمتحدة في الشهر الماضي قد دعا الدول الغنية ومنها الدول العربية إلى إنفاق المزيد من الأموال لدعم الدول الفقيرة والإسهام في تحقيق الأهداف الانمائية للألفية التي وضعتها الأممالمتحدة، ومن أبرزها خفض نسبة الفقر إلى النصف بحلول عام ،2015 فالتحدي الحقيقي الذي يواجه الإنسان العربي هو البطالة وضعف فرص العمل . وحينما نتأمل التقرير الصادر عن الأممالمتحدة نجده تقريراً مذهلاً ومفجعاً ويرسم خطاً من الأمل بين الموت والحياة، إذ إن 40% من العرب يعيشون تحت خط الفقر أي ما يساوي 140 مليون عربي، وتزيد نسبة الشباب العاطلين عن العمل على 50%، الأمر الذي من شأنه أن يزعزع أسس التنمية وخيارات الأفراد الذين يعيشون في البلدان العربية، حيث إن الدول العربية تواجه تحدياً داخلياً من اجل التنمية نحو التقدم والقضاء على التخلف، وهذه القضايا لها علاقة بالامن القومي لكل دولة، وينبثق من ذلك الصراع العالمي نحو مناطق النفوذ ومصادر الثروات الطبيعية، ولكي يسير الحديث على أرض من الواقع نقول إن العالم العربي بشكل عام يعتبر عالماً من الشباب العاطل عن العمل ما يعني أن طغيان المرحلة الشبابية هو السمة الطاغية على المجتمع العربي. حيث ترقى في بعض الدول العربية لتصل إلى 65% من السكان ممن هم تحت سن 25 سنة، وهذا يعني فيما يعنيه أن هناك قوى ومؤثرات سوف تلعب دوراً مهماً في صناعة التفكير السياسي لدى المجتمعات العربية، وهناك ذهنية جديدة سوف تطرق سوق العمل وعلى أسس اقتصادية محلية ودولية، وهذا ما يجعل هذا الجيل في محك حقيقي على مستوى تأثيره السياسي في المستقبل، وبالتالي سيواجه مشكلة البطالة بنمط جديد بمفهومه السياسي البحت خصوصاً بعد أن أدت الأزمة الاقتصادية العالمية إلى تفاقمها، فقد ذكر الأمين العام للأمم المتحدة في اليوم العالمي للقضاء على الفقر إن الأزمة العالمية أدت إلى خسارة ما لا يقل عن 50 مليون شخص مصدر رزقهم هذا العام، ومن المتوقع أن ينضم إلى من هم دون خط الفقر ما يقارب 100 مليون آخرين . وحسب تقرير للبنك الدولي، تقع الدول العربية ضمن بلدان الدخل المتوسط المنخفض، ما يضعها ضمن المناطق الأكثر فقراً في العالم، حيث يبلغ عدد الفقراء في هذه الدول ما يقارب نحو ثلث عدد سكانها البالغ 621،338 مليون نسمة، وستحتاج إلى توفير 100 مليون فرصة عمل بحلول العام ،2020 وستشهد الدول المتوسطة الدخل، التي عانت من انكماش اقتصادي خلال الأزمة المالية، أكبر ارتفاع في معدلات الفقر، وستتحول هذه الأزمة المالية إلى أزمة إنسانية في العديد من الدول النامية إن لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الأفراد الأكثر تأثراً. وهذه التطورات من شأنها أن تقوض أيضاً خطط الأممالمتحدة المتعلقة بأهداف الألفية للتنمية الرامية إلى القضاء على الفقر بحلول ،2015 ووفقاً لمنظمة العمل الدولية سيصبح أكثر من 140 مليون فرد على شفا الفقر في قارة آسيا، ويشكل وضع البطالة في العالم صورة مروعة، وإن لم يجر تحسين الأوضاع، فإنها قد تؤدي إلى سلسلة من المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية . وقد شكلت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أعلى معدل للبطالة مقارنة ببقية مناطق العالم، حيث بلغ معدل البطالة المسجل 3،10% في دول شمال إفريقيا، و4،9% في دول الشرق الأوسط . كما ذكرت منظمة العمل العربية أن هناك أكثر من 17 مليون عاطل عن العمل، وتحتاج الدول العربية إلى ايجاد 4 ملايين وظيفة كل عام لاستيعاب الخريجين الجدد، وحذرت المنظمة من أن الأزمة المالية قد تؤدي إلى تراجع فرص العمل إلى 19% . ونوهت المنظمة إلى حدوث تراجع في الطلب على العمالة العربية وكذلك تراجع في انتقال الأيدي العاملة العربية إلى الدول الأخرى، الأمر الذي سيؤدي إلى تراجع في معدل النمو الاقتصادي في بعض الدول العربية . دول العالم العربي تسير في منعطف خطير نتيجة الفقر والبطالة، فالشباب حائرون ومترقبون ومعهم أسرهم وهم باحثون عن بصيص أمل يقودهم إلى الحصول على فرص عمل لائقة ومتناسبة مع ظروف معيشتهم، ونظرة عابرة على تقارير الأممالمتحدة والبنك الدولي ومنظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية وأبحاث ودراسات المراكز والمؤسسات الجنائية والاجتماعية تجعلنا الآن وقبل أي وقت مضى ندق ناقوس الخطر لوقاية المجتمع العربي من تلك الآفات بتوفير الوظائف وفرص العمل أمام الشباب، وإذا كانت بعض الدول المتقدمة قد وجدت لهذه المشكلة حلولاً بعضها مؤقت كصرف إعانة بطالة للشباب العاطل عن العمل والآخر طويل الأمد بإقامة تجمعات صناعية حرفية. فإن الحلول في هذه التجمعات العربية مازالت تسير ببطء السلحفاة، ناهيك عن المشكلات الناجمة على ازدياد الكثافة السكانية وعدم ملاءمة مخرجات التعليم لاحتياجات سوق العمل والتنمية، ومحدودية الدعم والموارد المادية الحكومية، وضعف مبادرات القطاع الخاص، وعليه يتوجب تضافر الجهود وتعزيز التضامن العربي لدعم قضايا التوظيف، واستثمار الطاقات الكامنة ووضع الحلول الملائمة من أجل المحافظة على الخطط التنموية واستقرار العمالة العربية، وتخفيف آثار الأزمة المالية التي أضحت تهدد المكتسبات والتحسن الذي تحقق في المجتمعات العربية في العقود الماضية نقلا عن صحيفة الخليج السعودية