اتحاد منتجي الدواجن: ارتفاع أسعار الفراخ 20% بسبب قطع الكهرباء    الأصفر هيجننا.. ارتفاع سعر الذهب اليوم في محلات الصاغة المصرية    الأخضر بكام؟.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الخميس 6 يونيو    مجزرة جديدة.. عشرات الشهداء يسقطون في قصف إسرائيلي لمدرسة ل«أونروا» بغزة    رئيس وزراء سلوفاكيا يحمل المعارضة المسؤولية جزئيا عن محاولة اغتياله    هشام نصر: أتمني موافقة نجلي على تولي منصب المدير الإداري.. ورحيل عبدالباري ليس تصفية حسابات    موعد مباراة الإمارات ونيبال في تصفيات كأس العالم والقنوات الناقلة    ناقد رياضي: قلق من كثرة الزيارات لمعسكر منتخب مصر وتوقعات بخطة جديدة أمام بوركينا    نجم الإسماعيلي: تلقيت عروضًا من الأهلي والزمالك.. وهذا قراري    طقس اليوم.. شديد الحرارة نهارا مائل للحرارة ليلا على أغلب الأنحاء    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية محافظة المنوفية الترم الثاني 2024    مواعيد صلاة عيد الأضحى 2024 في جميع المحافظات    مبادرات رسمت ملامح الزراعة الحديثة في مصر.. الرئيس السيسي مر من هنا    الصحة العالمية تعلن وفاة أول حالة مؤكدة لمتحور أنفلونزا الطيور    رجل الأعمال باسل سماقية يحتفل بخطبة ابنته (صور)    حزمة قرارات جديدة من قناة السويس تعرف عليها (تفاصيل)    رئيس برلمان سلوفينيا: الاعتراف بالدولة الفلسطينية قرار في غاية الأهمية بالنسبة لنا    حاتم صلاح يوجه رسالة ل أحمد فهمي بعد مشاركته في فيلم «عصابة الماكس»    «موجوع لفراقك».. محمد صبحي يوجه رسالة مؤثرة للفنانة الراحلة سعاد نصر    لماذا اخفى الله قبور الأنبياء إلا قبر سيدنا محمد؟ أمين الفتوى يجيب    وزير خارجية قبرص: نعمل على تهيئة الظروف للانتهاء من المشروعات المشتركة مع مصر    خطة بايدن لوقف إطلاق النار بغزة.. حماس تسمع عنها في الإعلام ونتنياهو يسعى لوفاتها قبل أن تولد    «بايك» تُعلن التحدى مع «ألكان أوتو» فى مصر    ضبط المتهم بتشويه مطلقته بمادة كاوية فى منشأة القناطر    رئيس جامعة سوهاج يتسلم جائزة مؤسسة الأمير محمد بن فهد لأفضل إنتاج علمي    البابا تواضروس يكشف كواليس اجتماع 3 يوليو في وزارة الدفاع    البابا تواضروس: سألنا مرسي عن 30 يونيو قال "عادي يوم وهيعدي"    بوسي تستعرض جمالها في أحدث ظهور لها والجمهور يعلق (صور)    ملف رياضة مصراوي.. تصريحات صلاح.. مؤتمر حسام حسن.. تشكيل منتخب مصر المتوقع    واجبات الحج الأربعة.. معلومات وأحكام شرعية مهمة يوضحها علي جمعة    الأزهر للفتوى: الاجتهاد في السعي على طلب الرزق في الحر الشديد له ثواب عظيم    10 % نسبة الزيادة المحتملة، موعد إعلان أسعار البنزين والسولار الجديدة    البابا تواضروس يروى كواليس اجتماعه في وزارة الدفاع يوم 3 يوليو    احتراق 25 فدانًا فى الوادى الجديد    مسئولون أمريكيون: بايدن أعلن مقترح غزة دون