قبل أن تقرأ .. انتهيت من كتابة هذا المقال أمس بعنوانه الصارخ " فيلم سكس في السجن الحربي " بنية إرساله بعد مراجعته وتنقيحه ، غير أني فوجئت بعودة ثورة 25 يناير إلى الواجهة مرة أخرى ، ولم أصدق نفسي وأنا أطالع عبر شاشات الفضائيات أن ما أراه بعيني بثاً حياً على الهواء .. وظننت أنه مادة تسجيلية لأحداث الثورة وتحديداً يوم موقعة الجمل .. الاختلاف الوحيد أن لا جِمال ولا خيول في الميدان، إنما كان هناك ما هو أسوأ من الاثنين.. رأيت العادلي بعيني وقد عاد وعاد معه زبانيته ، وسمعت شعارات هي نفسها التي كان يرفع لافتاتها المتظاهرون أيام الثورة .. وسألت نفسي : هل من المناسب ان أكتب عما حدث لبنت من بناتنا - وهى ناشطة ثورية - في السجن الحربي بعد القبض عليها .. أم أكتب - وقد جد جديد - عما حدث في ميدان التحرير، فوجدت رابطاً بين الحادثتين.. هذا الرابط ألخصه في كلمة واحدة .. " مسخرة ".. فما حدث في السجن الحربي " مسخرة " .. وما حدث في الميدان " أبو المساخر " ، وحين خرق طبلة أذني شعار ينادي به المتظاهرون ، وكنت أظن انه خاص فقط بمبارك " هو يمشي .. مش حنمشي " وجدت أن نشر المقال جاء في وقته ، فلم أتراجع عن إرساله. **************** ... تخيلت أن هذا الحوار دار بين جنديين في السجن الحربي بعد مهزلة كشف العذرية على بعض من بناتنا.. " شرفنا وعرضنا ". الأول : كنت فين يا دفعة .. ده انت فاتك نص عمرك إمبارح. الثاني : ليه حصل إيه .. كان فيه حفلة جبتم فيها دينا مثلا وقعدت ترقص وتتدلع للصبح؟ الأول : دينا مين ونيلة مين .. ده انت كنت حتشوف اللحم الأبيض المتوسط وعلى كل لون يا باتستا .. لأ وإيه .. حاجة ببلاش كده. الثاني : شوّقتني .. إيه اللي حصل بالضبط؟ الأول : واحدة يا بني من البنات الورد كانت هنا وقلّعهوا " ملط " قدامنا كلنا عشان يكشفوا على عذريتها .. يعني بالمفتشر كده ، يشوفوا ان كانت بنت ولا " مرة "! الثاني : انت بتتكلم جد ؟ الأول : امال إيه .. دي كانت ليلة ولا في الأحلام. الثاني : تصدق إنك معندكش دم .. يا واطي يا ندل .. كنت اتصل بيا أقطع الأجازة وارجع .. هى حاجة زي ديه بتحصل في العمر كام مرة؟ .. ثم وهو متشوق لمعرفة التفاصيل : لكن انت شوفت كل حاجة ؟ الأول : بقولك كانت ملط زي ماولدتها أمها .. بس من تحت الثاني :أيوه فاهم .. يعني شفت كل حاجة عيان بيان. الأول : طبعا .. بس من بعيد .. لكن كل حاجة كانت واضحة .. وما كنتش لوحدي .. ضباط وصف ضباط وعساكر.. مش بقول لك فاتك نص عمرك يا فقري. الثاني بعتاب شديد : أقسم لك بالله مش حا انسى لك الموقف ده أبدا .. .. على رأى المثل اللي أمي دايما بتقوله : في الفرح منسّية وفي الحزن مدعّية.. روح يا شيخ ربنا ينتقم منك!!!. ... ربما بدايتي على هذا النحو يجدها البعض قاسية أو أنني أهرج .. أو ربما من فرط غيظي أن مدة خدمتي في الجيش لم تمتد حتى هذا اليوم لأشارك بالفرجة على هذه الوليمة القذرة التي التهمها بدون رحمة ولا خشا من ربنا كل من التفوا حول مائدتها .. فقد صدمني وأنا أطالع موقع " إيلاف " على الانترنت لقاء مع سميرة ابراهيم محمد .. نقلته معظم الجرائد الكويتية هنا ، وأكيد جرائد أخرى لم أطالعها .. وهو لقاء صادم بدرجة مفزعة وأثارني بدرجة لم أعهدها في حياتي .. فلو صدقت سميرة فيما روته ، لكانت مهزلة يُحاسب عليه المشير طنطاوي شخصيا ، إذا علم