الجريدة تباع ب2.5 جنيه.. وتطبع في المطابع الأميرية وتوزيع في دار الشعب.. ولا يعلم عنها المصريون شيئا. الدولة تحرص على عدم توزيعها بشكل موسع لتمرر من خلالها أي قوانين تريدها في الخفاء. قرار تخلي مبارك عن السلطة نشر بها موقعا من عمر سليمان.. لذلك اعتبر الديب أن مبارك لازال رئيسا. شكوك حول نشر قانون انتخابات الرئاسة بالجريدة في وقت لاحق للتاريخ الذي صدرت به الجريدة. المادة 33 من الإعلان الدستوري تنص على ن وظيفة التشريع والرقابة تنقل إلى مجلس الشعب بعد انتخابه، وليس بعد انعقاد الجلسات. العسكري تعمد ترك ثغرات قانونية في تشكيل كافة مؤسسات الدولة بعد الثورة.. ليسهل الطعن عليها وإسقاطها قضائيا. جريدة «الوقائع المصرية» جريدة «الوقائع المصرية»، كم في المائة من المصريين يعرفون أنها الجريدة الرسمية؟ وأن أي قانون يصدر في مصر لا يتم العمل بموجبه إلا بعد نشره في هذه الجريدة، التي استغلها المجلس العسكري، وحولها إلى أحد أدواته في السيطرة على مقاليد السلطة وأداء أدوار لا تحق له. فقد قام المجلس العسكري، وفاجأ الجميع، وعلى رأسهم نواب البرلمان - السلطة التشريعية الوحيدة بالبلاد - وأعلن أنه أصدر قانون انتخابات الرئاسة قبل انعقاد البرلمان، وأن القانون ساري لأنه نشر في الجريدة الرسمية «الوقائع المصرية» يوم 19 يناير، أي قبل انعقاد المجلس، ما يكشف أن العسكري يضمر غير ما يعلن! الدكتور محمود خليل، أستاذ الصحافة بكلية إعلام القاهرة يقول أن جريدة «الوقائع المصرية» هي نفس الجريدة التي صدرت بذات الاسم منذ 185 في عام 1828، بمعرفة والي مصر في ذلك الحين محمد علي باشا، وذلك بعد إنشاء مطبعة بولاق عام 1815، وأكد خليل، أن جريدة الوقائع منذ صدورها وهي تنشر أخبار الدولة، فهي منذ بدايتها وهي في أحضان السلطة السياسية، وبالتالي نظر إليها المسئولين وكأنها أداة لنشر أخبار الدواوين العمومية، وتقلب على رئاسة تحريرها في مصر قبل ثورة يوليو عدد من الشخصيات البارزة كان من بينهم الإمام محمد عبده. أستاذ الصحافة أضاف في تصريحات ل«الدستور الأصلي»، أن صحيفة الوقائع المصرية بعد ثورة يوليو، تحولت إلى مجردة جريدة رسمية ينشر فيها القرارات الجمهورية والقوانين التي تصدر عن الدولة، وأنه من أهم مصادر تمويلها، اعتمادها على نشر كافة الموافقات الخاصة بالجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء على إجراء استطلاعات الرأي والبحوث الميدانية على عينات محددة، حيث تتلقى الجريدة قرابة الألف جنيه على كل استطلاع ينشر. ومن أهم القرارات التي نشرت بالجريدة وأثارت جدلا مؤخرا، هو قرار تخلي الرئيس السابق حسني مبارك عن رئاسة الجمهورية، والذي نشر موقعا باسم عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية آنذاك، وهو الأمر الذي احتج به فريد الديب محامي المخلوع في قضية قتل المتظاهرين، مؤكدا أن مبارك لازال رئيسا للبلاد بدعوى أن قرار التخلي عن السلطة موقع من قبل سليمان وليس مبارك نفسه، وهو ما يكشف أن الجريدة تعتبر وثيقة قانونية يحتج بها. محمود خليل، أوضح أنه يتم طباعة الجريدة في المطابع الأميرية، ويتم توزيعها في دار الشعب، أو أفرع المطابع الأميرية المختلفة، ورغم أن سعرها أغلى من أسعار الجرائد العادية حيث تباع ب2.5 جنيه، إلا أن طباعتها رديئة للغاية، معبرا عن استياءه الشديد بسبب تجاهل كثير من الصحفيين لهذه الجريدة الهامة للغاية، مؤكدا أنهم لا يتابعونها ما يجعلهم غير ملمين بالقرارات الرسمية الصادرة عن السلطة التنفيذية. أستاذ الصحافة بإعلان القاهرة أوضح، أن الجريدة التي لا تزيد عن كونها نشرة، من المفروض أن تكون أكثر انتشارا وتوزيعا نظرا لأهميتها البالغة، وأنه يفترض أن توزع على الهيئات العامة والمصالح الحكومية وأن ترسل منها نسخ إلى الصحف، ولكن هذا لا يحدث، ما جعل الجريدة وكأنها جريدة «سرية»، وسهل للمجلس العسكري أن يمرر من خلالها قانون انتخابات الرئاسة، متبعا في ذلك نفس أساليب نظام مبارك، موضحا، أن أعضاء العسكري هم أبناء مبارك الحقيقيين، لأن هم من ورثوا أفكاره ونهجه. وعبر خليل عن تخوفه من ألا يكون قانون الانتخابات الرئاسية قد نشر في التاريخ الذي أعلنه المجلس العسكري، وأنه قد يكون نشر في وقت لاحق لهذا التاريخ، وذلك لاستباق جلسة مجلس الشعب، مستغلا في ذلك تجاهل العديد من الصحفيين للجريدة. خليل كشف أن المجلس العسكري وقع في خطأ كبير، عندما اعتقد أن إصدار قانون انتخابات الرئاسة ونشره قبل انعقاد جلسات المجلس، يجعله نافذا وقانونيا، مؤكدا أن الإعلان الدستوري الصادر في مارس الماضي، نص في المادة 33 منه، على أن وظيفة التشريع والرقابة تنقل إلى مجلس الشعب بعد انتخابه، وليس بعد انعقاد الجلسات، وأن انتخابات الرئاسة انتهت رسميا في 16 يناير، ما يجعل إصدار قانون انتخابات الرئاسة غير دستوري، ويمكن لأي محامي أن يطعن في دستوريته. وفي نهاية حديثه، كشف محمود خليل، أن المجلس العسكري تعمد ترك ثغرات قانونية في تشكيل كافة المؤسسات التي نشأت عقب ثورة يناير، وذلك لكي يتمكن من إسقاطها قضائيا في الوقت الذي يحدده، مددلا على ذلك بانتخابات مجلس الشعب، التي شهدت العديد من المخالفات القانونية والإجرائية، ورغم ذلك تجاهلها العسكري، ما يمكنه من الطعن على شرعية المجلس مستقبلا وحله.