الحصول على موافقة نتنياهو    لأسباب شخصية وعائلية .. ممثل الكيان الصهيونى يستقيل من منصبه في "العدل الدولية"    هشام نصر يكشف مفاجأة: الزمالك لم يتم التعاقد مع محترف فريق الطائرة حتى الآن    «الأهلي» يكشف تفاصيل تجديد كبار الفريق.. وموقف علي معلول    مهرجان جمعية الفيلم يعرض فيلم «شماريخ» تحت شعار «تحيا المقاومة لتحيا فلسطين» (تفاصيل)    حظك اليوم برج الأسد الخميس 6-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    عبدالله السعيد: بعد رحيلي عن الأهلي سقف الرواتب "اتضرب"    ملخص وأهداف مباراة فرنسا ضد لوكسمبرج الودية    «الرى» تُنشئ 20 محطة مياه وسدودًا لحصاد الأمطار بجنوب السودان    تنسيق الثانوية العامة محافظة الشرقية 2024-2025 بعد ظهور نتيجة الشهادة الإعدادية (التوقعات)    منعًا لتلف المحرك.. تعرفي على الوقت الصحيح لتشغيل الثلاجة بعد التنظيف    وزير الصحة يستقبل نظيره الزيمبابوي لبحث سبل التعاون وتبادل الخبرات بين البلدين    أكرم القصاص: طلبات المصريين من الحكومة بسيطة..والفترة الماضية شهدت انخفاض فى الأسعار    البابا تواضروس: أخبرت نائب محمد مرسي عن أهمية ثقة المواطن في المسئول فصمت    إيه هو مشروع فالي تاورز وليه سعره لُقطة.. فيديو    تاكيدًا لانفراد «بوابة أخبار اليوم».. تفاصيل العثور على جثة الشاب السعودي «هتان شطا»    عيد الأضحى 2024.. الشروط الواجب توافرها عند الذبح    السفارة الأمريكية: إطلاق مبادرة جديدة للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات    «سقط من نظري».. البابا تواضروس يروي موقفًا صادمًا مع «مرسي»    حظك اليوم| برج الثور الخميس 6 يونيو.. «يومًا أكثر استقرارًا وانتاجية»    أخبار × 24 ساعة.. هيئة الدواء: تسعير الأدوية جبرى وإجراءات ضد المخالفين    رئيس شعبة الدواء: لدينا 17 ألف صنف.. والأدوية المصرية نفس جودة الأجنبية    شاب متهور يدهس عاملا بالتجمع الأول أثناء استعراضه بالسيارة في الشارع    السعودية ومصر تعلنان موعد غرة ذي الحجة وعيد الأضحى 2024 غدًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منظومة الفساد ... وقوى الثورة
نشر في أخبار مصر يوم 11 - 03 - 2011

لم تكن معركة الجمال الشهيرة في ميدان التحرير هي آخر معارك ثورة‏25‏ يناير‏، التي أطاحت بمنظومة الفساد ولكن الساحة مازالت مفتوحة ومازالت حافلة بمعارك أخري ضارية حتي وأن كانت في السر والخفاء‏..‏
كانت معركة الجمال شهادة وفاة لنظام سياسي حكم مصر ثلاثين عاما وبرغم أن هذه المعركة لم تستغرق وقتا طويلا فإنها بالفعل وضعت هذه النهاية‏..‏ كان الفرق واضحا بين شباب الفيس بوك وأبناء الشعب المصري بكل بساطتهم وتلقائيتهم في التعبير عن مواقفهم وبين قطيع من الجمال والحمير والمواشي اقتحم هذه الصورة الحضارية الرفيعة ليؤكد الفرق بين أناس مازالوا يعيشون في الكهوف وأن ملكوا السلطة والأمن ملايين الجنيهات وبين شباب يفكر ويري أن قيمة الإنسان في عقله وليس في دفتر شيكاته‏..‏
