هشام الهلالي يكتب: رسالة من المعتصم إلى نبيل العربي هشام الهلالى المعتصم هو الخليفة العباسى الشهير ، شهرته تكمن فى نخوته التى تحرج غالبا كل من جاء بعده ، الموضوع ببساطة وشهامة ورجولة قام ملك الروم توفيل بن ميخائيل فى أوئل عام 223ه بغزو مدينة صغيرة على أطراف الدولة العباسية فى عهد الخليفة المعتصم بالله وأوقع بأهلها مقتلة عظيمة وأسر ألف أمراة مسلمة وقام بتقطيع آذان الأسرى وأنوفهم وسمل أعينهم واستنجد المسلمون حينها بالمعتصم خليفة المسلمين ، ونادت النساء الأسيرات وامعتصماه واسلاماه ، فثار المعتصم وغضب غضباً شديداً ونادى فى المسلمين ياخيل الله اركبى وارسل لملك الروم رسالة يقول فيها " من المعتصم بالله أمير المؤمنين إلى كلب الروم لأرسلن لك بجيش أوله عندك وأخره عندى " ، فخرج إلى بلاد الروم، وتجهز جهازاً لم يتجهز مثله خليفة قبله من السلاح والعدد والآلة ، رحل المعتصم يوم الجمعة يوم الرابع والعشرين من رجب، وسار مع قواده في خطة محكمة، حتى صاروا من أنقرة على مسيرة ثلاث مراحل ، فهرب أهل أنقرة وعظماؤها، ونزل بها المعتصم ، وواصل جيش المعتصم زحفه حتى وصل الى عمورية فحاصرها جيش المعتصم لمدة يومين ، فلما كان اليوم الثالث بعد ان ضيق الجيش الاسلامى الخناق على عمورية بعد سقوط العديد من الجرحى والقتلى قرر صاحب عمورية أن يخرج هو وأصحابه إلى المعتصم ليسألوه الأمان لأنفسهم ففعل وكان الفتح الكبير. وعن هذا الفتح الكبير قال أبو تمام : السيف أصدق أنباء من الكتب في حد الحد بين الجد واللعب يا يوم وقعة عمورية انصرفت عنك المنى حفّلا معسولة الحلب واليوم لانجد بيننا معتصم فى هذا الزمان لكى يعيد الينا كرامتنا وكرامة النساء والرجال والاطفال والشيوخ القتلى والجرحى ، التى تحدث فى كل يوم سواء فى سوريا او غزة وفلسطين المحتلة او غيرها من الدول التى تحدث فيها انتهاكات بحق الابرياء ، الا ان مايحدث فى سوريا الآن فاق كل التوقعات البشرية ، وهز ضمير شرفاء العالم ، نظام قاتل انتهك وتحدى كل الاعراف والمواثيق الدولية ، وللاسف لايحرك المجتمع الدولى ساكنا سوى الشجب والادانة ، والتصريحات النارية من هنا وهناك ، بأن ايام الاسد اصبحت معدودة ، هذه التصريحات مضى عليها أكثر من عام ، وللاسف يمضى الاسد فى طغيانه وهجومه على الابرياء والعزل ويذبح الاطفال والرجال والنساء ، ويعتقل منهم مايشاء ، يوجه دباباته واسلحته صوب اهله وعشيرته ، وكأنى اسمع نساء سوريا الاسيرات فى سجون المجرم ، او داخل جدران سوريا التى اصبحت سجن كبير يقلن ويصرخن ، وامعتصماه وااسلاماه ، ولكن للاسف لايوجد معتصم بيننا الآن ليرد على النساء ويقول لهن " لبيك يأختاه " ، لايوجد جيش يحرر نساء سوريا من بطش القتلة والمجرمين ، وكأنى اسمع المعتصم وهو يصرخ ويقول لنبيل العربى أمين عام جامعة الدول العربية ، لماذا لاتتحرك وتنقذ صبايا ونساء سوريا ؟ الا تسمع صرخاتهم ونحيبهم وهن يقلن وين الملايين الغضب العربى ؟ الشعب العربى وين ؟ الثأر العربى وين ؟ الجيش العربى وين ؟ الجامعة العربية وين ؟ ألست رئيس وزراء العرب ؟ الا تملك القرار الذى يوقف حمام الدم فى سوريا ؟ واذا كنت لا تملك فما الذى يبقيك فى منصبك ؟ الا تعلم ان الله سيحاسبك عن اى انتهاك لاى عربى تنتهك كرامته او يهان ، فما بالك بما يحدث فى سوريا منذ أكثر من عام وانت ياسيادة الأمين العام تكتفى بالشجب والادانة ؟ اذا كان المنصب بروتوكولى ودبلوماسى ، ولاتملك اتخاذ قرار ، فلماذا تصمت على كل هذه الانتهاكات ، ماذا ستقول لربك حين يسالك عن نساء واطفال وشيوخ ورجال سوريا الذين ذبحوا واسروا فى السجون ؟ حينما كنت وزيرا لخارجية مصر ولم تمكث سوى شهر واحد فقط ، قلت تصريحك الشهير عن قطاع غزة ، ومنذ ذلك الوقت لم يغلق معبر رفح الا فى الاجازات ، وقمت بادوار دبلوماسية فى افريقيا وعالجت جزء كبير من مشكلة دول حوض النيل ، فلماذا لاتبرأ ساحتك مما يحدث فى سوريا ؟ انتهت رسالة المعتصم ، ولكن الانتهاكات فى سوريا لم تتوقف فهل يظهر معتصم جديد يعيد لنساء سوريا والعرب والمسلمين كرامتهم ؟.