لست متبحراً في الشأن الليبي لكنني أعرف أن ليبيا بلد بترولي وغني جداً وشعبه إذا ما قارناه بشعب مصر من حيث مستوى المعيشة سنجد الفارق هائلا لصالح ليبيا طبعا ، فشأن ليبيا كشأن باقي دول الخليج .. يسعى إليها من ضاقت بهم بلادهم وبخلت عليهم بلقمة العيش ، ومع ذلك فعلوا ما فعلوا بمعمر القذافي ، ليس طمعا في عيشة أكثر رغداً ، ولكن- وهذا هو الأهم - في عيشة أكثر حرية وديمقراطية وعدالة اجتماعية. لم أسمع من شرق الدنيا لغربها ، ومن شمالها لجنوبها ، واحداً فقط لم يُثن على الشعب الليبي وثوّاره بعد قتلهم لهذا القذافي المقزز. سحل الثوّار له على مرآى ومسمع من العالم قبل رصاصتين أنهيتا حياته لم تفارق مخيّلتي منذ الأمس .. ورحت أتنقل بين المحطات التليفزيونية من عربية لجزيرة لل بي بي سي الى ال سي ان ان .. إني أسمع واحداً فقط يقولإن اللي حصل ده غلط .. لم أسمع .. ولم أكن أنتظر أى نوع من التعاطف من أى جهة ما في العالم مع القذافي ، وما حدث له في الدقائق الأخيرة من حياته. .. والمقارنة هنا فرضت نفسها فرضاً بين القذافي ومبارك ، أو بين كيفية تعامل الثوّار مع معمر ، وتعاملنا نحن مع سي حسني .. المعزّز المكرّم النائم بمستشفى 10 نجوم ويكلّف الدولة في " نومته السودا دي " الملايين. أعرف أن أول سؤال سيطرأ على بال القارئ وقد يسبّني الكثيرون مثلما تعوّدت : هل كنت تريد أن نقتل مبارك بهذه الطريقة البشعة؟ .. وأرد : لأ .. ليس من طبيعة الشعب المصري الطيب الأصيل أن يفعل ذلك بحكامه.. وإن فعلوا به ما فعلوا .. دعك من السادات وحادث المنصة ، فظروفه تختلف تماماً وجاءت كتصرف فئة معينة من الناس عقاباً له على معاهدة كامب ديفيد وصلحه مع إسرائيل .. بمعنى أن التخلص من السادات لم تكن رغبة شعبية جماعية وقتها ، فلنركن السادات على جنب وحسابه بين يدي خالقه .. أما مبارك فما فعله مع شعبه أضعاف أضعاف ما فعله القذافي .. فالشعب الليبي لم يكن أبداً مهاناً في أى مكان ينزل فيه .. أما نحن فلم نشعر إلا بالإهانة في كل مكان حللنا به .. ولم نرفع رؤوسنا إلا بعد 25 يناير .. هذه حقيقة أستشعرها كواحد مغترب عن بلده سنوات طويلة.. والشعب الليبي لم يأكل خضروات وفاكهة " متعاصة " ومرويّة بمياه المجاري .. أكلناها نحن! .. الشعب الليبي لم نسمع عنه تفشّي الأمراض المختلفة بين أفراده من الكلى والكبد الوبائي والسرطان.. نحن ضربنا الرقم القياسي في كل أمراض الدنيا .. ليس لأننا شعب موبوء أو أن عندنا علة ما .. ولكن نتيجة السياسات القذرة والسرقات " الوسخة " والإهمال المتعمّد من الحكومة بنيّة الخلاص من أكبر عدد منا، ليكون حجم السرقات أكبر والثروات أكثر.. ويتحرق الشعب على اللي خلفوه. إذا ما قارنا مبارك بالقذافي .. فالحكم سيكون لصالح الثاني .. شوفتوا بيقولوا إيه على القذافي؟ .. لكن جرم مبارك أبشع من جرمه.. الثوّار سحلوا رئيسهم .. ونحن نحاكم مبارك محاكمة عادلة.. وعادلة هذه تحتاج وقفة - واللي يزعل مني يتفلق - .. فبصراحة كده وم الآخر .. ما يحدث مع مبارك ليس من العدل في شيء.. فإن كنت كريماَ معك ، فلا داعي للاستعباط والاستهبال وقلة القيمة .. والمثل الشائع يقول " إن كان حبيبك عسل متلحسوش كله " .. وقد أعجبتني جداً جيهان السادات وهى تعلّق على " نومة " مبارك على السرير أمام المحكمة قائلة : عيب .. لا يليق بضابط طيّار محارب أن يهرب من المواجهة بهذه الطريقة المخزية .. كنت أتصور أن يقف كرجل مقاتل لا يأبه الموت ويتكلم .. مش يسمع كلام محاميه الساذج وينام ع السرير كي يستدر عطف الناس.. بالعكس – والكلام لجيهان – لم يتعاطف أحد معه بل زادت النقمة عليه. البطل يموت واقفاً .. ولا يهرب كالفئران من المسؤولية .. مبارك ليس متهماً بسرقة الغسيل من على حبل " ام علية " .. لكنه متهم بسرقة دولة وإفقار شعب وإمراضه وإذلاله على مدار 30 سنة .. مبارك أهان مصر ومرمط باسمها وكرامتها الأرض .. فضحنا والفضائيات تنشر غسيلنا الوسخ في طوابير العيش وأنابيب البوتجاز .. سمعت الفنان محمد صبحي يقول باكياً في أحد البرامج أن فتاة في عمر الزهور من سكان العشوائيات - حيث لامياه نظيفة ولا صرف صحي ولا أي شيء يذكر من مقومات الحياة الكريمة - ماتت لأنها خجلت أن تبول في العراء وهى بنت ، فأصيبت بتسمم نتيجة حبس البول ..أقسم بالله هذه وحدها في بلد محترم لا تقيل وزارة ، ولكن تحكم عليها وعلى رئيسها بالإعدام. نزلنا وقلنا سلمية سلمية .. لأننا شعب طيب ومتحضر لكننا " مش هِبل “.. حتى يتم استعباطنا إلى هذا الحد .. من المفترض إذا ما تم قبول رد المحكمة برئاسة المستشار أحمد رفعت أن نرى محاكمة حقيقية بجد.. بلاش مسخرة وبلاش الناس تضحك علينا أكتر من كده .. الطبيب اللي بيقول إن مبارك ميقدرش يقعد أو يقف.. يتحاكم اذا أثبت طبيب نزيه أخر أن هذا الكلام كلام فارغ .. " ومش حاقول لفظ تاني عشان عيب " .. فالكل يعرف بما فيهم المجلس العسكري والحكومة الشرفية أن مبارك " زي القرد " بيتنطط ويتحرك ويتمشى في المستشفى وحديقتها .. وإلا كان أُصيب بقرحة الفراش " وريحته طلعت " .. بلاش استهبال .. عايزنا نصدق إن مبارك لا يذهب إلى الحمام ويعمل "بيبّى " .. ولا يكون لابس بامبرز؟! .. ياناس احترموا عقولنا بقى .. أو اطلبوها صراحة .. عايزين نعفي عن الراجل ده اللي مش أد المواجهة وسنه فوق التمانين .. وساعتها ننظر في أمره .. ويمكن معظمنا يقول " يابخت من قدر وعفي أو العفو عند المقدرة " .. لكن نظام الاونطة ده ميجبش معانا .. احنا ناس طيبين أيوه .. بس " هِبل " لأ!!