من هنا كانت نتيجة المعركة التي شاهدها العالم كله ووضع معها نهاية فترة شديدة الظلام في تاريخ مصر الحديث‏..‏
قلت مازالت المعركة مستمرة بين الفيس بوك وقطيع الجمال‏..‏
من وقت إلي آخر تخرج مظاهرة بسيطة في منطقة المهندسين تحمل صور العهد الماضي‏..‏ وهؤلاء هم كهان الحزب الوطني الذين يتمسكون بتعويذة قديمة فسدت وداس عليها ملايين المصريين الذين خرجوا للشوارع‏..‏ في ساعة المواجهة الحقيقية لم يخرج أباطرة الحزب الوطني إلي الساحة ليواجهوا بالحوار وليس بالجمال الشعب المصري الذي خرج بالملايين مطالبا بحريته وحقه في حياة كريمة إن آخر قوائم الانتخابات كانت تقول إن لديهم ثلاثة ملايين مواطن جاهزين لتقديم كل مشاعر الولاء والانتماء لحزب الأغلبية‏..‏ كانوا يقولون إن نتائج الانتخابات التشريعية التي اكتسحت كل شيء في مصر كانت شهادة تتويج لحزب الأغلبية الذي حصل علي‏508‏ مقاعد في مجلس الشعب‏..‏ كان الكهان في الحزب الوطني يصدرون البيانات التي تؤكد أن المصريين لا يستطيعون الحياة بدون الحزب الوطني وأن الوزراء نجحوا في انتخابات الحزب المزورة لأن الشعب يحب الحكومة‏..‏ وما أكثر الاستفتاءات التي خرجت من مجلس الوزراء لتؤكد أن الشعب سعيد جدا بحكومته‏..‏ لم يخرج أحد لإنقاذ الحزب الوطني حين جاءت لحظة المواجهة لأن الحزب كان قد اعتاد علي أن يقوم الأمن بهذه المهمة في حالات كثيرة ابتداء بمطاردة فلول الأحزاب الأخري وانتهاء بضرب التجمعات الفئوية أمام مجلس الشعب ومجلس الوزراء‏..‏ لم يظهر الحزب الوطني طوال أيام الثورة ابتداء برجال السياسات وكوادر الحزب التاريخية‏..‏ كانت اللحظة الوحيدة التي ظهرت فيها قوات الحزب الوطني هي معركة الجمال التي انتهت نهاية مأساوية أنهت الحزب والنظام وأطاحت برأسه‏..‏
وبرغم هذه النهاية مازالت أصابع الحزب الوطني تمارس الاعيبها القديمة ومازال الإخطبوط يتحرك برغم سقوط رأسه‏..‏
علي جانب آخر تقف مؤسسات الدولة سواء الأمنية أو الخدمية وفيها أعداد كبيرة من المستفيدين بالنظام السابق وهؤلاء يدركون أنه لا مستقبل للفساد في ظل الواقع الجديد‏..‏ الا أنهم حريصون علي أن يبقي المستنقع فاتحا أبوابه ربما استعاد الفساد أراضيه مرة أخري‏..‏
هناك أيضا رجال الأعمال من أصحاب الأراضي والمنتجعات والمسئولون السابقون ووزراء الخصخصة والشفافية الكاذبة وهؤلاء أيضا يدافعون عن عصر نهبوا فيه ثروة هذا الشعب سنوات طويلة‏..‏ ومع هؤلاء أعداد كبيرة من كذابي الزفة والمنافقين من أبناء النخبة هؤلاء الذين جلسوا علي قمة السلطة برغم جهلهم وتفاهتهم ولن يكون لهم مكان آخر في ظل مجتمع يقوم علي العدالة واحترام قدرات الناس ولهذا يدافعون حتي آخر رمق عن كل ما بقي من حصون الفساد وحوارييه‏..‏
