«إكسترا نيوز»: ضخ استثمارات بجامعات شمال وجنوب سيناء بقيمة 23 مليار جنيه    يديعوت أحرنوت: خطط الحكومة لشن هجوم على رفح تهدف للضغط على حماس في ملف مفاوضات تبادل المحتجزين    عاجل| رئيس "مجلس النواب الأمريكي" يدافع عن إسرائيل بعد "مقتل أطفال غزة"    أخبار مصر: زيادة أسعار سجائر وينستون وكامل وجولدن كوست، محافظة جديدة تنظم لمقاطعة الأسماك، وقف خدمات الكاش بشركات المحمول    نمو إيرادات فورد وتراجع أرباحها خلال الربع الأول    «الجمهورية»: الرئيس السيسي عبر بسيناء عبورا جديدا    اعرف أسعار الذهب اليوم 25 أبريل وتوقعات السعر الأيام المقبلة    موعد مباراة أهلي جدة والرياض اليوم في دوري روشن السعودي والقناة الناقلة    اليوم.. طقس شديد الحرارة نهارًا ورياح مثيرة للرمال وأتربة عالقة    شكرًا على حبك وتشجيعك.. ريهام عبدالغفور ترثي والدها الفنان الراحل بكلمات مؤثرة    ضرب نار في أسعار الفراخ والبيض اليوم 25 أبريل.. شوف بكام    الشرطة الأمريكية تعتقل عددًا من الطلاب المؤيدين لفلسطين بجامعة كاليفورنيا.. فيديو    حزب الله يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية مختلفة    ارتفاع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الخميس 25 إبريل 2024    هل ترك جنش مودرن فيوتشر غضبًا من قرار استبعاده؟.. هيثم عرابي يوضح    «عمال البناء والأخشاب» تهنئ الرئيس السيسي والقوات المسلحة بذكرى تحرير سيناء    اضبط ساعتك.. موعد بدء التوقيت الصيفي في مصر 2024| وطريقة تغيير الوقت    أحمد جمال سعيد حديث السوشيال ميديا بعد انفصاله عن سارة قمر    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    "شياطين الغبار".. فيديو متداول يُثير الفزع في المدينة المنورة    بسبب روسيا والصين.. الأمم المتحدة تفشل في منع سباق التسلح النووي    ب86 ألف جنيه.. أرخص 3 سيارات في مصر بعد انخفاض الأسعار    محافظ المنيا: 5 سيارات إطفاء سيطرت على حريق "مخزن ملوي" ولا يوجد ضحايا (صور)    تطور مثير في جريمة الطفلة جانيت بمدينة نصر والطب الشرعي كلمة السر    ميدو يطالب بالتصدي لتزوير أعمار لاعبي قطاع الناشئين    حزب المصريين: البطولة العربية للفروسية تكشف حجم تطور المنظومة الرياضية العسكرية في عهد السيسي    «الاستثمار» تبحث مع 20 شركة صينية إنشاء «مدينة نسيجية»    عن تشابه «العتاولة» و«بدون سابق إنذار».. منة تيسير: التناول والأحداث تختلف (فيديو)    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    إصابة 9 أشخاص في حريق منزل بأسيوط    أبو رجيلة: فوجئت بتكريم الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    لتفانيه في العمل.. تكريم مأمور مركز سمالوط بالمنيا    أول تعليق من رئيس نادي المنصورة بعد الصعود لدوري المحترفين    الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني يعلن الترشح لفترة رئاسية ثانية    تدريب 27 ممرضة على الاحتياطات القياسية لمكافحة العدوى بصحة بني سويف    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    حصول 5 وحدات طب أسرة جديدة على اعتماد «GAHAR» (تفاصيل)    رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر: تخصصنا يحافظ على الشخص في وضعه الطبيعي    رئيس «الطب النفسي» بجامعة الإسكندرية: المريض يضع شروطا قبل بدء العلاج    بعد نوى البلح.. توجهات أمريكية لإنتاج القهوة من بذور الجوافة    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    