شرايين الحياة إلى سيناء    حزب أبناء مصر يدشن الجمعية العمومية.. ويجدد الثقة للمهندس مدحت بركات    رئيس الوزراء يصل الرياض للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي نيابة عن رئيس الجمهورية    لميس الحديدي: رئيسة جامعة كولومبيا المصرية تواجه مصيرا صعبا    قطارات السكة الحديد تغطي سيناء من القنطرة إلى بئر العبد.. خريطة المحطات    إعلام إسرائيلي: معارضة بن غفير وسموتريتش قد تجهض أي صفقة لتبادل الأسرى مع حماس    مصر تواصل الجسر الجوى لإسقاط المساعدات على شمال غزة    تعليق ناري من أحمد موسى على مشاهد اعتقالات الطلاب في أمريكا    المنتخب الأولمبي يخوض وديتين فقط بمعسكر يونيو    محافظ القاهرة: استمرار حملات إزالة التعديات والإشغالات بأحياء العاصمة    "مستحملش كلام أبوه".. تفاصيل سقوط شاب من أعلى منزل بالطالبية    جريمة طفل شبرا تكشف المسكوت عنه في الدارك ويب الجزء المظلم من الإنترنت    أصالة من داخل قصر الإمارات قبل انطلاق حفلها في أبو ظبي ( صور)    رامي جمال يحتفل بتصدر أغنية «بيكلموني» التريند في 3 دول عربية    عزيز الشافعي عن «أنا غلطان»: قصتها مبنية على تجربتي الشخصية (فيديو)    جامعة كفر الشيخ تنظم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة    "اشتغلت مديرة أعمالي لمدة 24 ساعة".. تامر حسني يتحدث عن تجربة ابنته تاليا    أمين صندوق «الأطباء» يعلن تفاصيل جهود تطوير أندية النقابة (تفاصيل)    افتتاح المدينة الطبية بجامعة عين شمس 2025    غدا.. إعادة إجراءات محاكمة متهم في قضية "رشوة آثار إمبابة"    80 شاحنة من المساعدات الإنسانية تعبر من رفح إلى فلسطين (فيديو)    ما هي مواعيد غلق المحال والكافيهات بعد تطبيق التوقيت الصيفي؟    صور.. إعلان نتائج مهرجان سيناء أولا لجامعات القناة    سمير فرج: مصر خاضت 4 معارك لتحرير سيناء.. آخرها من عامين    حبست زوجها وقدّمت تنازلات للفن وتصدرت التريند.. ما لا تعرفة عن ميار الببلاوي    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    سمير فرج: طالب الأكاديمية العسكرية يدرس محاكاة كاملة للحرب    «الحياة اليوم» يرصد حفل «حياة كريمة» لدعم الأسر الأولى بالرعاية في الغربية    أمل السيد.. حكاية مؤسِّسة أول مبادرة نسائية لتمكين المرأة البدوية في مطروح    رمضان عبد المعز: على المسلم الانشغال بأمر الآخرة وليس بالدنيا فقط    وكيل صحة الشرقية يتابع عمل اللجان بمستشفى صدر الزقازيق لاعتمادها بالتأمين الصحي    حكم الاحتفال بعيد شم النسيم.. الدكتور أحمد كريمة يوضح (فيديو)    طاقة نارية.. خبيرة أبراج تحذر أصحاب برج الأسد من هذا القرار    أنس جابر تواصل تألقها وتتأهل لثمن نهائي بطولة مدريد للتنس    بالصور.. مجموعة لأبرز السيارات النادرة بمئوية نادى السيارات والرحلات المصري    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    عاجل.. وزير الخارجية الأميركي يتوجه إلى السعودية والأردن وإسرائيل مطلع الأسبوع    بطولة إفريقيا للكرة الطائرة| الأنابيب الكيني يفوز على مايو كاني الكاميروني    ليفربول يُعوّض فينورد الهولندي 11 مليون يورو بعد اتفاقه مع المدرب الجديد    النيابة تطلب تحريات إصابة سيدة إثر احتراق مسكنها في الإسكندرية    مصر ترفع رصيدها إلى 6 ميداليات بالبطولة الإفريقية للجودو بنهاية اليوم الثالث    إنجازات الصحة| 402 مشروع قومي بالصعيد.. و8 مشروعات بشمال سيناء    بالتعاون مع فرقة مشروع ميم.. جسور يعرض مسرحية ارتجالية بعنوان "نُص نَص"    بلينكن في الصين.. ملفات شائكة تعكر صفو العلاقات بين واشنطن وبكين    بيريرا ينفي رفع قضية ضد محمود عاشور في المحكمة الرياضية    "بيت الزكاة والصدقات" يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة عملاقة ل "أغيثوا غزة"    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    مصر تواصل أعمال الجسر الجوي لإسقاط المساعدات بشمال غزة    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    ضبط عاطل يُنقب عن الآثار في الزيتون    حصيلة تجارة أثار وعُملة.. إحباط محاولة غسل 35 مليون جنيه    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    وزيرة التضامن توجه تحية لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير بسبب برنامج المكفوفين    خالد بيبو: لست ناظر مدرسة «غرفة ملابس الأهلي محكومة لوحدها»    عمرو صبحي يكتب: نصائح لتفادي خوف المطبات الجوية اثناء السفر    أستاذ «اقتصاديات الصحة»: مصر خالية من شلل الأطفال بفضل حملات التطعيمات المستمرة    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نيويورك تايمز: «لعنة» الولاية الثانية تطارد «المظفر» أوباما


«لعنة» الولاية الثانية تطارد «المظفر» أوباما
آدم كلايمر

ترجمة: محمود حسام

واشنطن: الآن وقد تغلب الرئيس باراك أوباما على ميت رومني، والحملات الإعلانية الضخمة والاقتصاد المتباطئ، فإنه يواجه تحديا له جذور عميقة فى التاريخ السياسية: ما يسميه عليه المؤرخون والمعلقون السياسيون «لعنة الولاية الثانية».

