فى الوقت الذى يؤكد فيه عدد كبير من سائقى النقل العام قيامهم بإضراب شامل عن العمل، أمس، وتوقف العمل تمامًا فى خمسة جراجات هى «المظلات وإمبابة والجيزة وطيبة والمنيب»، ودخول غالبية الجراجات فى إضراب جزئى عن العمل، فإن التصريحات الرسمية القادمة من محافظة القاهرة تؤكد غير ذلك، فمحافظ القاهرة الدكتور أسامة كمال قال إنه تلقى تقريرًا من رئيس مجلس إدارة هيئة النقل العام المهندسة منى مصطفى، تشدد فيه على أن جراجات الهيئة كافة، والبالغ عددها 27 تعمل بطاقتها الكاملة منذ صباح أمس عدا جراجى إمبابة والمظلات، مشيرًا إلى أنها أكدت له استمرار المشاورات بين مسؤولى الهيئة والداعين إلى الإضراب العام لإقناعهم بالعودة إلى العمل، وأن هناك خططًا بديلة وسريعة لتعويض الخطوط المتعطلة. وكانت حالة من الاستياء العام قد خيّمت على العاملين فى الهيئة العامة للنقل مساء أول من أمس (السبت) فور فشل لقاء مستشار رئيس الجمهورية خالد حسونة ووكيل لجنة القوى العاملة فى البرلمان المنحل صبرى عامر بوفد العمال وممثليهم. وهم طارق البحيرى، ومجدى حسن، ومحمد منير، وذلك رغم إعلان عمال هيئة النقل عن عدم الرجوع فى قرار الإضراب والذى يشمل 28 جراجًا فى القاهرة الكبرى تضم 40 ألف عامل بين ورش الصيانة وسائقين ومحصلين وإداريين، للمطالبة بضم هيئة النقل العام إلى وزارة النقل والمواصلات. من جانبه التقى وزير النقل الدكتور محمد رشاد المتينى، صباح أمس (الأحد) فى مقر الوزارة وفدًا من النقابة المستقلة للعاملين بهيئة النقل العام، لبحث مطالبهم ومشكلاتهم والتى تناولت طلب انضمامهم إلى الهيكل الإدارى لوزارة النقل وتحسين دخولهم وأجورهم بما يتلاءم مع احتياجاتهم وتحسين أسطول السيارات الخاصة بالهيئة وعدم توافر قطع الغيار للصيانة، واتفق أعضاء النقابة مع المتينى على ضرورة تطوير الهيئة حتى تتلاءم والشكل الحضارى للمواطن المصرى، بينما قال أحد أعضاء النقابة موجهًا كلامه إلى الوزير: «هيئة النقل العام أصبحت هيئة الكارو العام لا النقل العام!».
فى السياق ذاته قال أحد العاملين فى جراج المظلات واسمه محمد منير، ل«التحرير» إن عددًا من أولياء أمور الطلاب تحدث إلى السائقين فى جراجى الترعة والمظلات، وأقنعهم بإدخال عدد من الأوتوبيسات الخدمة، شارحين ظروفهم المادية والأزمات التى قد تحدث مع إضراب هيئة النقل العام، خصوصًا فى هذه الأيام. منير أكد أن المنسقين للإضراب راعوا ظروف المواطنين ولهذا تم دخول بعض السيارات إلى الخدمة.
الجدير بالذكر أن عمال هيئة النقال العام كانوا قد حصلوا على وعد من وزير النقل السابق بنقل تبعيتهم الى وزارة النقل، إلا أنهم فوجئوا فى أثناء اجتماعهم مع المسؤولين بمجلس الشورى وعلى رأسهم صابر عامر، ممثل لجنة النقل والمواصلات فى مجلس الشعب، أن تلك الوعود لم تتحقق، مما دفعهم إلى العودة للإضراب.
«البلد ما فيهاش فلوس». هكذا علقت وكيل لجنة النقل والمواصلات فى مجلس الشورى عن حزب الوفد الجديد، رضا نور الدين، على أزمة الإضراب، مؤكدة أنه تم عقد اجتماع لبحث الأزمة إلا أن ممثلى وزارة النقل لم يحضروا، وأن محافظة القاهرة اكتفت بإرسال مستشارة المحافظ فقط.
نور الدين قالت إن مطالب السائقين مشروعة، ولكنها تحتاج إلى مزيد من الوقت، خصوصا أن مصر تمر بأزمة مالية، موضحة أن مستشارة محافظ القاهرة أكدت فى أثناء الاجتماع أن المحافظة تعتبر جهة رقابية لا تنفيذية، وأن صندوق المحافظة «فاضى»، وأضافت أنه لا بد من نقل تبعية عمال النقل العام إلى وزارة النقل حتى تنتهى أزمتهم نهائيًا، لافتة إلى أن لجنة النقل والمواصلات تسعى حاليا إلى عقد لقاء مع وزير النقل لبحث الأزمة، خصوصا أن الوزارة لم ترسل أى مندوب منها إلى اجتماع لجنة النقل، وشهد عدد من المواقف العاملة ارتباكًا نتيجة غياب أوتوبيسات النقل العام مما جعل المواطنين يضطرون إلى استخدام شركات النقل الخاصة والميكروباصات، لتعويض غياب أوتوبيسات الهيئة.
ومن جهتها أدانت عضو المكتب التنفيذى للاتحاد المصرى للنقابات المستقلة فاطمة رمضان، أمس، محاولة قوات الأمن القبض على قيادات إضراب النقل العام، مؤكدة أن خطاب رئيس الهيئة المهندسة منى مصطفى يرد على نفسه «لأنها فى الوقت الذى تحاول فيه أن تظهر للرأى العام أن دعوة الإضراب لم يستجب لها أحد وقامت بإرسال الأمن الخاص بالشركة للقبض على القيادى العمالى طارق البحيرى، وهو ما رفضوه بشكل قاطع وقاموا بمنع الأمن من الدخول إلى الجراج». رمضان قالت إنها تحمل المسؤولية كاملة لكل من رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل، ورئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى، وكل قيادات الهيئة لأنهم فى الوقت الذى يحاولون فيه أن يفتحوا استثمارات لرجال الأعمال يحاولون أن يحبطوا العمال والذين يطالبون بتحقيق العدالة الاجتماعية، بينما أكد مصدر مسؤول فى المحافظة ل«التحرير» أن نقل تبعية الهيئة إلى الوزارة معناه ضم جميع الهيئات فى 27 محافظة، وهذا يحتاج إلى تشريعات قانونية وتمت دراستها من خلال مجلس الشعب المنحل وما زال فى لجنة النقل والمواصلات ولم يصدر قرارا بشأنه حتى الآن.