هناك أيضا قطاعات في الأمن قام كل تاريخها علي افتعال الأزمات وفتح أبواب الدسائس والتخريب والتعذيب وامتهان آدمية البشر‏..‏ هؤلاء أيضا ارتبطت مصالحهم وأموالهم وتاريخهم بدور هذه الأجهزة التي مارست دورا رهيبا في البطش بهذا الشعب‏..‏
هناك أيضا بعض الرؤوس الكبيرة التي كانت صاحبة دور تاريخي في منظومة الفساد وحققوا من وراء ذلك مكاسب رهيبة وهم الآن خائفون من الحساب‏..‏ إن عشرات الأسماء من الوزراء ورجال الأعمال وكبار المسئولين تنتظر الآن دورها أمام القضاء لتلقي الجزاء العادل‏..‏ وهؤلاء يتابعون الأحداث من بعيد ولن يفقدوا الأمل في بعث أرواحهم مرة أخري‏..‏
هذه هي رؤوس الفساد والقوي التي تسعي لإجهاض الثورة ومنهم توليفة كبيرة‏..‏ إن لديهم المال في رجال الأعمال ولديهم السلطة فيما بقي منهم في مواقعها ولديهم العلاقات الخارجية سواء كانت مع أمريكا أو إسرائيل أو مع الاثنين معا وفي آخر المطاف لديهم ما بقي من أجهزة الأمن برغم كل ما تعرضت له من عوامل التدمير في الشارع‏..‏
علي الجانب الآخر تقف قوي الثورة حيث لا سلطة ولا أمن ولا مال‏..‏ إنها قوي الشعب العادية من الشباب والشيوخ والنساء وحتي الأطفال‏..‏ أنهم أباء الشهداء الذين دفعوا ثمن هذه الثورة وبرغم الظروف الصعبة التي يعانون منها إلا أنهم صامدون في كل الجبهات‏..‏ إن منهم من يسكن حتي الآن ميدان التحرير‏..‏ ومنهم من لديه استعداد لأن يعود لهذا الميدان في أي لحظة ومنهم حكومة اختارها الشعب وقرر أن يحميها ومنهم أعداد كبيرة من أبناء النخبة لم تلوثهم المناصب ولم تلعب في رؤوسهم لغة المصالح‏..‏ ومنهم أيضا ملايين الشباب الواعد الذي فجر هذه الثورة وحافظ عليها واستشهد من أجلها‏..‏ ومنهم الفلاحون والعمال وأعضاء النقابات المهنية الشرفاء من القضاة والمحامين والصحفيين وأساتذة الجامعات والتجمعات النسائية‏..‏ ومنهم أيضا الأحزاب السياسية وما بقي من فلولها والأخوان المسلمون بفكرهم الجديد وحول هؤلاء جميعا يقف في الصدارة جيش مصر العظيم الذي اختار في لحظة تاريخية فارقة أن يأخذ مواقعه مع الشعب ويحمي ثورته‏..‏
إن المعركة الآن تجري علي أكثر من محور وفي أكثر من اتجاه‏..‏
أمام محور الأمن هناك محاولات دائمة للتشكيك في إمكانية عودة الأمن إلي الشارع المصري وهذه مسئولية رجال الشرطة بحيث يعودوا إلي مواقعهم ونطوي معا هذه الصفحة الكئيبة التي حدثت أثناء الثورة وتجسدت في غياب قوات الأمن وإحراق أقسام الشرطة والمحلات التجارية وإحراق مراكز أمن الدولة‏..‏ أن عودة الأمن للشارع المصري هي أولي مسئوليات الحكومة الجديدة لان قوي الفساد تراهن دائما علي قضية غياب الأمن علي أساس أن الثورة فرطت في الاستقرار والأمن ودخلت بالشارع المصري إلي دوامة من الخوف وعدم الأمان وأن الفرق بين عهدين هو استقرار المجتمع حتي ولو كان فاسدا وهذه هي قمة المأساة وتشوية الحقائق‏..‏
