دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند إلى رد جماعي وحازم لمكافحة الإرهاب, مؤكدا على ضرورة التنسق الأمني على المستوى الأوروبي. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها الرئيس الفرنسي أمام السفراء والدبلوماسيين في باريس لتقديم التهاني بمناسبة العام الجديد. وقال أولاند نحن نكافح الإرهاب ونشن حربا ضده, "حرب ليست ضد ديانة بل حربا ضد الكراهية",مضيفا أن الهجمات الإرهابية التي ارتكبت بباريس إهانة للدين الإسلامي. وأكد أن النزاعات التي لا تحل تمثل إلهاما وملاذا للإرهابيين. وأعاد التأكيد أنه "عبر العالم المسلمون هم أول ضحايا الإرهاب والتطرف وعدم التسامح ويجب أن نفعل كل شيء لتفادي الخلط .. وهذا يخدم مصلحة من يريد أن يزرع الفوضى والخوف." وأضاف أولاند أن فرنسا تحترم كل الأديان وكل العقائد وهذا باسم العلمانية وتعترف بمساهمة كل الثقافات لتراثها المشترك. وشدد على تمسك بلاده بحرية التعبير, قائلا "وهذه الحرية لن يتم مساومتها أبدا, وهي ركيزة أساسية في جمهوريتنا ولاسيما حرية الصحافة". وأكد أولاند على أن فرنسا بلد حقوق الإنسان ولذلك يحب أن تحمي وتضمن أمن كل مواطن, فهي تكافح بصرامة العنصرية ومعاداة السامية ومعاداة الإسلام. وأشاد بقوة الشعب الفرنسي في التوحد لمكافحة الإرهاب في إطار احترام القانون, مؤكدا أن بلاده ستخرج من تلك المحنة لتضطلع بدورها على الصعيد الدولي "حيث لن ترضخ لأي ضغط ". وشدد على ضرورة الرد على الإرهاب بشكل صارم وجماعي, مشيرا إلى أن ما زال هناك الكثير من الإجراءات واجب اتخاذها بحق المقاتلين الأجانب "عندما يتدربون في الخارج ويعودون إلى بلداننا". كما أشار الرئيس الفرنسي إلى المجازر والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها جماعة "بوكو حرام" في نيجيريا في صورة خطف نساء وقتل أطفال, لافتا إلى أن تلك التجاوزات تقترف أيضا في النيجر وكاميرون وتشاد. وقال أولاند "في مالي, تفادينا هناك أن يستحوذ الإرهابيون على دولة, ودخلت مالي في عملية استقرار", لافتا إلى الدور الذي تقوم به أيضا قوة "برخان" العسكرية في العديد من الدول الإفريقية في الساحل ومنها جمهورية إفريقيا الوسطى. إلا أنه أشار إلى أن الوضع لم ينته حيث أن الكثير من الدول الإفريقية تواجه آفة الإرهاب وهذا يتطلب دعما دوليا. وأوضح أن الوضع في ليبيا عنصر مهم في انتشار الإرهاب ومثير للقلق, مشيرا إلى ضرورة حشد الأطراف المعنية عبر الأممالمتحدة وأنه تم توقيع اتفاقية صباح اليوم في جنيف لتشكيل حكومة موحدة وهذا مبدأ أساسي وضروري بالطبع. وأضاف أن هناك حكومتين وبرلمانين في ليبيا, وأن هذا يشير إلى ضرورة تشكيل حكومة موحدة ونزع سلاح الجماعات التي انتشرت في ليبيا, وبعد ذلك التدخل للقضاء على الإرهابيين الذين يتحكمون في جزء من الأراضي الليبية ويهددون كل المنطقة. كما لفت إلى أن فرنسا لا يمكنها فعل ذلك بمفردها أو خارج القانون الدولي, وقال: "نناشد الأممالمتحدة لكي تتخذ مبادرات وتقدم الدعم أيضا". وحول العراق, أكد أولاند على ضرورة مكافحة داعش في إطار التحالف الدولي, مؤكدا أن بلاده ستقدم كل الدعم للقوات العراقية, مشيرا إلى أن إرسال حاملة الطائرات الفرنسية "شارل دو جول" في المنطقة سيساهم في جمع معلومات ثمينة, وكذلك في العمليات العسكرية. وعن سوريا قال الرئيس الفرنسي: "نواصل تقديم الدعم للمعارضة المعتدلة, ومساندة المقاومة في كوباني", مشيرا الى احتمالية وقوع معارك بحلب ستهدد بشكل بالغ السكان وعددهم 300 ألف. وذكر بأن عمليات نزوح اللاجئين السوريين على البلدان المجاورة (الأردن وتركيا ولبنان) نتيجة عدم حل الأزمة السورية يخلق مشاكل إنسانية واقتصادية هائلة في تلك الدول, محذرا من استمرار الوضع الحالي, حيث أن جزءا من هؤلاء المهاجرين سيحاول المجيء إلى أوروبا. وأكد أولاند على أن الأوضاع في سوريا يتحمل مسؤوليتها بشار الأسد, قائلا :" فلا يمكن التصور أن بشار قادر على توحيد شعبه بعد هذه المجازر ولا يمكن أن نقبل الخيار بين بشار والإرهابيين, فهما سواء". وأضاف أن بلاده تعمل مع الولاياتالمتحدة على استئناف عملية جنيف بإشراك البلدان التي لديها نفوذ في سوريا. وأكد أن إيران لديها قدر من المسؤولية لحل هذه الأزمة, فإيران يجب أن توضح موقفها وتساهم في حل النزاع. وفيما يتعلق للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي, قال أولاند إن علاقة فرنسا بإسرائيل متينة وفي نفس الوقت فرنسا صديقة للشعب الفلسطيني, مؤكدا على ضرورة الإسراع في تنفيذ حل الدولتين, مشيرا الى إخفاقات عملية السلام المتتالية. وعن الأزمة الأوكرانية, أكد الرئيس الفرنسي أن شروط الخروج من الأزمة معروفة وهي احترام اتفاقية "مينسك" الموقعة في سبتمبر, مشيرا الى الاجتماع المرتقب بأستانا بحضور المانياوفرنساوأوكرانياوروسيا, إلا أن هذا الاجتماع لن ينعقد إلا لو تحققت نتائج قبل ذلك. ونوه بأن هناك عدة متطلبات لذلك, وهي تحديد خط تماس ونزع الأسلحة الثقيلة وتحديد شروط وصول المساعدات الإنسانية وتنظيم انتخابات في شرق أوكرانيا تسمح بانتخاب هيئات تمثيلية للجميع وفقا للقانون الأوكراني. كما أشار إلى الثمن الكبير لهذا النزاع. على المستوى الإنساني في أوكرانيا والسياسي والاقتصادي نظرا للعقوبات التي فرضت على روسيا و تؤثر على أوروبا.