ومازلنا نتحدث عن الحب ولكن ربما بمنظور جديد. سألت الشيخ في لحظة صفاء عن إفشاء السلام وإطعام الطعام وصلة الأرحام والصلاة بالليل والناس نيام. فهل المكافأة هي الجنة؟، وما معني الجنة؟. فالتفت وقال: أولا إفشاء السلام، كثيرنا يعتقد أنه بمعني إلقاء السلام وكفي ولكن السلام هو كل ما يخرج من الإنسان للإنسان. ولقد قال المصطفي - صلي الله عليه وسلم - : «ليس منا من لم يوقر صغيرنا كبيرنا وليس منا من لم يرحم كبيرنا صغيرنا ». فإذا اتبعنا ما قاله الرحمة المهداة سيد الخلق لتعلمنا كيف نفشي السلام لبعضنا البعض دون غل ولا تحدنا علي السلام دون أن يفرقنا أحد. فحينما يأتي إلينا رجل بار - داع - فلابد لنا أن ننصت ونتعلم من أقواله وننهل مما ينضح إناءه. فلابد لنا من صحوة في إفشاء السلام بيننا كمساكين وأبناء لهذه الأرض الطاهرة، أرض الأمان والاطمئنان، لابد فيها من إفشاء السلام. وأطعموا الطعام، ففقراء ومساكين هذه الأرض أصبحوا كثيري العدد، فحينما يصرخون من غلو أسعار كل شيء من حولهم تقلب عليهم القلوب وكأنها تنزع منها الرحمة، فتزيد من غلوها ولا حياة لمن تنادي. فرفقا بالمساكين وبأقواتهم، فالمصطفي - صلي الله عليه وسلم - لا يطلب أن تطعموهم من جيوبكم ولكنه يكفيه أن ترفعوا أيديكم عن احتياجاتهم وإلا اتقوا دعواتهم. وصلوا الأرحام، فمن أوائل الأرحام الأم والأب والأخ والأخت والزوجة والزوج وبنوه والأقربون. فإذا انقطع أحد من هؤلاء عنك، فخيركم من يبدأ بالسلام. ويحضرني حديث دار بين سيدنا الإمام الحسين وأخيه سيدي محمد بن الحنفية حينما انقطع عنه فأرسل إليه الإمام الحسين في طلبه كي يحضر أمامه فرفض وقال سيدي محمد ابن الحنفية: لن أذهب إليه هو يأتيني. ولما علم الإمام الحسين ذهب إليه وطرق بابه وقال له: لماذا لم تأت حينما أرسلت في طلبك؟ فرد عليه لقد نسيت ما قاله جدك! «خيركم من يبدأ بالسلام فأنت أخير مني لأن أمك الزهراء سيدة نساء العالمين وبضعة المصطفي - صلي الله عليه وسلم - ومن جدك؟؛ فجدك من أشرقت الأرض بنوره. ولهذا أنت أخير مني، فعليك أنت أن تبدأ بالسلام. والمحير في هذا الزمن أن جميعنا يغضب إذا واجهه أحد بشيء هو فيه ويفرح إذا مدح بشيء ليس فيه. فإذا قلنا له إنك ظالم متعنت جبار يغضب ويدمر من ينصحه وإذا قلنا له علي مضض إنك عادل ولم نر هذا العدل علي ظهر هذه الأرض قط إلا منك أنت لطار فرحا حتي يصدق نفسه، فإذا صرخت الناس من حوله وقالت له: قل شاكروك وكثر شاكوك، فلا يصدق إلا الشيء الذي رفعه بأجنحة الوهم إلي عنان السماء. ولكن لابد للشمس أن تظهر فتقع الأجنحة ويهبط ولكن في هبوطه يكون قد وقع، فما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع. فلابد لكل من رأي نفسه أفضل من الآخرين أن يرحم الآخرين ويبدأ بصلة أرحامه لأنه يحاسب عليهم إذا كان راعيًا لهم أو كانوا رعية له. فيحضرني قول الإمام عمر بن الخطاب: أنه لو تعثرت بغلة في بلاد اليمن كسئل عنها عمر». وصلوا بالليل والناس نيام، فالصلاة هنا هي صلاة قيام الليل والصلاة علي نبي الرحمة صلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم. فبالصلاة علي المصطفي تنحل العقد وتنفرج الكرب وتقضي الحوائج. وبالصلاة علي المصطفي - صلي الله عليه وسلم - تنال الرغائب وبالصلاة علي المصطفي - صلي الله عليه وسلم - حسن الخواتيم. وبالصلاة علي المصطفي - صلي الله عليه وسلم - تحرم الأجساد علي النار يوم القيامة.فهنا تكون المكافأة الدخول الجنة بسلام فإذا أفشينا السلام وأطعمنا الطعام ووصلنا الأرحام وصلينا بالليل والنساء نيام، ندخل الجنة بسلام. فلما ذهب الإمام الشافعي إلي أحد تلاميذه في داره وكان معزوما علي العشاء، فأكل وأدخله تلميذه إلي غرفته ليستريح. في الصباح قالت زوجة التلميذ، لقد أمسكت علي شيخك ثلاثة أخطاء، الخطأ الأول أنه حينما أكل مسح الطبق، والخطأ الثاني حينما دخل غرفته لم يصل العشاء، والخطأ الثالث لم يتوضأ لصلاة الفجر. وبسؤال الإمام الشافعي قال: أما عن مسح الطبق؛ لأن المصطفي - صلي الله عليه وسلم - قال: إن زاد الأحباب شفاء فخفت أن أترك شيئا في الطيف لعله يكون فيه الشفاء، أما عن صلاة العشاء فتأخيرها إلي قبل الفجر مستحب، أما وضوء الفجر فلقد صليت العشاء قبل الفجر وصليت الفجر بوضوء العشاء وكنت ما بين العشاء والفجر أصحح خمسين حديثا علي المصطفي - صلي الله عليه وسلم -. فالإمام الذي ملأ طباق الأرض علمًا يقبل بصدر رحب انتقاد زوجة تلميذه ولا يحجر علي رأيها ولا يتعالي علي تلاميذه. و لهذا استحق أن تكتب تلاميذه اسمه بحروف من نور في قلوبهم؛ لأنه كان بارا بهم وداعيا إليه للتخلص من أنا الشيطان والعودة إلي طاعة الرحمن. يا سيدًا ما كان غيرك شافعي أنت المطاع وثم أنت أمين ما صان إلا من إذا ملكته لعهود أهل الحضرتين يصون ما طاب نوما من قد استرعيته ما للمشاهد في القرار جفون كم من فؤاد يشتكي بث القلي بالصمت تسمع آهة وأنين