رئيس جامعة المنصورة يكشف تفاصيل الوجود في تصنيف التايمز البريطاني    رئيس جامعة المنيا يُهنئ السيسي بعيد الأضحى المبارك    وزير الري يوجه برفع درجة الاستعداد وتفعيل غرف الطوارئ بالمحافظات خلال العيد    تعرف على سعر الذهب اليوم الجمعة 14-6-2024 محليا وعالميا    محافظ المنوفية يشدد على الاستعداد التام لاستقبال عيد الأضحى المبارك    65% من الشواطئ جاهزة.. الإسكندرية تضع اللمسات النهائية لاستقبال عيد الأضحى المبارك    وفد وزارة العمل يناقش تفعيل "إعلان المبادئ الثُلاثي" بجنيف    «الإسكان»: إيقاف وإزالة مخالفات بناء في 4 مدن جديدة.. واستمرار الحملات أيام العيد    «التعاون الدولي» تُصدر تقريرا حول التعاون مع دول الجنوب في مجالات التنمية المستدامة    "اليونيسيف": آلاف الأطفال يموتون بسبب المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة    الجيش الإسرائيلي: إطلاق نحو 30 صاروخا باتجاه مناطق شمال إسرائيل دون وقوع إصابات    كوريا الجنوبية وأوزبكستان تتفقان على مواصلة تعزيز الشراكة الإستراتيجية    ثلاثي هجومي.. تشكيل الزمالك المتوقع ضد سيراميكا كليوباترا    وسام أبو علي يغيب عن قمة الأهلي والزمالك    ضبط المتهمين بسرقة مبالغ مالية كبيرة ودولارات وذهب فى البحر الأحمر    إزالة 7 حالات بناء على أراض زراعية بالمنيا    مصرع شخصين وإصابة ثالث في حادثي سير منفصلين بسوهاج    الاستعلام عن صحة 4 أشخاص أصيبوا في حريق شقة سكنية بالوراق    ضبط 6 متهمين بتشكيل عصابة للنصب الإلكتروني في الشرقية    سعر ساعة محمد صلاح.. خطفت الأنظار في حفل زفاف محمد هاني    تفاصيل جولة الفيلم الوثائقي اللبناني «متل قصص الحب» في 5 مهرجانات سينمائية    "الثقافة" تعلن فعاليات برنامجها الفني خلال عيد الأضحى المبارك    يلقيها الشيخ بندر بليلة.. خطبة الجمعة من المسجد الحرام بمكة المكرمة (بث مباشر)    «أيام الله الحج» فيلم وثائقي ل«المتحدة»: ماء زمزم يستمر في الفيضان لأكثر من 4 آلاف عام    فحص 694 مواطنا في قافلة متكاملة بجامعة المنوفية    وزير الإسكان: جار إجراء التجارب لتشغيل محطة الرميلة 4 شرق مطروح    وزير التنمية المحلية يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك    تشكيل ألمانيا المتوقع ضد اسكتلندا في افتتاح كأس الأمم الأوربية 2024    بايدن يتجول بعيدا فى قمة ال "G7" ورئيسة وزراء إيطاليا تعيد توجيهه.. فيديو    "السكة الحديد" تخصص عددا من القطارات لخدمة أهالي النوبة    التضامن: استمرار عمل الخط الساخن لعلاج مرضى الإدمان خلال عيد الأضحى    4 خطوات تساعدك على الوقاية من مرض الاكتئاب    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الكبير بالمحلة    يوم التروية في الحج.. أهم الأعمال المستحبة والمناسك    القاهرة الإخبارية: استشهاد فلسطينى فى قصف لزوارق حربية إسرائيلية بخان يونس    الحجاج يرتدون ملابس الإحرام اليوم.. والبعثة الرسمية: حجاجنا بخير    أزهري يوضح موعد ذبح الأضحية.. والصيغة الصحيحة لتكبيرات العيد    32 ألف كادر طبى لخدمة الحجاج.. ومخيمات عازلة للضوء والحرارة    الأغذية العالمي: موسم الأمطار يعرقل تقديم الدعم بالسودان    «غرفة أزمات مركزية».. خطة وزارة الصحة لتأمين