لقد حنث الدكتور مرسى بالقسم الجمهورى، ومن ثم فالشك عميق فى أنه لا يزال رئيسا شرعيا للبلاد (هل هناك أى مسؤولية قانونية على مواطن لم يعد يعتقد ولا يتعامل على أن مرسى رئيسه؟!). الدكتور مرسى منطلقا من مبادئ جماعته، حيث لا مبادئ بل مصالح، ومنطلقا من أجندة مكتب الإرشاد وأهدافه ومن سعار الجماعة بالسلطة ومن هوسها بالتمكين، أصدر هذه القرارات التى تجعل منه نبيًّا لا تُرَدّ كلمته، فكل مصر يؤخذ منها ويُرَدّ إلا صاحب هذا المقام النبوى الإلهى محمد مرسى عليه سلام الجماعة وأعضائها والرُّكع السجود لإعلاناته الدستورية!
بعض الببغاوات يرددون أنه رئيس منتخَب، وكأن انتخاب سعادته جاء بإجماع ساحق أو بأغلبية هائلة وهو الناجح بشِقّ الأنفس وعلى الحافة، وهناك من يشكك أصلا فى أنها نتيجة شارك فى صناعتها التزوير أو التهديد الإخوانى بحرق البلد، ومع ذلك فإن الذين يتحججون بكونه منتخبا لا بد أن يراجعوا طبيبا نفسيا فورا، فالمؤكد أن انتخاب أى رئيس لا يعنى تفويضا له باختراق القانون وهتك الدستور وخدمة جماعته وتنظيمه السرى. الانتخابات يا محدثى النعمة لا تسمح للمنتخب بأن يتجاوز وينحرف بالقانون حتى تبرروا استبداد صاحبكم بهذا الكلام التافه الجهول، ثم إن هتلر بالمناسبة كان منتخَبًا، وموسولينى وجورج بوش، ولا يمنع انتخابهم من وصفهم بالمستبدين المجرمين!!
لقد تسلم مرسى البلد منقسما ويريد أن يسلمه مفتتا.
رجل يعتقد أنه ظِلُّ الله على الأرض وأن جماعته وتياره هم المسلمون الموحِّدون، ومن ثم لهم أن يسحقوا الآخرين ويضربوهم ويقتلوهم لو لزم الأمر، الرجل ابن الجماعة السرية يتعامل مع مصر على أنها غنيمة لجماعته ويزين له ديكتاتوريتَه وعاظُ السلاطين وخوارج العصر ومتلونو التيار الإسلامى الذى يتصور أصحابه أنهم مالكو الدين والحق، وهم تجار دين ووعاظ تكفير ودعاة ضلال. الدكتور مرسى يشتِّت لا يجمع، يُفرِّق لا يوحِّد، يثير الفتنة فى البلد وينهى التوافق الوطنى ويؤجج لحرب أهلية، ويريد أن يجلس مثل نيرون سعيدا مبتهجا وهو يرى نار الخلاف والشقاق تندلع بين أبناء الأمة الواحدة، الثابت أن الدكتور مرسى أطاح بالمشير وعنان بعد يوم وليلة من لقائه هيلارى كلينتون، وها هو يعلن نفسه فرعونا بعد أربع وعشرين ساعة من لقائه هيلارى كلينتون. إنه إعلان دستورى بالطعم الأمريكى، كن طاغية كما تريد، لتتحول أكثر استبدادا من مبارك، ما دمت تخدمنا كمبارك وترعى إسرائيل كمبارك وتتخلى عن القضية الفلسطينية مقابل نفوذ فرع جماعتك وانفرادها بغزة، خذ مصر وفوقها غزة هدية مقابل أمن إسرائيل ورضا إسرائيل ولعن إيران وتفتيت سوريا! هذه أمريكا تمارس هوايتها التى لا تجيد غيرها، وهى صناعة الطغاة ودعم المستبدين فى الشرق الأوسط. ها هى قرارات هيلارى وإعلانات هيلارى تصدر مختومة بشعار الجماعة! ما العمل الآن بعد الإعلان المعلن لديكتاتورية رئيس واستبداد جماعة وفاشية تيار؟ انفجِروا أو موتوا. رعب أكبر من هذا سوف يجىء.. القادم أسوأ. خلال ثلاثة أشهر من الآن وحتى إجراء الانتخابات البرلمانية، إن لم نمت أو ننفجر سيتم التالى: - العصف بكل قضاة المحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة سواء من بلغ سن الستين أو من لم يبلغ، وتحويل المحاكم إلى مخازن للإخوان وأنصارهم! - سجن معظم رموز العمل القضائى فى الفترة الحالية بدعاوى مفرطة فى التشويه والتشهير. - سجن قيادات ورموز سياسية بقضايا ملفَّقة. - إغلاق قنوات فضائية، ومنع برامج، ومصادَرة صحف مستقلة. - إغلاق منظمات حقوقية، والتضييق على نشطاء ورقابة وتدخُّل فى الإنترنت. وعندما تعرف أن قطاعا مهما وواسعا من مؤيدى مرسى قتلة وإرهابيون حملوا السلاح وأطلقوا نيرانه على مواطنين أبرياء وعلى مخالفين لهم فى الرأى والعقيدة، ستتأكد أن هناك حوادث اغتيال وتصفية قادمة! ولعلمكم فإن أسوأ توقعاتى التى كتبتها وقلتها خلال الشهور الماضية قد تحققت. وهو ما يجعلنى متأسفا وحزينا أننى على حق!!