وسط حالة من الجدل حول حقيقة استقالة الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزى، التى أذاعها مساء أول من أمس السبت، قبل أن يتم نفيها ببيان رسمى من مجلس الوزراء، حضر العقدة أمس الأحد، إلى مقر مجلس الوزراء للمشاركة فى اجتماع المجموعة الاقتصادية الذى عقده الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء، ونفى فى تصريحات مقتضبة نبأ استقالته عقب الاجتماع، قائلا «لم أستقل وأنا موجود وشاركت فى الاجتماع». مجلس الوزراء، يتجنب عادة عقد مؤتمرات صحفية عقب اجتماعات المجموعة الاقتصادية، التى تضم عادة وزراء المالية والكهرباء والتخطيط والتعاون الدولى والاستثمار والبترول والصناعة والتجارة، ويكتفى بإصدار بيان صحفى لا يتضمن مؤشرات الوضع الاقتصادى الحالى بدقة، ويكتفى بعبارات عامة حول إجراءات الحكومة فى الفترة المقبلة دون أى تفصيلات، رغم زيادة التكهنات فى الفترة الأخيرة عن خطورة الوضع الاقتصادى الذى بات يهدد مصر. العديد من المحللين ربطوا بين الأنباء عن استقالة محافظ البنك المركزى وخطورة الوضع الاقتصادى، معتبرين أنه يحاول النجاة من «السفينة الغارقة» بعد تردى الأوضاع، التى لم تتمكن الحكومة فى ظلها من إخفاء حجم الخطورة فى بيانها الذى أعقب الاجتماع.
الحكومة قالت فى بيانها إن المشاورات التى تمت خلال الاجتماع أكدت أن الاقتصادى المصرى لديه القدرة على معاودة النمو والتشغيل فور عودة الاستقرار «إلا أن الوضع المالى والاقتصادى فى الوقت الحالى فى خطورة عالية»، مضيفة -فى ما بدا أنه تمهيد لقرارات حازمة قد يتم اتخاذها خلال الفترة المقبلة- «أن المناقشات أكدت أن تطبيق حزمة متكاملة من الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية أصبح ضرورة، وأن هناك إجراءات اقتصادية لا بد أن يُختار منها ويشارك فى أعبائها الجميع عدا الفقراء، مع التأكيد على أنه لن يكون هناك إجراء اقتصادى إلا ويقابله إجراء اجتماعى مناظر يوفر الحماية المناسبة للفقراء ومحدودى الدخل، ويطبق أهداف الحكومة فى تحقيق العدالة الاجتماعية».
المتحدث الرسمى باسم رئاسة مجلس الوزراء علاء الحديدى، قال إنه بانتهاء عملية الاستفتاء على الدستور الجديد، من المنتظر أن تستحوذ الموضوعات الاقتصادية على بؤرة الاهتمام خلال الفترة القادمة، مع تنامى اهتمام المستثمرين والقطاع الخاص بفرص الاستثمار فى ضوء ما شهدته البلاد من أحداث سياسية خلال الفترة الماضية، وما ينتظره العالم من استقرار الأوضاع فى مصر، وأكد أن الحكومة تولى موضوع تحسين مناخ الاستثمار أهمية خاصة خلال المرحلة القادمة، بما يساعد على جذب وتشجيع الاستثمارات الأجنبية والعربية والمحلية إلى مصر.
الخبير الاقتصادى ورئيس تحرير تقرير الاتجاهات الاقتصادية أحمد النجار، أكد أن الوضع الاقتصادى فى مصر حاليا «خطير جدا»، وعلق على أنباء استقالة الدكتور فاروق العقدة بالقول إن «محافظ البنك المركزى يريد أن ينجو من سفينة لا تسير بشكل متزن»، مشيرا إلى أن الحكومة وأداء وزارة المالية يتحملان مسؤولية الوضع الاقتصادى الذى وصلت إليه مصر، والسبب فى ذلك يتعلق بالكفاءة والمصالح أكثر من أى شىء، مؤكدا أن جماعات المصالح من الرأسمالية الكبيرة التى كانت فى عهد مبارك ما زالت حول الدكتور محمد مرسى والقرارات التى يتم الإعلان عنها ترفع الأعباء على الفقراء، مشيرا إلى أن قرار الحكومة على سبيل المثال فى ما يتعلق بأسعار الغاز يرفع سعر الغاز على المواطنين نحو 6 جنيهات.
النجار تحدث عن مؤشرات الوضع الاقتصادى حاليا، منبها إلى أن حجم الاحتياطى النقدى لمصر الذى بلغ 15 مليار دولار يكفى لتغطية واردات مصر 3 أشهر قادمة فقط، ونبه إلى أن الاحتياطى بمجرد نفاده سيتم إعلان حالة إفلاس البلد «لأن المقصود بالإفلاس هو عدم قدرة الدولة على سداد التزاماتها الدولية من ديون وغيرها، وهنا تكون عرضة للدول الدائنة بأن تفرض عليها شروطها من الألف إلى الياء».
النجار نبه إلى أن الديون الخارجية لمصر ارتفعت نحو 40 مليار دولار، بإضافة الوديعة القطرية والتركية «وإذا تم الحصول على قرض صندوق النقد يصل إلى 45 مليار دولار وحجم العجز بعد خروج الميزانية الختامية اتضح أنه بلغ 203 مليارات جنيه فى موازنة العام الماضى 2011-2012 رغم التضارب الذى قيل من قبل، وما أعلنه رئيس الوزراء بأنه قد بلغ 175 مليار جنيه»، واستكمل النجار موضحا أنه تم اقتراض أكثر من 50 مليار جنيه خلال الربع الأول من العام المالى الجديد 2012-2013، وإذا تمت إضافة قيمة سداد أقساط الديون فإن حجم العجز متوقع أن يصل إلى 230 مليار جنيه.
وتابع النجار: إن حجم الدين المحلى ارتفع حاليا إلى مليار و350 مليون جنيه بعد أن كان فى يونيو الماضى مليار و238 مليون جنيه، وقال إن استمرار عجز الموازنة يعنى أننا قد لا نتمكن من زيادة الرواتب، مشيرا إلى أننا «حتى اليوم لا نتمكن من تطبيق الحد الأدنى الذى تم تحديده منذ وزارة سمير رضوان فى حكومة عصام شرف وكانت قيمته 700 جنيه فقط»، ونبه النجار إلى أن العاملين بالخارج هم من أنقذوا مصر، حيث بلغ حجم تحويلاتهم خلال عام 2011- 2012 مبلغ 18 مليار دولار، والسياحة على سبيل المثال كانت قد حققت 9.5 مليار والصادرات إجماليا حققت 27 مليارا.