بات حقيقة بديهية الآن أن الولاية الثانية تكون أقل نجاحا من الأولى، خصوصا فى الداخل. خسر فرانكلين ديلانو روزفلت سيطرته على الكونجرس بسبب خطته فى عام 1937 لترويض المحكمة العليا. رونالد ريجان واجه فضيحة إيران-كونترا عام 1986. (وقعت بموجبها إدارة ريجان اتفاقا مع إيران لتزويدها بالأسلحة عن طريق إسرائيل، بسبب حاجة إيران إلى أنواع متطورة فى أثناء حربها مع العراق، وذلك لقاء إطلاق سراح عدد من الأمريكيين الذين كانوا محتجزين فى لبنان).

بيل كلينتون تعرض لتشويه سمعته فى 1998. وسبقه ريتشارد نيكسون بالاستقالة ليتجنب ذلك المصير فى 1974. حتى جورج واشنطن، حاصرت حشود غاضبة منزله فى فيلادلفيا لإدانته بسبب اتفاقية جاى مع بريطانيا التى كانت متعلقة بالتعامل مع الفترة التى تلت الثورة الأمريكية؛ وكان هؤلاء يريدون من واشنطن أن يقف مع فرنسا.

لكن برغم تلك الإخفاقات وغيرها، فإن معظم الرؤساء الذين حظوا بولاية ثانية، أنجزوا أيضا ما يفخرون به، مع أن تلك الإنجازات كانت آثار الفشل تغطى عليها.

ستيفن هيس، وهو خبير بمعهد بروكينجز ومخضرم عاصر إدارات أيزنهاور ونيكسون وفورد وكارتر، قال إنه كانت هناك توقعات عدة بالنسبة إلى لعنة الولاية الثانية.

من بينها أن الرؤساء يحاولون دفع أفضل أفكارهم عندما يتولون منصبهم أول الأمر، وغالبا ما يتخلون عنها، من دون «مجموعة جديدة من الأفكار» للولاية الثانية.

الرؤساء أيضا يختارون أفضل موظفى البيت الأبيض أو الحكومة عندما يتولون منصبهم. وعندما تتسبب الضغوط الشديدة فى واشنطن أو وجود وظائف أفضل فى الإطاحة بتلك الاختيارات، فإن خلفاءهم لا يكونون على نفس القدر من الكفاءة.

ربما كان روزفلت صاحب أكثر الفترات الملعونة. وصفها كاتب السيرة جان إدوارد سميث ب«الكارثة». بعد وفاة لويس هوى، أكثر المستشارين المقربين له لسنوات، لم يكن لديه أى شخص ليخبره بمدى سوء فكرة مخططاته للسيطرة على المحكمة العليا (عين عددا إضافيا من القضاة ليحصل على قرارات أكثر تأييدا لتشريعاته). تسبب هذا فى انشطار حزبه. هجره المحافظون الديمقراطيون وتحالفوا مع الجمهوريين لحرمانه من القدرة تماما تقريبا على عمل تشريعات داخلية.

وبينما أضر ذلك بروزفلت سياسيا، يقول سميث إن الرجل ارتكب حماقة أخرى أكثر سوءا، بخفض الإنفاق الفيدرالى، بناء على الاعتقاد بأن الكساد انهزم. تسبب هذا بركود عميق. وبهذا القرار أضر بالبلد كله.

الانتصار الكاسح يمكن فى الغالب أن يفضى إلى الغطرسة فى فترة رئاسية ثانية، إذ يقنع هذا الرئيس بأن البلد يعتقد أنه لا يخطئ. وكما يلاحظ لو كانون، كاتب السيرة المتخصص فى عهد ريجان، ومراسل «واشنطن بوست» فى البيت الأبيض فإن «الانتصارات الكاسحة خطيرة على المنتصر».

خسر روزفلت ولايتين فقط فى عام 1936، ونيكسون خسر ماساتشوستس فقط والعاصمة واشنطن فى 1972.

وريجان خسر ولاية واحدة فقط فى 1984، وفى العامين التاليين كانا «الأقل نجاحا على مدار 16 عاما من حكم نيكسون»، بما فى ذلك السنوات التى قضاها حاكما لولاية كاليفورنيا، حسب كانون.

بل إن من شأن انتصار بفارق ضئيل أن يخلق ثقة مبالغا فيها. فى 2004، فاز جورج دبليو. بوش بنسبة 50.7 من الأصوات فقط، لكنه مع هذا تعامل مع هذا الانتصار الضئيل باعتباره تفويضا ضخما وانخرط فى خطة لخصخصة الأمن الاجتماعى فى 2005، مثلما وعد فى حملة إعادة انتخابه. لكن خطة الأمن الاجتماعى لم تحقق شيئا. تسبب هذا بوضع بائس للجمهوريين، بينما وحد الديمقراطيون صفوفهم فى المعارضة.

لكن هل الفترات الرئاسية الثانية ملعونة حتما؟ ريتشارد نورتون سميث، وهو أكاديمى متخصص فى الأبحاث المتعلقة بالفترات الرئاسية، يدعو لنهج أكثر اختلافا للحكم عليها.

