كان التصريحات الحكومية من الموروثات المصرية حيث تتعاقب الحكومات تصريحات واحدة، فالزيادة التي أقرها الدكتور "حازم الببلاوي" - وزير المالية السابق - في أكتوبر الماضي بنسبة 10 % للمعاشات بدءا من يناير الحالي أكدتها الدكتورة "نجوى خليل" - وزير الشؤون الاجتماعية - أول ينايرفي بيان رسمي صادر عن الوزارة ولأن التصريحات مجرد موروثات غير مدروسة التنفيذ تم التراجع عن صرف زيادة العلاوة منتصف الأسبوع الماضي لتعلن وزير الشؤؤن الاجتماعية أن زيادة المعاشات سيتم خلال 3 شهور حيث يتسنى للحكومة خلال تلك الفترة تحديد مدى قدرة الموازنة العامة للدولة على تحمل الأعباء المالية المترتبة على تطبيق هذه الزيادة التي سوف يستفيد منها جميع أصحاب المعاشات وهو الأمر الذي قرر معه مجلس إدارة النقابة العامة لأصحاب المعاشات عقد اجتماع عاجل مع نقابات المحافظات صباح الأحد القادم لمناقشة الموضوع من كافة جوانبه ودراسة طلب النقابات الفرعية تنظيم اعتصام لأصحاب المعاشات أمام الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية (بشارع الألفي) وكذلك عواصم المحافظات. تصريحات وزير الشؤون الاجتماعية اشتملت كذلك على استرداد أموال التأمينات والمعاشات علي عشرة أقساط وهو الأمر المشكوك فيه بنسبة 100 % على الأقل خلال هذة المرحلة حيث جاء الأعلان عن استرداد أموال التأمينات دون تفاصيل عن المجال الذي آلت إليه هذه الأموال و لكن الجدل الذي أثارته أموال التأمينات والتساؤلات حول أين ذهبت أموال التأمينات حسمه البيان المالي الإجمالي للموازنة العامة للدولة 2006 – 2007 ، حيث أكد البيان الذي أقره البرلمان وقتها وقعه "يوسف بطرس غالي" - وزير المالية الهارب - أن وزارة المالية اقترضت هذة الأموال وأصدرت بها صكوكا "أوراق مالية توازي السندات" وأكد البيان المالي أن تمويل صندوق المعاشات والتأمينات سيكون من فوائد هذه الصكوك. وأشار البيان المالي أن هذه الأموال تم استخدامها لسداد عجز الموازنة العامة للدولة، المفارقة أن الحديث عن سداد أموال التأمينات يأتي في الوقت الذي تؤكد فيه كافة المؤشرات الاقتصادية عدم وجود سيولة في ظل عجز الموازنة و تضخم الدين المحلي وعجز الميزان التجاري ومما يزيد التشكيك في جدية استعادة أموال التأمينات هو الوضعية القانونية للصكوك والتي لا تتمتع بالزامية السداد على خلفية عدم وجود ميعاد للسداد وهو ما أكده الدكتور "مصطفي النشرتي" - أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة مصر للعلوم و التكنولوجيا - الذي علق علي تصريحات استرداد أموال و التأمينات قائلا : "ده نصب في نصب، لو كانت الحكومة جادة في سداد الأموال وضمان حق أصحاب المعاشات لكانت منحت مقابلها سند و ليس صك فهي وسيلة من وسائل النصب التي تمارسها الدولة منذ بطرس غالي و حتى وزارة الجنزوري"، مضيفا :"القصة بدأت منذ عام 2006 حيث كانت أموال التأمينات وديعة في بنك الاستثمار القومي بفائدة 12% و تستثمر هذه الأموال في مشروعات البنية التحتية في صورة قروض وكان ممكن استردادها في أي لحظة ولكن ما حدث أن عجز موازنة عام جعل الحكومة تأخذ الوديعة في صورة أموال سائلة لتضعها في الخزانة العامة وتمنح مقابلها صك أي وصل أمانة وهو ماليس له قيمة و هو أسلوب شاذ لسد عجز الموازنة و كان الأفضل استثمارها فى البورصة أو منحها لشركات مصرية و أجنبية في صورة سندات، حيث السند من الممكن استرداد قيمته بعد عشر سنوات و أخذ فوائد عليه كل 6 أشهر بينما الصك ليس له وقت محدد لسداده". لافتا إلى إن أموال التأمينات تمثل ثلث الدين العام الداخلي للحكومة وهو أسلوب غير متحضر و منح هذة الأموال للحكومة به إذعان لها ففي الدول المتحضرة تكون صناديق الضمان الاجتماعي هيئا ت مستقلة عن الحكومة تحصل الاشتراكات و تستثمر أموالها و الدولة فقط تنظم و تضع شروط سداد الاشتراك وكيفية منح المعاشات واستثمار الأموال و الدستور ينص على "كفالة" الدولة للصناديق وليس العكس ، كيف الجهة التي أخذت الأموال هي التي تمنحها مرة أخرى.