بعد اختناق أطفال بحمام السباحة.. التحفظ على 4 مسؤولين بنادي الترسانة    كيف أعرف من يحسدني؟.. الحاسد له 3 علامات وعليه 5 عقوبات دنيوية    دعاء في جوف الليل: اللهم أخرجنا من الظلمات إلى النور واهدنا سواء السبيل    الهلال الأحمر: تم الحفاظ على الميزانية الخاصة للطائرات التى تقل المساعدات لغزة    اسكواش - ثلاثي مصري جديد إلى نصف نهائي الجونة الدولية    محافظ شمال سيناء: الانتهاء من صرف التعويضات لأهالي الشيخ زويد بنسبة 85%    توجيهات الرئيس.. محافظ شمال سيناء: أولوية الإقامة في رفح الجديدة لأهالي المدينة    تيك توك تتعهد بالطعن في قانون أمريكي يُهدد بحظرها    «زى النهارده».. عيد تحرير سيناء 25 إبريل 1982    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    غادة البدوي: تحرير سيناء يمثل نموذجًا حقيقيًا للشجاعة والتضحية والتفاني في سبيل الوطن    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    من أرض الفيروز.. رسالة وزير العمل بمناسبة ذكرى تحرير سيناء    ميدو: لاعبو الزمالك تسببوا في أزمة لمجلس الإدارة.. والجماهير لن ترحمهم    بالفيديو.. أمين الفتوى: موجات الحر من تنفيس نار جهنم على الدنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشريعة الإسلامية لا تمنع تولي المرأة منصب قاضية
نشر في الدستور الأصلي يوم 05 - 03 - 2010

في دراسة أعدتها وزارة العدل حول تعيين المرأة بالقضاء
الشريعة الإسلامية لا تمنع تولي المرأة منصب قاضية
«لا يوجد نص صريح قاطع من القرآن الكريم أو من السنة النبوية المطهرة يمنع المرأة من تولي وظيفة القضاء».... هذا هو نص فتوي أصدرتها المؤسسة الدينية في مصر بتاريخ 22-10-2002 موقعة من كل من شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي ومفتي الجمهورية السابق الدكتور أحمد الطيب - ووزير الأوقاف - الدكتور محمود حمدي زقزوق، حين خاطب وزير العدل الأسبق المستشار فاروق سيف النصر هذه الجهات مجتمعة من أجل معرفة الموقف الشرعي من قضية تعيين المرأة في القضاء، وبالرغم من أنها فتوي صريحة وواضحة وضوح الشمس، فإن كثيرًا من القضاة وللأسف شيوخهم الرافضين لتولي المرأة القضاء دائما ما يرددون في حجتهم لرفض تعيين المرأة في القضاء، أنه أمر مخالف للشريعة الإسلامية، وكان ذلك أحد الأسباب التي استندت إليها الجمعية العمومية لمجلس الدولة في رفضها بالإجماع علي جلوس المرأة علي منصة مجلس الدولة، حيث أكد قضاة مجلس الدولة أن تلك القضية محسومة برأي الشرع وإجماع الفقهاء بعدم جواز تولي المرأة القضاء، كما قالوا إن تعيينها يتنافي مع نص المادة الثانية من الدستور... ولا ندري من أين أتوا بهذه الحجج التي تخالف ما انتهت إليه المؤسسة الدينية في مصر.
ليس فقط الموقف الشرعي هو ما يؤيد حق المرأة في شغل وظيفة القضاء، لكن جميع الحقوق القانونية والدستورية والمعاهدات والمواثيق الدولية وما استقرت عليه أحكام القضاء تؤكد هذا الحق بشكل أصيل، ذلك هو ما انتهت إليه دراسة كانت قد أعدتها وزارة العدل في عهد المستشار الراحل فاروق سيف النصر في 2002 وصدق عليها كل من شيخ الأزهر ومفتي الجمهورية ووزير الأوقاف، والتي تناولت قضية تعيين المرأة في القضاء من خلال ثلاثة جوانب، الأول هو موقف الشريعه الإسلامية والفقه الإسلامي من تولية القضاء للمرأة، والثاني هي تجربة تولي المرأة لوظيفة القضاء في الدول العربية والإسلامية، والثالث هو موقف المشرع المصري من اشتغال المرأة بالقضاء.
