اللجنة شبه فارغة...هكذا تقدمت وحدى و أخذت الورقتين و اخترت من اخترت و أخذت طريقى خارجا استوقفتنى بإشارة من يدها و قرَّبت إلىَّ قنينة الحبر الفسفورى فى حركة آلية
سألتها:لازم؟؟؟ أجابت:أيوة طبعا يافندم....مينفعش حضرتك تخرج من هنا من غير ما تحط صباعك فى الحبر غمست إصبعى و توجهت خارجا و لثوان بعدها ملأ عقلى هذا الخاطر إذا كنا نجبر الناخبين على وضع أصابعهم فى الحبر بعد خروجهم لكى نضمن نزاهة التصويت فمن الأولى بنا أن نجبرهم على أن يغمسوا أيديهم فى الدم قبل أن يدخلوا لكى نضمن نزاهة الإختيار
أليس الدم هو من منحنا أساسا حق الإختيار؟؟؟ لابد إذا أن تتذكر أصحابه و أنت مقبل على التمتع بنعمة جعلهم الله سببا فى حصولك عليها الفكرة تبدو سيريالية فى أعين البعض و مقززة بشعة فى أعين الآخرين,ولكنك لن تسنطيع إقناعى أبدا بأن اختيارا غابت عنه النزاهة يقل فى بشاعته شيئا
فحين تقف على جثث أطهر من كانوا بيننا لتختار أناسا ينتمون إلى نظام قتلهم,أنت إذا ترتكب أبشع جرائم الكون فى نظرى لأنك تضرب المثل الحىَّ على نكران الجميل و تعض بنواجزك على اليد التى أحسنت إليك إحسانا عظيما أنا و أنت ندرك جيدا أن أحمد بسيونى و زياد بكير و مصطفى الصاوى و طارق الأقطش لم يموتوا من أجل أن تنتقل السلطة من ديكتاتور إلى رئيس وزرائه أو وزير خارجيته
لم يفقد حرارة حبيبتيه من أجل أن ننتخب نحن من لم يعترف أساسا أنها كانت ثورة أو من كان يجزم بأنه سيصوت للرئيس مبارك إذا ترشح إذا لم تكن متفقا مع ما كتبته حتى الآن فمن فضلك أجب على سؤال واحد لمن تدين بالولاء؟؟؟؟؟ و لتعلم أنى لا أسألك عن أمر لم أسأل نفسى عنه قبلك
أنا أدين بالولاء إلى من سالت دماؤهم على تراب التحرير,إلى من أظلمت الدنيا فى عيونهم إلى الأبد ,إلى من دافعوا عن كل شبر من الأرض تحت أقدامهم كما دافع جنودنا عن سيناء،إلى الشاب الذى و قف يوم الخامس و العشرين من يناير فاردا سترته أمامى يتلقى عنى حجارة الأمن المركزى و أنا أصلى المغرب بجوار المجمع،إلى من اخترقتهم رصاصات الغدر فمزقت منهم الرؤوس و الأحشاء
أدين بالولاء إلى طفلة تدعى سمية عماد عفت حرمت من أبيها لكى تحيا أنت حرا،أدين به إلى علاء عبد الهادى الذى استشهد قبل عيد ميلاده بيومين,أدين به إلى أبو الحسن الذى نزل لكى يدافع عن قوم يختلف معهم فى الفكر و الرؤية لكنه يؤمن بحقهم فى التعبير عن رأيهم ويموت دون ذلك أجبنى إذا...لمن تدين بالولاء؟؟ لليبراليتك!!! يا أخى سحقا لليبرالية لا تفهمها إلا كما يفهمها العلامة حازم شومان على أن معناها هو أن أمك متلبسش حجاب
و هل تظن سيادتك أن رجلا يقرأ لمنافسه بضع سطور من كتاب تحدثت عن فترة من حياته مضت من عشرات السنين و خطَّّّّأ هو نفسه بخصوص ما اعتقده فيها فى بقية الكتاب.....رجل بهذه العقلية..هل تعتقد أنه سيشكل لجنة لتقصى حقيقتك إذا ما رفع له أمن الدولة (آسف...الأمن الوطنى) تقريرا يخصك؟؟؟!!!!!!!