المحور الثاني الذي تراهن عليه منظومة الفساد من بقايا الحزب الوطني ورجال الأعمال هو الأزمة الاقتصادية التي تنتظر المواطن المصري بعد أسابيع قليلة حيث تظهر النتائج السلبية للثورة في هروب رؤوس الأموال ومشاكل البورصة والبنوك وعدم توفير السلع الغذائية‏..‏ إن منظومة الفساد تروج دائما إلي ان مستقبل مصر الاقتصادي سيواجه تحديات كبيرة في ظل الثورة وغياب الاستقرار وهذه حقيقة‏..‏ ولكن لو أن التحقيقات مع المتهمين في قضايا نهب المال العام تم حسمها بسرعة وأعادت الدولة أموالها المنهوبة في الداخل والخارج فإن ذلك سيفتح أبوابا كثيرة لرخاء اقتصادي حقيقي للشعب المصري كله حيث تصل لأول مرة ثروة هذا الشعب للفقراء من أبنائه‏..‏ إن السرعة في اتخاذ الإجراءات القانونية مع الدول الأجنبية والبنوك المصرية وتشغيل المصانع والوحدات الإنتاجية كل هذه الإجراءات يمكن أن تسهم في خروج الاقتصاد المصري من هذه الأزمة‏..‏ يضاف لذلك أن استقرار الأحوال الأمنية في الشارع المصري سوف يعيد معدلات السياحة إلي سابق عهدها قبل قيام الثورة‏..‏
هناك أيضا عوامل تخويف تلقيها منظومة الفساد في حياة المواطنين وهي انهيار البورصة والحكمة تقتضي أن يدرك أصحاب الأسهم أن قيام ثورة يعني ارتباك أشياء كثيرة ومن بينها أسعار الأسهم في البورصة ومع استقرار الأمن واستقرار الموقف الاقتصادي سوف تعود البورصة إلي أستقرارها قبل الثورة ولكن المهم هو عدم الانزعاج والانتظار حتي تستقر الأحوال بصورة عامة إن عصابة الفساد تسعي إلي تخويف الناس أمنيا وترويعهم اقتصاديا ومسئوليتنا أن نتجاوز ذلك كله ونبحث عن الجوانب المضيئة في هذه الثورة‏..‏
هناك أيضا عوامل أخري تجعل الشارع المصري يشعر بعدم جدية الإجراءات وطغيان ملفات أخري‏..‏ لقد جاءت وثائق أمن الدولة والفضائح التي نشرتها لتخفي بعض الوقت فضائح نهب المال العام بما في ذلك أرصدة كبار المسئولين في الخارج وإمكانية استعادتها‏..‏ وجاءت أحداث إحراق الكنيسة لتلقي ظلالا علي جريمة توزيع الأراضي ونهب ثروات هذا الشعب‏..‏ وجاءت مظاهرات الأخوة الأقباط لتشد الانتباه عن تشكيل وزارة جديدة اختارها الشعب في ميدان التحرير‏..‏ هذه الأحداث المتداخلة تؤكد أن هناك أيدي خفية مازالت تعبث في الظلام ولعل هذا ما جعل الشارع المصري يطالب النائب العام المستشار عبد المجيد محمود أن يلقي بثقله وثقل جهازه في مطاردة أصحاب الملايين الذين نهبوا أموال هذا الشعب‏..‏ لن تتوقف المعركة بين منظومة الفساد بكل رموزها وتوابعها وقوي الثورة ولكن الشيء الذي يدعو للاطمئنان أن منظومة الفساد تقودها حفنة من الأشرار وان الثورة يحميها الشعب‏..‏ كل الشعب‏..‏
ولا يعقل بعد ذلك أن تتحول الثورة بكل وجهها الحضاري إلي حالة انفلات عجيبة في الشارع المصري في مؤسسات الدولة ومواقع الإنتاج بحيث تسود الفوضي في كل مكان وهذا ما تريده منظومة الفساد وما يسعي إليه أعداء الثورة من بقايا النظام وكهان الحزب الوطني المنحل‏..‏