«الدستور» تنشر أهم ما ورد الدراسة التي أعدتها وزارة العدل وتؤكد حق المرأة الشرعي والدستوري والقانوني والحقوقي في شغل منصب قاضية.
السيد الفاضل الأستاذ المستشار/ فاروق سيف النصر
وزير العدل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد...
فقد قرأنا بعناية هذا التقرير القيم الذي وصلنا من سيادتكم حول ولاية المرأة القضاء في مصر، والذي اشتمل علي بحوث وافية وعميقة.
منها: بيان موقف الشريعة والفقه الإسلامي من تولية المرأة للقضاء، ومنها: أن هناك أربع عشرة دولة عربية وإسلامية قد تولت المرأة فيها وظيفة القضاء.
ومنها: موقف المشرع المصري من اشتغال المرأة بالقضاء.. وجعلتم ذلك في ستة أبحاث: استعرضتم خلالها: الوضع التشريعي والمواثيق الدولية، ومسلك مجلس الدولة في شأن تولي المرأة القضاء، ورأي المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن، والصعاب التي تعرقل تولي المرأة القضاء وكيفية تذليلها.
ثم ختمتم تلك البحوث القيمة بتوصيات حكيمة.
وللحق أن هذه البحوث الممتازة حول ولاية المرأة القضاء في مصر تعد علي رأس البحوث الشاملة والدقيقة التي كتبت في هذا الموضوع.
وأننا نؤيد سيادتكم في أنه لا يوجد نص صريح قاطع من القرآن الكريم أو من السنة النبوية المطهرة يمنع المرأة من تولي وظيفة القضاء.
كما أننا نؤيد سيادتكم في تلك التوصيات الأربع .
وفقكم الله وسدد خطاكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مفتي الجمهورية
د. أحمد محمد الطيب
وزير الأوقاف
د. محمود حمدي زقزوق
شيخ الأزهر
د. محمد سيد طنطاوي
ولاية المرأة القضاء في مصر
- تعد قضية اشتغال المرأة واحدة من القضايا التي تواجه عالمنا المعاصر الذي يعيش علي أعتاب تحولات كبيرة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا شك في أن هذه التحولات ستضع المرأة في المجتمع العربي بصفة خاصة علي أبواب منعطف جديد يمكن أن تستعيد به مكانتها في المجتمع ويمكن أيضاً أن تتخلص من خلاله من الأوضاع التي أحاطت وجودها الإنساني، فحولتها إلي طاقة معطلة، فافتقد المجتمع نتيجة لذلك قدراً كبيراً من طاقاته.
- ولعل من الضروري أن نذكر أن تلك الأوضاع التي عاشتها المرأة العربية طوال قرون عديدة كانت أوضاعاً غريبة علي تراثنا الحضاري.
فلقد عرف التاريخ الإسلامي كثيرات من النساء لهن صفحات ناصعة، وعرف تاريخنا المعاصر أيضاً نساء كثيرات برزن في مختلف المجالات اجتماعية أو علمية أو أدبية.
- وقد اختلف الموقف من المرأة في مصر تبعاً لاختلاف مراحل التطور، فقد كانت في عهود التبعية الاستعمارية محرومة من الكثير من حقوقها الطبيعية، وأضفت الأعراف والتقاليد آنذاك دوراً كبيراً في تكريس هذا الواقع لمنطلقات ومواقف التمييز ضد المرأة.
- وحين تحررت مصر من التبعية الاستعمارية طرأ تبديل في الموقف إزاء المرأة، حيث حصلت علي بعض حقوقها، واتسع تدريجياً نطاق مشاركتها في الحياة العامة، بحيث أضحت حقوق المرأة الآن لا تحتمل إنكاراً أو غموضاً، فلقد تجسدت هذه الحقوق في ضمير المجتمع المصري المعاصر، وأضفت الشرعية القانونية علي منطلقات حقوقها، وعلي إسهامها الفعال الذي يمكن أن تؤديه في تقدم المجتمع وازدهاره.
موقف الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي من تولية القضاء للمرأة
- في وسط الظلام المدلهم الذي عم العالم، جاء النبي صلوات الله وسلامه عليه وبوحي من الله سبحانه وتعالي فأعطي للمرأة مكانتها وحفظ لها كرامتها، ونزل الدستور الإلهي بحقوق مشروعة للمرأة ورفعها من المهانة والامتهان الذي أحدق بها في عصور الجاهلية إلي مكانة الإنسان المعدود من ذرية آدم وحواء.