احتفالات عيد الأضحى وعودة الحجاج    إجراء مهم من «هيئة الدواء» للتعامل مع نواقص الأدوية خلال عيد الأضحى    الجيش الأمريكى يعلن تدمير قاربى دورية وزورق مسير تابعة للحوثيين    «لن نراعيه»| رئيس وكالة مكافحة المنشطات يُفجر مفاجأة جديدة بشأن أزمة رمضان صبحي    كاميرا القاهرة الإخبارية تنقل صورة حية لطواف الحجاج حول الكعبة.. فيديو    الجيش الروسى يعلن إسقاط 87 طائرة مسيرة أوكرانية خلال 24 ساعة    أسعار الدواجن والبيض اليوم الجمعة 14-6-2024 في قنا    صفارات الإنذار تدوي في كريات شمونة بسهل الحولة والجليل الأعلى شمالي إسرائيل    مصطفى فتحي يكشف حقيقة بكائه في مباراة سموحة وبيراميدز    إنبي: زياد كمال بين أفضل لاعبي خط الوسط في مصر.. ولا أتوقع تواجده في الأولمبياد    تنسيق مدارس البترول 2024 بعد مرحلة الإعدادية (الشروط والأماكن)    حاتم صلاح: فكرة عصابة الماكس جذبتني منذ اللحظة الأولى    باسل عادل: لم أدع إلى 25 يناير على الرغم من مشاركتي بها    سموحة يرد على أنباء التعاقد مع ثنائي الأهلي    طريقة عمل الفشة في خطوات سريعة قبل عيد الأضحى.. لذيذة وشهية    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 14 يونيو: انتبه لخطواتك    يورو 2024| أصغر اللاعبين سنًا في بطولة الأمم الأوروبية.. «يامال» 16 عامًا يتصدر الترتيب    مستقبلي كان هيضيع واتفضحت في الجرايد، علي الحجار يروي أسوأ أزمة واجهها بسبب سميحة أيوب (فيديو)    مودرن فيوتشر يكشف حقيقة انتقال جوناثان نجويم للأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. نيفين عبد الخالق تكتب : ما بين « محمد البرادعي» و«محمد علي»... هل هناك وجه شبه

حينما نفتح تاريخ رواد العمل الوطني في مصر تبهرنا سيرهم الحافلة بالبطولة والتضحية ويبرز بوضوح أن مصر لم تكن أبدا في يوم من الأيام تفتقر إلي شخصيات عظيمة ورجال أفذاذ، فكم من بطل ولدته مصر وكم من قائد عظيم قدمه تاريخ الكفاح الوطني لهذا الشعب العظيم.
وإذا ركزنا البحث والتنقيب في تاريخ مصر الحديث منذ الحملة الفرنسية التي عادت من حيث أتت بفضل بطولة هذا الشعب وكفاحه المجيد، بعد أن مكثت في مصر ثلاث سنوات وثلاثة أشهر، وشهدت مصر في أعقابها فراغاً سياسياً جعلها مسرحاً لقوي متصارعة تتنازع علي السلطة (الأتراك العثمانيين - أمراء المماليك - محاولات الإنجليز لملء هذا الفراغ)، نجد أن هناك قوي أخري غير هذه القوي الثلاث كانت قد أخذت طريقها إلي مسرح الأحداث. تلك هي الإرادة الشعبية التي برزت واكتسبت ثقة في نفسها خلال المقاومة التي صاحبت الحملة الفرنسية، والتي كانت بمثابة قوة أخري تنمو وتكتسب مزيداً من الثقة والفاعلية. وقد عرف تاريخ الكفاح الشعبي للشعب المصري ثورة العهد الأعظم عام 1795م التي مثلت حركة احتجاج قوية أرغمت الوالي والمماليك علي كتابة عهد أو حجة تبين الحقوق والواجبات بين الحاكم والرعية. وتلك الثورة تؤكد أصالة الفقه الاحتجاجي والحراك الاجتماعي والسياسي لهذا الشعب العظيم. وكان من أهم أسباب ثورة الشعب المصري عام 1795م سوء الأحوال المعيشية، وغلاء الأسعار، وكثرة الضرائب، وازدياد المظالم، وانتشار الفساد، وفقدان الأمن والأمان.. وهي أسباب لا تزال تفعل فعلها في الحراك الشعبي والفقه الاحتجاجي.
