غادة البدوي: تحرير سيناء يمثل نموذجًا حقيقيًا للشجاعة والتضحية والتفاني في سبيل الوطن    من أرض الفيروز.. رسالة وزير العمل بمناسبة ذكرى تحرير سيناء    «زى النهارده».. عيد تحرير سيناء 25 إبريل 1982    مواجهة بين أحد الصيادين ومؤسس حملة "خليها تعفن" تكشف أسباب ارتفاع أسعار الأسماك    ارتفاع الذهب اليوم الخميس.. تعرف على الأسعار بعد الزيادة    تأجيل بيع محطتي سيمنز .. البنوك الألمانية" أو أزمة الغاز الطبيعي وراء وقف الصفقة ؟    شراكة مصرية إماراتية لتوطين صناعة السيارات الكهربائية والتقليدية    3 شهداء وعدد من الإصابات جراء استهداف الاحتلال لمنزلًا شرق رفح    «زي النهارده».. بداية الحرب الأمريكية الإسبانية 25 إبريل 1898    مصير مجهول ينتظر "مؤتمر المصالحة الليبية" ..تحشيد عسكري روسي وسيف الإسلام مرشحا للقبائل !    مراقبون: فيديو الأسير "هرش بولين" ينقل الشارع الصهيوني لحالة الغليان    مظاهرات لطلاب الجامعات بأمريكا لوقف الحرب على غزة والشرطة تعتقل العشرات (فيديو)    البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرانيا حتى نهاية 2024    ميدو: لاعبو الزمالك تسببوا في أزمة لمجلس الإدارة.. والجماهير لن ترحمهم    وزير الرياضة يتفقد استعدادات مصر لاستضافة بطولة الجودو الأفريقية    ميدو ل لاعبي الزمالك «قبل مواجهة دريمز»: «الجماهير لن ترحمكم»    جدول ترتيب الدوري الإنجليزي بعد خسارة ليفربول وفوز مانشستر يونايتد    كاراجر: محمد صلاح ظهر ظلا لنفسه هذا الموسم    "سنحولها إلى الجهات الرقابية".. الزمالك يكشف مفاجأة في قضية بوطيب وتحركات لحل الأزمة    خبر في الجول – الأهلي يتقدم بشكوى ضد لاعب الاتحاد السكندري لاحتساب دوري 2003 لصالحه    بعد خسارة الأهلي ضد أويلرز الأوغندي.. موقف مجموعة النيل ببطولة ال«BAL»    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    الأرصاد تُحذر من حالة الطقس المتوقعة اليوم الخميس: درجات الحرارة تصل ل43    إصابة أم وأطفالها الثلاثة في انفجار أسطوانة غاز ب الدقهلية    رئيس تحرير «أكتوبر»: الإعلام أحد الأسلحة الهامة في الحروب    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أخبار الفن|طلاق الفنان أحمد جمال من زوجته سارة قمر.. وشريف منير يروّج ل«السرب».. وهذه الصور الأولى من زفاف ابنة بدرية طلبة    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    في حفل تأبين أشرف عبدالغفور .. أشرف زكي: فقدنا فنانا رسم تاريخه بالذهب    اختيارات النقاد.. بعد سيطرة الكوميديا ما هى الأفلام الأنسب لموسم العيد؟    رئيسة «القومي للمرأة» تزور مكتبة الإسكندرية.. وتشيد بثرائها وأصالتها    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    الصحة تفحص مليون و413 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن فيروس سى    سفير ألمانيا بالقاهرة: المدرسة الألمانية للراهبات أصبحت راسخة في نظام التعليم المصري    المواعيد الصيفية لغلق وفتح المحال والمطاعم والمولات والمقاهي    مدير تعليم القاهرة: مراعاة مواعيد الامتحانات طبقا للتوقيت الصيفي    خال الفتاة ضحية انقلاب سيارة زفاف صديقتها: راحت تفرح رجعت على القبر    صور.. الطرق الصوفية تحتفل برجبية السيد البدوي بطنطا    أحمد موسى: مصر قدمت تضحيات كبيرة من أجل إعادة أرض سيناء إلى الوطن    رئيس جامعة دمنهور يشهد فعاليات حفل ختام مهرجان بؤرة المسرحي    إجازات شهر مايو .. مفاجأة للطلاب والموظفين و11 يومًا مدفوعة الأجر    الهلال الأحمر المصري: إسرائيل تعطل إجراءات دخول الشاحنات إلى قطاع غزة    في الموجة الحارة.. هل تناول مشروب ساخن يبرد جسمك؟    