وهو فى هذا يتخذ من أيزنهاور، الذى أعيد انتخابه بسهولة، مثاله الأول. افتقر الرجل إلى الأفكار الجديدة، وتعرض للحرج عندما أسقط الاتحاد السوفيتى طائرة تجسس أمريكية من طراز يو.2 فى عام 1960، وألغى نيكيتا خروشوف (رئيس الاتحاد السوفيتى السابق) قمة فى باريس ردا على هذا العمل.

لكن أيزنهاور أرسل قوات الجيش إلى مدينة ليتل روك فى 1957، ليمنع حاكم أركانساس أورفال فوبس من تقويض قرار محكمة، بل الأهم أنه حافظ على سلام مع الاتحاد السوفيتى، وهو إنجاز كان يصعب التنبؤ به فى الخمسينيات.

حقق روزفلت القليل فى الداخل فى ولايته الثانية، بخلاف تعيين قضاة للمحكمة العليا شكلوا القانون لعدة سنوات. لكن براعته اللغوية ودهاءه حركا بلدا انعزاليا والكونجرس باتجاه الوقوف إلى جانب بريطانيا وفرنسا ضد ألمانيا. وبدأ فى إعادة بناء الجيش مع اقتراب شبح الحرب العالمية الثانية. قام باختيار رائع كذلك بتجاوز الجنرالات الكبار وتصعيد الجنرال جورج مارشال لمنصب رئيس الأركان.

إن الرؤساء لا يمكنهم أن يتحكموا فى كل شىء خلال ولايتهم الثانية، وأوباما لديه عدد من العقبات الخاصة به. الرئيس والكونجرس لا بد أن يكون لديهما الرغبة فى العمل معا، لأنه فى واشنطن غارقة فى الاستقطاب الحزبى سيكون من الصعوبة بمكان إنجاز أى شىء خلال السنوات الأربع القادمة. وشأن الرؤساء المعتدلين، فإن أوباما لا بد أن يتوافق مع إعلام شديد الانتقاد، حسب سميث، الأستاذ بجامعة جورج ماديسون، الذى يقول إن وسائل الإعلام تسلط أضواءها على الرئيس، تعظم أى شىء، سواء بدا كنجاح، أو -خصوصا- لو بدا كفشل.

الحزب الجمهوري في طريقه إلى الانتحار.. إن لم يتغير

نيكولاس دى كريستوف

ترجمة: سماح الخطيب

بالنظر إلى ضعف الاقتصاد، كان الناخبون الأمريكيون يتقبلون إقالة الرئيس باراك أوباما. ففى ظروف مماثلة فى أوروبا، تتوالى خسارة الحكومة تلو الأخرى فى إعادة الانتخاب. كما أنه فى مقتبل هذا العام، بدا الجمهوريون كأنهم قد يفوزون بالأغلبية المسيطرة على مجلس الشيوخ الأمريكي.

الحرص على النقاء

قد تكون الشماتة مبررا لتبسم الديمقراطيين لبضعة أيام، لكن هذه الميول تنذر بكارثة محتملة ليس للحزب الجمهورى فحسب، بل لصحة نظامنا السياسى. فأمريكا تحتاج إلى حزب معارض مقبول من تيار يمين الوسط لمراقبة أوباما والضغط عليه، ولا تحتاج إلى حفنة مهووسين من حزب «الشاى».

ينبغى على الليبراليين بالإضافة إلى المحافظين أن يكونوا داعمين للحزب الجمهورى ليتحرك بشكل كاف نحو الوسط. هناك إشارة مبشرة وهى أن الأحزاب السياسية عادة ما تهتم بالفوز أكثر من اهتمامها بالحرص على النقاء. لذلك تبنى الحزب الديمقراطى بيل كلينتون المنتمى إلى تيار يسار الوسط البراجماتى فى عام 1992 بعد 3 خسارات متتالية فى الانتخابات الرئاسية.

قد تتوقع أن يقوم الحزب الجمهورى بتحرك مشابه نحو الوسط، إلا أنه فى الواقع ما زال زعماء جمهوريون كثر جامدى الفكر حريصين على الحرص على النقاء. فقد كان من المذهل أن يتوقع كثير ابتداء من كارل روف وانتهاء بنيوت جينجريتش فوز ميت رومنى. ويشير بعض المحللين اليمينيين إلى أن رومنى خسر لأنه كان ليبراليا للغاية، الأمر الذى يشكل مفهوما وهميا.

تخيل ما كان سيحدث إن كان المرشح الجمهورى هو جينجريتش أو ريك سانتوروم، لكنا رأينا بكل تأكيد فوزا ساحقا للديمقراطيين.

من ناحية أخرى، لو كان الجمهوريون قد رشحوا جون هانتسمان الابن، لربما كانوا هم من يحتفلون الآن. لكن لم يكن لدى هانتسمان فرصة فى انتخابات الجمهوريين التمهيدية، حيث إن الناخبين الأوليين هم العدو الأسوأ لحزبهم.

أعتقد أن جزءا من المشكلة يكمن فى كثرة البرامج الإذاعية والتليفزيونية اليمينية. يشكو الديمقراطيون بشدة من أن راش ليمبو وجلين بيك وشون هانيتى يشوهون اليسار، لكننى أتساءل عما إذا كان الخاسر الأكبر ليس الحزب الجمهورى نفسه. فتلك البرامج تنشئ حالة جنونية بين جمهورها، فتحبط الجمهوريين المعتدلين وتفشلهم كما أنها تطبع فى الذهن والنفس تخوفا فائقا فى قضايا معينة كقضية الهجرة.

