كشف الدكتور مصطفى الفقي، الكاتب السياسي والمفكر المعروف، بعد الانتهاء من كتابه الذي يسرد فيه 30 سنة من عهد الرئيس السابق محمد حسني مبارك، بأن مبارك في بداية حكمه كان وطنياً بما تحمله الكلمة من معنى، ولكنه بعد عام 1990 وتحديداً بعد حرب الخليج أصابه التضخيم الذاتي لأنه أحس بإنه قادر على فعل أي شئ في العالم. وأضاف الفقي، فى حوار شامل مع الإعلامي معتز الدمرداش في برنامج "مصر الجديدة" أمس الثلاثاء، أن مبارك علاقته بالزمن بطيئة للغاية، وأن مساوئ حكمه تمثلت في الفردية والتزوير المستمر للانتخابات، كما أنه أضاع فرصاً كثيرة، وتابع: "حكم لمدة 30 سنة مكنش عنده حاجه لا مراكز قوى، ولا رفاق سلاح، ولا ثورة مثل عبد الناصر، ولا حرب تحرير مثل السادات". وأشار الفقي إلى أن ظهور جمال مبارك فى العمل السياسي اقترن بتضخم مبارك ذاتياً بعد حرب الخليج، ففي منتصف التسعينات أسس جمال مبارك جمعية جيل المستقبل، ووقتها قال مبارك: "أنا سايبه يتمرن فينا.. علشان ميسافرش بره، لكن لن يتركه يعمل فى السياسه". وحول علاقة نجل الرئيس السابق بالمهندس أحمد عز أمين التنظيم في الحزب الوطني المنحل، ذكر الفقى، إن الاخير شخص ذكى ومتعلم ويجيد التحدث باللغات لدرجة كبيرة ورجل أعمال بارع، والحقيقة أن جمال هو من كان مبهوراً بأحمد عز، وليس العكس كما يتردد، وأنه رأى بنفسه جلسة عمل داخل الحزب، ترك خلالها جمال الكلمة لعز يتحدث لمدة ساعتين، وذلك على غير المعتاد بالنسبة للموجودين في السلطة. وأوضح الفقى أن الرئيس السابق، لم يكن يعط أذنه احتكاراً لشخص معين، وإن دوره هو والآخرين يقتصر على المساهمة في إعداد الخطب، وأنه كان يوفق بين مبارك والجميع، مثل الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع، وأنه استقبل سيف الإسلام وحسن البنا وعصام العريان في مكتبه برئاسة الجمهورية على غير المعتاد. وكشف الفقي، أن مبارك كان يكره فكرة الاستشارة العلنية، ويسفه من الآخرين، وذلك شأن يحتاج لتحليل نفسي، والحقيقة إنه لم يكن كله عيوب ولكن كانت به مزايا مثل إنه صبور وجلد على العمل لساعات كثيرة، وشديد الموضوعية، ولفت إلى أن عام 2011 رسالة من الله للبشر ليعلموا أن هناك من هم أكبر وأعلى منهم، وعندما رأى مشهد محاكمة مبارك قال "سبحان المعز والمذل". وأوضح أن عضويته في الحزب الوطني جاءت بسبب تعيينه في البرلمان منذ عام 2000، مشيرا إلى أنه كان ينتقد الحزب الوطني والحكومة منذ أول يوم في الثورة، وتم تهميشه في 2004 بسبب رفضه زيارة إسرائيل وفصل من لجنة مصر والعالم، وفي 2007 طرد من المجلس القومي للمرأة، وأنه كان يستقبل كل أسبوع مكالمة من الدكتور زكريا عزمي، يعبر فيها عن استياء الرئيس السابق بسبب تصريحات أو ندوة مما كان يسبب له أزمة، وكان مبارك يذكر دائماً: "أنت لسانك فالت وعلشان كده معمرتش فى المناصب". وتمنى الفقي، أن يخرج مبارك بشرف من السلطة، لكن لم يتمكن من ذلك بسبب مستشاريه الذين لم يديروا الأزمة بكفاءة، فهو ينظر ل"المستشارين" على إنهم "عيب"، ويقولك متقوليش أنا اللي أقرر. وتابع: "بعد خطاب مبارك العاطفي قلت إن السيرك رجع تانى، لكن دلوقتي اللي يشوف المشهد .. مبارك فى المستشفى وولداه في السجن وزوجته مشتتة بين الطرفين بعد 30 سنة من الاستمتاع بالسلطة، وأنا كنت فى مشاكل دائمة مع سوزان مبارك منذ 30 عاماً ولم يكن بيننا ود من أي نوع، ولفت أن مشكلة مبارك الحقيقية هى الفساد المالى وعدم الوعى السياسي". وأوضح أن مبارك كان لا يستريح لأي شخص "لامع"، لافتا إلى أن عمرو موسى قدم خدمات حقيقية له، لكنه بسبب خبراته وكفاءته جامعة الدول العربية كانت جراج لوزراء الخارجية السابقين، ولابد من تقديم دور سياسي كبير، فمصر قائمة على تقديم السياسة والحصول على اقتصاد، ولم يهان المصريون فى عهد مثلما أهينوا فى عهد مبارك طوال ال30 سنة، وتقدم علينا "الصغار".