طريقة عمل الكبسة السعودي باللحم..لذيذة وستبهر ضيوفك    خالد الجندي: الاستعاذة بالله تكون من شياطين الإنس والجن (فيديو)    حكم تصوير المنتج وإعلانه عبر مواقع التواصل قبل تملكه    أمين الفتوى: التاجر الصدوق مع الشهداء.. ومحتكر السلع خبيث    تحرير سيناء قصة كفاح نحو البناء والتنمية .. ندوة بمجمع إعلام قنا    تجديد اعتماد كلية الدراسات الإسلامية والعربية ب«أزهر الاسكندرية»    بالفيديو.. أمين الفتوى: موجات الحر من تنفيس نار جهنم على الدنيا    متحدث «الصحة» : هؤلاء ممنوعون من الخروج من المنزل أثناء الموجة الحارة (فيديو)    بعد إنقاذها من الغرق الكامل بقناة السويس.. ارتفاع نسب ميل سفينة البضائع "لاباتروس" في بورسعيد- صور    البورصة تقرر قيد «أكت فاينانشال» تمهيداً للطرح برأسمال 765 مليون جنيه    العاهل البحريني ورئيس الإمارات يدعوان إلى تهدئة الأوضاع بالشرق الأوسط    10 توصيات لأول مؤتمر عن الذكاء الاصطناعي وانتهاك الملكية الفكرية لوزارة العدل    تضامن الغربية: الكشف على 146 مريضا من غير القادرين بقرية بمركز بسيون    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع الخامس لسرقته    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حديث في الدين والدولة
نشر في أخبار مصر يوم 03 - 11 - 2010

كنا نجلس في قاعة بفندق شهير بالقاهرة‏,‏ نتحدث عن الدستور المصري ومفاهيمه والمواطنة والعدالة‏,‏ فضرب أحد الحاضرين مثلا عن العدالة في عصر الخلفاء الراشدين‏,‏ بحكاية ابن عمرو بن العاص الذي اعتدي علي مصري‏,‏
فسافر والد هذا المصري الي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في المدينة شاكيا له‏,‏ فأعاد له الفاروق عمر حقه علي رءوس الأشهاد‏.‏
فعلقت قائلا‏:‏ لو فرضنا أن هذا الأب وهو يقطع البراري والقفار الي المدينة قد مات أو أكله ذئب أو خرج عليه قطاع الطرق وقتلوه‏,‏ ولم يصل الي الفاروق عمر‏,‏ فكيف يكون الحال؟‏!‏
سألني‏:‏ ماذا تقصد؟‏!‏
قلت‏:‏ العدالة نظام مجتمع وليست هبة من حاكم عادل يرعي حقوق الله‏,‏ وماكان يصلح في قديم الزمان فقد لا يفيد الآن بتعقد الظروف والحياة العصرية‏.‏
كان الحوار عن كيفية إصلاح الدولة‏,‏ لكن بعض الحضور قادها عمدا أو مصادفة الي درب الدين والدولة‏,‏ خاصة بعد أن قفز اقتراح بتعديل المادة الثانية من الدستور‏,‏ لتكون مقاصد الشريعة هي المصدر الأساسي للتشريع بدلا من الشريعة هي المصدر الأساسي‏,‏ من باب التعميم والشمولية والتوسع‏,‏ وحتي يحرم تنظيمات دينية وجماعات سياسية سلفية من تفسير المادة بصيغتها الحالية علي أنها تؤسس لدولة دينية‏!‏
وتصور أنصار الدولة الدينية أن هذا الاقتراح هو عدوان علي الشريعة‏,‏ ومحاولة لفك الارتباط الشرعي بين الدين والدولة‏,‏ فأفاضوا في الدفاع عن هذا الارتباط الإلهي المنصوص عليه في القرآن‏!‏
وحين اشتد الجدل‏,‏ سألت المستشار‏:‏ لو فرضنا جدلا أنك كنت موجودا في زمن الخلفاء الراشدين وشهدت معركة الجمل‏..‏ فإلي أي الجانبين تصطف‏,‏ مع الخليفة علي بن أبي طالب وأنت تعرف مكانته وقيمته أم مع السيدة عائشة بنت أبي بكر وهي زوجة الرسول الكريم؟
فرد منفعلا‏:‏ لا مع علي ولا مع عائشة‏..‏ هذا صراع علي السلطة‏!‏
