* الآن هناك معركة محتدمة مع المجلس العسكري، الرابح الوحيد منها هو التيار الإسلامي الذي يغازل المجلس العسكري ويستغل ارتباكه وتخبطه وقلة خبرته لإبرام اتفاق يمكنه كلياً من السلطة، .. صحيح القيادة العسكرية للبلاد عوضت فقر الفطنة السياسة والكفاءة الإدارية بكثير من النرجسية، ثم الوحشية منذ أحداث ماسبيرو وحتى مجلس الوزراء، وصحيح أيضاً الفشل المتكرر في إدارة المرحلة الانتقالية على مدى عام كامل ثم وحشية الشرطة العسكرية أحبط الجميع، وأصاب الكرامة الوطنية المستردة بجرح غائر، إلا أن تخلي الثوار عن سلمية الثورة والإنجرار وراء دعاوى تحريضية للاشتباك والتراشق بالحجارة وتطبيع العنف يمثل خيانة لروح الثورة والوعد الذي قطعوه على أنفسهم قبل خلع مبارك ، والخطر الحقيقي أنه يقودنا نحو تقويض حلم الدولة المدنية الديمقراطية لأن هناك طرف آخر مستفيد يعمل بهدوء من أجل دولة مغايرة تماماً لهذا الحلم. القضية شائكة وكما أن هناك لاعقون لأحذية العسكر وطامعون في السلطة يستخدمون الجميع، هناك بالمقابل قوى تخشى لوم الثوار وعقلاء تخلوا عن الحكمة كما تخلو من قبل عن العمل الجاد المنظم لا يريدون إعادة توجيه الثوار بعيداً عن كل ما يسئ لهم وينال من سمعتهم يشوه صورتهم. أخلاق الثوار لن تتغير لكن التعلم من الدروس أمر واجب وضروري، مع الإبقاء على الروح الثورية حاضرة فالسهام كثيرة، وتأتي من كل صوب .. من الإسلاميين شركاء الميدان والفلول وأصحاب المصالح والمجلس العسكري.. لقد بدأت بحرب على الإعلام والإعلاميين لتصل الآن إلى منظمات المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية وهي جميعها مؤسسات تنتمي لحلم الدولة المدنية العصرية الديمقراطية. كل الدلائل تؤكد أن الإخوان والسلفيين هو الوحيدون الذين يلعبون ويتلاعبون بحنكة، فرغم أنهم التحقوا بقطار الثورة بعد انطلاقه، إلا أنهم يحصدون كل الغنائم، ولا ضرر في ذلك طالما أنهم الأكثر تنظيماً، لكن كل الضرر أن يأتي ذلك على حساب دماء وسمعة وشرف ثوار وطنيون أنقياء... أظن أن الإسلاميين هم أكثر الناس سعادة بحرب العسكر والثوار، فإذا حسم الثوار نتيجتها فذلك كفيل بأن يخلصهم من فوبيا 1954، أما إذا حدث العكس فلا مانع من إبرام صفقة خاصة وأن الأجواء بينهما لم تتلبد بأية غيوم، فضلاً عن أن شرعية الانتخابات كفيلة بإزاحة العسكر عن سلطة التشريع والحكم أمام هذه الصورة أظن أننا مطالبون الآن بوضع حد لكل هذا العبث والتلاعب بالثورة ومحاولة إجهاضها أو الإجهاز عليها، كما أننا مطالبون باستعادة الثقة في الثوار والجيش الذي ناله الكثير بسبب أفعال قادته، وإذا كان المجلس العسكري صادقاً في التخلي عن السلطة وراغباً في إقامة دولة مدنية ديمقراطية كما يقول منتسبوه كل يوم، فلماذا لا يتوقف عن التشهير بالقوى التي تناضل من أجل هذا الهدف، بدءً من الأعلام إلى منظمات حقوق الإنسان والبرادعي وكل القوى التي كانت في طليعة الثورة واتهمها بالعمالة للخارج والحصول على أموال لتقويض الدولة. في الوقت نفسه ينبغي أن يدرك الثوار أن نقائهم الثوري يتحول إلى غنائم يحصدها فصيل سياسي لديه مشروع مختلف، وأن يعرفوا أن القوة المعنوية لسلمية الثورة هي سلاحهم ضد دعاوى التخوين والتشهير، والأهم هو العمل على خلق قيادة معنوية يلتف حولها كل الداعين لدولة مدنية.. لا عسكرية ولا دينية.