أم أن الآخر الذى يتوعدنا بأن العباسية كانت مجرد (عينة) لما يمكن أن يحدث لو اعترض الناس على فوزه هو من ستحيا فى ظله أزهى عصور الحرية التى هى أصل الليبرالية؟؟؟
عن أى ليبرالية أو مدنية تتحدث؟؟؟؟
السؤال ليس موجها لك فقط بالمناسبة،لكنه موجه أيضا لصديقنا ذى اللحية الخفيفة الذى دعم مرشحا لأن قياداته قد أخبرته أنه الأصلح ثم أيد آخرا لأن الأول قد تم استبعاده
و لتذهب إلى الجحيم كل شعارات المشاركة لا المغالبة ولتصحبها إلى الجحيم فكرة انتقاء الأصلح بغض النظر عن انتمائه و لنتناسى قليلا أن الله سيسألنى أنا وحدى عن اختيارى و ليس هذا المكتب أو ذاك المجلس
كأن انقسام الثوار لم يكن مرضيا للقيادة البديعة فكان لابد من كسر التيار الإسلامى داخل الثوار أيضا لمن ولاؤك يا صديقى؟؟؟؟ هل ولاؤك لمصطفى الصاوى و كريم بنونة أم لمن آثروا حماية الصناديق على حماية البشر فى محمد محمود؟؟؟؟ وليت الأمر كان قاصرا على الأصدقاء...إذا لهان الخطب
و لكننى أيضا مضطر إلى أن أوجه السؤال إلى السادة المرشحين الثوريين الذين توحدوا على العيش و الحرية والعدالة الاجتماعية و الكرامة الإنسانية ثم عجزوا عن الاتفاق على مرشح واحد فقط لأن الكرسى صار على مرمى البصر،وكأننا نمتلك رفاهية الختلاف....وكأننا نملك تجربة ديمقراطية تضرب جذورها فى أعماق التاريخ وليست تلك التى مازال أبناؤنا يدفعون ثمنها من دمائهم
أثق أن ما أكتبه لن ينال رضا الكثير من القراء ومنهم كثيرون من أصدقائى.....و سيعتبرنى كثير منهم ثوريا حالما لا يفقه شيئا فى السياسة و ساذجا انطلت عليه خدع الطرف المعارض لفكره
وفى الحقيقة أنا لا أهتم...ليس لأننى لا أهتم برأى الناس فيما أكتبه ولكن لأننى حددت منذ زمن بعيد لمن أدين بالولاء
كما أننى أعلم علم اليقين أننا لسنا شعبا من السياسيين الذين ينتج كل تصرف لهم من حسابات عقلية معقدة و إنما نحن قوم عض الفقر أكثر من نصفنا و انتهك الجهل بمعناه الدقيق ثلثنا و بمعناه الولسع معظمنا،ومن نجا من براثن كليهما وقع فى حيرة قلة الممارسة و سنوات الركود الأعظم،ولهذا فأنا أدرك ما للعواطف والنوازع الإنسانية البسيطة من تأثير على قرارات يصفها عقلى بالحمق ولكن أجد فى قلبى بعض العذر لصاحبها
فأنا أضع نفسى مكان امرأة مصرية قبطية أو حتى مسلمة غير محجبة فوجئت بين عشية و ضحاها و بعد ثورة نادت بالحرية بمن يريد أن يفرض عليها الحجاب و يمنعها من اجتماعها بالرجال حتى فى عملها
أضع نفسى مكان صديقتى التى نزلت الكثير و الكثير من المليونيات التى ربما تخلف عن بعضها الكثير من أنصاف الرجال الذين تحدثوا عن العباءات و كباسينها ثم أجدها تحاول إقناعى بوزير الخارجية (المعارض) لأن سياسات (التكويش) و (التصريحات الرايح جاى) جعلتها تخشى قيام حزب وطنى جديد فاعتزمت أن تلقى بصوتها فى أحضان ديكتاتور جديد يتحيَّن الفرصة أضع نفسى مكان صديقى الذى لم يعرف شكلا من أشكال النضال ضد الظلم أو وسيلة لتحقيق الذات إلا من خلال جماعته لأنه لم يكن هناك سواها أصلا أضع نفسى مكان صديقى الذى أخبرنى و نحن نلعب كرة القدم أنه لن ينتخب أحدا ملتحيا ،وحين ابتسمت مستنكرا أسلوبه فى الاستبعاد و الانتقاء أخبرنى أنه سئم الكذب تحت ستار الدين من أجل عملية أو جنسية لأتيقن بعدها أن أناسا منا -فى شهور قليلة- نجحوا فيما فشلت فيه آلات إعلامية و سياسية جبَّارة بأن زرعوا (الإسلاموفوبيا) فى قلوب المسلمين قبل غير المسلمين أنا أعذر الجميع لذلك حين قررت أن أبحث عن رسالة أبعث بها إليك عزيزى القارئ قبل أول انتخابات - حقيقية وليست مثالية-
لم أجد شيئا أكون أمينا مع نفسى فى دعوتك إليه..إلا أن أدعوك إلى ضميرك وأن أسألك أن تستفتى قلبك و روحك فقد كانت ثورة الحالمين يا عزيزى ممن حرَّضتهم و أبكتهم الأغانى و الأشعار و لم تكن أبدا ثورة الساسة و المنظّرين
أنا أيضا أدعوك إلى أن تغمض عينيك للحظات على باب اللجنة لترى وجوها أسدت إليك معروفا عظيما و أعادت إليك حقا سليبا وتسأل نفسك إن كنت تستطيع مواجهتهم باختيارك عند مليك مقتدر,ثم اقرأ لهم الفاتحة إذا كنت مسلما أو اطلب لهم الرحمة من الرب إن كنت مسيحيا
المجد لكل من منح لى ولك الحق فى أن يكون لصوتنا قيمة ثم رحل كطيف عابر أو حلم خاطف أو نسمة مارقة عاشت مصر و تحيا الثورة