والتجأ الشعب إلي النخبة التي كانت ممثلة في ذلك الوقت في علماء الدين ورجال الأزهر، حيث قاد الشعب الزعامات الدينية وفي مقدمتهم السيد عمر مكرم الذي كان عالماً من علماء الدين ومتفقهاً في اللغة العربية، وكان له دور كبير في تكريس مفهوم حكم الشعب وقيم الديمقراطية في المجتمع المصري، فهو أول من قاد ثورة شعبية في تاريخ مصر العثمانية، وجعل الشعب يختار حاكمه بإرادته ويفرض ذلك علي الخلافة العثمانية التي كنت بمثابة القوة العظمي التي تتبعها مصر في ذلك الوقت.
ويذكر التاريخ أن الإرادة الشعبية انتصرت بقيادة عمر مكرم وأوصلت «محمد علي» إلي حكم مصر. وهنا عند الحديث عن «الإرادة الشعبية» يكمن عنصر الربط ووجه الشبه بين الحراك الشعبي الذي أوصل «محمد علي» إلي سدة الحكم، والحراك السياسي والاجتماعي الذي تشهده مصر حالياً بخصوص الجدل حول مستقبل الحكم في مصر. فهل تنجح الإرادة الشعبية في إيصال من ترغبه إلي سدة الحكم؟؟
إن الإجابة عن هذا السؤال وإن كانت ضرباً من ضروب الغيب إلا أن قدر المفكرين والباحثين أو من اصطلح علي تسميتهم «بالمثقفين» أن يجهدوا الذهن في تلك الحوارات وقد تجري الأمور بشكل مخالف تماماً لكل ما قد يثار من جدل وتكهنات.
إلا أن الأمر المثير للانتباه حقاً في خضم تلك الحوارات هو تلك الرغبة الدفينة في الخيال الشعبي والثقافي لدينا في البحث عن «بطل» أو «منقذ» يأتينا ويهبط علينا؟ لقد توسم الشعب المصري في شخص محمد علي ذلك «البطل» المنشود. وهنا سؤال يفرض نفسه: لماذا لم تختر النخبة التي قادت الكفاح الشعبي واحداً من داخلها؟ ولماذا لم يتقدم أحد منها ليقوم بهذا الدور وليكن الزعيم عمر مكرم الذي يذكر التاريخ أن الفضل يعود إليه في قيادة الحركة الشعبية التي أوصلت محمد علي إلي سدة الحكم في مصر؟!
إن سيرة عمر مكرم تشهد له كرائد من رواد العمل الوطني، عاصر أحداثاً حاسمة وآلمه ما يعاني منه الشعب المصري من أحوال تسير من سيئ إلي أسوأ، وارتباك اقتصاد البلاد، وانتشار الأمراض والأوبئة التي جعلت الشعب ناقماً علي حكامه، كل ذلك دفع بعمر مكرم إلي أن يكرس حياته في مواجهة كل صور الظلم والتعسف وأن يكون حاضراً في كل الثورات والاحتجاجات التي عمت البلاد في حياته.
وإذا كان عمر مكرم يتمتع بهذه المكانة الشعبية والتاريخ الحافل، فلماذا لم يقم بحكم مصر؟ أكان ذلك عن زهد في السلطة؟ ولماذا لم يرشحه الشعب هو أو غيره من النخبة التي قادت الحراك السياسي في تلك الفترة من تاريخ مصر؟
لعل الإجابة عن هذا السؤال هي التي يمكن أن تفسر لنا ذلك الجدل الدائر والحراك السياسي والاجتماعي حول شخصية الرئيس القادم لمصر.
