عباس أبو الحسن بعد دهسه سيدتين: أترك مصيري للقضاء.. وضميري يحتم عليّ رعايتهما    الإفتاء: إذا طلبت الزوجة الطلاق في هذه الحالة لا تشم رائحة الجنة    رئيس نادي إنبي يكشف حقيقة انتقال محمد حمدي للأهلي    إبراهيم عيسى: التفكير العربي في حل القضية الفلسطينية منهج "فاشل"    سيارة انفينيتي Infiniti QX55.. الفخامة الأوروبية والتقنية اليابانية    سفير تركيا بالقاهرة: مصر صاحبة تاريخ وحضارة وندعم موقفها في غزة    استخراج اسماء المشمولين بالرعاية الاجتماعية الوجبة الاخيرة 2024 بالعراق عموم المحافظات    تمويل السيارات للمتقاعدين دون كفيل.. اليسر    رابط نتائج السادس الابتدائى 2024 دور أول العراق    اليوم.. ختام مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بحضور إلهام شاهين وفتحي عبد الوهاب    أترك مصيري لحكم القضاء.. أول تعليق من عباس أبو الحسن على اصطدام سيارته بسيدتين    مأساة غزة.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف تجمع لنازحين وسط القطاع    تحرك برلماني بشأن حادث معدية أبو غالب: لن نصمت على الأخطاء    افتتاح أول مسجد ذكي في الأردن.. بداية التعميم    دراسة: 10 دقائق يوميا من التمارين تُحسن الذاكرة وتزيد نسبة الذكاء    ضميري يحتم عليّ الاعتناء بهما.. أول تعليق من عباس أبو الحسن بعد حادث دهسه سيدتين    «أعسل من العسل».. ويزو برفقة محمد إمام من كواليس فيلم «اللعب مع العيال»    اشتباكات عنيفة قرب سوق الحلال وانفجارات شرق رفح الفلسطينية    نائب محافظ بنى سويف: تعزيز مشروعات الدواجن لتوفيرها للمستهلكين بأسعار مناسبة    نشرة التوك شو| تفاصيل جديدة عن حادث معدية أبو غالب.. وموعد انكسار الموجة الحارة    جوميز: لاعبو الزمالك الأفضل في العالم    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    حلمي طولان: حسين لبيب عليه أن يتولى الإشراف بمفرده على الكرة في الزمالك.. والفريق في حاجة لصفقات قوية    اجتماع الخطيب مع جمال علام من أجل الاتفاق على تنظيم الأهلي لنهائي إفريقيا    زيادة يومية والحسابة بتحسب، أسعار اللحوم البتلو تقفز 17 جنيهًا قبل 25 يومًا من العيد    نائب روماني يعض زميله في أنفه تحت قبة البرلمان، وهذه العقوبة الموقعة عليه (فيديو)    إيرلندا تعلن اعترافها بدولة فلسطين اليوم    النائب عاطف المغاوري يدافع عن تعديلات قانون فصل الموظف المتعاطي: معالجة لا تدمير    بينهم طفل.. مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بأسوان    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    أهالي سنتريس يحتشدون لتشييع جثامين 5 من ضحايا معدية أبو غالب    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    روسيا: إسقاط طائرة مسيرة أوكرانية فوق بيلجورود    السفير محمد حجازي: «نتنياهو» أحرج بايدن وأمريكا تعرف هدفه من اقتحام رفح الفلسطينية    دبلوماسي سابق: ما يحدث في غزة مرتبط بالأمن القومي المصري    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    «الثقافة» تعلن القوائم القصيرة للمرشحين لجوائز الدولة لعام 2024    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    ملف يلا كورة.. إصابة حمدي بالصليبي.. اجتماع الخطيب وجمال علام.. وغياب مرموش    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    طريقة عمل فطائر الطاسة بحشوة البطاطس.. «وصفة اقتصادية سهلة»    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    دعاء في جوف الليل: اللهم ألبسنا ثوب الطهر والعافية والقناعة والسرور    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    موعد مباراة أتالانتا وليفركوزن والقنوات الناقلة في نهائي الدوري الأوروبي.. معلق وتشكيل اليوم    وزيرة التخطيط تستعرض مستهدفات قطاع النقل والمواصلات بمجلس الشيوخ    شارك صحافة من وإلى المواطن    قبل اجتماع البنك المركزي.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 22 مايو 2024    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    المتحدث باسم مكافحة وعلاج الإدمان: نسبة تعاطي المخدرات لموظفي الحكومة انخفضت إلى 1 %    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    خبير تغذية: الشاي به مادة تُوسع الشعب الهوائية ورغوته مضادة للأورام (فيديو)    أخبار × 24 ساعة.. ارتفاع صادرات مصر السلعية 10% لتسجل 12.9 مليار دولار    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    استعدادات مكثفة بجامعة سوهاج لبدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جريمة همجية في قنا
