أصدرت محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ حكما قضائيا, في شأن حرية المواطنين والموظف العام في التظاهر السلمي, أكدت فيه المحكمة على عدة ضوابط للتظاهر بألا يكون مخالفا للنظام العام أو الاداب, وألا يترتب عليه تعطيل الانتاج او مصالح المواطنين او الاعتداء على الأرواح أو الممتلكات.. داعية في ذات الوقت الحكومة إلى إعادة قراءة قانون التظاهر ليتفق مع التوجه الديمقراطي, حتى يمارس المواطنون حقوقهم المشروعة في التظاهر السلمي, وبما لا يخل بحق الدولة في الحفاظ على النظام العام ومواجهة المخاطر التي تهدد استقراره. صدر الحكم برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة, وعضوية المستشارين عبد الحميد متولى وزكى الدين حسين نائبي رئيس مجلس الدولة. وألغت المحكمة في حكمها قرار إحدى الهيئات القومية المستقلة بكفر الشيخ, بنقل أحد الموظفين من وظيفته إلى وظيفة أخرى درجتها اقل بسبب مشاركته في إحدى المظاهرات, وما يترتب على ذلك من اثار اخصها تمكين الهيئة له بعودته لعمله الاصلى, باعتبار ان ما اتاه الموظف تعبيرا عن حقوقه المشروعة فى التظاهر السلمى دون تعطيل لمصالح المواطنين, والزمت الهيئة المصروفات. وأكدت المحكمة أن حرية التظاهر السلمى اضحت من حقوق الانسان العالمية, باعتبارها احدى والوسائل المعبرة عن الارادة الجماعية للمواطنين للضغط على الحكومة لتفتح عينيها على مصالح مشروعة لم تكن تراها او كانت تتجاهلها, حتى تتوافق سياستها مع الاحاسيس العامة للجماهير. وأضافت المحكمة أنه بعد ثورتين متتاليتين للشعب المصرى فى زمن وجيز, لا يملك أحدا ان يفرض على الشخصية المصرية صمتا ولو بقوة القانون, وان حرية ابداء الراى فى المظاهرات السلمية من الادوات اللازمة لضمان اصلاح الحكم. وقالت المحكمة ان رئيس الجمهورية المؤقت اصدر فى 24 نوفمبر من العام الماضي قرارا بقانون رقم 107 لسنة 2013 بتنظيم الحق فى الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية, وحظر فيه بموجب المادة السابعة منه على المشاركين فى الاجتماعات العامة او المواكب او التظاهرات, الاخلال بالامن او النظام العام او تعطيل الانتاج او الدعوة اليه او تعطيل مصالح المواطنين او ايذائهم او تعريضهم للخطر او الحيلولة دون ممارستهم لحقوقهم واعمالهم او التأثير على سير العدالة او المرافق العامة او قطع الطرق او المواصلات او النقل البرى او المائى او الجوى او تعطيل حركة المرور او الاعتداء على الارواح او الممتلكات العامة او الخاصة او تعريضا للخطر. وقالت المحكمة: "انه وايا كان الرأى فى قانون التظاهر الذى صدر فى عهد الرئيس المؤقت للبلاد والمثالب التى توجه اليه, وفى ظل التوجه الجديد للنظام الحالى لتحقيق المزيد من الديمقراطية الحقيقية, فإن اكثر التحديات وما يهدد حرية التعبير ان يكون ايمان النظام الحاكم بها شكليا او سلبيا, ذلك انه يتعين ان يكون اصرار الدولة على حرية التعبير قبولا منها بتبعاتها". وأكدت المحكمة أن حرية ابداء الراى فى المظاهرات السلمية من الادوات اللازمة لضمان اصلاح الحكم, وان الحكم الرشيد الذى يبغى خير الوطن هو الذى يعمل على تدعيم اواصر تلك الحرية ويحرص على ممارسة المواطنين لها للتعرف على رغباتهم وسبل تحقيقها ليتسنى للمحكومين الاخبار والتعليق على تصرفات المسئولين, مما يكفل سلامة تصرفات حكامهم, فيكون لتلك الحرية دورها المؤثر فى رقابة الشعب على حكامه. واختتمت المحكمة حيثيات حكمها بالتأكد على أنه بات مستقرا فى ظل الانظمة الديمقراطية الحديثة, ان انتقاد القائمين بالعمل العام والمسئولين عن طريق التظاهر السلمي, هو حق من حقوق المواطنين, شريطة ألا يمس النظام العام بمخاطر تهدد استقراره.. مشددة على أن النقد يجب ألا يكون منطويا على آراء تنعدم قيمتها الاجتماعية كتلك التي تكون غايتها شفاء الأحقاد والضغائن الشخصية أو التي تنطوى على مجرد الفحش أو محض التعريض بالسمعة, وإنما يكفي أن تكون لتلك الآراء في نقد المسئولين لها بعض القيمة الاجتماعية حتى لا تتخذها الدولة ذريعة تصادر بها حرية الناس في النقاش أو الحوار.