لا يعقل أن يصبح كل من عمل في نظام الحكم السابق عميلا وشريرا وفاسدا فما أكثر الوجوه التي احترمت نفسها برغم هذا الفساد ولهذا فإن المظاهرات التي تطالب بإبعاد كل القيادات المسئولة في الجامعات ومواقع الإنتاج ومؤسسات الدولة لا تخدم أهداف الثورة‏..‏
أمام مصر الآن الشعب والجيش ثلاث قضايا أساسية يجب أن تكون لها الأولوية‏..‏ قضية الأمن وإعادة الاستقرار‏..‏ وقضية توفير احتياجات المواطنين من السلع والخدمات‏..‏ وقضية الأموال المهربة وإمكانيات استردادها بما في ذلك محاكمات المتهمين‏..‏
علي الجانب الآخر يقف معسكر الفساد يحاول تعميق هذه المشاكل والأزمات وإيهام المواطنين بأن خسائر الثورة كانت أكبر من كل مكاسبها ولكن الشعب المصري بوعيه يدرك أبعاد هذا الطرح الخبيث الذي تقوده عصابة الفساد في محاولة فاشلة لإجهاض الثورة‏..‏ المؤكد الآن أن الثورة نجحت وأن هناك وجوها كثيرة يجب أن تختفي من الساحة وأن علينا أن نبدأ رحلتنا مع مستقبل جديد‏..‏
‏..‏ويبقي الشعر
ألم‏..‏ ألم
ماذا جنيت من الألم ؟
وجه كسير‏..‏ وابتسامات‏..‏
كضوء الصبح بعثرها السأم‏..‏
حلم حزين بين أطلال النهاية‏..‏
في ذبول‏..‏ يبتسم
عمر علي الطرقات كالطفل اللقيط‏..‏
يسائل الأيام عن أب‏..‏ وأم
نهر جريح
تنزف الشطآن في أعماقه
حتي سواقيه الحزينة‏..‏
مات في فمها النغم
ندم‏..‏ ندم
ماذا جنيت من الندم ؟
سيف تحنط فوق صدر النيل‏..‏
يحكي قصة الزمن الأشم
سجنوه فانتحرت أغانيه الجميلة
وانزوت أحلامه السكري
وصارت كالعدم
شطآنه الخضراء تأكلها الأفاعي
ماؤه الفضي تسكنه الرمم
في كل شبر‏..‏
من ربوع النهر أفاق
يبيع الناس جهرا‏..‏ والذمم
من جاء بالوجه الملطخ بالخطايا
كي يؤم الناس في قلب الحرم
من جاء بالقلم الأجير
لكي يبيع لنا المواعظ والحكم
لن يستوي سيف يسبح للضلال‏..‏
وسيف عدل‏..‏ قد حكم
عدم‏..‏ عدم
ماذا جنيت من العدم ؟
يبكي أبو الهول المحطم في ذهول‏..‏
تعلن الأحجار عصيان الهرم
هل بعد هذا العمر‏..‏
يسقط تاجه المرصود من نور ودم ؟
ما بين أنصاف الرجال‏..‏
وباعة الأوهام‏..‏ والغلمان
تنتحر الشعوب‏..‏
وينزوي فجر الأمم
مازلت أمضي في الطريق‏..‏
وأسأل الزمن الجبان
بأن يثور‏..‏ ويقتحم
فيطل من بين الخرائب‏..‏
ألف دجال‏..‏ وألف مقامر‏..‏
والكل من جسم الغنيمة يقتسم
من علم الوطن الجميل
بأن يبيع الإبن
في سوق النخاسة والعدم ؟
يا أيها الوطن
الذي أسكنته عيني
وأسكنني سراديب الندم
قم من ترابك
أطلق الأحجار في وجه السكاري‏..‏
والمواخير الكئيبة‏..‏
لا تدع في أي ركن من روابيها صنم
كل الذي أبقت لنا الأيام
في الوادي الجميل
دموع حزن‏..‏ أو ألم
من يا تري فينا ظلم
من يا تري فينا ظلم
فإلي متي‏..‏
سيظل يحملنا زمان القهر
من هم‏..‏ لهم
وإلي متي‏..‏
سيظل أقزام الزمان الوغد
في اعلي القمم ؟
وإلي متي
سنظل نجري في القطيع‏..‏
وخلفنا‏..‏
ذئب الغنم ؟
منظومة الفساد‏..‏ وقوي الثورة
* نقلا عن صحيفة الاهرام المصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.