كانت ساكنة في البيت اللي قصادنا وكان اسمها " أم دولت " .. ست كبيرة فوق الستين .. وكانت عاملة زي العمدة كده .. يعني لو فيه مشكلة لابد من اللجوء إليها لحلها .. لكنها في الحقيقة وعلى ما اذكر - رغم صغر سني وقتها - عمرها ماجابت حق حد .. كانت بس تحاول التوفيق .. وعفا الله عما سلف ، ويا بخت من بات مظلوم ولا باتش ظالم .. بس دي أم دولت .. مجرد واحدة غلبانة ، لا ليها في الطور ولا الطحين ، لكنها بتحشر نفسها في كل حاجة .. قال يعني حتجيب التايهة .. وساعة الجد محدش بياخد عندها حقه .. وساعة ما تحس انها فشلت في تهدئة الأمور .. تقوم قايمة تشوف اى حاجة تاكلها .. وتقول للي عندها : غوروا وحلوا مشاكلكم بعيد عني. أقولها تاني .. بس دي أم دولت .. محدش حيحاسبها عشان مش عارفه تحكم بالعدل .. هى حيالله واحدة ست تقول كلمتين حلوين ع الماشي .. اخدت بيهم يبقى كتر خيرك .. مش عاجبينك .. انت حر .. روح المحكمة .. خليها تجيب لك حقك .. وابقى قابلني لو حصل. .. ويمكن دي هى الحاجة الوحيدة الصح اللي كانت أم دولت بتقولها " روح المحكمة .. خليها تجيب لك حقك وابقى قابلني لو حصل " .. عندك حق يا ام دولت .. ياريتك كنت عايشة لحد دلوقتي عشان تشوفي حلاوة محاكمنا وخفة دمها وجمالها .. ياخراشي عليها وعلى دلعها. .. صحيح دايما نقول يوم المحاكم بسنة .. بس كنا فاكرين إننا قمنا بثورة عظيمة حتهد كل الروتين و" تنحّرر" الناس في كل مكان ، وتصحصح القضاة والمحاكم .. ثورة بقى قلبت على الكل .. وجابت عاليها واطيها ، عشان تبنى بعد كده على نظافة .. لكن محصلش حاجة من ديه خالص .. يا دوبك رمينا مبارك وعيلته وحاشيته في السجن .. وحبسنا نفسنا بالميت كده 4 سنين في سجن الإخوان المسلمين اللي سجن طره والقطه والقناطر أرحم منه. " بس ده مش موضوعنا .. دي بس حتة ع الماشي للتذكير والتنبيه ولفت النظر .. يمكن نحس بخطورة الموقف ونكون دايما في وضع الاستعداد". .. نرجع لمحاكمنا اللي متفرقش كتير عن الست أم دولت .. نفس نظامها ونهجها وطريقة تفكيرها .. خلاص بقى اللي فات مات ، ويا بخت من قدر وعفي .. وهنيالك يا فاعل الخير والثواب على الله .. يعني هما اللي ماتوا حيصحوا تاني لو حاكمنا اللي قتلوهم .. يالا بقى حسابهم عند ربنا اللي اكيد أحسن مننا مليون ألف مرة .. وكفاية إحساس الذنب عند اللي قتلوا واللي حرّضوا ع القتل .. ده إحساس رهيب على فكرة .ز مش سهل .. تلاقيهم ياحبة عيني كل يوم بيناموا ويحلموا باللي قتلوهم ، ويصحوا يا حبة عيني كمان مرة مفزوعين من النوم .. حنعمل إيه تاني .. كفاية عذاب ضميرهم .. ولسه عذاب ربنا في الآخرة .. ياسلام يا عبد السلام .. إيه الحلاوة دي .. ماكنش حد غلب يا محكمة .. وكان كل واحد متضايق من اللي جنبه يقتله ويخلص .. وبعدين يستحمل الكوابيس اللي حتجيله بالليل مادام معندناش محاكم تجيب حق حد .. وبتقولك حسابهم عند ربنا. .. انا بقول الكلام ده بمناسبة ذكرى مذبحة ماسبيرو .. سنة كاملة فاتت على أوسخ معركة بعد ثورة بين ناس غلابة مسيحيين - ومعاهم مسلمين برضه - خارجين يطالبوا بحقوقهم .. تقوم القوات المسلحة تفرمهم بالمدرعات .. طيب ليه كده يا ناس ، ياحماة الشعب والأرض والوطن ؟ .. أصل العسكري اللي كان سايق المدرعة مش عارفين جرى له إيه .. الظاهر كان سهران طول الليل ومااخدش راحته في النوم .. عشان كده جاتله حالة هلع واتخض يا عين خالته من الناس اللي شايله العلم ورافعة الصليب .. وافتكر انهم عايزين يموّتوه .. فحاول يهرب منهم بالمدرعة .. فداس وهو ماشي على يجي 24 نفر وعجنهم وسوّاهم بالأرض .. مجرد غلطة بسيطة .. ونوعدكم مش حيعمل كده تاني : سامع يا ولد يا قليل الأدب يا أبيح .. والله لو حصل ده منك تاني ما حجيب لك شوكلاته .. ولا حتروح السيما لمدة اسبوع .. ومحروم من المهلبية اللي انت بتحبها يومين .. عشان بعد كده تفتح عينيك الاتنين وانت سايق.. اخص عليك اخص .. امشي بقى انا مخصماك!! ... يا خي " ... إضربها في اتنين وعليهم حتة " .. بقى هو ده حق اللي ماتوا : " اخص عليك اخص .. امشي بقى انا مخصماك " .. دي محكمة أم دولت كانت أحسن .. طيب بلاش اللي اندبحوا في ماسبيرو .. أصل الغلطة غلطتهم .. إيه أساسا اللي خلاهم يروحوا هناك .. خلينا بقى نشوف أيام محمد محمود السودا ، والبنت ام عباية وأفراد القوات المسلحة " شلّحوها " وكشفوا لحمها .. وبالبيادة .. واطلع طلعة جوية ياجدع وانزل على ميتين أمها .. تيجي في بطنها .. في صدرها .. تستاهل بنت الجزمة ، مادام عاملة ثورية وبتتظاهر .. طيب يا محكمة عملتي إيه في اللي عملوا كده ؟ .. ترد المحكمة : والله .. ووالله كمان مرة ، بعتنا لهم .. وكتر الف خيرهم محدش اتأخر منهم ووقفوا قدامنا .. وكانت والختمة الشريفة عينهم في الأرض من الكسوف .. وقلنا لهم : فيه حد يعمل كده في أخته يا قلالات الأدب والتربية .. ترضوا أخت واحد فيكم تتعرى بالشكل ده .. اخص عليكم اخص .. امشوا بقى انا مخصماكم!! .. " اضربها في عشرة وعليها خمس حتت " .. ونروح على مذبحة بور سعيد .. ونسمع : فيه حد يروح للنار برجليه .. ماتش بين الاهلي والمصري .. وفي بور سعيد .. يعني حريقة .. كنتوا اتفرجوا عليه في التليفزيون ويا دار مادخلك شر .. انتوا اللي جبتوه لنفسكم .. الله يرحمكم ويسامحكم.. طيب يا محكمة عملت إيه مع اللي قتلوا .. وترد الست محكمة : ادينا بنحقق ونشوف .. بس متتفألوش اوي .. المسألة عايمة وملخبطة أخر لخبطة .. بس على فكرة وعموما يعني .. احنا عاتبناهم جامد لو كانوا هما اللي عملوا كده .. وقلنا لهم : معقولة يا جماعة .. المسألة توصل للدبح .. كان كفاية شلوتين وكام قلم وخلصت الحدوتة .. إنما قتل بالافترا ده .. لأ حقيقي .. اخص عليكم اخص .. امشوا بقى انا مخصماكم!! .. " اضربها انت براحتك وحط عليها اللي تحطه .. انا تعبت " .. طيب يا محكمة يابتاعت " اخص عليكم اخص وامشوا انا مخصماكم " .. الناس الكبار اللي ورا المجازر والمهازل دي كلها .. مين يحاسبهم ؟ .. وترد المحكمة وقد فاض بها الكيل : هو انا قدرت ع الصغير لما حاقدر ع الكبير .. ده إيه الجبروت بتاعكم ده .. هو كل حاجة حتتعلق في رقبتي .. يا ناس الرحمة حلوة .. ده احنا مش عارفين ننام .. ومصيفناش السنة دي في مارينا .. والله انتوا ناس معندكوش دم .. كل حاجة محكمة محكمة .. لأ لأ .. كده كتير .. وكتير اوي .. اخص عليكم اخص .. امشوا بقى انا مخصماكم!! ... طيب اقفل المقال ازاى ؟ .. اقفلوه انتم .. ولما تتعبوا .. انا حاكمل!!