فالشعب والنخبة التي قادته وفرضت الإرادة الشعبية التي أوصلت محمد علي إلي الحكم، كانت تتمتع بقناعة وذكاء فطري يعلم علم اليقين أن نجاح المطلب الشعبي وقدرته علي فرض الإرادة الشعبية يتوقف علي اختيار شخص يحظي بالقبول، وإذا كان السؤال هو القبول ممن؟؟ فالإجابة هي القبول من القوة المتحكمة والسلطة العظمي في ذلك العصر التي هي في عصر محمد علي سلطة الخلافة العثمانية. وأبداً لم يكن الشعب ولا النخبة التي قادته يعبرون عن عدم ثقة في القدرات الذاتية أو عدم إيمان بأن بداخل مصر كفاءات يمكنها أن تتولي القيادة. ولكن الذكاء الفطري لهذا الشعب وعي أن السلطة العثمانية ستقبل بهذا الشخص دون غيره، وأحسب أن هذا الذكاء الفطري هو الذي يفسر ذلك الحراك السياسي والاجتماعي والجدل الدائر حول «البرادعي» لاسيما أن البرادعي بدأ بداية لمست مفصلاً مهمًا في أي تغيير مستقبلي منشود وهو الخاص بتعديل الدستور.
ويبدو أن الأزمة الحقيقية حينما نفكر في مستقبل الحكم في مصر ليست في شخص الرئيس القادم لمصر، ولكن الأزمة الحقيقية هي في ضعف المؤسسات وعدم مشاركتها مشاركة حقيقية في صنع القرار. واحتكار إرادة الفعل السياسي في شخص الرئيس، فهو وحده الذي يملك القرار السياسي، وتلك هي المشكلة الكبري.
وأي رئيس يأتي بعد مبارك بدون مؤسسات حقيقية: برلمان، أحزاب قوية، قضاء مستقل، صحافة حرة، إعلام قوي وواع، جامعات ومراكز بحث علمي رائدة. بدون كل ما سبق سيبقي الوضع علي ما هو عليه.
فالتغيير الحقيقي الذي يحفظ للمجتمع الأمن والاستقرار ويرسي دعائم النهضة في كل المجالات، ذلك التغيير المنشود ليس بتغيير الأشخاص، بقدر ما هو أن يكون لدينا المؤسسات القادرة علي القيام بأدوارها الطبيعية الفاعلة والمعروفة كما هو الحال في أي نظام من نظم الحكم المتعارف عليها في العالم المتقدم. ولكن هل يعني ذلك أن شخصية القيادة ورؤيتها الذاتية ليس لها دور في إحداث التغيير؟؟ إن التاريخ يعلمنا كم قاد التغيير شخصيات وأفرادًا كان لرؤيتهم وقدرتهم علي صناعة التاريخ وإحداث النهضة العامل المحرك لعملية التغيير، وليس من شك أن شخصية محمد علي وذكاءه هي التي ساعدته في الاستفادة من الحراك الشعبي للوصول إلي الحكم أولاً، ثم إحداث النهضة التي حدثت في عصره ثانياً.
وإذا تركنا عصر محمد علي لننظر في عصرنا الحالي نماذج للقيادة الإصلاحية، فإن هناك نماذج في دول جنوب شرق آسيا تمكنت من إحداث طفرة اقتصادية مثل «مهاتير محمد» في ماليزيا. الأمر الذي يبعث الأمل والقناعة بأن التغيير المنشود يمكن أن يبدأ بشخص «مناسب» يحمل حلماً في التغيير وتكون لديه من الطاقات والإمكانيات ما يمكنه من تحقيق ذلك الحلم، شريطة أن يسانده حراك سياسي واجتماعي يعبر عن إرادة شعبية، وشريطة أن يحظي في الوقت نفسه بالقبول الإقليمي والدولي. ويبدو أن مستقبل الحكم في مصر سيكون مرتهناً بتحقيق معادلة التوازن تلك ما بين قوي الدفع من الخارج (الممثلة في الرضا والقبول)، وقوي الدفع من الداخل الممثلة في الإرادة الشعبية القوية التي تحفظ لمصر استقلاليتها وحريتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.