كل هذا اللغط والغضب يوقع الحزب الجمهورى فى شرك شرنقة أيديولوجية، ويعوقه من الوصول إلى الوسطيين فى الولايات المتأرجحة، ويعوقه حتى عن فهمهم. إنها دوامة تدور بأسرع ما يمكن وتخاطر بأن تتحول إلى ثقب أيديولوجى أسود.

فى عام 2002، نشر كتاب باسم «الأغلبية الديمقراطية الناشئة». أشار الكتاب إلى أن الديمقراطيين سيجنون الفوز بفضل قوتهم فى توسيع التركيبة السكانية كفئة الأمريكيين من أصول لاتينية وآسيوية، بالإضافة إلى النساء العاملات. بدا هذا مقنعا إلى أن هزم الجمهوريون الديمقراطيين فى دورتى الانتخابات التاليتين لتاريخ نشره.

لكن ربما كان هذا الكتاب سابقا لأوانه. وفقا لمسح لاقتراع الناخبين أجرته «سى إن إن»، تضاعفت نسبة الناخبين اللاتينيين إلى 10% من نسبتهم فى عام 1996، فإن أكثر من 7 من أصل 10 من الناخبين اللاتينيين أيدوا أوباما.

لم يكن هذا حتميا. فقد أشارت مسوح اقتراع الناخبين فى عام 2004 إلى أن الرئيس جورج بوش الابن حصل على 44% من أصوات الأمريكيين اللاتينيين. لكن أصبح بعدها الجمهوريون هم العقبة فى قضية الهجرة ثم انحرفوا بغوغائية هجومية إلى معارضة ترشيح القاضية سونيا سوتومايور التى تنحدر من أصل لاتينى للعضوية فى المحكمة العليا. فانقلبت نسبة تصويت الأمريكيين اللاتينيين بأعداد متزايدة لصالح الديمقراطيين.

أمريكا آخذة فى التغير. فبعد هذه الانتخابات، تحقق رقم قياسى حيث سيكون 20 سيناتورا فى مجلس الشيوخ من النساء، جمعيهن تقريبا من الديمقراطيين.

وفقا لإحصائيات نيت سيلفر الصحفى بجريدة «التايمز»، فإن نسبة مدهشة تبلغ 45% ممن انتخبوا أوباما كانوا من الأقليات، وكثير من الآخرين الذين انتخبوه كانوا من النساء أو الشباب.

هذا هو مستقبل أمريكا، وإذا بقى الحزب الجمهوري عبارة عن مجموعة تحرص على النقاء تتمحور حول رجال كبار السن من البيض المتذمرين، سيكون هذا انتحارا. فهذا الأمر ليس سيئا بالنسبة إلى المحافظين فحسب بل لبلدنا بأكمله.

الرئيس بين معضلة رواية الأحداث وصياغتها

رون سوسكند

ترجمة: سلافة قنديل

منح تصويت متقارب لناخبين منقسمين الرئيسَ أوباما ولاية رئاسية ثانية. يتقدم من جديد ليرأس دولة منقسمة تبدو فى كثير من الأحيان متفقة على شىء واحد فقط وهو: أن أطفال اليوم سيعيشون حياة أقل جودة من آبائهم. غياب الثقة السائد هذا، على الرغم من صعوبة تقديره بدقة، فإن له عواقب هائلة. إن هذا ما يغرق الحضارات.

أوباما يدرك هذا، ولكن لم يصغ إجابة محكمة، وأدى هذا به إلى شفا الهزيمة تقريبا. كانت المشكلة واضحة بشكل صارخ إلى 70 مليون مشاهد فى المناظرة الأولى الكارثية، عندما أظهر ميت رومنى لعديد من الناخبين أنه واثق بشأن مستقبل البلاد، فى حين ظهر أوباما فى حيرة، ومتناقضا ومترددا، كما لو كان جاء بالصدفة.

ولفهم ما كان يحدث وراء ذلك والتحدي الذى يواجه أوباما فى فترة ولايته الجديدة، فإن من المفيد النظر فى ما قاله لى الرئيس فى مقابلة فى فبراير 2011 فى البيت الأبيض. وتحدث أوباما بسلطة الرئيس لغرس الثقة فى الشعب.

مستشهدا بفرانكلين روزفلت وجون كينيدي، تحدث أوباما عن كيف كان الرجلان، بغض النظر عن سياساتهما، بارعين فى مساعدة الأمريكيين على «الإيمان بأنفسهم». قال مع نبرة حقد عن رونالد ريجان إنه «كان يشعر بأريحية كبيرة فى لعب دور الرئيس» مع خلفيته كممثل.

الرئيس لخص ما يمكن الاستفادة منه بعد سنتين من التفاؤل فى المنصب: «أعتقد أن التطور هو فهم أن القيادة فى هذا المنصب ليست مسألة ثقة. القيادة فى هذا المنصب هى عن مساعدة الشعب الأمريكى على الشعور بالثقة».

التظاهر بالثقة مع عدم الشعور بها، هذا التناقض صعب بشكل خاص لأوباما، الذى كان لديه صراع طويل مع دور مزدوج، كأنه الراوى الذى يتولى عملية التقييم، مع هذه المهارات الكتابية، والممثل الرئيسى فى مسرحية أو حدث كبير. التوفيق بين هذا الانقسام هو ما منعه مرة أخرى فى الحملة وتركه معقود اللسان عندما حاول أن يرسم رؤية مغرية للمستقبل. أوباما الراوى لا يسمح لأوباما الممثل بترويج الثقة التى لا يشعر بها، حتى لو كان هذا ما يرغب فيه الشعب.