بها ولم يتخذ بشأنها أى موقف ، ناهيك عن الفاعلين الأصليين .. أما لو كانت سميرة تكذب ، فأنا اطالب بسجنها 25 سنة بتهمة الإساءة إلى رجال نعرف أنهم شرفاء ولا يخدشون حياء أحد .. ويحرصون على السرية التامة في مثل هذه الأمور الحساسة .. إن كانوا يرون لها ضرورة.. ولن أناقش هنا المبدأ نفسه وهو كشف العذرية على بنات من الناشطات ، فلا أرى له معنى من الأساس ومبرر فاعليه مُضحك ولا يرقى الى مستوى التصديق. فماذا قالت سميرة وعيناها دامعتان أثناء حديثها مع إيلاف ؟ كنت أشارك في تظاهرات 9 مارس السابق للمطالبة بمحاكمة رموز نظام مبارك وتسليم السلطة للمدنيين فجرى اعتقالي وألقوا بي بطريقة مهينة جدا في سيارة ترحيلات مع أخريات لا أعرف واحدة منهن.. وسمعت سباً وشتائم قذرة من أحد اللواءات يتهمني وزميلاتي بممارسة الدعارة.. وفي السيارة تعرضت مع الأخريات للصعق بالكهرباء والضرب بالجزمة. لم نغادر سيارة الترحيلات وبقينا فيها مدة طويلة جدا ولم يكن على لسان ضباط الجيش بعد وصلة متقنة من الألفاظ القذرة والبذيئة إلا كلام من نوعية : انتوا خربتوا البلد .. وبعدها علقة محترمة من 4 عساكر داخل السيارة. كل ده كوم وما حدث في السجن الحربي حين وصلنا إليه كوم تاني .. فأول ما صدم سميرة في السجن صورة مبارك معلقة على الجدار بعد خلعه ، وحين استفزّتها الصورة وسألت الضابط بحدة عن معنى وجودها بعد الثورة رد عليها : وانت مالك .. احنا بنحبه .. ولو انتوا مش عايزينه .. احنا عايزينه! .. ماجتش ع الصورة .. تتحرق الصورة على صاحبها .. انما ان تطلب منها سيدة تابعة للجيش خلع ملابسها في غرفة مشرّعة الابواب والشبابيك وعيون العساكر والضباط " جعانة " ومتأهبة للالتهام .. أمر فاق كل تصور وتعدي حدود اللامعقول ، ودخلنا في نطاق القذارة والوساخة وقلة الادب وقلة الحيا.. المهم رفضت سميرة ومعها كل الحق هذه الحفلة الماجنة التي ستكون بطلتها.. رفضت ان تظهر عارية تماما الا من نصفها الأعلى ، فما كان من السيدة " بتاعت الجيش " إلا ان نادت على العساكر ليضربوها ويجبرونها على الخلع .. وتنظر سميرة حولها والأبواب والشبابيك مفتوحة والكل يضحك ويتغامز عليها ، والعيون ترجوها ان لا تطيل الدلال وتخلع ليروا عورتها .. لحظتها تمنت سميرة الموت وكرهت الدنيا والجيش والقوات " المشلحة " والحكومة .. واضطرت المسكينة ان تنزل بنطالها وما تحته ليكشف عليها البيه الضابط الطبيب ثم يقول لها كأنه لم يفعل شيئا : وقّعي هنا انك بنت! وتقدمت سميرة ببلاغ للنائب العام بما حدث لها ولم يتم التحقيق فيه وتعهدت منظمات حقوقية بتبني قضية سميرة للإتيان بحقها من المجلس العسكري ذاته. .. أعيد وأكرر .. ان كان ما روته سميرة صادقا ، فليس أقل من تنحي المجلس العسكري فورا عن مقاليد الحكم في هذه الفترة " الانتقامية " كما يحلو للبعض ان يسميها ، فمن لا يستطيع الحفاظ على شرف فتاة مصرية ، فكيف به وله ان يحافظ على شرف أمة؟ .. وان كان ما روته سميرة كذباً ، فليس اقل من محاكمتها هي بتهمة التشهير بجهاز نظنه شريفاً ونزيهاً ولا ينزل أبدا الى مثل هذا المستوى من التدني والانحدار. .. خلص الكلام .. إلا من شىء واحد أسعدني جدا رغم الألم النفسي الرهيب الذي سببّته لي سميرة .. فثوار التحرير الحقيقين رجعوا تاني ، والثورة رجعت تاني .. وشعارها القديم الجديد : هو يمشي مش حنمشي!!