فاجأني ابن أختي الصغير الذي لم يكمل خريفه الخامس بعد بسؤال فيه من براءة وقلة حيلة الصغار ما فيه قائلاً: هوا الكداب بيروح النار بصحيح ياخالو؟ بصراحة بعدما اخذت مدة للخروج من صدمة السؤال المباغت اجبته بخبرة ودهاء الكبار قائلا:أكيد ياحبيبي لكن ساعات كمان بيروح مجلس الشعب وساعات بيروح مجلس الوزراء ولو كانت سالكة معاه اكتر واكتر بيتعين ف مجلس الشوري وبعد معرفة سبب سؤاله المباغت وقطعه لحبل افكاري داخل غرفة مكتبي الصغير وأنا بشرب فنجان القهوة المحوج وارد البرازيل ..سرعان ما انهمكت ف التفكير فعليا ف إجابتي السريعة نوعا ما متلفتا حولي لكيلا يكون عليا رقيب أو حتي ملازم أول يقفشني من ياقة تي شيرتي ويجرجرني علي لاظوغلي- ما هو قانون طوارئ بقي وبيمشي علي الكل-وبعد أن اطمأن قلبي وهدأت نفسي وحبست مع آخر رشفة من القهوة بسيجارة ممزوجة بحشائش لا طبيعية معروفة جيدا لدي الكثير الآن لقيت إني فعلا كان عندي حق ف إجابتي علي هيما ابن أختي واني مكدبتش عليه ولا استغليت سذاجته وبراءة الأطفال ف اذنيه ولا حاجة وانه فعلا الكدب ف بلدنا بقي له منصب وحقيبة وزارية أو للأمانة حقائب وزارية عديدة وله من الحصانة ما يكفيه عشان يكدب أكتر شوية ويسرق وينصب ويسرح عبارات ف البحر تغرق بعد فترة ويبيع مواد فاسدة ويحتكر ويورد أكياس دم ملوثة للمستشفيات ويهرب فياجرا وساعات مخدرات-ما هي حصانة بقي-وافتكرت زمان لما كنت ف سنه الصغير أو أكبر قليلا كانوا يصدعونا بإن الكدب مالوش رجلين وان الكداب معرفشي أبو رجل مالها يطلعله وأمنا الحولة-اللي هيا الغولة-تجيله تشقطه من وسط اهله وناسه وإلي آخره من افتكاسات أهلية وتعليمية لا فائدة منها سوي إنهم محبوش إننا نطلع أصحاب مناصب ومراكز كبيرة ف الدولة ويكفي من الكدب العيني عينك تلك الوعود اللامحدودة اللي بتتبخر ف الهوا وبتتنسي مع أول حادثة طائفية أو أزمة أنابيب جديدة أو أزمة عيش أو حتي أزمة تغيير وزاري محدود وكأنها لم تكن ويبدأ السيد المسئول من نقطة البداية ويبدأ بطرطشة شوية وعود لزوم تحية الجماهير الغفيرة اللي هما رعاياه تقريبا وبعد كده يبدأ بمعجنة-يضرب سكينة معجون يعني- علي تلك الوعود العظيمة وما إن تتم المعجنة إياها حتي ينزل بورق الحيط اللي يداري بيه كل وعوده ويرسم صورة لإنجازات لم تتحقق ولن تتحقق تحت مسمي الخطة الخمسية الجاية.........كدب ف كدب ده بااختصار حال المحروسة من عهد قيام الثورة المباركة وكل ما تكدب أكتر فرصتك ف كرسي الوزارة تكبر واكدب مرتين تفضل ف منصبك دورتين ويمكن يتمدلك وتخلد ع الكرسي إلي أن يشاء الله.. ف النهاية مع دخول الواد الغلس إياه ابن أختي مبتسما ابتسامة غريبة من نوعها وهوا بيترقص وفرحان اوي مش فاهم ليه. أنا عاوز ابقي أكبر كداب ف البلد ياخالو! هيييييييييييييييييييييييه. بنظرة واحدة ع التليفزيون ف الصالة لقيت أمه بتتفرج علي إعادة إذاعة جزء من مؤتمر للحزب الوطني الحاكم. فهمته علطول الخبيث ولقيتني فجأة بقوله مكافأة ليك ياواد انت عشان طموحك ده هجيبلك آيس كريم دوبل بكرة وده كله.... من أجلك أنت.... ياحبيبي.