عندما يعلن أحد الوزراء عن دعم أحد الأندية بخمسة ملايين جنيه.. فيمكن أن تظن أنه وزير الشباب والرياضة.. وأن مايفعله هو من صميم عمله.. أو أن هذا التبرع الضخم قد دفعه الوزير من ماله الخاص لعشقه لهذا النادي.. لكن عندما تعرف أن لا هذا أو ذاك هو السبب.. فإنك سوف تضرب رأسك في أقرب حائط مثلما فعلت. الخبر كما نشره موقع اليوم السابع يقول إن وزير البترول سامح فهمي.. قد زار النادي الإسماعيلي وعندما استمع من رئيس وأعضاء مجلس النادي إلي مشاكل الإسماعيلي المادية.. أعلن علي الفور دعم وزارة البترول للنادي بخمسة ملايين جنيه. لسنا ضد دعم النادي الإسماعيلي أو أي من أندية مصر.. لكن ما علاقة وزير البترول بناد رياضي في مصر.. يمكنني -علي مضض- أن أتفهم قيام وزير البترول.. بدعم أندية تابعة لبعض شركات البترول المصرية مثل بتروجيت وإنبي.. شرط أن يجري ذلك وفق ضوابط محددة.. وليس مجرد إنفاق مادي دون رابط.. لأنه من المفترض أنه مال عام. مافعله وزير البترول ينم عن قناعة الرجل بأنه يتصرف فيما يملك وأن أموال وزارة البترول هي أمواله الخاصة.. ينفق منها كيفما يشاء ومثلما يعن له.. فلا رقيب أو حسيب.. هل لديك تفسير آخر لما فعله الوزير؟.. ثم أين دور الجهاز المركزي للمحاسبات؟. حتي نقرأ الخبر في سياقه.. فإن علينا أن نرقب مايجري منذ سنوات في الساحة الرياضية المصرية.. وتحديدا فيما يتعلق بعلاقة الوزراء بكرة القدم وأنديتها ونجومها من اللاعبين.. حيث باتت تحتل جزءًا كبيرًا من النشاط العام لبعض الوزراء.. وهو ما يتجاوز مهام عملهم الأصلية التي أقسموا اليمين علي إنجازها.. ولم يقسموا علي دعم الأندية الرياضية .. وإلا فما دور المجلس القومي للشباب والرياضة إذن؟.. وما دور صفي الدين خربوش أو حسن صقر؟. أن يدعم وزير ناديا تابعا لوزارته.. بهدف تشجيع الأندية الرياضية التابعة لوزارته.. فهذا مفهوم ونرحب به.. أما سياسة خلط العام بالخاص.. والبحث عن نجومية هنا أو هناك.. فهذا يستحق وقفة من رئيس الدولة.. وتنبيه بعض الوزراء الذين بات اهتمامهم بالشأن الكروي أعلي من اهتمامهم بالشأن السياسي والفني لوزاراتهم. في الدوري العام لدينا نادي اتحاد الشرطة ويدخل ضمن الأنشطة العامة لوزارة الداخلية .. لكننا لم نجد وزير الداخلية تاركا مهام عمله الأمني.. كي يدعم أندية رياضية أو استقبال نجوم الكرة في مكتبه بالوزارة.. أو أن يصدر قرارا بتعيين بعض نجوم كرة القدم داخل جهاز الشرطة برواتب خيالية.. أو أن يفعل مثله وزير الدفاع.. أو أي وزير آخر لوزارته أندية بالدوري العام.. فكلاهما يتصرف مع النشاط الكروي للأندية التابعة لوزارته.. من باب الاهتمام العام بالنشاط الرياضي داخل الوزارة.. أما مايفعله وزير البترول فإنه يستحق المساءلة.. حتي لو كان الوزير بتصرفه حسن النية لكنه هنا غاب عنه الحس السياسي.. والذي يفتقده غالبية وزرائنا. عندما يترك وزير مهام عمله الوزاري الضخمة.. ثم يذهب إلي إدارة ناد ليعلن دعمه.. فهنا يكون قد خرج عن سياق وظيفته.. وظني أن رئيس الوزراء لو فعل مافعله وزير البترول.. لربما كان تصرفا مبررا عند البعض.. ومثار انتقاد لدي البعض الآخر بحكم منطق ترتيب الأولويات.. أما اذا كان مفهوم العمل الوزاري قد تغير في عهد الحكومة الحالية.. وأصبح كل وزير حرا في إنفاق أموال وزارته كيفما شاء.. فإنني هنا أرجو من وزير البترول تخصيص خمسة ملايين جنيه أخري.. من هذا المال السايب لوزارته.. وتوجيهها إلي الفقراء من ضحايا السيول.. وأن يخصص مبلغا مماثلا إلي معهد الأورام القومي.. المهدد بالسقوط علي رأس مرضاه.. لعله يلقي دعوة حسنة من هؤلاء الفقراء أو المرضي ترفعه درجة عند الله.. إذ ربما لاتستجيب السماء لدعوات الأندية. عزيزي المستشار جودت الملط.. لا أسكت الله لك صوتا.