الآن، الرئيس المعاد انتخابه يجب أن يجد طريقة ليقول لنا كيف يمكن له، والبلاد، أن يشعر بالتفاؤل.

لإدارة ذلك، سيكون لزاما على أوباما أن يتطور. كيف؟ الكلام من القلب ثم العمل. إنه أمر خطير للجميع، وحتى الشخص الذى نشر سيرته الذاتية، تشكيل الشخصية التى ساعدت على الدفع به إلى رئاسة، أن يركز على نظرة الشخص الراوى الذى ينظر إلى أسفل من السقف. هذا يبطئ الخطوات ويرفع مستوى التقدير -عن كيفية سير الأمور- وهو يقوض الارتجال وردود الأفعال المضيئة، والتقلبات والمفاجآت لدى قيادة أكثر دينامية. إنه الفرق بين الكتابة عن التاريخ وتشكيله.

التركيز على الإرث، وهو المرحلة الأخيرة من القصة، فأوباما سقط منه فى كثير من الأحيان ما كان يحدث يحدث أمام عينيه. كانت الحادثة المؤسفة فى الفترة الرئاسية الأولى هى عدم توجيه الحماس.

إنه الآن قد حصل على أول 100 يوم جديدة. وعلى أمل حصاد القليل من الدروس، من المفيد ملاحظة ما فعله فى المرة الأولى، مع كل رؤوس الأموال السياسية. التفكير فى إرثه -مرورا بإصلاح نظام الرعاية الصحية- وهذا أسقط الفرص التى أظهرتها أزمة الانهيار الاقتصادى والانهيار المصرفى لإعادة هيكلة النظام المالى الأمريكى. لم يدفع باتجاه خلق أساس سليم ومستدام للاستثمار، بدلا من المضاربات.

ربما سوف يشعر أوباما بتلك الفرص الضائعة، فى الأسابيع المقبلة، بسبب أنه يجب عليه التفاوض على شروط لتجنب «الهاوية المالية» التى تلوح فى الأفق ومطالب حركة حزب الشاى. دخلنا عصر الطاقات التشاركية، بقيادة نوع من الديمقراطية المباشرة التى لا هوادة فيها.

هل سنرى «أكاذيب» جديدة لأوباما بشأن الشرق الأوسط فى ولايته الثانية؟

جيرمى باون

ترجمة: أحمد السماني

فى يوم 22 يناير، 2009، وبعد 48 ساعة فقط من أدائه اليمين الدستورية لفترة ولايته الأولى، أعلن الرئيس باراك أوباما عن أهدافه ووعوده الذى سيلتزم بها بشأن منطقة الشرق الأوسط، التى كان على قمتها سعيه ب«قوة وعنف» نحو تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وقال إنه لا ينبغى لأحد أن يشكك أبدا فى التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل، ولكن علينا أنه ندرك أنه سيكون من «غير المحتمل» أن يواجه الفلسطينيون مستقبلا بلا أمل.

وفى ملاحظاته التى أدلى بها فى وزارة الخارجية الأمريكية بالعاصمة واشنطن قال أوباما إنه على الناس أن تتعود على هذين المبدئين دوما، ثم كال بعدها إشادة حارة بحسن قيادة الرئيس المصرى محمد حسنى مبارك لبلاده مصر.

بعد أربع سنوات، اكتشفنا أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بأمن إسرائيل، لكن من دون تحقيق السلام.

ويتضاءل كثيرا الأمل لدى الفلسطينيين فى مستقبل مشرق كانوا يأملون به منذ 4 سنوات، حتى حسنى مبارك فهو يقضى حكما بالسجن المؤبد لدوره فى قتل المتظاهرين العزل خلال أحداث الثورة المصرية قبل عامين تقريبا من الآن. وهو ما يكشف لنا «الأكاذيب» التى كان يروجها الرئيس بالنسبة إلى الشرق الأوسط، وأنه لم يكن يدرك أن تلك المنطقة تغيرت الأمور بها كثيرا، خصوصا أن رياح التغيير تلك كانت مدفوعة بآمال واحتياجات رجال ونساء دون ال30 عاما.

ومهما حاولت الولايات المتحدة أن تستعيد نفوذها وقدرتها على التأثير، فشعوب المنطقة أظهرت كل العلامات والهتافات التى يمكن أن تظهر رغبتهم الجارفة فى أن يستعيدوا السيطرة على حياتهم من الأجانب وحلفائهم الحاليين والسابقين فى قصور الحكم بتلك المنطقة.

ليحاول فى النهاية أن تداوى وزارة الخارجية أخطاء الرئيس المتكررة لتعلن أن أولويات الولايات المتحدة بالنسبة إلى السياسة الخارجية ليست فى الشرق الأوسط ولكن فى آسيا والمحيط الهادى.

ولكنهم أخطؤوا مرة أخرى أيضا لأن المشكلة أن منطقة مثل الشرق الأوسط ذات أهمية قصوى وأهم من أن تترك لوحدها دون اهتمام من الخارجية، والولايات المتحدة لديها مصالح كثيرة جدا والتزامات أكثر أهمية عليها أن تحافظ عليها.