- ولقد اعترف الإسلام بحقوق متعددة ومتنوعة للمرأة، لا نستطيع في هذا المقام أن نضعها تحت حصر، فليس في أحكام الإسلام حائل بينها وبين عمل شريف تؤديه، فلها مثل ما للرجل وعليها مثل ما عليه، وأن الأعمال المباحة للرجل هي المباحة للمرأة بغير تمييز.
- أما فيما يتعلق بتولي المرأة للقضاء، فلا يوجد نص في الكتاب أو السنة قطعي في ثبوته ودلالته يمنع المرأة من ولاية القضاء.
أما الفقه الإسلامي فقد اختلف في هذا الصدد ما بين منكر لأهليتها للاشتغال بالقضاء وما بين مؤيد لتوليها إياه.
(1) فلا تصلح أن تكون المرأة قاضية عند جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة ونفر من الحنفية.
(2) أما الأحناف فقد ذهبوا إلي جواز أن تكون المرأة قاضية في غير الحدود والقصاص.
(3) غير أن الخوارج، وابن جرير الطبري، وابن حزم الظاهري، وابن القاسم من المالكية، قد ذهبوا إلي القول بجواز توليتها القضاء في كل شيء.
- ونفصل فيما يلي رأي كل فريق منهم وأدلته فيما ذهب إليه:
(1) فالجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة، قد ذهبوا إلي أن الذكورة شرط لابد من توافره فيمن يتولي القضاء.
واحتج الجمهور علي ما ذهب إليه بقول الله تبارك وتعالي في محكم آياته «الرجال قوامون علي النساء بما فضل الله بعضهم علي بعض)، ولقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه (لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة).
واستدل الجمهور علي ما ذهبوا إليه بأن المرأة لا تصلح للإمامة العظمي ولا لتولية البلدان، والقضاء فرع من الولاية العامة، ولهذا لم يول الرسول صلي الله عليه وسلم ولا أحد من خلفائه ولا من بعدهم امرأة قضاء ولا ولاية بلد ولو كان ذلك جائزاً ما خلا منه جميع الزمان غالباً.
(2) أما فقهاء الحنفية، فقد ذهبوا إلي صلاحية المرأة للقضاء وأهليتها له فيما تشهد فيه، وهي تشهد في كل شيء إلا في الحدود والقصاص، فحكم القضاء يستقي من حكم الشهادة ومبني عليها إذ كل منهما من باب الولاية، فكل ما يجوز لها أن تشهد فيه يجوز لها أن تقضي فيه، والمرأة أهل للشهادة فيما عدا الحدود والقصاص فهي أهل للقضاء في غيرها.
ويقول الكاساني: «وأما الذكورة فليست من شروط جواز التقليد للقضاء في الجملة، لأن المرأة من أهل الشهادة في الجملة إلا أنها لا تقضي في الحدود والقصاص لأنه لا شهادة لها في ذلك، وأهلية القضاء تدور مع أهلية الشهادة».
علي أن ابن جرير الطبري، وابن حزم الظاهري وابن القاسم المالكي، والخوارج خالفوا جمهور الفقهاء، حيث قالوا بجواز تولية المرأة للقضاء في كل شيء يجوز للرجل أن يقضي فيه دون استثناء شيء، وحجتهم في ذلك بأن المرأة تصلح للفتوي في كل مسألة من مسائل الأحكام الفقهية، فكذلك تصلح للقضاء من باب أولي.
وقد أضاف ابن حزم أن المرأة لا تتولي الخلافة أو الرئاسة لقوله عليه الصلاة والسلام: «لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلي امرأة»، لكنها تتولي القضاء فهي إذا لم تكن أهلاً لتولي الخلافة فهي أهل لتولي القضاء.. وقد رد ابن حزم علي جمهور الفقهاء حين استدلوا بهذا الحديث الشريف بأن الرسول إنما قال ذلك في الأمر العام الذي هو الخلافة فقط، ومما يدل علي صحة ما ذهب إليه قول النبي صلوات الله وسلامه عليه بأن المرأة راعية علي مال زوجها وهي مسئولة عن رعيتها.
