سيطرة حماس على قطاع غزة زاد من تقطيع اوصال الجغرافيا الفلسطينية ، فمعركة الغاء السلطة الفلسطينية دفع ثمنها الفلسطينيون نحو 60 قتيلا ومئات الجرحى بالإضافة إلى خسائر فادحة في الممتلكات .. وبينما يشكل الرئيس الفلسطيني حكومة طوارىء في اراضي السلطة ستنحصر سيطرتها عمليا على الضفة الغربية ، يستمر اسماعيل هنية بالعمل كرئيس حكومة ومجال نفوذه قطاع غزة فقط . وفيما ستعتمد حكومة الطوارىء على الأجهزة الأمنية الرسمية في الضفة الغربية ، أحكمت حماس سيطرتها على مؤسسات غزة اعتمادا على القوة التنفيذية وقوات كتائب القسام . الضفة الغربية رسميا مناطق متفرقة تسيطر عليها السلطة وتفصلها قوات الجيش الإسرائيلي والمستعمرات لكنها تحظى بإعتراف دول الجوار بما فيها اسرائيل والأردن ومصر .وإن كانت غزة متواصلة جغرافيا ، لكنها لا تحظى بعلاقة مع دول الجوار ، أي أن الواقع الجديد فرض دولتين لشعب ما زال يرزح تحت نير الاحتلال ويناضل من أجل دولة .. البعض يتصور أن معركة الأشقاء حسمت عسكريا ، لكن الأمر المؤكد أن كافة الأفاق تبقى مفتوحة أمام خيارات متعددة ، فهناك من يرى غزة بعيون حماس فى ابهى صورة اوكما ينبغى ان تكون ، وهناك أيضا من لا يرى سوى مصيرا مجهولا . الشارع الغزواي تساوره مخاوف منذ سيطرة حركة المقاومة الإسلامية حماس على المواقع الأمنية في قطاع غزة منتصف الأسبوع الماضى من إطباق سلطات الاحتلال الإسرائيلي حصارها على القطاع وإغلاق المعابر ومنع إدخال ما يحتاجه السكان من مواد لتسيير حياتهم اليومية. وأدى قرار الاحتلال بمنع إمداد القطاع بالوقود لمدة ثلاثة أيام متتالية ومن ثم معاودة ضخ البترول لغزة، إلى زيادة الإرباك والترقب لدى أهلها، تحسبا للخطوات التي ستتخذها السلطات الإسرائيلية على المعابر. وباتت الحرب الأهلية تلوح بالأفق أكثر من أى وقت مضى فالمتابع لمجريات الأحداث منذ تجدد الاقتتال في السابع من يونيو يلمس بوضوح أن أية اتفاقات لوقف إطلاق النار سيكون مصيرها الفشل إذا استمرت مسببات هذا التناحر دون حل . فالانتقام بين الجانبين لم يعد يقتصر على قتل أو خطف عدد من مسلحى هذا الطرف أو ذاك بل إنه تطور ليشمل مسئولى ورموز الحركتين ففى يومى الحادى عشر والثانى عشر من يونيو اختطف مسلحون وكيل وزارة النقل والمواصلات الفلسطينية فيضي شبانة وأقدم آخرون على اقتحام منزل عضو المجلس التشريعي عن حركة فتح نبيل شعث فى غزة وإحراقه أثناء وجوده وأسرته خارج المنزل وتعرض منزل رئيس الوزراء الفلسطينى إسماعيل هنية في مدينة غزة لمحاولتى اعتداء خلال 24 ساعة أصيب في إحداها بقذيفة صاروخية دون وقوع إصابات وأصيب مبنى الرئاسة الفلسطينية أيضا بأربع قذائف هاون ولم تسفر عن إصابات ، كما وجهت كتائب عزالدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس إنذاراً إلى كافة عناصر حركة فتح من مغبة مغادرة منازلهم في غزة. وبالطبع لم يفوت الجانبان الفرصة لتبادل الاتهامات ، حيث اتهم الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة ماوصفه بتيار تشارك فيه قيادات سياسية وعسكرية في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالتخطيط لانقلاب على الشرعية الفلسطينية عبر الإطاحة باتفاق مكة والانقلاب على الأجهزة الأمنية. وفي المقابل ، وصفت حماس هذا الاتهام بأنه باطل ومحاولة لقلب الحقائق ، وقال الناطق باسم الحركة فوزي برهوم إن هناك مؤامرة على حكومة الوحدة الوطنية من جانب تيار في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وقوات أمن الرئاسة . الخونة والإنقلابيون .. وفي أول خطاب علني له منذ حل حكومة اسماعيل هنية التي تهيمن عليها حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وإعلانه حكومة جديدة مكانها برئاسة سلام فياض ، شن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس امس الأربعاء، هجوما عنيفا على قادة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" واصفا إياهم "بالخونة والإنقلابيين"، متهما الحركة بالتخطيط "لانقلاب دموي" في القطاع في وقت يتشاركون في حكومة الوحدة الوطنية التي جاءت ثمرة اتفاق مكة. وطالب عباس في افتتاح اجتماعات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية الحركة بالاعتذار للشعب الفلسطيني عما حدث في غزّة من سفك دماء وتصفيات ونهب،، وتسليم دوائر الحكومة والمؤسسات للحكومة الجديدة. ودعا عباس المجتمع الدولي بالالتزام بإقامة مؤتمر دولي حول السلام حيث يشارك فيه الإسرائيليون والفلسطينيون تحت مظلة دولية ،مستبعدا إجراء أي محادثات مع من اسماهم ب"الخونة" في حركة حماس ، واتهم عباس الحركة بارتكاب جرائم ومجازر أثناء سيطرتها على غزّة بالإضافة إلى تخطيط الحركة لاغتياله، وأشار في هذا الصدد إلى وجود تسجيل مصور يثبت كلامه. كما اتهمها بالتعرض لمنزل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وبعض الكنائس. واشار الرئيس الفلسطيني الى إن حماس أعطت العذر لإسرائيل لمعاقبة شعب بأكمله، محذرا فى الوقت نفسه من استغلال الوضع لفصل غزة عن الضفة الغربية. في غضون ذلك، قال صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية إن الوضع الانساني في غزة خطير ومرعب موضحا إن الوضع الصحي متدهور إلى حد كبير وأشار إلى أن ما حدث في غزة يعد السابقة الأولى من نوعها حيث ينقلب فصيل مشارك في الحكومة وليس خارجا عنها على السلطة الشرعية. ودعا عريقات سكان القطاع إلى عدم مغادرته تجنبا لتفاقم الأزمة الانسانية. من ناحية أخرى، قال محمود الزهار القيادي بحركة حماس إن الحركة لن تقوم بدور الحامي لحدود إسرائيل، مضيفا إن الحركة ستكون منفتحة على إبرام وقف إطلاق نار مع إسرائيل إذا أوقف الجيش الاسرائيلي عملياته في الضفة الغربيةوغزة، مشيرا إلى قدرة حماس على وقف الهجمات الصاروخية من غزة .. مبارك يدعو عباس وأولمرت وعبدالله الثاني لشرم الشيخ .. وفى محاولة لانقاذ مايمكن انقاذه دعا الرئيس حسني مبارك كل من أبو مازن ورئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني للاجتماع في منتجع شرم الشيخ في بداية الأسبوع المقبل، لبحث الأزمة الراهنة وسبل تفعيل مسار السلام بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني. الأممالمتحدة تطالب بفتح المعابر.. وعلى صعيد آخر طالبت الأممالمتحدة امس الأربعاء، بفتح المعابر الحدودية المُوصِلة لقطاع غزة بهدف تجنب وقوع كارثة إنسانية في القطاع تلقي بظلالها على احتياجات 5ر1 مليون شخص في غزة .. تاريخ من الإحتقان .. كانت البداية بعد وصول حركة حماس الى السلطة في يناير العام الماضي، وقتها بدأ التوتر بين الحركتين ، فحماس شكلت حكومة من اعضائها فقط وتصاعدت المواجهة بينها وبين حركة فتح وتجلت في تشكيل حماس قوة عسكرية خاصة بها بإسم القوة التنفيذية . ومنذ ذلك الحين فرضت على غزة حالة وجدت فيها قوة عسكرية رسمية هي الأجهزة الأمنية وقوة عسكرية أخرى تتبع حماس والحقت بوازرة الداخلية . وسرعان ما تحولت الإتهامات المتبادلة والملاسنات إلى مواجهات على الأرض وأدت في خريف وشتاء 2006 الى مقتل اكثر من 350 فلسطينيا بين مدني ومسلح ، وظلت وتيرة المواجهات تتصاعد تدريجيا وهو ما دفع المملكة العربية السعودية الى التدخل من أجل وقف حمامات الدم بين الأخوة الأعداء . وفي الثامن من فبراير عام 2007 أقسم الطرفان في مكة على وقف الإقتتال وتم تشكيل حكومة وحدة وطنية في مارس الماضي . وعلى ما يبدو فإن إعلانات القادة عن الوحدة لم تعن شيئا على الأرض ، حيث تفاقم الصراع على النفوذ و تقاسم السيطرة على منظمة التحرير الفلسطينية وعلى قيادة الأجهزة الأمنية ، وفي العاشر من يونيو الجاري اندلعت مواجهات في رفح ادت الى مقتل احد عناصر فتح ومعه عادت وتيرة الموجهة الى التصاعد . وفي الثاني عشر من يونيو الجاري لم يتجاوب السياسيون مع دعوة الوفد الأمني المصري في غزة لاجتماع لوقف التدهور وعلى ما يبدو اتخذت حماس قرارا بحسم الموقف . وفي الثالث عشر من يونيو قتل نحو اربعين فلسطينيا وجرح العشرات .وفي اليوم التالي سيطرت حماس على جميع مقار السلطة الفلسطينية في غزة ، مساء اليوم ذاته أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إقالة الحكومة وإعلان حالة الطوارىء تمهيدا لتشكيل حكومة تدير أمور البلاد . وتاهت القضية بين عناد حماس وفتح او توارت الى حين فض النزاع والذى يبدو سياتى فوق جثث الفلسطيننيين ليترك الساحة امام الاحتلال الاسرائيلى يعيث فسادا .. 21/7/2007