ضوء أخضر للحرب؟

فى خطاب الفوز الخاص به، قال أوباما للأمريكيين إن الأعوام العشرة من الحروب التى خاضتها البلاد انتهت، لكنه أغفل أن الاضطرابات الحادثة فى الشرق الأوسط تعنى أنه قد يكون هناك عمل عسكرى وشيك وربما ستؤدى إلى نشوب حرب جديدة؛ مما يجعله يتراجع مجددا عن أجندته التى يعلنها للناخبين. الحرب السورية بدأت تتسرب للدول المجاورة، ولا يمكن للرئيس الأمريكى أن يتجاهل المتاعب الكثيرة والمشكلات التى تشهدها الحدود الشمالية لإسرائيل، فى هذا الجزء من العالم الذى كان حتى قبل المعارك السورية أكثر الأماكن غير المستقرة. من المرجح أن يجد أوباما نفسه فى فترة ولايته الثانية مسؤولا عن دعم المتمردين السوريين، وربما تدخل محدود للجيش الأمريكى فى الأحداث.

قرار أكبر ينتظر إيران

بحلول الصيف المقبل الولايات المتحدة وحلفائها الرئيسيين سيكونون مقتنعين أكثر من أن إيران لا تزال تطور سلاحا نوويا، برغم كل المحادثات والعقوبات، وأوباما سيكون عليه أن يقرر إما مهاجمة المواقع النووية الإيرانية وإما إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل بالذهاب لتلك الحرب.

ونفت إيران مرارا أنها تقوم بتطوير سلاح نووى، ووصف المرشد الأعلى لثورتهم بأن حيازة وتخزين واستخدام الأسلحة النووية هو «الذنب العظيم».

ولا تزال إسرائيل هى الدولة الوحيدة فى الشرق الأوسط التى تمتلك أسلحة نووية، ولكن تعريف السياسة الأمريكية وحلفائها تجاه إيران أنها على أقل تقدر ترغب فى أن يكون خيار السلاح النووى متاحا لها. لكن أوباما لن يتورط فى حرب أخرى بالشرق الأوسط، وقد يكون فى طريقه لإبرام صفقة مع النظام الإيرانى لمنع نشوب تلك الحرب.

فقدان النفوذ

وإن كنا لا نأمل أن نتذكر أن فترة رئاسة أوباما هى ما جعلت إيران قوة نووية، لكن علينا أن نتذكر أنه حينما كان مرشحا للرئاسة عام 2008، قال أمام أكبر تجمع للوبى اليهودى فى أمريكا إنه تحت أى ظرف لن يسمح أبدا لإيران بالحصول على سلاح نووى؛ لذا فإذا ما رفضت طهران عرض أو صفقة الرئيس فسيضطر إلى الأمر بتنفيذ هجوم عليها.

وعلى الرئيس أن يدرك أن السياسة ذات مسارين، فيجب أن يرافق التهديد العسكرى المفاوضات، وأن يتم دوما بالتلويح بخطر الحرب كمرحلة نهائية.

مزيد من المتاعب أيضا تنتظر الرئيس بالنسبة إلى الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، خصوصا بعدما تخلى الرئيس فى فترته الأولى عن إغراء ودفع كلا الطرفين نحو عملية السلام.

وربما يكون بات متأخرا وليس واقعيا التفكير فى قيام دولة فلسطينية تعيش جنبا إلى جنب مع الإسرائيليين.

كما أن أمريكا سعت الفترة الماضية لبناء علاقات طيبة مع الدول العربية التى انتخبت زعماء إسلاميين كمصر وتونس، لكن كيف سيكون تعاملها مع تلك الانتفاضات العربية إذا ما انتقلت وانتشرت إلى حلفائها فى الخليج العربي.

وعلى مكتب الرئيس الأمريكي فى البيت الأبيض أن يدرك أنه رغم القوة العسكرية الضخمة فإن النفوذ السياسي الأمريكي فى الشرق الأوسط آخذ فى الانخفاض، وعليهم أن يدركوا أن حلفاءهم المتوافقين معهم، والموثوق بهم، والمستبدين قد تم خلعهم ويجرى الآن تمكين جيل جديد يرى أمريكا كعدو لا صديق.

الرئيس والكونجرس أمام معركة «تجنب الهاوية المالية»

جيل كولينز

ترجمة: سارة حسين

لقد مررنا بالكثير، أيها الشعب، لكن استقر السباق الرئاسي، وفاز باراك أوباما. عمل الناس من كلا الجانبين بصورة بطولية، وتصرف يوم الثلاثاء مرشحوهم بطريقة جيدة. ينبغى أن يكون هذا وقتا سعيدا.

أوه. يا إلهى! توجد هاوية مالية! سوف ننهار جميعا ونفلس! هل سمعت لتوك الحكم المرح؟ الهاوية المالية لن تحدث حتى نهاية العام، عندما تنتهى تخفيضات ضرائب بوش ويبدأ تلقائيا مفعول تخفيضات الميزانية الوحشية. الآن وبما أن الانتخابات انتهت، سيكون الجميع بالتأكيد مستعدين للمضى قدما والعمل بنجاح. ربما باستثناء الحاكم ريك بيرى، الذى احتفل بإعادة انتخاب الرئيس بطلب إلغاء أوباما كير.

وبعد ذلك كان هناك دونالد ترامب، الذى نشر تغريدة فى أثناء فرز الأصوات، يقول فيها: «دعونا نكافح جدا ونوقف الظلم العظيم والمثير للاشمئزاز! العالم يضحك علينا». فى الواقع، ليس لدى ترامب أى تأثير ممكن على أى شىء. لقد أردت فقط استغلال هذه الفرصة للاستغراق فى الذكريات حول الوقت الذى أرسل لى فيه رسالة غاضبة مكتوبة بخط اليد، أخطأ إملائيا فى كلمة «أيضا»، لكن أنظر إلى النائب الجمهورى جون بوينر. يوم الأربعاء ألقى رئيس مجلس النواب كلمة، تعهد فيها بأن يكون متعاونا، وقال: «السيد الرئيس، هذا هو وقتك.. نحن مستعدون لكى تتم قيادتنا». فى ما عدا عدد قليل من المناطق المحظورة مثل أى زيادات ضريبية على «الأعمال الصغيرة». ربما تتذكر من أزمات سابقة أن النواب الجمهوريين بالمجلس يعارضون ضرائب الدخل المتزايدة على الأثرياء، لأن ذلك قد يؤثر على الشركات الصغيرة المكافحة مثل مدير صندوق تحوط بدخل سنوى مكون من 8 أرقام.