قلت‏:‏ نعم‏..‏ صراع يرفع المصحف علي أعنة الرماح‏..‏ أي يحاول كل طرف أن يزعم أن السماء تقف الي جانبه للوصول الي كرسي الحكم‏,‏ فبدت المصاحف كما لو أنها تحارب بعضها البعض‏,‏ بينما رافعوها هم الذين يتقاتلون حسب فهم كل منهم للنص سياسيا ودينيا‏.‏
فسألني شاب من الحضور‏:‏ وما الخطأ هنا؟‏!‏
قلت‏:‏ لا أتحدث عن خطأ أو صواب‏..‏ ولكنني أبين شيئا بسيطا وواضحا للغاية وهو عندما نسيس الدين وندخل به الي دهاليز الصراعات السياسية يمكن أن يتقاتل أكثر الناس ورعا وإيمانا‏,‏ ولا أظن أنك تشك في إيمان وورع الإمام علي أو السيدة عائشة‏,‏ لكن هذا الإيمان والورع لم يصمدا أمام الخلاف السياسي‏,‏ فرفع كل طرف سيفه في وجه الآخر‏,‏ ولك أن تتصور ماذا يحدث في عصر ليس فيه علي ولا عائشة ولا عمر ولا الصديق إذا لعبت جماعة أو فريق لعبة دمج الدين بالدولة‏.‏
فقال‏:‏ لكن الإسلام دين ودولة‏..‏ عقيدة وسياسة‏!‏
سألته‏:‏ هل تعني أن المسلم لا يصح إسلامه إلا إذا أسس دولة إسلامية أو عمل علي تأسيسها؟‏!‏ هذا كلام خطير وأعتقد أنه ضد رسالة السماء‏,‏ لأن يفرض علي أي مسلم يعيش في أي مكان علي ظهر الأرض من أول استراليا الي البرازيل أن يؤسس دولة اسلامية ليكون اسلامه صحيحا‏..‏ هذا كلام لا منطق له ولا عقل‏,‏ والدولة ليست من أركان الإسلام كما أعتقد‏,‏ فالإسلام نزل للبشر جميعا في أي زمان ومكان بغض النظر عن العرق والجنس واللون واللغة والتاريخ والمصالح والطبيعة الجغرافية‏,‏ بينما يرتبط كيان الدولة بعدد من هذه العناصر أو جميعها‏..‏ والمسلمون كما تعرف منتشرون في كل أنحاء العالم شرقا وغربا‏,‏ شمالا وجنوبا‏..‏ فكيف تكون لهم دولة واحدة؟
قال‏:‏ لكن الشريعة تحدد نظام الدولة‏.‏
قلت‏:‏ عندما نقول إن الإسلام دين وليس دولة لا نقصد إننا ننكر الشريعة أو نعزلها في المساجد‏,‏ لكن الشريعة في أغلبها قواعد عامة نسترشد بها‏,‏ ويصعب أن تشكل الشوري نظاما سياسيا‏,‏ أو تشكل قواعد الميراث والزكاة والبيوع والتجارة وتحريم الربا نظاما اقتصاديا‏,‏ أو تؤسس بعض الحدود مثل عقاب السارق وشارب الخمر وقاطع الطريق والزاني والقاذف نظاما قضائيا‏,‏ لأن الدولة العصرية أكثر تعقيدا واشتباكا مع حياة تتغير بإيقاع سريع للغاية‏,‏ القرآن ليس نظريات في السياسة والاقتصاد‏,‏ هو كتاب من الله يحدد لنا علاقاتنا به وعلاقات الإنسان بأخيه الإنسان وكلها محكومة ب العدل‏,‏ عدل الإنسان مع نفسه فيحميها بطاعة الله من الجور والعقاب‏,‏ وعدله مع الآخر‏,‏ وفيه قدر من الأفكار العامة عن السياسة والاقتصاد‏,‏ اختلف في تفسيره الخلفاء الراشدون والأمويون‏,‏ والعباسيون والعثمانيون‏..‏ فسالت دماء كثيرة عبر التاريخ‏.‏
قال‏:‏ لكن الحكم لله‏.‏
قلت‏:‏ هذه العبارة ظهرت أول مرة بمعناها السياسي علي ألسنة الخوارج‏,‏ وكانوا يصيحون بها في وجه علي بن أبي طالب في كل مرة يدخل فيها الي المسجد للصلاة‏,‏ وظلوا يلاحقونه بها بعد أن قبل بالتحكيم في صراعه مع الأمويين‏,‏ وكان يرد عليهم‏:‏ قولة حق يراد بها باطل‏!‏
وكلمة الحكم عموما بمشتقاتها اللغوية وردت في آيات القرآن الكريم‏79‏ مرة‏,‏ وكلها بمعني القضاء وليس بمعني السلطة والحكومة‏,‏ ولأن القرآن حمال أوجه‏,‏ كما قال علي بن أبي طالب بنفسه‏,‏ فقد قتله الخوارج بتأويل للآيات يجعل قتله علي أيديهم كما لو كان تطبيقا لشريعة الله‏.‏
وعموما يجب ألا نفسد الدين بالسياسة‏,‏ وهذه رحمة بالناس لأن السياسة لا مكان فيها للمقدس‏,‏ والتأويل في أفكارها متاح حتي لو وصل الي درجة سوء فهم المعاني ولا ينتهي الي تكفير الآخر‏!‏
نقلا عن صحيفة الأهرام المصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.