ومجمل القول أن جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة قد اتفقوا علي أن الذكورة شريطة جواز وصحة.
أما الأحناف فالذكورة في القضاء عندهم شريطة جواز لا صحة، ومعني ذلك أن ولايتها تكون صحيحة وقضاؤها نافذًا فيما عدا الحدود والقصاص، وفيهما قضاؤها يكون باطلاً حتي لو وافق الحق لأن الحنفية فيهما للجمهور.
وعند ابن جرير الطبري وابن حزم الظاهري، فإن الذكورة في القضاء ليست شريطة جواز ولا صحة، بمعني أن الذي يولي المرأة القضاء لا يكون آثماً وتكون ولايتها صحيحة وأحكامها نافذة في كل شيء حتي في الدماء والفروج.
تجربة تولي المرأة القضاء في الدول العربية والإسلامية
- وعلي الرغم من أن هناك جانباً من الفقه الإسلامي علي النحو المتقدم ببيانه يساند تولي المرأة القضاء، فإن هناك من يشكك في قدرتها علي القيام بهذه المهمة استناداً إلي أن المرأة عاطفية، والقضاء يتطلب موضوعية كاملة، واستناداً إلي أنها تتعرض دورياً لما يمكن أن يؤثر في نفسيتها وبالتالي ينعكس علي أدائها القضائي، ولا شك أن الكشف عن ذلك يكون من واقع التجربة العملية لممارسة المرأة القضاء، فهي الفيصل في تحديد قدرتها أو عجزها عن تولي هذا العمل.
- وقد سبق كثير من الدول العربية والإسلامية مصر في هذا الشأن، وسمحت للمرأة بتقلد وظائف القضاء منذ سنوات طويلة، ومن تلك الدول: الأردن، تونس، السودان، سوريا، لبنان، ليبيا، العراق، المغرب، اليمن، الجزائر، فلسطين، باكستان، تركيا، وإيران.
موقف المشرع المصري من اشتغال المرأة بالقضاء
(1) الوضع التشريعي:
- نص الدستور المصري الصادر سنة 1971 في المادة 40 منه علي ما يلي:
المواطنون لدي القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة.
- كما تنص المادة 11 منه علي أنه:
تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في مجتمع ومساواتها بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية.
- كذلك تنص المادة 14 من الدستور علي أن: الوظائف العامة حق للمواطنين..
- ولما كانت القوانين يجب أن تدور في فلك الدستور، فإننا نجد قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 لم يشترط من بين الشروط التي تطلبتها المادة 38 منه فيمن يعين في القضاء أن يكون من الذكور، وسارت علي ذلك النهج باقي القوانين المنظمة للهيئات القضائية، فلم تضع أي حظر علي التحاق المرأة بالعمل فيها.
(2) المواثيق الدولية:
- نصت المواثيق الدولية علي مبدأ المساواة واحترام حقوق الإنسان وحماية الخدمات الأساسية للجميع، وذلك انطلاقاً من ميثاق الأمم المتحدة الصادر سنة 1945، ومروراً بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سنة 1966، كذلك الشأن في الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمرأة ومنها: اتفاقية الحقوق السياسية للمرأة سنة 1952 التي نصت في مادتها الثالثة علي أن: «للنساء أهلية تقلد المناصب العامة وممارسة جميع الأعمال المقررة بمقتضي التشريع الوطني بشروط تساوي بينهن وبين الرجال دون تمييز».
- كذلك نصت علي مبدأ المساواة، اتفاقية القضاء علي جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 ديسمبر سنة 1979، وكانت مصر من أوائل الدول العربية التي وقعت عليها في 20 يوليو سنة 1980 وأقرتها بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 434 لسنة 1981، وقد صدقت عليها مع بعض التحفظات التي تتعلق بوجوب عدم الإخلال بأحكام الشريعة الإسلامية، ومن المعلوم أن هذه الاتفاقيات تكون لها وفقاً للفقرة الأولي من المادة 151 من الدستور قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها وفقاً للأوضاع المقررة.
