لم تكد ترتفع ضجة الحديث عن بيع الأدوية فى مصر بالأسعار العالمية، حتى لاحت في الأفق أزمة جديدة تتمثل فى اختفاء أدوية حيوية لملايين المرضى الذين يعانون من أمراض القلب والسكر، وكأن معاناتهم لا تكفى، بينما تقرر شركات الأدوية معاقبتهم على مرضهم لترفع الأسعار وسط ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة. الدكتور أحمد رامي، نقيب صيادلة القليوبية، استنكر تراخي وزارة الصحة في التعامل مع أزمة نقص الأدوية في السوق هذه الأيام، خصوصا اختفاء قائمة تضم 300 دواء من الأدوية الحيوية الخاصة بمرض السكر كالإنسولين وإيموسليد ومكستارد، فضلا عن أدوية الجلطات وأدوية مرضى القلب، ومراهم الأعين، ومستلزمات الطوارئ بالمستشفيات من مضادات حيوية وأدوية حساسية الأطفال، معتبرا النقص متعمدا من شركات الأدوية لتعطيش السوق بهدف رفع الأسعار، خصوصا بعد غضب الشركات من قرار وزير الصحة الأخير بشأن تسعير الدواء والربط بين النظامين: الأول الخاص بربط السعر بالتكلفة مع إضافة هامش الربح، والثانى الخاص بربط سعر الدواء بالأسعار العالمية، مؤكدا ضرورة وضع قوانين صارمة تُلزِم الشركات بإمداد السوق بكميات من الأدوية الحيوية بانتظام وعدم إخضاع الأمر لأهوائها الشخصية على حساب المرضى. رامى تَخوّف أيضا من ظهور مافيا نواقص الدواء التى رفعت سعر أمبول الكالسيوم من جنيه واحد، إلى 15 جنيها، ورفعت أيضا أسعار «البروتامين»، وهو العقار المستخدم فى عمليات قسطرة القلب والشرايين، حيث كان يباع الأمبول الواحد منه فى السوق السوداء ب215 جنيها، فى حين أن سعر الأمبول 3 جنيهات وثلاثون قرشا فقط، مطالبا وزارة الصحة بمراقبة سوق الدواء، ومتابعة خطط تصنيع وتوزيع الأصناف الحيوية. من ناحية أخرى أكد الدكتور عبد الحميد أباظة، مساعد وزير الصحة أن هناك نقصا فى عدد كبير من الأدوية لمرضى السكر والقلب والجلطات، مشيرا إلى أن الوزارة تعلم أن الهدف من وراء النقص هو رفع أسعار الأدوية، ولكن الوزارة خوفا من ارتفاع الأسعار قررت دعم جميع أدوية القلب والضغط والسكر حتى لا تعطي فرصة للشركات للتلاعب بأسعار الأدوية. كما أشار مساعد وزير الصحة إلى إنشاء لجنة خاصة لحل مشكلات نقص الأدوية بعد تكرارها على أن تقوم اللجنة بعقد اجتماعات مع جميع أطراف سوق الدواء من شركات تصنيع وشركات توزيع والصيدليات والجهات الرقابية للصيدليات لمواجهة الأزمة، وسن قواعد فى التعامل مع الأدوية الحيوية، وإجراء تقييم فورى لهذه القضايا والعمل على ضمان استمرار إمداد المريض بالدواء حتى يمكن الشروع فى توفير معالجة ملائمة للمرضى والحفاظ على مستوياتها. كما أوضح أباظة أن الوزارة أرسلت خطابا يشدد على مديريات الشؤون الصحية على مستوى الجمهورية بحصر الأدوية غير المتوافرة لديها سواء فى جهات حكومية أو صيدليات عامة، وإلزام الإدارة المركزية لشؤون الصيادلة بتوفير البديل، متهما الشركات متعددة الجنسيات بالوقوف خلف أزمة نقص الأدوية فى الأسواق المصرية، مشيرا إلى أن الأزمة ترجع إلى وجود صعوبات فى استيراد الدواء، لرفض الشركات الأجنبية التوريد لمصر بالأجل واشتراط الدفع أولا. أباظة أشار أيضا إلى أن الوزارة خاطبت الشركات المصنعة والمستوردة والمسؤولة عن التوزيع وذلك لإمداد الوزارة بالمعلومات عن أسباب نقص الأدوية لديها أيا كانت، وعن مدى توافر المواد الخام لإعطاء فرصة فى حال عدم إنتاجها للدواء، بإسناد الدواء لشركة أخرى تتكفل بإنتاجه حتى لا يحدث نقص له فى السوق.