أثار بوينر أيضا شبحا جديدا تماما للخطر السياسى: «تجاوز جزءا من الهاوية المالية». بدا ذلك أقل ألما، ما دام أننا جمعيا نبقى داخل سياراتنا المعلقة ونمتنع عن القيام بأى حركات حتى تصل المساعدة، لكن فى النهاية، بدا الأمر وكأن الوسيلة الوحيدة لتجنب الهاوية، والتى كان بوينر مهتمًا حقًا بها، كانت تلك التى أثارت دخلا جديدا عبر «ثغرات أقل ومعدلات أقل للجميع». لقد رأينا بالفعل تلك الخطة. لقد اقترحها رجل فقد يوم الثلاثاء الولاية التى ولد فيها. الولاية التى كان حاكما لها، و3 ولايات يمتلك فيها منازل.

بفضل تدوينة لأريك أوستيرمير فى سمارت بولوتيكس، يمكننى الإشارة إلى أن المرشح الوحيد لمنصب الرئيس الذى خسر ولايته الأساسية بهامش أكبر من ميت رومنى، كان جون فريمونت فى 1856. وكان فريمونت خارجا من حملة تم اتهامه فيها من قِبل المعارضة بأنه آكل لحوم بشر، بينما كان بوينر يشرح أهمية عدم التعامل فى منتصف الطريق مع الهاوية، أو زيادة ضرائب الدخل على الأثرياء، بدا كئيبا وغير سعيد بعض الشىء.

ربما كان هذا بسبب أن زملائه الجمهوريين كانوا قد خسروا لتوهم البيت الأبيض ومجلس الشيوخ. أو ربما أن السبب كان ببساطة لأنه رجل أكبر سنا ذو بشرة بيضاء، ومن ثم كانت أصوات الناخبين اللاتينيين المتمردة، جزءًا من كونه أكبر خاسر للديموجرافية فى الانتخابات.

فى شبكة «فوكس» الإخبارية، اشتكى بيل أورايلى من أن «المؤسسة البيضاء هى أن الأقلية الآن». أضاف أورايلى، البالغ من العمر 63 عاما، أن الأغلبية الجديدة كانت مكونة من أشخاص «يريدون أشياء»، بما يخالف كبار السن من ذوى البشرة البيضاء، وقع جميعهم على التماس حول عدم القبول أبدا بفوائد المحاربين القدامى، والضمان الاجتماعى أو ميديكير (برنامج الرعاية الصحية). اختتم أورايلى بحزن: «لم تعد أمريكا تقليدية بعد الآن».

ابتهجوا أيها الرجال البيض! يبدو أنكم تبلون بلاءً حسنا. ستحصل السيدات العام المقبل على 20% من المقاعد فى مجلس الشيوخ الأمريكي، وسنحتفل. وحيث يبدو الأمر وكأننا لا نحصل على أى فترة راحة، وسيكون علينا البدء فى التعامل مع أزمات الكونجرس الأخيرة. نقب عن حل تابع للحزبين الجمهورى والديمقراطى لا يتضمن اختطاف البيت الأبيض من قبل أى شخص يهذى حول تجاوز منتصف الهاوية.

على أوباما أن لا يرضخ ل«ابتزاز» الجمهوريين
بول كروجمان

ترجمة: أحمد هاشم

لأقولها واضحة: فقد حقق الديمقراطيون انتصارًا مذهلًا. فلم يحتفظوا فقط بالبيت الأبيض رغم الاقتصاد الذى لا يزال مضطربًا، ولكنهم فى عام كان من المفترض أن يخسروا أغلبيتهم فى مجلس الشيوخ، حصدوا مقاعد إضافية بالفعل.

ليس هذا كل شىء، فقد أحرزوا مكاسب كبيرة فى الولايات. أبرزها، ولاية كاليفورنيا -التى ظلت فترة طويلة كملصق لطفل مشوه يستجدي عطف المتبرعين بسبب الضعف السياسي الذى يأتي عندما لا يمكن تحقيق شىء دون أغلبية تشريعية ساحقة- التي لم تصوّت فقط لصالح زيادة الضرائب التي تمس الحاجة إليها، ولكنها انتخبت، هل خمنت ذلك، أغلبية ديمقراطية ساحقة.

لكن هدفًا واحدًا فات المنتصرون إدراكه. رغم أن التقديرات الأولية تشير إلى أن الديمقراطيين تلقوا إلى حد ما أصواتًا أكثر من الجمهوريين فى انتخابات الكونجرس، فقد احتفظ الحزب الجمهورى بسيطرته القوية/الصلبة على المجلس، والفضل يعزو إلى محاباة المحاكم فى تقسيم المناطق الانتخابية، والولايات الحكومية التى يسيطر عليها الجمهوريون. علاوة على أن النائب جون بوينر المتحدث باسم الحزب لم يهدر وقتا فى إعلان أن حزبه سيبقى متعنتًا كما هو الحال دومًا، ويعارض كليا أى ارتفاع فى معدلات الضرائب، حتى إن كانت تئن تحت وطأة حجم عجز الموازنة.