(3) البنيان القانوني المصري
- مما تقدم يتبين أن البنيان القانوني المصري لا يميز بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات العامة، ولا يورد علي قاعدة المساواة إلا قيداً واحداً نصت عليه المادة 11 من الدستور، كما ورد في صورة تحفظ علي اتفاقية القضاء علي جميع أشكال التمييز ضد المرأة.. هذا القيد هو عدم الإخلال بأحكام الشريعة الإسلامية.
قضاء مجلس الدولة
مسلك قضاء مجلس الدولة في شأن تولي المرأة القضاء أحكام محاكم مجلس الدولة
(1) أثار موضوع تولي المرأة منصب القاضي جدلاً كبيراً منذ منتصف القرن العشرين، عندما طعنت إحدي خريجات كلية الحقوق (الآنسة/ عائشة راتب) (الدكتورة عائشة راتب) الوزيرة والسفيرة وأستاذ القانون العام بكلية حقوق القاهرة ، في القرار الذي رفض تعيينها بمجلس الدولة، شأنها شأن زملائها الذين تخرجوا معها في ذات الدفعة وبنفس المستوي العلمي فقضت محكمة القضاء الإداري برئاسة المرحوم السيد المستشار السيد بك علي السيد وكيل مجلس الدولة في 20 فبراير 1951 في القضية رقم 33 لسنة 4 قضائية بأن قصر بعض الوظائف كوظائف مجلس الدولة أو النيابة أو القضاء علي الرجال دون النساء لا يعدو أن يكون وزناً لمناسبات التعيين في هذه الوظائف تراعي فيه الإدارة بمقتضي سلطتها التقديرية شتي الاعتبارات من أحوال الوظيفة وملابساتها وظروف البيئة والعرف والتقاليد دون أن يكون في ذلك حط من قيمة المرأة ولا نيل من كرامتها ولا غض من مستواها الأدبي والثقافي، ولا غمط لنبوغها ولا إجحاف بها، وإنما هو مجرد تقدير الإدارة في مجال تترخص فيه لملاءمة التعيين في وظيفة بذاتها بحسب ظروف الحال وملابساته كما قدرتها هي وليس في ذلك إخلال بمبدأ المساواة قانوناً، ومن ثم فلا معقب علي تقديرها ما دام قد خلا من إساءة استعمال السلطة.
وقد ورد بالحكم المشار إليه أن المبادئ العليا الدستورية تقضي بمساواة المرأة بالرجل في الحقوق والواجبات، وأن مقتضي هذه المساواة عند تطبيقها علي الوظائف والأعمال العامة هو عدم جواز حرمان المرأة علي وجه مطلق من تولي هذه الوظائف والأعمال، ويترك للإدارة سلطة التقدير، فيما إذا كانت المرأة بالنسبة إلي منصب معين أو إلي وظيفة بالذات قد انتهت بها مدارج التطور إلي حد الصلاحية لتولي هذا المنصب أو هذه الوظيفة، فإن رأت الإدارة أن المرأة استوفت أسباب الصلاحية كان عليها أن تفتح لها الباب الذي تفتحه للرجل دون أي إخلال بالمساواة فيما بينهما، وتفريعاً علي ما تقدم يكون للإدارة أيضاً أن تقدر في غير تعسف، ما إذا كان الوقت لم يحن بسبب بعض الاعتبارات الاجتماعية لأن تتولي المرأة بعض المناصب والوظائف العامة والإدارة في ذلك تترخص بمقتضي سلطتها التقديرية ما دامت تلتزم فيه وجه المصلحة العامة.
(2) وفي سنة 1953 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكماً مماثلاً في القضية رقم 243 لسنة 6ق بجلسة 22 من ديسمبر 1953 برئاسة السيد المرحوم الدكتور عبدالرزاق باشا السنهوري رفض فيه طلب إحدي الفتيات تعيينها محامية في إدارة القضايا أو في النيابة العامة، مستنداً إلي ذات أسباب الحكم الأول.
