يحتفل العالم بعد غد «14 فبراير» بعيد الحب أو ال «valentine Day» ، وقد بدأ تاريخ هذا اليوم في كنيسة كاثوليكية علي شرف القديس فالنتاين الذي كان يعيش تحت حكم الامبراطور الروماني كلاديوس الثاني في أواخر القرن الثالث الميلادي. فقد لاحظ الامبراطور أن العُزاب أشد صبراً في الحرب من المتزوجين الذين يرفضون الذهاب إلي المعركة.فأصدر أمراً بمنع عقد أي قران، غير أن القس «فالنتاين» عارض ذلك، واستمر في عقد الزواج بالكنيسة سراً حتي اكتشف أمره. وحاول الامبراطور إقناعه بعبادة آلهة الرومان فرفض فالنتاين الخروج عن دينه، فنُفذ فيه حكم الإعدام يوم 14 فبراير، وكانت هذه بداية الاحتفال بعيد الحب إحياءً لذكري القس الذي دافع عن حق الشباب في الزواج والحب. بل قيل في الأساطير أيضًا إنه بعث رسالة غراميه لابنة السجان في ليلة إعدامه «14 فبراير» قال فيها: من «فالنتاين» حبيبك! وأيًا كانت قصص الأساطير فيكفي أن هناك احتفالاً بعيد الحب.. يتبادل فيه «المحُبون» الهدايا والورود، ويسود اللون الأحمر كدليل علي تدفق دماء القلب، وحرارة المشاعر. وفي كثير من الجلسات بين الأهل والأصدقاء أسمع مقولات تتكرر كثيرا. هوه فين الحب ده،.. هوه فيه حب دلوقتي؟!، ده كان زمان!! أصل المادة طغت واصبحنا في زمن المال مش الحب! أعتقد أنك تسمع معي هذه الآراء، ولكن دعونا نقف ونتأمل ما وصلنا إليه، حتي ولو افترضنا أنه مقالٌ حالمٌ ورومانسيٌ. فليكن هكذا في «عيد الحب». لا شك أننا تربينا وتعلمنا الحب من الأفلام والأغاني والأدب وأيضاً المشاهد الحياتية المحيطة «أي مايٌصب بداخلنا من ثقافة». وكانت مشاعرنا «البكر» تلتهب مع أغاني العندليب والأطرش وأم كلثوم.. ففي فترة كنا نحلم بمن نكتب لها «جواب» مثلما فعل حليم. حبيبي الغالي من بعد الأشواق.. بهديك كل سلامي وحنيني وغرامي. وكان آخر سطرين في جوابه يمران علي قلوبنا قبل الورق. بعد أن غني: وختاماً لك ألف سلام ومحبة وأشواق وغرام من قلب لا يهدا ولا ينام قلب حبيبك. وكانت تأخذنا «الست» إلي حُلم السهدُ ليلاً مع الحبيب فتكون هذه الليلة ب «ألف ليلة وليلة». يا حبيبي الليل وسماه.. ونجومه وقمره قمره وسهره وانت وانا.. يا حبيبي أنا.. يا حياتي أنا كلنا، كلنا في الحب سوا. ولم يتوقف الحب عند هذا الزمن، بل امتد مع صوت هاني شاكر «صاحب الجلالة الحب»، «والحب مالوش كبير»، ومنير «لما النسيم» و«صوتك» وغيرهما. وكانت الأفلام تعكس حالات حب نتعاطف وجدانياً معها. لقد أحببنا الحب قبل أن نجد من نحبهم. ورداً علي كل من يدعي اختفاء الحب.. أقول إنه لو اختفي الحب لانتفينا نحن من الحياة. المشكلة أننا لا نجد من يعلمنا الحب من فنون حولنا تشاكس وجداننا، وأننا من الصعب أن نجد من يستحق هذا الحب. المشكلة الأولي أن المحيط من أغان في معظمه كلام مبتذل وموضوعات مُسِفة وصورُ غرائزية لدغدغة الأحاسيس. فضلاً عن أفلام - في معظمها أيضًا - لا تعلم للحب طريقا. أما المشكلة الثانية.. من نحب؟! لكل آدم ضلعه ناقصة يسعي لإيجادها، فقد يحاول - في حياته - أن يجرب أكثر من ضلعة، تارة تكون الضلعة صغيرة وتارة كبيرة.. ولو مُقدر له أن يعيش الحياة ويذوق الحب.. فسوف يجد ضلعته الساكنة، الراشقة. هنا يشعر بأنه الآن