لذلك على الرئيس باراك أوباما أن يتخذ قرارًا، وفي الحال تقريبا، بشأن كيفية التعامل مع استمرار عرقلة الجمهوريين. إلى أي مدى ينبغى عليه المضى في التساهل مع مطالب الحزب الجمهوري؟

إجابتي هي، ليس بعيدًا على الإطلاق. ينبغى على أوباما أن يثبت على مواقفه، أو يفصح عن رغبته، إذا لزم الأمر، للحفاظ على أرضيته حتى على حساب ترك خصومه يُلحقون الضرر بالاقتصاد الذي لا يزال هشًّا. وهذا بالتأكيد لأن ليس هناك وقتا للتفاوض على «صفقة كبرى» حول الميزانية التى تنتزع الهزيمة من بين فكي النصر.

فى قول هذا، أنا لا أقصد التقليل من شأن المخاطر الاقتصادية الحقيقية التى تشكلها ما يسمى بالهوة المالية التى تلوح فى الأفق نهاية هذا العام، إذا لم يتمكن الحزبان «الديمقراطى والجمهورى» من التوصل إلى اتفاق. خفض الضرائب فى عهد بوش، وخفض إدارة أوباما ضرائب المرتبات يتعين عليها أن تنتهي، حتى مع دخول خفض الإنفاق التلقائى للدفاع، وقطاعات أخرى حيز التنفيذ، بفضل الاتفاق الذى أبرم بعد مواجهة عام 2011 بشأن سقف الديون، والاندماجات التى تلوح فى الأفق لزيادات الضرائب وتخفيضات الإنفاق تبدو بلا شك كبيرة بما يكفى لدفع أمريكا إلى الركود.

لا أحد يريد أن يرى ذلك يحدث. لكنه قد يحدث رغم ذلك، وأوباما يجب أن يكون على استعداد لتركه يحدث إذا لزم الأمر.

لماذا؟ لأن الجمهوريين يحاولون، للمرة الثالثة منذ تولى منصبه، استغلال الابتزاز الاقتصادى لتحقيق هذا الهدف وافتقروا إلى الأصوات لتحقيقه من خلال عملية تشريعية عادية. على وجه الخصوص، كانوا يريدون تمديد تخفيضات بوش الضريبية للأثرياء، رغم أن البلاد لا تستطيع تحمل تلك التخفيضات الضريبية المستدامة، والعامة يعتقدون أن الضرائب على الأغنياء ينبغى أن ترتفع وهم يهددون بمنع أى اتفاق على أى شىء آخر ما لم يحصلوا على طريقتهم. لذلك هم، فى الواقع، يهددون بضرب الاقتصاد ما لم يتم الاستجابة إلى مطالبهم.

أوباما استسلم فى الأساس فى مواجهة تكتيكات مماثلة نهاية عام 2010، تمدد الضرائب المنخفضة على الأغنياء لعامين آخرين. وقدم تنازلات كبيرة مجددًا عام 2011، عندما هدد الجمهوريون بخلق حالة من الفوضى المالية من خلال رفض رفع سقف الديون. والأزمة المحتملة الحالية فى إرث تنازلات الماضي تلك.

حسنا، يجب أن يتوقف هذا إلا إذا كنا نريد أخذ الرهائن والتهديد بجعل الأمة غير قابلة للحكم، لتصبح جزءًا أساسيا من عمليتنا السياسية.

لذلك ماذا عليه أن يفعل؟ فقط أن يقول لا، ويجتاز حافة الهاوية إذا لزم الأمر!

تجدر الإشارة إلى أن الهاوية المالية ليست فى الحقيقة هاوية. إنها ليست مثل مواجهة سقف الديون، حيث أشياء فظيعة كانت ربما تحدث على الفور إذا تخطينا الموعد النهائى. هذه المرة، لن يحدث شىء سىئ للغاية للاقتصاد إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق حتى بضعة أسابيع أو حتى بضعة أشهر فى عام 2013. ولذلك لا يوجد وقت للمساومة.

الأهم من ذلك، على أى حال، نقطة أن الوصول إلى طريق مسدود من شأنه أن يضر أنصار الحزب الجمهوري، وخصوصا الشركات المانحة، كل بقدر ما يضر بقية البلاد. كلما زاد خطر الأضرار الاقتصادية الجسيمة، سيواجه الجمهوريون ضغوطا مكثفة لعقد صفقة بعد كل شىء.

فى غضون ذلك، الرئيس فى موقف أقوى بكثير مما كان عليه فى المواجهات السابقة. أنا لا أراهن كثيرًا فى الحديث عن «التفويض الشعبي»، لكن أوباما فاز بإعادة الانتخاب من خلال حملة شعبية، ولذلك يمكنه الزعم بشكل مقنع بأن الجمهوريين يتحدون إرادة الشعب الأمريكي.

لقد فاز للتو بانتخابات كبيرة، وبالتالي، ولذلك هو فى وضع أفضل من ذى قبل لمواجهة أي رد فعل سلبي سياسي جراء المشكلات الاقتصادية، وخصوصا عندما سيكون من الواضح تماما أن هذه المشكلات يتسبب بها عمدًا الحزب الجمهوري في محاولة أخيرة للدفاع عن امتيازات ال1%.

الأهم من ذلك كله، الوقوف فى وجه احتجاز الرهائن هو الشىء الصحيح الذى ينبغى عمله للمحافظة على صحة نظام أمريكا السياسى. لذلك أثبت على موقفك، سيدى الرئيس، ولا تستسلم للتهديدات. لا صفقة أفضل من صفقة سيئة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.