(3) وفي سنة 1978 أثير موضوع تولي المرأة منصب القضاء للمرة الثالثة أمام مجلس الدولة عندما تقدمت السيدة (هانم محمد حسن) الموظفة الإدارية بمجلس الدولة للتعيين في إحدي الوظائف الفنية به، ورفض المجلس طلبها، فلجأت إلي القضاء الإداري، وقضت المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار طاهر بك عبدالحميد رئيس المجلس الأسبق بعدم أحقيتها أيضاً مستنداً إلي ذات الحجج التي ركن إليها الحكم الأول.
قضاء المحكمة الدستورية العليا
في شأن عدم جواز الاجتهاد في الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها ودلالتها وجواز الاجتهاد فيما سواها من أحكام ظنية.
(1) جري قضاء المحكمة الدستورية العليا، بأن ما نص عليه الدستور في مادته الثانية بعد تعديلها في 22 مايو سنة 1980 من أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع مؤداه أنه لا يجوز لنص تشريعي اعتباراً من تاريخ العمل بهذا التعديل أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها ودلالتها.. فهذه الأحكام وحدها هي التي لا يجوز الاجتهاد فيها، وهي تمثل من الشريعة الإسلامية مبادئها الكلية وأصولها الثابتة التي لا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً، ومن غير المتصور بالتالي أن يتغير مفهومها تبعاً لتغير الزمان والمكان إذ هي عصية علي التعديل، ولا يجوز الخروج عليها، وتقتصر ولاية المحكمة الدستورية العليا بشأنها علي مراقبة التقيد بها، وتغليبها علي كل قاعدة قانونية تعارضها، ذلك أن المادة الثانية من الدستور تقوم علي هذه القواعد في أصولها ومبادئها الكلية.. إذ هي إطارها العام وركائزها الثابتة التي تفرض متطلباتها دوماً، بما يحول دون إقرار أي قاعدة قانونية علي خلافها، وإلا اعتبر ذلك تشهياً وإهداراً لما علم من الدين بالضرورة.
(2) وتقول المحكمة الدستورية العليا (وعلي خلاف هذا، الأحكام الظنية سواء في ثبوتها أو دلالتها أو فيهما معاً.. ذلك أن دائرة الاجتهاد تنحصر فيها ولا تمتد إلي سواها، وهي تتغير بتغير الزمان والمكان لضمان مرونتها وحيويتها ولمواجهة النوازل علي اختلافها، ت تقوم عليه من صون الدين والنفس والعقل والعرض والمال).
(3) وتنتهي المحكمة الدستورية العليا إلي أنه (ومن ثم ساغ الاجتهاد في المسائل الاختلافية التي لا يجوز أن تكون أحكامها جامدة بما ينقض كمال الشريعة ومرونتها، وليس الاجتهاد إلا جهداً عقليًا، والشريعة الإسلامية غير منغلقة علي نفسها، ولا تضفي قدسية علي أقوال أحد الفقهاء في شأن من شئونها، ولا تحول دون مراجعتها وتقييمها وإبدالها بغيرها، فالآراء الاجتهادية ليس لها في ذاتها قوة ملزمة متعدية لغير القائلين بها، ولا يجوز بالتالي اعتبارها شرعاً ثابتاً لا يجوز أن ينقض، وإلا كان ذلك نهياً عن التأمل والتبصر في دين الله تعالي وإنكاراً لحقيقة أن الخطأ محتمل في كل اجتهاد.
ومن ثم صح القول بأن اجتهاد واحد من الفقهاء ليس أحق بالاتباع من اجتهاد غيره، وربما كان أضعف الآراء سنداً أكثرها ملاءمة للأوضاع المتغيرة ولو كان مخالفاً لأقوال استقر عليها العمل زمناً.
ولئن جاز القول بأن الاجتهاد في الأحكام الظنية وربطها بمصالح الناس عن طريق الأدلة الشرعية النقلية منها والعقلية حق لأهل الاجتهاد فأولي أن يكون هذا الحق ثابتاً لولي الأمر يستعين عليه في كل مسألة بخصوصها وبما يناسبها بأهل النظر في الشئون العامة، مستلهماً في ذلك حقيقة أن المصالح المعتبرة هي تلك التي تكون مناسبة لمقاصد الشريعة متلاقية معها.