قد اكتمل. سيهدأ من عناء الطريق وعناء البحث وعناء التجربة وعناء اللا حب. هنا سيري الحياة بعيون أخري، سيجد الجار والزميل وسيصبر علي زحام المرور، وعرقلة الحياة، وستولد بداخله قوة خارقة علي العطاء وتحقيق أحلامه. فهو لن يحقق ذاته من أجل «أنانيته» - فالحب ضد الأنانية - ولكن من أجل من يحب، ليكون جديرًا به وبهذا الحب. وستري هي أنها - كضلعه - قد سكنت مكانها، وأنها تستشعر الدفء والحماية والاحتضان. تصبح ممتلئة وتعطي له «حياة». تدفع به إلي الأمام.. وتصبح وقوده الذي يُشعل حماسه. هو يفكر كيف يُسعدها. وهي تعمل علي راحته وسعادته أيضًا. هل تعتقدون أن علاقة بهذا الحب ستثمر عن فشل في علاقة الزواج مثلاً؟! ألا ننظر حولنا ونتأمل أن الحياة الاجتماعية في خطر؟ ألا تُطالعنا الدراسات بأن حالة طلاق تحدث في مصر كل (6) دقائق؟! هل تعتقدون أن هذه الحالات شهدت حُبًا حقيقيًا ربطهما معًا؟! لا يمكن.. دا انت لما تحب حد ما تحبش إنه يغيب عن عينيك.. فكيف ستنفصل عنه؟! إذن لم يكن هناك حب. ألا نشاهد حالات «الخيانة» المنتشرة؟ هل تعتقدون أن هذه الحالات تعيش حُبًا حقيقيًا؟! لا يمكن.. فالحب ضد مفهوم الخيانة وضد مفهوم الكذب وضد مفهوم «التوحد». فالاثنان صارا واحدًا...... فهل يخون الإنسان نفسه؟! إلا نقرأ عن زيادة حالات الإدمان؟! فلو أحب هذا الشاب، «وتعاطي» تلك المشاعر، لأدمن المحافظة علي نفسه من أجل من يحب، التي هي نفسه. ألم يقل لنا د. عكاشة في إحدي دراساته إن نسبة الاكتئاب تزداد في الشعب المصري لتصل إلي معدلات مرتفعة وخطيرة؟! من يعرف قلبه طريق الحب يعرف طريق السعادة، فسيري الحياة رغم ما فيها من صعاب. حياة تستحق المواجهة، والأخذ والعطاء، وأن حياته ستمتلئ بالانكسارات والانتصارات، وسيعيش وسط هذه الحياة - عندما يمتلئ بالحب - يداعبها وتداعبه، ولكنها - بالحب - تصقله وتثقله. فيصير إنساناً ذا قيمة ومعني. وتزداد مساحة الحب ليشمل حبه للوطن. ولو أحببنا الوطن ما أفسدنا فيه كما يحدث حولنا من فساد، فقد قال الفيلسوف جورج صائد: «كلما ازداد حبنا تضاعف خوفنا من الإساءة إلي من نحب». وقالوا أيضًا «إن الحب يصنع المعجزات». ويبدو أننا في جميع مجالات الحياة الآن نحتاج إلي معجزات تنقذنا من هذا التدهور الشديد الذي يحدث لنا وبنا. وقد جربنا طرقاً كثيرة وحلولاً كثيرة ولم تُجد، فدعونا نجرب الحلول الحالمة، وهي واقعية إن أردنا، دعونا نجرب الحب، فلم يبق لنا سواه - أردنا أو لم نرد - فهو السبيل الوحيد لإنقاذنا. نحب أنفسنا حتي نحب الآخرين، نحب جيراننا، نحب زملاءنا، نحب شوارعنا، نحب نجاحات الآخرين ونجاحاتنا، نحب الآخر. دعونا.. «بأمر الحب» أن نطيعه.. ولن نندم قالوا عن الحب : زحام وأبواق سيارات مزعجة واللي يطل له رصيف يبقي نجا لو كنت جنبي يا حبيبي أنا مش كنت اشوف إن الحياة مبهجة........ عجبي (صلاح جاهين) أبلغ حديث هو الصمت في الحب. كان لي مولد ثان حين انعقد الحب بين روحي وجسدي فتزاوجا. (جبران خليل جبران) الرجل يحب ليسعد بالحياة، والمرأة تحيا لتسعد بالحب. الحب شعلة نار تدخل النفوس فتشعلها، ويظهر لمعانها من خلال العيون. الحب سلطان ولذلك فهو فوق القانون. ليس للدهر سلطان علي الحب. وآآه يا حب.