نشر في أخبار مصر يوم 27 - 03 - 2011

الجريمة التي وقعت في قنا عندما قطعت جماعة من الشباب أذن رجل تصادف أنه قبطي‏,‏ بتهمة أنه يدير وكرا للدعارة‏,‏ أو يقيم علاقة آثمة مع عاهرة‏,‏ هي عملية بلطجة وفتونة كاملة المعالم‏,‏ ويجب التعامل معها بكل قوة وحسم‏.‏
‏(1)‏
كل ما أقدم عليه هؤلاء الشباب ليس من الدين في شيء‏,‏ بمجرد إطلاق اللحية‏,‏ وارتداء الجلباب والطاقية البيضاء‏,‏ واستخدام لغة الدين لا يعني أنك أصبحت رجل دين‏.‏
ثم إن هؤلاء الشباب غير مصرح لهم بممارسة سلطة الضبط القضائي‏,‏ فهذه السلطة يختص بها رجال الشرطة والنيابة العامة‏.‏
أضف إلي ما سبق أنهم جعلوا من أنفسهم‏,‏ خصوما‏,‏ وقضاة‏,‏ ومنفذي أحكام‏,‏ ولم يتح للرجل المسكين أي إمكان للدفاع عن نفسه‏.‏
هذا المشهد كله هو عملية بلطجة كاملة المعالم تجسدت لحظة تنفيذ الحكم عندما اخترعوا حدا لا وجود له في الدين وقطعوا أذن الرجل‏!‏
ما هو الإرهاب إن لم يكن هذا الذي جري؟ ما هو الإجرام إن لم يكن هذا الذي جري؟ لقد انتزع هؤلاء البلطجية بأياديهم السيئة سلطة الدولة‏,‏ وجعلوا من أنفسهم هيئة إنزال قصاص‏,‏ بالرغم من أن كل الفقهاء يقولون إن هذا هو اختصاص ولي الأمر‏.‏
والأدهي من كل هذا أن يتواتر أن هذه ليست أول مرة‏,‏ بل هي ثالث مرة خلال أسبوعين يتم فيها تنفيذ حكم بهذه الطريقة البربرية والهمجية‏.‏
‏(2)‏
هذا الموضوع من أوله إلي آخره عملية فتونة تهدد وجود الدولة‏,‏ أو بالضبط تنسف فكرة الدولة من أساسها‏,‏ تصور أنك أصبحت وسط جماعة أعطت نفسها حق اتهام‏,‏ ومحاكمة‏,‏ وإنزال العقاب بأي شخص دون أن يأذن لها أحد بذلك‏,‏ ودون أن تكون لها أي صفة أو حيثية تتيح لها هذا؟
في هذه الحالة سوف يصبح علي كل إنسان أن يكون جزءا من جماعة مستعدة لأن تنتقم له من أي جماعة أخري تعرضه لأي مكروه‏.‏
هذا يعني أن المجتمع سوف يرتد قرونا إلي الوراء‏,‏ ويختفي من الوجود معني الجماعة المتمدنة‏,‏ فما حدث في قنا هو بالضبط ما كان يجري منذ مئات السنين قبل عهد الدولة الحديثة التي أسسها محمد علي‏,‏ وحتي قبل ظهور الجماعة القبلية الكبيرة أو القري‏.‏
ماذا يعني أن مواطنا مصريا قبطيا أو مسلما قد تعرض لكل هذا؟
كيف يمكن أن يكون هناك صلح أو تصالح في هذه الظروف بين الجلادين أو الفتوات والضحية؟ هذه عملية قهر واضحة‏,‏ وحتي إذا اضطر الرجل المسكين للتصالح لأنه أضعف من أن يدافع عن حقه‏,‏ فكيف يمكن للدولة مجسدة في شخص نائب الحاكم العسكري للمنطقة التي وقع فيها هذا الحادث الإجرامي أن يكتفي بالصلح؟ نفهم أن يتنازل الرجل عن حقه المدني في التعويض‏,‏ وأن يتنازل عن حقه في التعويض عن كل الأضرار الفظيعة التي تعرض لها‏,‏ لكن أين حق الدولة؟ كيف تتنازل الدولة عن حقها في أن تكون هي وحدها سلطة الضبط والاتهام والمحاكمة وإنزال الأحكام وتنفيذها؟ أليست هذه الجماعة التي فعلت ذلك في هذا الرجل جماعة خارجة علي الدولة‏,‏ ومتمردة علي سلطتها وتقول‏:‏ أنا الدولة؟
إن السكوت علي هذا لا يعني إلا أننا نوشك علي التسليم بذبول الدولة المصرية وزوالها‏.‏
‏(3)‏
الحادث الفظيع يكشف عن حجم القهر والإذلال والظلم الذي تتعرض له الجماعات البشرية الضعيفة في مجتمعنا‏,‏ ومن هؤلاء الأقباط الفقراء‏,‏ فحتي لو كان صاحبنا مخالفا للقانون‏,‏ ويعمل قوادا‏,‏ فليس من حق أي إنسان أن ينزل به العقاب‏,‏ ولكن أن يتوجه إلي السلطات المختصة لكي تتولي هذا الموضوع‏,‏ هذا هو أصل التمدن والعمران البشري‏,‏ وليس أن نعيش في مجتمع يضع كل منا يده علي رقبة جاره‏.‏
هذه الحادثة تجعلنا نسترجع دنيا الفتوات والبلطجية والعاهرات في أدب نجيب محفوظ‏,‏ فالبشر عنده يبحثون عن الأمان والكرامة والسلام‏,‏ ولم يتحدث محفوظ عن بلطجي واحد انسحب في سلام‏,‏ فكلهم خرجوا من الدنيا مقهورين مذلولين مدحورين علي يد من هو أقوي منهم‏.‏
هذه النقطة تكشف حجم الفارق الضخم بين شباب التحرير‏,‏ المتحضر‏,‏ المتعلم‏,‏ القادر علي الاتصال بالعالم الذي يعيش فيه‏,‏ وأولئك الشبان في أقصي صعيد مصر الذين يعيشون في عصر ما قبل ظهور الدولة في مصر‏,‏ ويبين حجم الجهد المطلوب بذله لكي يلحق هؤلاء بالعصر الحديث‏.‏
*نقلا عن صحيفة الاهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.