ثم يتبين أن التعيين في وظائف النيابة العامة ليس هو الطريق الوحيد للتعيين في مناصب القضاء، وبالتالي فإنه يمكن تعيين المرأة مباشرة في القضاء في وظيفة قاض بالمحاكم الابتدائية أو فيما يعلوها من درجات من بين المحاميات (1) المشتغلات بالمحاماة، (2) أو من بين عضوات هيئات التدريس بكليات الحقوق أو أعضاء هيئات تدريس القانون بالجامعات، (3) كما يمكن نقلها من هيئة النيابة الإدارية أو هيئة قضايا الدولة إلي مناصب القضاء المعادلة لدرجتها.
أما بالنسبة لما يثار بشأن صعوبات العمل في النيابة العامة وطبيعة هذا العمل التي لا تتناسب مع المرأة، لما يستلزمه من انتقال في الحوادث الجنائية في أوقات الليل وبفرض التعامل مع المجرمين وذوي السوابق، فإنه مردود بأن جانباً كبيراً من عمل النيابة العامة لا يتطلب الانتقال في حوادث جنائية أو التعامل مع المجرمين، فالعمل في نيابات الأحوال الشخصية (الولاية علي النفس والولاية علي المال)، ونيابات الاستئناف، ونيابة النقض، ونيابة الأحداث، كلها مجالات عمل في النيابة العامة لا ينتقل العاملون فيها للتحقيق، ولا يتعاملون مع ذوي السوابق، وبالتالي فإنه يمكن أن تلحق بها المرأة إذا ما استوفت شروط التعيين.
التوصيات
- وعلي ضوء ما سبق بيانه ينبغي أن يعاد النظر في تلك القضية..
أولاً: من جانب السلطة المختصة بالتعيين في قانون المحكمة الدستورية العليا وقانون مجلس الدولة، وذلك بإجازة تعيين المرأة في مناصب القضاء بالمحكمة الدستورية العليا وهيئة مفوضيها، وفي مناصب القضاء بمجلس الدولة ومحاكمه الإدارية والتأديبية وهيئة المفوضين فيها، متي استوفت المرأة شروط التعيين.
ثانياً: ومن جانب السلطة المختصة بالتعيين في قانون السلطة القضائية وذلك بإجازة تعيين المرأة في مناصب القضاء العادي والنيابة العامة، علي أن تتولي تلك السلطة تحديد مجالات العمل القضائي الملائمة لها، سواء في القضاء المدني أو التجاري أو قضاء الأحوال الشخصية (الولاية علي النفس أو المال) أو قضايا الأحداث أو قضايا الأسرة، أو في نيابات الاستئناف أو نيابة النقض، أو نيابات الأحوال الشخصية أو نيابات الأحداث متي استوفت المرأة أسباب الصلاحية للتعيين فيها.
ثالثاً: أن يكون تعيين المرأة في مناصب القضاء والنيابة العامة مباشرة في وظيفة قاض بالمحاكم الابتدائية أو فيما يعلوها من درجات من بين عضوات هيئات التدريس بكليات الحقوق أو من أعضاء هيئات تدريس القانون بالجامعات، أو من المشتغلات بعمل يعتبر بقرار تنظيمي من المجلس الأعلي للهيئات القضائية ومجلس القضاء الأعلي، عملاً نظيراً للعمل القضائي.. أو نقلاً من هيئة النيابة الإدارية أو هيئة قضايا الدولة إلي مناصب القضاء المعادلة لدرجتها.وذلك كله متي استوفين شروط التعيين، وفقاً لأحكام قانون السلطة القضائية.
رابعاً: أنه إذ يتبني هذا التقرير الرأي القائل بجواز تولي المرأة لمناصب القضاء علي النحو السابق بيانه، فإننا ندعو إلي وجوب حسم هذا الأمر في نطاق الشرعية الدستورية، وعلي نحو يحقق مبادئ العدالة، ويستلهم المصلحة العامة، ويتلاقي معها، ولا يخل بكامل رعاية المرأة لأسرتها وفق تعاليم دينها، متوخين تحقيق المقاصد العامة لشريعتنا الإسلامية الغراء.. وهي قمة الأهداف، وغاية الغايات..
وبالله تعالي التوفيق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.